قالت صحيفة الغارديان، إن إحدى الطرق التي يعمل بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لتشتيت الانتباه، هي جذب الأنظار دائما إلى الولايات المتحدة، وقوتها الكبيرة في ترهيب وتهديد الدول الأخرى، بالثقل المالي الهائل، وعبر مؤسسات القوة الناعمة والمساعدات.

وقالت في تقرير ترجمته "عربي21": "لكن في الوقت نفسه الذي يعرض فيه ترامب أجندته على ‏المسرح العالمي، فإنه يسحب الولايات المتحدة من العالم ‏ويقلل من دورها إلى عظامها العارية قوة إمبريالية تختار ‏بشكل صارخ كيفية المشاركة بناء على تحالفاتها ومصالحها".



ولفتت إلى أن "أموال دافعي الضرائب الأمريكيين ثمينة للغاية من ناحية، ‏لكن من ناحية أخرى يمكن إنفاقها بإسراف على مقترحات ‏للاستيلاء على منطقة بأكملها في غزة وإرسال مليارات ‏الدولارات كمساعدات لإسرائيل، إن هذا ليس انعزالية، بل ‏هو انفرادية".‏

وبهذا تنسحب الولايات المتحدة، على الرغم من هيمنتها على ‏العناوين الرئيسية، من عالم كانت تتراجع عنه لفترة طويلة ‏كقوة أخلاقية وعسكرية واقتصادية إلى المشاركة الانتقائية. ‏

وأضافت: "نهاية التاريخ في أوائل ‏التسعينيات، عندما كان من المتوقع أن تبشر نهاية الحرب ‏الباردة بعالم جديد تهيمن فيه القيم الرأسمالية الليبرالية في ‏ظل العولمة والتجارة الحرة، وتزدهر الديمقراطية مع انهيار ‏الاتحاد السوفييتي وأنظمته الاستبدادية في جميع أنحاء ‏أوروبا الشرقية. ولكن في العقود الثلاثة التي تلت ذلك، ‏توسعت الولايات المتحدة ثم انهارت على نفسها".‏

لقد بدأت البلاد تلك الفترة بعدة عمليات نشر وحملات ‏عسكرية نشطة في جميع أنحاء الشرق الأوسط وجنوب آسيا ‏تحت ستار ترسيخ الأمن والحقوق الديمقراطية، فضلا عن ‏نظام قوي من العقوبات التي يتم الالتزام بها على نطاق واسع ‏على الأحزاب المنحرفة. وانتهت بانسحاب متسرع من ‏أفغانستان مع عدم تحقيق أي من أهدافها، وخفض القوات في ‏العراق ومجموعة من السفارات الفارغة في جميع أنحاء ‏العالم.



وفي السابع من تشرين الأول/ أكتوبر2023، لم يكن ‏للولايات المتحدة أي سفراء لدى الاحتلال أو مصر أو لبنان. ‏وكان السبب الرئيسي وراء ذلك هو حرب العراق، حيث ‏‏امتص المستنقع الذي وجدت الولايات المتحدة نفسها فيه ‏الأكسجين من أجندة السياسة الخارجية للإدارة.

وقبل بضعة ‏أشهر من تولي ترامب السلطة لولاية ثانية، أخبر أحد ‏المخضرمين في السياسة الخارجية في واشنطن ‏أن وزارة الخارجية عالقة في الماضي، وغير قادرة على ‏التمحور وإتقان دورها الجديد في العالم، وقارن حنينها ‏المجمد بـ "مشاهدة أفلام رعاة البقر القديمة بشكل متكرر".‏

إن السبب الرئيسي وراء هذا التراجع في قدرة الولايات ‏المتحدة على الإكراه والإقناع هو نفس العولمة التي كانت ‏لتجعل الولايات المتحدة رئيسا تنفيذيا لشركة ‏‎ ‎العالم، ونشر ‏أخلاقها الاقتصادية والسياسية. لقد شكلت حرية حركة رأس ‏المال، وخفض الحواجز أمام التجارة، وإلغاء القيود التنظيمية ‏على العمالة الرخيصة، وتنويع مصادر الدخل الوطني، عالما ‏لم يعد من الممكن تقسيمه إلى محاور شر" معزولة ‏وخارجة عن القانون وأنظمة مطيعة.

وقالت الصحيفة إن المجتمع الدولي ‏منقسم الآن إلى دول تتمتع بثقل اقتصادي وتحالفات تجارية ‏عالمية، ودول لا تمتلك أي منهما، ولكنها الآن لديها المزيد ‏من الخيارات لتصبح دولا تابعة بعيدا عن مجال نفوذ ‏الولايات المتحدة. ومع وجود ترامب في السلطة، فإن سحب ‏الاستثمارات من سياسات إدارته المتقلبة وغير الموثوقة ‏والتحول نحو حلفاء أكثر استقرارا سيكون الخيار الحكيم لأي ‏حكومة تتمتع بهذه القدرة على "التحوط".

وهكذا يأخذ الولايات المتحدة معه، مضطربة وغير مستقرة، ‏إلى عالم حيث يتم تقويض قدرتها على دفع أي أجندة ترغب ‏فيها في أي وقت بشكل متزايد بسبب انهيارها الأخلاقي ‏والسياسي، وصعود دول وترتيبات أخرى تعيد كتابة النظام ‏العالمي. إنها نهاية نهاية التاريخ.

