سلط موقع "نادي فالداي" الروسي الضوء على آفاق استئناف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المفاوضات مع كوريا الشمالية، مشيرا إلى أن الفكرة تتمحور حول عقد "صفقة صغيرة"، تتعهد فيها بيونغ يانغ بتفكيك أو تعطيل جميع المنشآت لإنتاج الأسلحة النووية، دون التخلي الكامل عن ترسانتها النووية.

وقال الموقع، في تقرير ترجمته "عربي21"، إن السياسة الداخلية والخارجية للولايات المتحدة شهدت في الأسابيع الأولى من الولاية الرئاسية الثانية لدونالد ترامب تغيرات كبيرة وانعطافات غير متوقعة.

ومع ذلك، فإن التصريحات التي أدلى بها دونالد ترامب في الفترة الأخيرة بشأن كوريا الشمالية ليست مفاجئة.

وأجريت آخر محادثات جمعت بين ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون في سنة 2019 خلال القمة المنعقدة في هانوي. لكن لم يتمخض عن هذا الاجتماع أي اتفاق، على الرغم من تحديد الخطوط العريضة لاتفاق محتمل.


وكان الحديث يدور حول ما يُعرف في الأوساط الدبلوماسية باسم "الصفقة الصغيرة"، التي تنص على تفكيك كوريا الشمالية أو تعطيل المعدات في جميع المنشآت لإنتاج الأسلحة النووية التي تعرفها الولايات المتحدة.

في المقابل، يتعين على الولايات المتحدة رفع العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية من قبل مجلس الأمن الدولي بشكل جزئي. يشمل هذا تخفيف العقوبات القطاعية، التي تُشكل عقبة أمام بيونغ يانغ، حيث تقيد حقها في اجراء مبادلات تجارية دولية طبيعية والتعاون الاقتصادي مع العالم الخارجي.

وفي الوقت نفسه، تسمح "الصفقة الصغيرة" لكوريا الشمالية بالاحتفاظ بعدد معين من الرؤوس النووية الجاهزة للاستخدام ووسائل إيصالها، بالإضافة إلى المواد الانشطارية اللازمة لصنع أسلحة نووية جديدة.

في الوقت الراهن، من المستبعد توصل واشنطن وبيونغ يانغ إلى اتفاق بشأن "الصفقة الصغيرة" في المحاولة الثانية، خاصة بعد أن باءت الأولى بالفشل لأن معظم الإدارات الأمريكية ستعارض هذا الحل الوسط، الذي يعني الاعتراف بكوريا الشمالية كقوة نووية. ومع ذلك، في ظل قيادة ترامب، الذي لا يهتم كثيرًا بالمعاملات القانونية ويميل إلى التعامل مع أي موقف بمنظور رجل أعمال براغماتي، فإن حظوظ إبرام هذه الصفقة مرتفعة.

والجدير بالذكر أن ترامب والعديد من كبار المسؤولين في إدارته، عقب تنصيبه، لم يكتفوا فقط بالتعبير عن رغبتهم في التفاوض مع بيونغ يانغ، بل بدأوا في خرق المحرمات السياسية التقليدية، في الإشارة إلى كوريا الشمالية بوصفها "دولة نووية" بشكل متكرر، وفقا للتقرير.

وذكر الموقع أن "الصفقة الصغيرة" تنص على الاعتراف بوضع كوريا الشمالية كقوة نووية، الخطوة التي تحمل تداعيات على سياسة منع الانتشار.

وقال الموقع إن قيادة كوريا الشمالية، التي استخلصت بعض الدروس من تجربة ليبيا والعراق وبعض البلدان الأخرى تدرك أن الأسلحة النووية وحدها كفيلة بضمان أمن البلاد في العالم الحديث، حيث يلعب قانون القوي دوراً متزايد الأهمية. وعليه، من المستبعد تخلي كوريا الشمالية عن أسلحتها النووية لا عن طريق تقديم وعود بالتعويضات السخية ولا عن طريق التهديد بفرض عقوبات اقتصادية. وعليه، فإن موقف بيونج يانج من هذه القضية، التي تعتبرها مسألة حياة أو موت، راسخ وغير قابل للتغيير.

في الوقت نفسه، قد يترتب عن "الصفقة الصغيرة" تجميد البرنامج النووي الكوري الشمالي. لكن، من المرجح عدم التزام الجانب الكوري الشمالي بالاتفاق ومحاولته سرًّا مواصلة تطوير وإنتاج الأسلحة النووية وإخفاء عدد معين من الشركات العاملة في إنتاج الأسلحة النووية عن الاستخبارات الأمريكية. ومع ذلك، في إطار "الصفقة الصغيرة" سيتم تحديد الغالبية العظمى من قدرات الإنتاج ذات الصلة وإخراجها من الخدمة، مما يعني انخفاض قدرة كوريا الشمالية على إنتاج الأسلحة النووية.

