أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور بندر بن عبدالعزيز بليلة، المسلمين بتقوَى اللهِ، والتمسَّكُ بعُراهُ، والاعتصام بِحبْلِهِ، فإنَّهُ ما خابَ مَن ناداهُ ودعاهُ، ولا نَدِمَ مَن تضرَّعَ إِليْهِ ورجاهُ، كيفَ لَا و أنَّ الكونَ يجرِي وَفْقَ قلَمِ قدَرهِ وقَضَاهُ، وتدابيرُ الخلْقِ بمشيئَتِهِ ورِضاهُ.

وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام " أحسِنُوا الظنَّ بربِّكُمْ، وأمِّلُوا الخيرَ فِي خالقِكُمْ، فإنَّهُ مَن أحسنَ الظنَّ بهِ كفاهُ، وتولَّى أمرَهُ وحبَاهُ، وأعطَاهُ ما أمَّلَهُ وتمنَّاهُ « ‌أَنَا ‌عِنْدَ ‌ظَنِّ ‌عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ شبرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً» مُتفَقٌ علَيْهِ.


وأكد الشيخ بندر بليله أن حسنُ الظنِّ باللهِ عبادَةٌ مِن أجلِّ العباداتِ، وقُربَةٌ مِن أعظَمِ القُرُباتِ، تدُلُّ علَى كمالِ الإيمانِ، وطِيبَةِ الجنانِ، والرِّضا بِما قدَّرهُ الرَّحمنُ، فعَن عبدِ اللَّهِ ابنِ مسعودٍ قالَ: «وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ،‌‌ ‌مَا ‌أُعْطِيَ ‌عَبْدٌ ‌مُؤْمِنٌ ‌شَيْئًا خَيْرًا مِنْ حُسْنِ الظَّنِّ بِاللَّهِ عزَّ وجلَّ، وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، لَا يُحْسِنُ عَبْدٌ بِاللَّهِ عزَّ وجلَّ الظَّنَّ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ ظَنَّهُ؛ ذَلِكَ بِأَنَّ الْخَيْرَ فِي يَدِهِ».

وبيّن أن اعتقادُ ما يَليقُ بِهِ سبحانَهُ مِن معانِيَ الجمالِ والجلالِ، فِي أسمائِهِ وصفاتِهِ، وكريمِ أقوالِهِ وفِعَالِهِ، معَ كمالِ القدرَةِ فِي سابِقِ الحالِ والمآلِ، وما يترتَّبُ عليْها من كريمِ الآثارِ والخصالِ، فهُو سبحانَهُ الرحيمُ الرحمنُ، الكريمُ المنَّانُ، اللطيفُ الجوادُ، الرؤوفُ الوهَّابُ، القوِيُّ القادرُ، العزيزُ الجبَّارُ، مجيبُ دعوةِ المُضطرِّينَ، ربُّ الأربابِ، ومجرِيُ السَّحابِ، وخالِقُ خلقِهِ مِن تُرابٍ، حَيٌّ لا يموتُ، قيُّومٌ لا ينامُ.

وحذر من اليأْسَ والقُنوطَ مِن رحمَةِ اللهِ، فهُما بَريدًا الكفْرِ والضَّلال قالَ الإِمامُ ابنُ القَيِّمِ رحمهُ اللهُ "وكُلَّما كانَ العبدُ حسَنَ الظنِّ باللَّهِ، ‌حسنَ ‌الرَّجاءِ ‌لهُ، صادِقَ التوكُّلِ عليهِ، فإنَّ اللَّهَ لا يُخيِّبُ أملَهُ فيهِ البتَّةَ،  فإنَّهُ سبحانَهُ لا يخيِّبُ أملَ آمِلٍ، ولا يضيِّعُ عمَلَ عامِلٍ".

