أعلنت نقابة ممثلي هوليوود في يوليو / تموز الماضي عن بدء إضراب هو الأكبر منذ عشرات السنيين

أدى إضراب آلاف الممثلين وكتاب السيناريو في قطاع السينما الأمريكية إلى وقف إنتاج الأفلام الكبيرة والعمل داخل الاستوديوهات الكبرى، لكن ورغم ذلك، فإن أعمال التصوير لبعض الأفلام ما زال مستمرا.

وفي هذا السياق، أفادت مجلة "هوليوود ريبورتر" أن عدد عمليات الإنتاج المستمرة بلغ مئتين، بما في ذلك إنتاج فيلم "Flight Risk" من إخراج ميل غيبسون وبطولة مارك وولبيرغ.

وأيضا فيلم "The Chosen".

ويرجع السبب في استمرار إنتاج هذه الأفلام إلى أن عمليات الإنتاج الخاصة بها مستقلة ولا تمولها استوديوهات هوليوود الكبرى، فيما تدرس نقابات الممثلين والكتاب عقود هذه الأفلام للتأكد من عدم مشاركة أي من الاستوديوهات التي يشملها الإضراب.

وفي حالة إعطاء نقابة الممثلين الضوء الأخضر لإنتاج هذه الأفلام، يمكن للممثلين العمل، رغم الانتقادات بأن إنتاج هذه الأفلام سوف يضعف التضامن داخل نقابتي الممثلين والكتاب.

بيد أن هذه الاستثناءات ليست بلا قيود أو شروط، إذ يتعين أن يكون الإنتاج مستقلا والحصول على موافقة "نقابة ممثلي الشاشة - الاتحاد الأمريكي لفناني الإذاعة والتلفزيون". فيما يعد السبب في ذلك إهالة المزيد من الضغوط على الاستوديوهات الكبرى  التي ترفض طلبات النقابات وتعتبرها غير واقعية.

وفي ذلك، تعجب كبير مفاوضي النقابة دنكان كرابتري-إيرلندا من قدرة المنتجين المستقلين الذين لديهم ميزانيات صغيرة، على تلبية مطالب النقابة، فيما تعتبر الشركات الكبرى "مطالبنا غير واقعية".

ترفض الممثلة الكوميدية الأمريكية سارة سيلفرمان استمرار إنتاج بعض الأفلام في ظل استمرار إضراب آلاف الممثلين والكتاب

سبب الإضراب

ويطالب الممثلون والكتاب المنخرطون في الإضراب برفع الأجور، فيما قد يبدو الأمر غير معقول، نظرا إلى أجور نجوم ونجمات هوليوود الكبيرة. فعلى سبيل المثال حصلت الممثلة مارغوت روبي بطلة فيلم "باربي” على 50 مليون دولار، فيما ترددت الأنباء عن أن روبرت داوني جونيور قد حصل على 40 مليون دولار لكل فيلم من سلسلة أفلام "الرجل الحديدي" التي قام ببطولتها.

بيد أن نقابة "ممثلي الشاشة - الاتحاد الأمريكي لفناني الإذاعة والتلفزيون" قالت إنها عندما دعت إلى الإضراب، لم يكن هاجسها أرباح وأجور النجوم الكبار، بل كانت تضع نصب عينها ظروف ومرتبات الممثلين والممثلات الصغار، في ظل ارتفاع تكلفة المعيشة في الولايات المتحدة مع تجاوز التضخم عتبة الـ 8.5 بالمائة.

وأشارت النقابة إلى وجود متغيرات مع ثورة منصات البث الرقمي، إذ كان الممثل أو الممثلة يحصلان في الماضي على أموال مقابل الأرباح التي حققها الفيلم في دور العرض السينمائي، لكن مع عرض الأفلام على منصات البث عبر الإنترنت، فإنه من الصعب معرفة الأرباح، خاصة في ظل رفض هذه المنصات مثل نيتفليكس الكشف عن الأرباح.