ويرجح الموقع احتمال حدوث خرق في "الصفقة الصغيرة" في وقت قصير، حيث قد تقرر بيونغ يانغ أو واشنطن الانسحاب منها من جانب واحد. في هذه الحالة، يمكن لكوريا الشمالية العمل على إعادة بناء مجمعها الصناعي النووي. ومع ذلك، في ظل الظروف الجديدة، لن يكون الأمر سهلا حيث سيتطلب استعادة القدرات المفقودة سنوات عديدة.

وأشار الموقع إلى أن احتفاظ كوريا الشمالية - بموجب "الصفقة الصغيرة" - بعدد معين من الرؤوس النووية الجاهزة للاستخدام قد يعزز الاستقرار في المنطقة بطريقة متناقضة لأن هذا العدد من الرؤوس الحربية غير كافٍ لشن حرب هجومية عدوانية، حتى لو أرادت قيادة كوريا الشمالية ذلك. ومع ذلك، فإن  الاحتفاظ بالرؤوس النووية سيجعل جميع الأطراف، سواء في واشنطن أو سيول أو أي عاصمة عالمية أخرى، تفكر مليًا قبل اتخاذ أي خطوة ضدها.


وعلى العكس من ذلك، فإن رفض "الصفقة الصغيرة" والسعي وراء وهم غير قابل للتحقيق المتمثل في "نزع السلاح النووي لكوريا الشمالية"، يهدد الاستقرار في المنطقة. فعلى مدار السنوات العشر الماضية، انخرط المجمع الصناعي العسكري لكوريا الشمالية بنشاط في تطوير صواريخ باليستية عابرة للقارات قادرة على ضرب أي نقطة تقريبًا على سطح الأرض، بالإضافة إلى تطوير أسلحة نووية تكتيكية يمكن استخدامها في ساحة المعركة نظرًا لقوتها التدميرية المحدودة نسبيًا. وفي حال اكتمال هذه المشاريع، سيكون لدى القيادة الكورية الشمالية القدرات التقنية لشن حرب هجومية ناجحة ضد جارتها الجنوبية.

وبحسب الموقع فإن إتمام "الصفقة الصغيرة"، سيخلق سابقة خطيرة في قضايا انتشار الأسلحة النووية. وستصبح كوريا الشمالية أول دولة في العالم وقّعت على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، ثم انسحبت منها ونجحت في تطوير أسلحة نووية. ومع ذلك، من المستبعد رفض التسوية وتغيير الوضع بشكل كبير.

في المقابل، يمكن التخفيف من العواقب السلبية على نظام عدم انتشار الأسلحة النووية في حال وافقت كوريا الشمالية على إعلان نيتها التخلي عن الأسلحة النووية في المستقبل، وتقديم "الصفقة الصغيرة" على أنها مجرد خطوة أولية نحو نزع السلاح النووي الكامل.

وفي ختام التقرير نوه الموقع بأن بيونغ يانغ غير مستعدة لتقديم أي تنازلات في هذا الشأن، ولا ترغب حتى في الإدلاء بتصريحات رسمية ذات طابع رمزي أو خطابي.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية ترامب كوريا الشمالية الولايات المتحدة الولايات المتحدة كوريا الشمالية ترامب صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الأسلحة النوویة لکوریا الشمالیة کوریا الشمالیة بیونغ یانغ ومع ذلک

إقرأ أيضاً:

ترامب يناور بالغواصات النووية.. مما يتألف الأسطول الأميركي تحت البحر؟

تمتلك البحرية الأميركية ثلاثة أنواع من الغواصات، جميعها تعمل بالطاقة النووية، لكن نوعًا واحدًا فقط منها مزوّد بأسلحة نووية، وفق تقرير لشبكة "سي إن إن". اعلان

أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، يوم الجمعة، أنه أصدر أوامر بتحريك غواصتين نوويتين تابعتين للبحرية الأميركية إلى "المناطق المناسبة"، ردًا على تصريحات أدلى بها ديمتري مدفيديف، الرئيس الروسي السابق ونائب رئيس مجلس الأمن الروسي الحالي.

