سلط كاتب في مقال بصحيفة ستار التركية الأضواء على التمييز العنصري، والاضطهاد، والفقر والمحاكمات الجائرة والتذويب الثقافي الذي يعاني منه مسلمو جنوب تايلند.

ويقول الكاتب إسماعيل شاهين في المقال إن المحاولات القسرية لانتزاع الهوية القومية لأقلية عرقية ودينية عادة ما يكون لها صدى في المحافل الدولية وتحركات دبلوماسية للحد منها، غير أن الوضع في إقليم فطاني المسلم جنوب تايلند بالكاد يشق طريقه إلى مسامع المجتمع الدولي والرأي العام.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إعلام إسرائيلي: إعلان حماس بشأن الاتفاق نتيجة مباشرة لسلوك نتنياهوlist 2 of 2تلغراف: قادة إيرانيون يطالبون خامنئي بإلغاء فتواه ضد الأسلحة النوويةend of list

ويرى شاهين أن ما يحصل في إقليم فطاني ليس مسألة أمنية فقط، بل هو قضية هوية وتمثيل سياسي والمطالبة بحكم ذاتي، غير أن أحداث الشرق الأوسط في هذا الوقت تحول دون تسليط الأضواء الكافية على هذا الإقليم بالإعلام العالمي.

ويوضح الكاتب أن ولايات فطاني ويالا وناراتيوات بجنوب تايلند تعاني من صراع مستمر منذ سنوات. كما أن غياب التنافس الدولي المباشر في تلك الدولة وصورة الأزمة كقضية داخلية يسهم في بقائها خارج الأضواء الإعلامية.

المنطقة الواقعة في شمال ماليزيا وجنوب تايلند، والتي كانت تُعرف سابقا بسلطنة فطاني، تشمل اليوم ولايات فطاني ويالا وناراتيوات، وتتميز بهوية ثقافية ملايوية مختلفة عن باقي تايلند بسبب طابعها العرقي والديني.

إعلان

كما أن أكثر من مليون مسلم من سكانها هاجروا إلى دول عدة، خصوصا ماليزيا، نتيجة العنف والاضطهاد والفقر والمحاكمات الجائرة وسياسات التذويب الثقافي.

روسني مايلوه زوجة ماهروسو جانتاراوادي أحد ثوار فطاني الذي قتلته القوات التايلندية في 7 مارس/آذار 2013 (رويترز) تاريخ الصراع

ويسرد الكاتب شيئا من تاريخ الصراع قائلا إن سلطنة فطاني، التي كانت في السابق كيانا مستقلا، أُلحقت قسرا بسيام (الاسم السابق لتايلند) عام 1906، دون منحها أي شكل من أشكال الحكم الذاتي. ونتيجة لذلك، تحول المسلمون في المنطقة من أغلبية إلى أقلية على أراضيهم.

ومنذ ذلك الحين، تبنت سيام سياسة تهدف إلى تذويب هوية المنطقة ضمن هويتها الوطنية، حيث تم حظر اللغة الملايوية-الفطانية، وتقييد المؤسسات التعليمية الإسلامية، وفرض سياسات قمعية تهدف إلى دمج المنطقة قسرا في الثقافة التايلندية. إلا أن هذه السياسات لم تؤدِّ إلى النتائج المرجوة، بل عززت وعي سكان فطاني بهويتهم.

ويشير الكاتب إلى أن تايلند، التي أصبحت منذ عام 1932 ملكية دستورية، تبنت الأنظمة العسكرية فيها نموذجا للدولة الموحدة والمركزية قائما على "الأمة، الملكية والدين".

وقد تم تعريف "الأمة" بالأغلبية التايلندية، و"الملكية" بسلالة تشاكري، و"الدين" بالبوذية التيرافادية. وشكلت هذه العناصر الثلاثة أساس الهوية الوطنية التي اعتمدتها الدولة لضمان ولاء الشعب للنظام والنخب الحاكمة.