مخاوف بشأن الذكاء الاصطناعي

ويدعو الشق الثاني من الإضراب إلى معالجة المخاوف بشأن استخدام الذكاء الاصطناعي  في إنتاج الأفلام؛ إذ يمكن بمجرد إجراء مسح للوجه والجسم للممثلين والممثلات، إنتاج أفلام جديدة بمساعدة الذكاء الاصطناعي دون الحاجة إلى توظيفهم مرة أخرى.

بيد أن شركات الإنتاج الكبرى ترفض هذه الاحتمالية، وتصر على أن أعمال المسح لن تجرى إلا على مشاريع بعينها بما يشمل إبرام عقود جديدة مع الممثلين والممثلات.

في المقابل، ترفض كبرى استوديوهات الإنتاج مثل ديزني ووارنر بروس وباراماونت ومنصات البث الرقمي مثل أمازون ونتفليكس، هذه المطالب وتتعبرها مُبالغا فيها وغير واقعية.

ولم تجر مفاوضات بين هذه الشركات والنقابة منذ انهيار المحادثات الأولية في منتصف يوليو/تموز الماضي، ما عزز التكهنات باستمرار الإضراب وتأجيل حفل توزيع جوائز إيمي التلفزيونية إلى يناير/كانون الثاني المقبل وليس سبتمبر/أيلول.

ويتضمن الإضراب عدم المشاركة في تصوير أفلام وإعلانات وحتى مقابلات ترويجية للمشاريع السينمائية والتليفزيونية الجديدة، وحتى مقاطعة العروض الأولى للأفلام المنتجة.

تضامن نجوم كبار

وفي حالة المخالفة، يتعرض الممثل/الممثلة إلى إمكانية الفصل من النقابة ما يعني خسارة التأمين الصحي، فضلا عن الضرر الفني المستقبلي. إذ تعطي كبرى استوديوهات الإنتاج الأولوية للممثلين والممثلات الأعضاء في النقابة خلال إنتاج الأفلام.

وكان الإضراب قد شهد تضامنا من كبار الممثلين على سبيل المثال غادر النجم العالمي كيليان مورو والنجمة العالمية إميلي بلانت ونجم هوليوود مات ديمون العرض الأول لفيلمهم "أوبنهايمر" في لندن في 13 يوليو/تموز الماضي.

كذلك قدم نجوم مثل جورج كلوني وميريل ستريب تبرعات تقدر بالملايين إلى صندوق مخصص لمساعدة الممثلين والممثلات المشاركين في الإضراب.

وقد أربك الإضراب  هوليوود،   حيث تأجل إنتاج الكثير من الأعمال السينمائية مثل تأجيل إنتاج النسخة الاخيرة من مسلسل Stranger Things أو "أشياء غربية" من إنتاج نتفليكس.

وأعلنت إدارة مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي سحب فيلم " Challengers " أو "المتحدُّون" من العرض الافتتاحي للمهرجان فى دورته الثمانين في الفترة من 30 أغسطس/آب الجاري حتى 9 سبتمبر/أيلول المقبل.

ويدعو الإضراب إلى دفع أموال للممثلين والممثلات مقابل عرض أفلامهم في منصات البث الرقمي

الإضراب الأكبر منذ 60 عاما

ويشارك آلاف الممثلين والممثلات في الإضراب، حيث تضم نقابة "ممثلي الشاشة - الاتحاد الأمريكي لفناني الإذاعة والتلفزيون" أكثر من 160 ألف عضو، لذا يعد الإضراب الأكبر منذ أكثر من 60 عاما فيما لا ينحصر تأثيره على الإنتاج السينمائي والتليفزيوني فقط، بل يمتد إلى البرامج المسائية الشهيرة.

وعلى إثر ذلك، توقف بث برامج مثل "ذا ليت شو مع ستيفن كولبرت"، و"جيمي كيميل لايف"، و"ذا تونايت شو مع جيمي فالون".