وقال ترامب، في منشور على منصة "تروث سوشيال"، إن هذه الخطوة تأتي في إطار الاستعداد "لأي احتمال"، موضحًا: "أمرتُ بنقل غواصتين نوويتين إلى المواقع الملائمة، تحسبًا لأن تكون هذه التصريحات الطائشة والمستفزة أكثر من مجرد كلام".

لم يحدد الرئيس الأميركي نوع الغواصات أو مواقع انتشارها، فيما تلتزم وزارة الدفاع الأميركية عادةً بسرية عالية بشأن تحركات غواصاتها.

Related "هجمات لصالح روسيا".. بولندا توجه تهمة الإرهاب لكولومبي محتجز في التشيكعقب تصريحات ميدفيديف.. ترامب يُحرّك الغواصات النوويةأوكرانيا تقترح إجراء محادثات سلام جديدة مع روسيا الأسبوع المقبل

أنواع الغواصات النووية الأميركية

تمتلك البحرية الأميركية ثلاثة أنواع من الغواصات، جميعها تعمل بالطاقة النووية، لكن نوعًا واحدًا فقط منها مزوّد بأسلحة نووية، وفق تقرير لشبكة "سي إن إن".

غواصات الصواريخ الباليستية

تضم البحرية 14 غواصة من فئة "أوهايو" الباليستية، المعروفة باسم "Boomers"، والمصممة خصيصًا للتخفي وإطلاق الرؤوس النووية بدقة.

كل غواصة قادرة على حمل 20 صاروخًا باليستيًا من طراز "ترايدنت"، بمدى يصل إلى 7,400 كيلومتر، ما يتيح لها استهداف أي خصم من مواقع بعيدة مثل المحيطين الأطلسي والهادئ أو حتى المحيط المتجمد الشمالي.

تُعدّ هذه الغواصات ركيزة أساسية في الردع النووي الأميركي، نظرًا لقدرتها على البقاء مخفية في البحر.

غواصات الصواريخ الموجهة

في تسعينيات القرن الماضي، حوّلت البحرية أربع غواصات "أوهايو" من دورها النووي إلى منصات لإطلاق صواريخ "توماهوك"، بدلًا من "ترايدنت".

تحمل كل غواصة من هذا النوع 154 صاروخ "توماهوك" بمدى يقارب 1,600 كيلومتر ورأس حربي يزن نحو 450 كيلوجرامًا.

كما تستطيع هذه الغواصات نقل قوات خاصة وإنزالها سرًا عبر حجرات مخصصة.

غواصات الهجوم السريع

تشكل العمود الفقري لأسطول الغواصات الأميركي، ومهمتها تعقب وتدمير غواصات وسفن الخصوم باستخدام الطوربيدات، إضافة إلى القدرة على ضرب أهداف برية بصواريخ "توماهوك".

تنقسم إلى ثلاث فئات: "فيرجينيا" (الأحدث)، و"لوس أنجلوس" (الأقدم)، و"سي وولف" (الأقل عددًا والأكثر تخصصًا).

الغواصة "USS جيمي كارتر" من فئة "سي وولف" تعد الأهم في المهام الخاصة، إذ زُوّدت بامتداد إضافي لهيكلها يتيح تنفيذ أبحاث وعمليات سرية متقدمة.

ورغم بقاء تفاصيل تحريك الغواصات التي أمر بها ترامب طي الكتمان، فإن الخطوة تُعدّ رسالة ردع واضحة، في سياق توترات متصاعدة بين واشنطن وموسكو.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

مقالات مشابهة

  • ترامب يناور بالغواصات النووية.. مما يتألف الأسطول الأميركي تحت البحر؟
  • الليلة التي خاف فيها ترامب.. تقرير عبري يكشف كيف أرعبت صنعاء حاملة الطائرات الأمريكية “ترومان”؟
  • موعد مباراة منتخب الناشئين أمام كوريا النوبية في مونديال اليد تحت 19 عامًا
  • السياح الروس يقضون الصيف في كوريا الشمالية بدلا من تركيا
  • ترامب: غواصاتنا النووية أقرب إلى روسيا
  • بعد نشر الغواصات النووية ..تهديد أمريكي صارخ ضد روسيا
  • مدير مكتب زيلينسكي: روسيا تنقل تكنولوجيا عسكرية متقدمة إلى كوريا الشمالية
  • ترامب يُطلق غواصاته النووية ردًا على اليد الميتة الروسية
  • 6 فرسان يمثلون المملكة في بطولة العالم للخيل الصغيرة بفرنسا
  • عاجل. بعد إعلان نيتها الاعتراف بدولة فلسطين.. ترامب: خطوة كندا تجعل التوصل إلى اتفاق تجاري معها صعبا جدا