لا شك أن غزة تحتل موقعًا محوريًا في المشهد السياسي والإنساني، وسط تحديات معيشية غير مسبوقة يواجهها سكانها بعد الحرب. فالسؤال الأهم اليوم: كيف سيتكيف الغزيون مع واقعهم الجديد بعد الدمار الواسع الذي طال مقومات الحياة الأساسية؟ 

الآن.. بين الضرورات المادية والضغوط النفسية، يبرز التحدي الأكبر في تحقيق التوازن بين الصمود والتكيف، إذ لا يمكن لأي تضامن جماعي أو عزيمة فردية أن تلغي الحاجة الأساسية للغذاء، والماء، والعلاج، والمأوى.

ومع ذلك، فقد أظهرت غزة مرارًا قدرتها على الصمود، حتى في أصعب اللحظات، حيث استمرت الحياة رغم الخراب، وشهدت المدينة حالات زواج واحتفال وسط الركام، كتعبير عن إرادة الحياة التي لا تنكسر.

التحديات الداخلية والخارجية: معركة الإرادة والبقاء

الصمود في غزة لا يقتصر فقط على تجاوز آثار الحرب، بل يتطلب قدرة على التكيف مع الأوضاع المعيشية القاسية. فالتحدي الأول يتمثل في التحمل الذاتي، حيث يضطر السكان إلى تقليل توقعاتهم حول مستوى الحياة، بينما يعتمد التحدي الثاني على التضامن الجماعي، عبر خلق آليات تعويضية للتكيف والتعاون. تاريخيًا، أثبت أهل غزة قدرتهم على تجاوز الأزمات من خلال مهارات العيش المشترك والتكيف مع الواقع الصعب. 

لكن في المقابل، تبقى العوامل الخارجية مثل إعادة الإعمار، ورفع الحصار، وسرعة وصول المساعدات، عوامل حاسمة قد تُستخدم أحيانًا كأدوات ضغط سياسي، خاصة في ظل سياسات الحكومة الإسرائيلية المتشددة، ومحاولات فرض حلول تتجاوز إرادة السكان، مثل مقترحات التهجير.

المستقبل السياسي لغزة وأثره على القضية الفلسطينية

ما يحدث في غزة اليوم لن يؤثر فقط على سكانها، بل سيمتد تأثيره إلى القضية الفلسطينية ككل. فبقاء السكان وصمودهم قد يشكل مصدر إلهام للفلسطينيين في الضفة الغربية، في حين أن أي موجة هجرة واسعة قد تستخدم كذريعة لاستنساخ النموذج في مناطق أخرى. وبينما رسخت غزة نموذجًا للمقاومة والصمود، فإن الوضع في الضفة الغربية مختلف، حيث تركز السلطة الفلسطينية على إدارة الحياة اليومية أكثر من بناء نهج مقاوم طويل الأمد. ورغم ذلك، فإن الفلسطينيين في الضفة لا يزالون يواجهون سياسات تضييق مستمرة قد تدفعهم إلى إعادة النظر في خياراتهم. 

جهود عربية وأممية سعت للوساطة

كثيرًا ما كررت الأمم المتحدة دعوتها إلى وقف فوري للقتال لأغراض إنسانية، والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن المحتجزين في القطاع. كذلك مع الجهود المصرية والعربية المستمرة لتثبيت وقف إطلاق النار والسعي لحل سياسي شامل، يبقى السؤال الأكبر: هل تستطيع غزة تجاوز محنتها والتحول من ساحة حرب إلى موطن يعكس صلابة إرادة سكانه؟

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: غزة الصمود الدمار إعادة الإعمار التحديات المعيشية التضامن الجماعي الحصار التهجير المقاومة الضفة الغربية القضية الفلسطينية المساعدات الانسانية التكيف الإرادة الاحتلال الحل السياسي وقف اطلاق النار اعادة البناء المعاناة الصبر الاستقرار الأمن الدعم الدولي مصر الأمم المتحدة المفاوضات المأوى الغذاء المياه العلاج

