هل بات الأزهر رهينة في يد نظام السيسي؟
تاريخ النشر: 26th, July 2025 GMT
محزن وموجع ما شاهدنا عليه حال مؤسسة دينية عريقة لها وزنها وإرثها الثقيل بحجم "الأزهر الشريف"؛ وهي "تتبرأ" من بيان اعتبر "مقبولا" ومن باب "أضعف الإيمان " صدر عنها حول الفظائع المرتبكة بحق أهلنا في قطاع غزة، لكنها وفي ظرف قياسي تعود لتخفي أي أثر له، ما شكل صدمة عارمة في نفوس المصريين وعموم العرب الذين ينظرون لها بعين الاحترام والتقدير.
ليس من المقبول التغاضي عن هذه الهفوة "القاتلة" وتجرع مبرراتها الواهية دون بحث في الحيثيات ولا من يقف خلف هذه الإساءة المشينة بحق مؤسسة الأزهر الشريف وأبنائها وتاريخها الطويل. ولعل في البلاغ الصادر عنها لاحقا لشرح الخطوة ما يجعلنا نشك أكثر ونتساءل بحدة أكبر عن الضغوط التي تمارس عليها، ومن يقف خلفها، ولماذا ارتأت "المهادنة" وهي تملك زادا شعبيا لا يستهان به حتى لو كان الخصم معروفا للقاصي والداني؟
عذر غبر مقبول:
حاول المركز الإعلامي للأزهر الشريف في بلاغه الآخر اختيار مصطلحات دقيقة على غرار "بكل شجاعة ومسؤولية أمام الله"، وأنه أدرك أن البيان "قد يؤثر على المفاوضات الجارية بشأن إقرار هدنة إنسانية في غزة لإنقاذ الأبرياء"، وكي لا "يُتخذ من هذا البيان ذريعة للتراجع عن التفاوض أو المساومة فيها". إذن من حقنا أن نتساءل: هل كانت سياسة الصمت المطبق التي انتهجتها المؤسسة نابعة من قرار "استراتيجي" لإنقاذ أهل غزة؟ وكيف ذلك؟ وهل لو كانت تحظى بكل هذا "التأثير" فلماذا لم نرَ أفعالا ملموسة على أرض الواقع، لا سيما أننا نتحدث عن بلد حدودي وفي يده مفاتيح معبر رفح (أو هكذا نتخيل) الذي بإمكانه إنهاء مأساة التجويع والسماح بالدخول شاحنات المساعدات المصطفة في المنطقة الحدودية لفترات طويلة من الزمن؟
لا أحد بإمكانه تجاوز مواقف الشيخ أحمد الطيب القوية في بعض القضايا المحلية والعربية، ولعل عبارة "أتعبتني يا فضيلة الإمام" قد لخّص بها السيسي واقع العلاقة بين المؤسسة الدينية والنظام الذي لا يخفي توجسه منها، وهناك ملفات عديدة تزكي ذلك مثل "تجديد الخطاب الديني" و"الطلاق الشفهي" وغيرها الكثير من المحطات التي وقف فيها "الإمام الأكبر" ضد غي النظام وتوحشه؛ لكننا اليوم أمام مفترق طرق حاسم والتردد والخطاب الرمادي لم يعد مجديا ولا متاحا، وبالأخص حين يتعلق الأمر بمذابح في واضحة النهار وفي قضية مركزية ولها انعكاسات مباشرة وخطيرة جدا على مصر وأمنها القومي أيضا.
صورة الأزهر على المحك:
عن سبق إصرار وترصّد؛ نجح نظام عبد الفتاح السيسي في إحكام قبضته على كل مفاصل الدولة، وكل الأصوات الصادحة بالحقيقة مصيرها المعتقلات والزنازين أو المنفى القسري، وهذا أكبر دليل على انعدام أي متنفس وأن لا صوت يعلو على اجترار خطابات متهالكة وكلام معلب لم يعد ينطلي على أي طفل صغير في شوارع "أم الدنيا". إن الأجهزة الأمنية ضاقت ذرعا بأصوات إعلامية مثل لميس الحديدي وخيري رمضان وإبراهيم عيسى؛ تخيلوا أن هؤلاء وهم أبرز الوجوه التي استماتت في تلميع صورة النظام تحولوا إلى "عبء" ومدة صلاحيتهم انتهت، وأنه الأوان كي يلتحقوا بزمرة الإعلاميين ممن ارتدوا "الجلابية" حسب التعبير المصري العامي الدراج.
ما أرمي للوصول إليه أن الصوت الوحيد الذي كان بين الفينة والأخرى يغرد خارب السرب وسط الظلام الحالك السواد المحيط بالمحروسة من كل الجبهات؛ كان مجسدا في شيخ الأزهر شخصيا رغم عدم حدته المطلوبة بالمقارنة مع حجم تفشي الظلم والاستبداد، إلا أنه على الأقل يظل محمودا وجديرا بالتقدير، رغم المحاولات الحثيثة للنيل منه عبر السعي لإصدار سلسلة قرارات تشريعية عبر البرلمان لتعديلات دستورية تتيح للرئيس فرض وصايته على المنصب، وبالتالي كتم الصوت على غرار باقي المجالات.