توحيد قسري

وفرضت الأنظمة التي توالت على حكم تايلند سياسات تهدف إلى توحيد الدولة عرقيا وثقافيا، حيث أُجبر السكان على استخدام اللغة التايلندية، وتم التركيز على التعاليم البوذية في النظام التعليمي، وأُقر مبدأ قداسة الملك دستوريا.

ولجأت الحكومات إلى إعلان الأحكام العرفية، وتقييد حرية التعبير، وقمع المعارضة للحفاظ على شرعية الملكية. ومن أبرز أدواتها قانون "العيب في الذات الملكية"، الذي كان وسيلة لتعزيز حصانة المؤسسة الملكية ومنع أي انتقاد لها.

إعلان

ويرى الكاتب أن مسلمي الملايو في جنوب تايلند، خاصة في مناطق فطاني ويالا وناراتيوات، تضرروا بشكل كبير من سياسات الدولة التايلندية التي رفضت الاعتراف بلغتهم ودينهم وفرضت المناهج البوذية في المدارس.

وفي رد فعل على هذه السياسات، ظهرت حركات مسلحة تطالب بالحكم الذاتي أو الاستقلال، مثل "منظمة تحرير فطاني المتحدة" (PULO) و"جبهة الثورة الوطنية" (BRN).

ملصق لصور مطلوبين في أحد مراكز الشرطة بولاية ناراتيوات في 10 مارس/آذار 2013 (رويترز) ليست إرهابية

ويؤكد الكاتب أن هذه الحركات كانت تركز على الحفاظ على الهوية المحلية ولم ترتبط بالجماعات الجهادية العالمية. وعلى الرغم من تصنيفها منظمات إرهابية من قبل الدولة التايلندية، فإن المجتمع الدولي يتعامل معها كصراع عرقي وديني محلي.

وعلى الرغم من أن حركات المقاومة في فطاني فقدت تأثيرها في التسعينيات بسبب ضغوط الأمن التايلندي، وسياسات الاندماج، والانقسامات الداخلية في المنظمات، أعادت بعض الجماعات مثل "جبهة الثورة الوطنية" إحياء النضال المسلح في 2004 ضد قوات الأمن التايلندية.

ويشير الكاتب إلى أن سياسات الاندماج تحت حكم رئيس الوزراء تاكسين شيناواترا في 2001 زادت بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، حيث اعتُبرت المدارس الإسلامية في فطاني مراكز للتطرف، مما أدى إلى تصعيد القمع. وأسفرت الفترة بين 2004 و2019 عن مقتل أكثر من 7 آلاف شخص في هجمات عنيفة بمناطق يالا وفطاني وناراتيوات.

حرب باردة

ويقول الكاتب إن الوضع في فطاني اليوم يشبه الحرب الباردة، حيث تزايدت الضغوط الأمنية التي تفرضها الدولة ما أدى إلى تفاقم التوترات بين الشعب الذي يسعى للحفاظ على هويته الملايوية الإسلامية والسياسات التايلندية الهادفة إلى الاندماج الثقافي، وسط عدم اهتمام دولي وغض الطرف عن الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان، والنظر إلى تايلند عادة على أنها "قوة مستقرة".

إعلان

ويضيف الكاتب أن ماليزيا قد بدأت منذ 2013 في استضافة المحادثات بين الفصائل الفطانية والحكومة التايلندية، حيث تمكّنت المحادثات في 2020 من الحصول على طابع رسمي. ورغم أن الطريق لا يزال صعبا، فإن هناك رغبة من الطرفين في التوصل إلى اتفاق.