إقرأ أيضاً:

كيف تخطط المحافظات لمواجهة تحديات التغيرات المناخية؟

باتت سلطنة عُمان أمام تحديات تتطلب حلولًا عملية للتأقلم مع الأزمات الطبيعية، مثل موجات الحر الشديدة، والأمطار الغزيرة، والسيول المفاجئة، والجفاف. هذه الظواهر لم تعد مجرد أحداث عابرة، بل أصبحت واقعًا يفرض على الجهات المعنية، والمجتمع المحلي، والقطاع الخاص، البحث عن استراتيجيات للتكيف والحد من آثارها.

وتفرض التغيرات المناخية المتسارعة على مختلف المحافظات واقعًا جديدًا تتخلله تحديات طبيعية معقدة. هذا الواقع يثير تساؤلات ملحة حول قدرة المحافظات على التأقلم مع هذه الأزمات، وما إذا كانت تمتلك خططًا وإمكانات كافية لمواجهتها بما ينسجم مع مستهدفات «رؤية عُمان 2040».

في هذا الاستطلاع نفتح ملف مواجهة المحافظات لهذه التحديات، والجهود المبذولة للتأقلم إلى جانب استشراف الحلول الممكنة؛ لتعزيز الحماية البيئية، وضمان استدامة التنمية المحلية.

في البداية يقول الدكتور إسحاق بن هلال الشرياني: تشهد سلطنة عُمان في السنوات الأخيرة تصاعدًا في الظواهر المناخية القاسية، مثل الأعاصير المدارية، وارتفاع درجات الحرارة، وعدم انتظام مواسم الأمطار موضحًا أن هذه التحديات تؤثر مباشرة على المحافظات من خلال الإضرار بالبنية الأساسية، وتعطيل حركة التنمية بالإضافة إلى تأثيرها على القطاعات الحيوية كالمياه والزراعة والثروة السمكية مع تهديد بعض المناطق الساحلية بارتفاع مستوى البحر.

تعزيز الاستجابة

وأكد الشرياني أن تحسين استجابة المحافظات للأزمات الطبيعية يتطلب إعداد خطط طوارئ محلية متكاملة، وتعزيز البنية الأساسية لتكون أكثر صمودًا، والاستثمار في أنظمة الإنذار المبكر، وتوسيع نطاق التوعية المجتمعية إلى جانب إدماج اعتبارات التغير المناخي في مشاريع التنمية العمرانية والزراعية، وتوفير برامج تدريب للكوادر المحلية على إدارة الأزمات والاستجابة السريعة مشيرًا إلى أن القطاع الخاص يمثل شريكًا مهمًا؛ حيث يمكنه الاستثمار في الطاقة المتجددة والمشاريع الخضراء، والمساهمة في تمويل المبادرات المحلية للتكيف، ودعم برامج المسؤولية المجتمعية وحملات التوعية، وتبني تقنيات تقلل الانبعاثات، وتعزز كفاءة استهلاك الموارد.

وتحدث الدكتور عبدالله بن سالم البحري قائلًا: إن التغير المناخي ظاهرة حقيقية تؤثر في عموم عُمان بشكل ملموس مشيرًا إلى أن أسبابها تتنوع بين طبيعية، مثل البراكين والزلازل وأمواج البحار، وبشرية ناتجة عن الأنشطة الصناعية، واستخراج الطاقة، وتصحر الغابات. ولفت البحري إلى أن سلطنة عُمان بدأت تشهد آثار هذه التغيرات بشكل واضح، مثل ارتفاع درجات الحرارة، والأعاصير، وغزارة الأمطار، وارتفاع منسوب مياه الأودية، وحدوث الفيضانات مشيرًا إلى أن لهذه الظواهر تأثيرات إيجابية وسلبية على البيئة والمجتمع المحلي.