ورأت أن فصلا جديدا يبدأ الآن، ‏فصل أكثر ازدحاما، حيث أصبحت السلطة السياسية أكثر ‏قابلية للاستيلاء عليها، وقد يعمل ترامب، من خلال ‏الانسحاب من أجزاء وتأكيد نفسه بقوة في أجزاء أخرى، ‏على خلق فراغ واستفزاز في آن واحد من شأنه أن يحفز هذه ‏العملية.

والمفارقة هنا هي أنه مع إلقاء ترامب بظلال داكنة ‏كبيرة، فإن المزيد والمزيد من العالم يخرج من ظل الولايات ‏المتحدة.‏

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية ترامب العالمي غزة امريكا غزة العالم ترامب صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

استقالة سفيرة كندا لدى الولايات المتحدة.. فما الأسباب؟

أعلنت سفيرة كندا لدى الولايات المتحدة، التي شغلت المنصب خلال السنوات الـ 6 الماضية، أمس الثلاثاء، أنها ستستقيل العام المقبل مع استعداد الشريكين التجاريين الرئيسيين لمراجعة اتفاقية التجارة الحرة.

مقاتلتان أمريكيتان تحلقان فوق خليج فنزويلا بعد تهديدات ترامب الأخيرةمقتل 19 شخصاً على الأقل في انهيار مبنيين بمدينة فاس المغربيةقوات الاحتلال تعتقل 43 فلسطينيا في عدة محافظات بالضفة الغربيةإلا اليهود الإشكناز والصينيين.. تحقيق أمريكي موسع في قتل لقاحات كوفيد لــ10 رضع

قالت السفيرة كيرستن هيلمان في رسالة، إن:"الوقت مناسب لتعيين شخص يتولى الإشراف على المفاوضات، المتعلقة باتفاقية الولايات المتحدة-المكسيك-كندا التي ستخضع للمراجعة في عام 2026".

أشار رئيس وزراء كندا، مارك كارني، إلى أن هيلمان "وضعت الأسس اللازمة لكندا في المراجعة المقبلة للاتفاقية". 

ولفت إلى أن هيلمان تعد واحدة من أطول السفراء خدمة لدى الولايات المتحدة في تاريخ كندا.

وكان رئيس الوزراء الكندي السابق، جاستن ترودو، عين هيلمان في 2017، لتصبح أول امرأة تتولى هذا المنصب.

وساعدت هيلمان في قيادة مفاوضات التجارة، خلال الولاية الأولى للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وعملت مع مسؤولين أمريكيين وصينيين للإفراج عن اثنين من المواطنين الكنديين المحتجزين في الصين.

مقاتلتان أمريكيتان تحلقان فوق خليج فنزويلا بعد تهديدات ترامب الأخيرةمقتل 19 شخصاً على الأقل في انهيار مبنيين بمدينة فاس المغربيةقوات الاحتلال تعتقل 43 فلسطينيا في عدة محافظات بالضفة الغربيةإلا اليهود الإشكناز والصينيين.. تحقيق أمريكي موسع في قتل لقاحات كوفيد لــ10 رضع

وكان دومينيك لو بلان، الوزير المسؤول عن التجارة بين كندا والولايات المتحدة، وهيلمان يقودان المفاوضات التجارية مع وزير التجارة الأمريكي هاورد لوتنيك، وممثل التجارة الأمريكي جيمسون جرير.

وقطع ترامب محادثات التجارة مع كارني في أكتوبر (تشرين الأول) المضي، بعد أن أطلقت حكومة مقاطعة أونتاريو إعلاناً مضاداً للرسوم الجمركية في الولايات المتحدة، ما أثار غضب الرئيس الأمريكي. وجاء ذلك بعد موسم من التوتر في الربيع، الذي هدأ لاحقاً، بسبب إصرار ترامب على أن تصبح كندا الولاية 51 للولايات المتحدة.

وعند سؤاله هذا الأسبوع عن موعد استئناف المفاوضات التجارية، اكتفى ترامب بالقول: "سنرى".

وتعد كندا واحدة من أكثر الدول اعتماداً على التجارة في العالم، حيث تذهب أكثر من 75% من صادراتها إلى الولايات المتحدة. 

ويهدف كارني إلى مضاعفة حجم التجارة غير الأمريكية خلال العقد المقبل.

ويأتي نحو 60% من واردات الولايات المتحدة من النفط الخام من كندا، بالإضافة إلى 85% من واردات الكهرباء الأمريكية.

طباعة شارك سفيرة كندا الولايات المتحدة السنوات اتفاقية التجارة الحرة كيرستن هيلمان مارك كارني أمريكيين وصينيين المواطنين الكنديين الصين الأمريكية

مقالات مشابهة

  • تهديد بهدم قبر عزّ الدين القسّام.. ما الرسالة التي يسعى بن غفير إلى إيصالها؟
  • رويترز: الولايات المتحدة تستعد لاعتراض السفن التي تنقل النفط الفنزويلي
  • ما الدول التي يفضل «ترامب» استقبال المهاجرين منها؟
  • ترامب يكشف عن الدول التي يفضل استقبال المهاجرين منها
  • رغم ارتفاع التضخم.. ترامب يؤكّد أن الأسعار تنخفض بشكل كبير بفضله
  • ترامب: الولايات المتحدة لا تريد هدر الوقت بشأن أوكرانيا
  • استقالة سفيرة كندا لدى الولايات المتحدة.. فما الأسباب؟
  • إيرواني: يجب على العالم أن يتحرك بحزم لإنهاء الإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الصهيوني في غزة
  • الأمم المتحدة: نرفض بشكل قاطع أي تغيير في حدود غزة
  • ترامب يطالب المكسيك بإطلاق «حصص المياه» قبل نهاية ديسمبر!