لكن اليوم باتت صورة مؤسسة الأزهر على المحك، وأضحى "الإمام الأكبر" مطالَبا بالتفسيرات اللازمة؛ وهل هناك جهات سيادية فرضت عليه حقا سحب بيانه عن غزة؟ وهل هناك أيادٍ أخرى تسيطر على المركز الإعلامي للأزهر دون الرجوع له؟
هناك سيل عارم من الأسئلة النابعة من وحي هذه الأزمة المسيئة لمصر بشكل مضاعف، وهي التي تتحمل أساسا مسؤوليات جساما في الوضع النازف في القطاع الصامد، وما يحدث اليوم يكشف بجلاء الوضع الكارثي في البلد، وأن النظام الحالي يصر على تقزيم مكانة مصر وتشويه سمعتها وإيصالها للحضيض.
نختم بنقطة مثيرة للسخرية استوقفتني بمحض الصدفة، وهي عبارة عن عنوان صحفي لحوار سينشر على حلقات أجرته صحيفة "المصري اليوم" مع المقررة الأممية لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة، الإيطالية فرانشيسكا ألبانيز، جاء على الشكل التالي: "إن إيصال الغذاء والماء لأطفال غزة لن يتم عبر بيانات الإدانة، بل بقرارات سياسية تُنهي الاحتلال وتضع حدا لجرائمه"؛ قد تتساءلون: وما المضحك في الموضوع؟
أولا، شر البلية ما يضحك، وثانيا، اختيار الصحيفة لهذا العنوان وهي في بلد يحارب حتى "بيانات الإدانة" ويعتبرها سلاحا فتاكا يمكن أن "يفسد" علاقته بالطرف المجرم، والمهم التوجه نحو استضافة شخصية إيطالية تملك من الشجاعة والمروءة ما لا يتوفر عليه الملايين في الوطن العربي المنكوب، وهي وقفت صامدة شامخة أمام الكيان الصهيوني وأمه الحنونة أمريكا، ولم تبالِ بالعقوبات ولا بالتضييق في زمن الذل والخنوع العربي..
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء الأزهر غزة المصريين السيسي مصر السيسي غزة الأزهر مدونات قضايا وآراء مدونات مدونات قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
الجامع الأزهر يعقد ملتقى القراءات للختمة المرتلة برواية الإمام قالون
برعاية كريمة منالإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر، يعقد مركز إعداد وتطوير معلمي القرآن الكريم بالجامع الأزهر، ختمة جديدة برواية الإمام قالون عن الإمام نافع المدني اليوم بالمدرسة الأقبغاوية.
وصرح الدكتور عبد المنعم فؤاد المشرف العام على الأنشطة العلمية للرواق الأزهري بالجامع الأزهر، أن هذا البرنامج يأتي ضمن سلسلة من الأنشطة والبرامج التي ينظمها مركز إعداد وتطوير معلمي القرآن الكريم بالجامع الأزهر، ويهدف إلى قراءة القرآن الكريم برواية الإمام قالون عن الإمام نافع المدني، وذلك بعد الانتهاء من ختمتين الأولى بالقراءات السبع، والثانية بالقراءات الثلاثة المتممة للعشر، بواقع نصف جزء يومياً، مع تقديم شرح مفصل للتلاوة وتعريف بأصول القراء ومذاهبهم، كما سيتناول الملتقى التنبيه على الكلمات الفرشية المختلف فيها بين القراء، مما يسهم في تعزيز الفهم العميق للقراءات العشر المتواترة ورفع مستوى التلاوة بين المشاركين.
وفي ذات السياق أوضح الدكتور هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر، أن الختمة الجديدة تُعتبر جزءًا أساسيًا من التراث الإسلامي، حيث تعكس تنوع القراءات المتواترة الصحيحة في تلاوة القرآن الكريم، هذا التنوع يهدف إلى نشر الثقافة القرآنية وتعليم أساليب القراءة الصحيحة، مشيرًا إلى أن البرنامج يسعى إلى توفير منصة تعليمية تفاعلية، مما يساعد في نشر الوعي بأهمية ضبط القراءة وإتقانها.
ودعا الدكتور عودة جميع المهتمين بعلوم القرآن الكريم، سواء كانوا طلابًا أو معلمين أو جمهورًا عامًا، للمشاركة في هذا الملتقى الفريد، حيث يُعتبر هذا الحدث فرصة قيِّمة للتعلم والتفاعل مع كبار المتخصصين في القراءات، مما يعزز من ترسيخ القيم القرآنية في المجتمع.
ويُشرف على الملتقى كل من الدكتور عبدالكريم صالح، رئيس لجنة مراجعة المصحف الشريف، وفضيلة الشيخ حسن عبدالنبي عراقي، وكيل لجنة مراجعة المصحف، ويشارك في تقديم الشرح والتلاوة مجموعة من أساتذة القراءات وعلومها من كلية القرآن الكريم للقراءات وعلومها بجامعة الأزهر، بالإضافة إلى عدد من أعضاء لجنة مراجعة المصحف الشريف والسادة أئمة القبلة بالجامع الأزهر وشيوخ مقارئ الرواق الأزهري، كما يدير الملتقى باحثون متخصصون في علم القراءات بالجامع الأزهر، مما يضمن تقديم محتوى علمي رفيع.
يأتي ذلك وفق توجيهات فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب شيخ الأزهر، وباعتماد فضيلة أ.د محمد الضويني، وكيل الأزهر، وبإشراف الدكتور عبد المنعم فؤاد المشرف العام على الأنشطة العلمية للرواق الأزهري بالجامع الأزهر، والدكتور عبد الكريم صالح، رئيس لجنة مراجعة المصحف الشريف، والشيخ حسن عبد النبي عراقي، وكيل لجنة مراجعة المصحف الشريف، ود. هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر،والشيخ إبراهيم حلس مدير إدارة الشئون الدينية، والدكتور مصطفى شيشي مدير إدارة شئون الأروقة بالجامع الأزهر.