وأوضح أن التأقلم مع هذه التحديات يتطلب تعزيز الوعي المجتمعي من خلال نشر ثقافة متابعة أحوال الطقس، وتضمين المناهج الدراسية بموضوع التغيرات المناخية، وتنفيذ برامج توعية في المدارس ومؤسسات المجتمع بمشاركة هيئة الدفاع المدني والإسعاف إضافة إلى إعداد كوادر مؤهلة للتعامل نفسيًا مع الطلبة بعد الصدمات الناتجة عن الكوارث الطبيعية. كما شدد على أهمية الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة عبر تفعيل الإنذار المبكر باستخدام الهواتف الذكية، ونشر الوعي بتطبيقات متابعة الطقس، وتوظيف التقنيات الحديثة في التخطيط العمراني لدراسة طبوغرافية الأرض ومجاري الأودية بالإضافة إلى إنشاء مراكز علمية متخصصة في كل محافظة لمتابعة التأثيرات المناخية، ووضع استراتيجيات استباقية مشيرًا إلى أن من المبادرات الناجحة لمواجهة آثار التغير المناخي إنشاء مركز الأرصاد الجوي الجديد وتجهيزه بالكوادر المؤهلة والأجهزة الحديثة إلى جانب تطبيق الأرصاد العُمانية للهواتف الذكية الذي يعمل كأداة للإنذار المبكر، ونشر التعليمات حسب كل حالة طارئة مختتمًا حديثه بالتأكيد على أهمية حماية سلطنة عُمان وقيادتها وشعبها من كل مكروه.

مواجهة الأزمات الطبيعية

أكد الدكتور عبدالله بن سعود أمبوسعيدي أن أبرز التحديات التي تواجهها سلطنة عُمان نتيجة التغيرات المناخية تتمثل في التغيرات المناخية المفاجئة التي لم تعهدها سلطنة عُمان من قبل، مثل الأعاصير المتتالية أو المتقاربة التي واجهناها في الآونة الأخيرة والتي ضربت عدّة محافظات. كذلك عدم كفاءة البنية الأساسية مثل الطرق والسدود، وسوء التخطيط؛ نتيجة توزيع المخططات في منخفضات الأودية.

وأضاف: إنه من المسلّم به أن هذه التحديات هي لب المشكلة التي تواجه المحافظات في التنمية، وينبغي للجهات الحكومية المعنية بتنمية المحافظات دراسة هذه التحديات، ووضع الحلول المناسبة لها؛ حتى لا تؤثر سلبًا في مجريات تنمية المحافظات في شتى أنواع الظروف المناخية.

وأوصى الدكتور عبدالله أمبوسعيدي بأهمية القيام بدراسة جيولوجية لكل محافظة؛ لمعرفة المخاطر التي تواجهها، ورفع التوصيات المناسبة للوصول إلى حل المشكلات التي تواجه كل محافظة نتيجة التغير المناخي. كذلك توفير الدعم المالي والدعم الفني للمحافظات لتتمكن من القيام بواجباتها تجاه المتغيرات المناخية مضيفًا إنه يمكن للمحافظات تعزيز الاستدامة في مواجهة الأزمات الحقيقية، وذلك من خلال القيام بدراسات بحثية في مجال المناخ وتغيراته من فترة إلى أخرى، وبث الوعي لدى المجتمع من خلال الندوات والمحاضرات ووسائل الإعلام المختلفة والمؤسسات الدينية كالمساجد وغيرها لإبراز مخاطر التغيرات المناخية، وكيفية الوقاية من مخاطرها أو التقليل من آثارها مع مراعاة التخطيط العمراني السليم لمواجهة التغيرات المناخية.