ويرى الكاتب أن اعتذار رئيس الوزراء التايلندي في أكتوبر/تشرين الأول 2024 عن مذبحة "تاك باي" التي راح ضحيتها 78 مسلما يعد خطوة مشجعة نحو تحقيق السلام. وقد تشير الموافقة على خطة "السلام الشامل" إلى تقدم مهم نحو التوصل إلى حلول سياسية وتقليص العنف.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ترجمات الکاتب أن

إقرأ أيضاً:

هيئة البث الإسرائيلية: سموتريتش عارض خطة احتلال غزة التي صدق عليها الكابينت

أفادت قناة "القاهرة الإخبارية" في نبأ عاجل عن "هيئة البث الإسرائيلية" أن سموتريتش عارض خطة احتلال غزة التي صدق عليها الكابينت بحجة أنها لن تؤدي إلى الحسم.

البث الإسرائيلية: سموتريتش هدد نتنياهو بتفكيك الحكومة والتوجه للانتخاباتتصاعد الغضب الشعبي في إسرائيل.. تظاهرات وإدانات ضد حكومة نتنياهو

في تصاعد لافت للاحتجاجات ضد حكومة بنيامين نتنياهو، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن متظاهرين أغلقوا شوارع رئيسية في وسط تل أبيب، ضمن موجة مستمرة من الغضب الشعبي حيال السياسات الحكومية، خاصة المتعلقة بالحرب على قطاع غزة، والتي دخلت يومها الـ 672.

وفي مشهد درامي، خرجت عائلات الأسرى الإسرائيليين لتعبر عن سخطها الشديد، ووصفت حكومة نتنياهو بأنها "حكومة موت"، وأكدت العائلات أنها ستلاحق نتنياهو "في كل مكان" إذا ما قررت حكومته مواصلة الحرب واحتلال أجزاء من قطاع غزة، محملة إياه المسؤولية الكاملة عن الإخفاقات التي وقعت.

وفي السياق نفسه، شهدت مدينة تل أبيب تظاهرة أمام السفارة الأمريكية، شارك فيها نشطاء من حركة "إخوة وأخوات في السلاح" إلى جانب مجموعات مدنية أخرى. 

وجاءت التظاهرة تحت شعار: "ترامب - كن بالغا مسؤولا وأوقف الحرب"، ورفع المتظاهرون مطالب واضحة بإعادة الرهائن وإنهاء الحرب التي دخلت عامها الثاني، وتسببت حتى الآن في سقوط آلاف القتلى والجرحى من الجانبين.

وعلى الصعيد السياسي، فجر وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش مفاجأة من العيار الثقيل مساء السبت، حين أعلن في تسجيل مصور نشره عبر منصة "إكس" (تويتر سابقا) عن فقدانه الثقة في رئيس الوزراء نتنياهو، متهما إياه بالفشل في تحقيق النصر في غزة رغم مرور 22 شهرا على اندلاع الحرب.

طباعة شارك البث الإسرائيلية سموتريتش احتلال غزة غزة الكابينت

مقالات مشابهة

  • دولة حزب الله في لبنان التي انتهى زمنها
  • جنرال إسرائيلي: لماذا لم تُهزم حماس بعد كل الضربات التي تلقتها؟
  • صحيفة عبرية: حماس لا تزال تُمسك بالسلطة في غزة رغم ضراوة الحرب الأشد في التاريخ الحديث
  • صحيفة: القاهرة تترقّب وصول وفد من حماس لإحياء مفاوضات غزة 
  • هل يتكرر السيناريو الليبي الكارثي في السودان؟
  • ماذا وراء خطة نتنياهو بشأن غزة التي “لا ترضي أحدا”؟
  • هيئة البث الإسرائيلية: سموتريتش عارض خطة احتلال غزة التي صدق عليها الكابينت
  • ما وراء خطة نتنياهو بشأن احتلال غزة التي لا ترضي أحدًا؟
  • انفجار صور.. الشرارة التي قد تشعل بركان لبنان.. .!!
  • تحليل لـCNN.. ما وراء خطة نتنياهو بشأن غزة التي لا ترضي أحدًا