الجدير بالذكر أن إضراب منفصل قد بدأ في مايو/أيار الماضي بمشاركة أكثر من 11 ألف عضو من نقابة الكتاب للمطالبة بتحسين الأجور وظروف العمل.

ولم تواجه هوليوود  إضرابا بهذا الحجم يشارك فيه ممثلون وكُـتاب في نفس الوقت، منذ إضراب عام 1960 حيث شارك أكثر 11 ألف عضو من نقابة الكتاب في إضراب الممثلين.

 

تورستن لاندسبيرغ / م.ع

المصدر: DW عربية

كلمات دلالية: هوليود الذكاء الاصطناعي إضراب هوليود السينما الأمريكية نجوم هوليود البث الرقمي دويتشه فيله هوليود الذكاء الاصطناعي إضراب هوليود السينما الأمريكية نجوم هوليود البث الرقمي دويتشه فيله الذکاء الاصطناعی هذه الأفلام البث الرقمی

إقرأ أيضاً:

هل يزيدنا الذكاء الاصطناعي ذكاءً؟

اليوم يمثل الذكاء الاصطناعي أسرع موجة تبني تكنولوجي في التاريخ، متفوقاً على انتشار الإنترنت والهواتف الذكية وحتى الكهرباء، وذلك وفق مايكروسوفت في ويب ساميت 2025.

شهد العالم خلال قرنين من التطور رحلة متدرجة نحو الذكاء الاصطناعي بدأت من ابتكارات الحوسبة الأولى في القرن التاسع عشر ووصلت إلى ثورة الذكاء الاصطناعي السريع اليوم وفي هذا السياق يبرز سؤال محوري: هل يجعلنا الذكاء الاصطناعي أكثر ذكاء أم يدفعنا للاعتماد المفرط عليه وبين الفرص والمخاطر تظهر صورة واضحة شكلتها الأبحاث والمحاضرات العالمية.

أولاً  : جذور التحول الرقمي عبر 6 رواد تاريخيين:

1. تشارلز بابج 1791 ابتكر الآلة التحليلية ووضع أساس الحوسبة.

2. آلن تورنغ 1912 ابتكر آلة تورنغ وطرح سؤال هل يمكن للآلة أن تفكر.

3. فينتون سيرف 1943 طوّر بروتوكول TCP IP وربط العالم.

4. تيم برنرز لي 1955 ابتكر الويب عام 1989 وأسس الإنترنت الحديث.

5. بيل غيتس 1955 نشر الحواسيب الشخصية عبر نظام  Windows

6. ستيف جوبز 1955 قاد ثورة الهواتف الذكية وجعل التقنية أكثر إنسانية.

هذه السلسلة تثبت أن الذكاء الاصطناعي ليس طفرة بل نتيجة تراكمية لقرنين من الابتكار.

ثانياً : كيف يعزز الذكاء الاصطناعي ذكاء الإنسان
يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعزز ذكاءنا بعدة طرق من أهمها:

1. يحرر العقل من المهام الروتينية ويمنح مساحة للتفكير الإبداعي والاستراتيجي.

2. يوسع الوصول إلى المعرفة ويوفر إجابات فورية بأدوات تعليمية تفاعلية، ويلخص الكتب ويشرح المفاهيم المعقدة.

3. يعمل كشريك ومحاور فكري ذكي.

4. يدعم التعلم العميق بصفته مدرساً شخصياً بحسب Psychology Today

5. يرفع إنتاجية العمل ويتيح وقتاً للإبداع والقيادة.

ثالثاً المخاطر التي قد تقلل الذكاء البشري

1. تراجع الذاكرة المكانية لدى بعض الطيارين نتيجة الاعتماد الزائد على الآلة بحسب جامعة ملبورن . 

2. الاعتماد المفرط يؤدي إلى ضمور المهارات العقلية وفق دراسة جامعة ملبورن.

3. نشوء العجز المتعلم learned helplessness عند الاعتماد على الأداة بدل الجهد الذهني.