وتناول في حديثه الدور الذي تؤديه التكنولوجيا الحديثة في مساعدة المحافظات على التكيف مع المتغيرات المناخية؛ إذ يقول: لا شك أن التكنولوجيا المتقدمة تؤدي دورًا كبيرًا في مساعدة المحافظات على التكيف مع المتغيرات المناخية من خلال الأقمار الصناعية المتخصصة في تنبؤات الطقس، وخاصة الأعاصير الموسمية التي تواجهها بعض محافظات سلطنة عُمان وخاصة الساحلية، وتركيب أجهزة استشعار قوية تنبه المختصين بتطورات المناخ في جميع فصول السنة، كذلك استغلال قنوات التواصل الاجتماعي لبث الوعي لدى أفراد المجتمع عن مخاطر التغيرات المناخية، وتكوين فرق أهلية للطوارئ مدعومة بأجهزة متطورة تستطيع القيام بدورها مع الجهات الحكومية ذات الصلة في كافة الظروف المناخية، وقال: إن قدرة المحافظات على التكيف مع المتغيرات المناخية تعتمد على خطة شاملة تجمع بين البحث العلمي، والتخطيط العمراني، والتوعية المجتمعية موضحًا أن المحافظات يجب أن تقوم بدراسات بحثية دورية لرصد تغيرات المناخ، وتطوير استراتيجيات استباقية للتعامل مع الأعاصير والفيضانات، وتعزيز دور المجتمع في تعزيز الاستدامة من خلال بث الوعي عبر الندوات والمحاضرات ووسائل الإعلام بما في ذلك المؤسسات الدينية مثل المساجد؛ لرفع فهم المواطنين بمخاطر التغير المناخي، وكيفية الوقاية أو التقليل من آثاره، والتخطيط العمراني السليم؛ لضمان توزيع آمن للبنية الأساسية والمساكن بعيدًا عن المناطق المعرضة للمخاطر.

واختتم حديثه بالقول: لم يعد التعامل مع آثار التغير المناخي خيارًا مؤجلًا، بل ضرورة آنية تتطلب من المحافظات البحث عن حلول مبتكرة للتأقلم مع التحديات الطبيعية، وتحويل الأزمات إلى فرص للتنمية المستدامة، مع أهمية التنسيق بين الجهات الحكومية والمجتمع المدني والقطاع الخاص لضمان المرونة وبناء مستقبل أكثر أمانًا. وبينما تمثل هذه التحديات المناخية اختبارًا حقيقيًا لقدرة المحافظات على التكيف، فإن الفرصة سانحة لابتكار حلول عملية تدعم الاستدامة، وتعزز الأمن البيئي. ومع تكامل الجهود الرسمية والمجتمعية يمكن تحويل الأزمات إلى فرص لبناء محافظات أكثر مرونة وصمودًا تمضي بثبات نحو تحقيق مستهدفات «رؤية عُمان 2040» في التنمية المستدامة. وتبقى التغيرات المناخية اختبارًا حقيقيًا لقدرة المحافظات على إدارة مواردها بكفاءة، وتفعيل خطط الطوارئ والاستدامة في آن واحد؛ فالطريق نحو التكيف مع التغير المناخي يمر عبر الاستثمار في الحلول المستدامة، ودعم البحث العلمي، وتمكين المجتمعات المحلية من المشاركة في صنع القرار.

مقالات مشابهة

  • رئيس الوزراء: الاحتياطي من العملة الصعبة تجاوز 49.5 مليار دولار
  • مدبولي: الاحتياطي من العملة الصعبة تجاوز الـ 49.5 مليار دولار
  • كيف تخطط المحافظات لمواجهة تحديات التغيرات المناخية؟
  • الأونروا: غزة تعيش كابوس الدمار والنزوح والجوع منذ عامين
  • مصر الحاضر تنتصر.. تعليق عضو مجلس إدارة الأهلي علي فوز خالد عناني في اليونسكو
  • خبير: مؤشر "تاسي" سيذهب إلى مستويات  11.800 نقطة حال تجاوز منطقة المقاومة
  • خالد الغندور: أفشة تجاوز في حق عماد النحاس.. والأهلي يعرضه للبيع
  • غزة والصمود.. القِلّة أقوى من كثرة المؤامرات
  • المكتب الحكومي بغزة: 76639 شهيدًا في الحرب .. ونسبة الدمار وصلت 90%
  • الإعلام الحكومي: نسبة الدمار بغزة وصلت إلى 90%