وشدد إمام وخطيب المسجدالحرام على أنَّ مِن أعظَمِ المواضِعِ الَّتِي يتأَكَّدُ فِيها حُسْنُ الظنِّ باللهِ، ويُغَلَّبُ فِيها رجاؤُهُ علَى خشيَتِهِ وتقْوَاهُ؛ إِذَا حَضَرَتِ العَبْدَ الوفاةُ، وأوْشَكَ على مُفارَقَةِ دُنياهُ، فإنَّ المؤمنَ مَهْما بلَغَ بِهِ التَّقْصِيرُ، ومَهْما أزْلَفَ مِن الخَطايا والمناكِيرِ، مِن صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ، فاللهُ لعبادِهِ سمِيعٌ بصيرٌ، وبِضعفِهِمْ عَلِيمٌ خبيرٌ، ولهُم رحِيمٌ وسِتِّيرٌ، فعن جابرِ بنِ عبدِاللهِ الْأَنْصَارِيِّ قالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ يَقُولُ: لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا ‌وَهُوَ ‌يُحْسِنُ ‌الظَّنَّ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ» قالَ أهلُ العلمِ رحمهُمْ اللهُ: "هذَا تحذِيرٌ مِن القنوطِ، وحَثٌّ على الرجاءِ عندَ الخاتمَةِ، وهُو أنْ يَظُنَّ أنَّ اللهَ يرحمُهُ ويعفُو عنْهُ".

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: خطبة الجمعة الحرم المكي صلاة الجمعة الحرمين الشريفين المسجد الحرام المزيد

إقرأ أيضاً:

وزير الأوقاف يعتمد 41 خطيب مكافأة من حملة المؤهلات العليا وأعضاء هيئة التدريس

اعتمد الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، (٤١) خطيب مكافأة جديدًا من أعضاء هيئة التدريس، وحملة الماجستير والدكتوراه، وحملة المؤهلات العليا، وذلك في إطار حرص الوزارة على دعم المنابر الدعوية بالكوادر العلمية المؤهلة، والارتقاء بالمستوى الدعوي والفكري لخطباء المكافأة.

حكم قراءة القرآن بالعين فقط دون تحريك الفم.. الإفتاء تجيبمفتي الجمهورية يدين الهجوم الإرهابي على كنيسة في الكونغو الديمقراطيةالتنظيم والإدارة: إتاحة الاستعلام عن نتيجة تظلمات مسابقة شغل 1000 وظيفة بالأوقافبدء التسجيل لاختبارات القدرات في جامعة الأزهر

ويأتي اعتماد هذه الدفعة الجديدة في ضوء جهود وزارة الأوقاف المستمرة؛ لتمكين أصحاب الكفاءات العلمية من أداء دورهم الدعوي، وتوسيع قاعدة الاستعانة بخطباء المكافأة من أصحاب التخصصات الشرعية واللغوية، تعزيزًا لنشر الفكر المستنير، ومواجهة الأفكار المتطرفة.

وأكَّدت الوزارة أنها مستمرة في ضم المزيد من الكفاءات العلمية من حملة المؤهلات العليا، بعد اجتيازهم الاختبارات التحريرية والشفوية بنجاح، وفقًا للضوابط المعتمدة، وبما يسهم في تجديد الخطاب الديني وتلبية احتياجات المساجد على مستوى الجمهورية.

طباعة شارك أسامة الأزهري الأوقاف خطيب مكافأة هيئة التدريس وزارة الأوقاف

مقالات مشابهة

  • «اللهم بك أصبحنا وعليك توكلنا».. .دعاء الصباح اليوم الأربعاء 30 يوليو 2025
  • اليمن صوت الإيمان والنصرة في زمن الصمت والخذلان
  • هل يُحاسب الطفل على الحسنات والسيئات قبل البلوغ؟
  • وزير الأوقاف يعتمد 40 خطيبًا بالمكافأة من المحالين للمعاش
  • الأزهر: استحضار الأحزان مرهق للنفس فاحرص على ما ينفعك واستعن بالله
  • 594 ألف مستفيد من برامج «قاصدي المسجد الحرام» خلال شهر محرم الماضي
  • صلاة الضحى.. اعرف وقتها وهل تكون سرية أم جهرية وحكم أدائها في جماعة
  • وزير الأوقاف يعتمد 41 خطيب مكافأة من حملة المؤهلات العليا وأعضاء هيئة التدريس
  • ما حكم أداء صلاة الضحى في المسجد؟.. الإفتاء تجيب
  • الاحتلال يستدعي خطيب الاقصى ويقرر ابعاده