4. تضخيم التحيزات الرقمية وخلق غرف صدى فكرية تحد من التفكير النقدي.

5. انتشار المعرفة السطحية دون بناء عمق فكري أو مهارات تحليلية.

6. اكتساب معرفة سطحية دون فهم عميق مما يضعف التفكير التحليلي.

7. ضعف القدرة على حل المشكلات بدون تدخل الآلة.

وهذا ما لم يمكن تعميمه و لكنها من بعض الأبحاث و الدراسات آثرت أن أذكرها دعما للموضوعية.

رابعاً الفجوة الرقمية وتحديات التبني
الذكاء الاصطناعي أسرع موجة تبني تكنولوجي في التاريخ ولكن تكشف الإحصاءات فجوة رقمية هائلة فعدد سكان العالم 8.1 مليار، بينما يمتلك المهارات الرقمية 4.2 مليار فقط، ويوجد 3.9 مليار شخص خارج سباق الذكاء الاصطناعي بالكامل حيث القدرات الحوسبية العالمية تتركز في:
• الولايات المتحدة 53.7 Gigawatt 
• الصين 31.9 Gigawatt
• الاتحاد الأوروبي 11.9 Gigawatt
أما نسب التبني الفعلي للذكاء الاصطناعي فتظهر مفارقة وفق AI Diffusion Report 2025:
• الإمارات 59.4%
• سنغافورة 58.6%
• النرويج وإيرلندا وفرنسا بين 40 % و45%

خامساً التحديات والحلول

التحديات تشمل :

· ضعف البنية الرقمية.

· غياب السياسات.

· نقص المهارات.

· ضعف جاهزية المؤسسات.

الحلول تتضمن:

· الاستثمار في البنية الرقمية.

· تعليم المهارات الرقمية.

· تشريعات مرنة.

· شراكات حكومية وتقنية.

الخلاصة
يبقى الذكاء الاصطناعي قوة تضيف إلى عقولنا عندما نستخدمه كامتداد لقدرتنا على التعلم والإبداع، لا كبديل يفكر عنا. فالتقنية تمنحنا الإمكانات بينما تصنع الحكمة المستقبل الحقيقي حين نوجهها بوعي. وإن توظيف الذكاء الاصطناعي كمساعد يحرر الوقت ويحفز التفكير ينمي ذكاءنا، أما الاعتماد عليه لإلغاء الجهد العقلي فيضعف مهاراتنا. التحدي ليس في ابتكار آلات أذكى بل في أن نصبح بشراً أكثر حكمة، نسد الفجوة الرقمية ونبني مستقبلاً عادلاً ومستداماً للجميع.

المستشار فرحان حسن

X: https://twitter.com/farhan_939

‏e-mail: [email protected]

الذكاء الاصطناعيالتحول الرقميأخبار السعوديةالحواسيب الشخصيةقد يعجبك أيضاًNo stories found.

مقالات مشابهة

  • الذكاء الاصطناعي قد يُعلّم الجيل القادم من الجراحين
  • كيف تكشف التزييف في عصر الذكاء الاصطناعي؟
  • المنيا الأزهرية تطلق أكبر برنامج تدريبي لتأهيل المعلمين على تقنيات الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي
  • الرياضة والصيادلة بالقليوبية ومؤسسة القادة يطلقون برنامج «رجل الدولة» لتأهيل العاملين
  • 3 ملايين وظيفة مهددة بالاختفاء بسبب الذكاء الاصطناعي.. هل وظيفتك في القائمة؟
  • ما الذي تغفله هوليوود عن الذكاء الاصطناعي؟
  • مفاجآت عن تأثير الذكاء الاصطناعي على مستقبل التصميم في مصر
  • بي واي دي تستدعي 89 ألف سيارة هجينة بسبب مخاوف تتعلق بسلامة البطارية
  • جوجل تختبر الإعلانات في وضع الذكاء الاصطناعي
  • هل يزيدنا الذكاء الاصطناعي ذكاءً؟