واحدة من الصور التي التقطها المصور المقدسي خليل رصاص (1926 ـ 1974) كانت صورة مؤثرة لكتيبة المقاتلين التي دافعت عن سور القدس، يتوسطهم شيخ يؤشر بإصبعه إلى شيء خارج السور الشرقي للمسجد الأقصى، حيث يمتد من باب الأسباط وحتى نهاية سور المسجد الأقصى، كان الشيخ ياسين البكري أحد المجاهدين في القدس الذين ساهموا في صناعة جزءا مهما من تاريخ المدينة، ومن ذاكرة معارك أسوار القدس عام 1948 التي تعتبر معارك فارقة في تاريخ الصراع.

.

ولد الشيخ ياسين صادق رشيد البكري في مدينة الخليل بالضفة الغربية عام 1904.

وتلقى علومه الابتدائية في الكتَّاب، ثم التحق بمدرسة شرعية في المدينة كان الطلاب يدرسون فيها علوم الدين واللغة العربية، وأصبح بعد تخرجه منها مؤهلا للالتحاق بالأزهر الشريف.


                                                البكري أثناء دراسته في الأزهر الشريف.

سافر ياسين البكري إلى مصر في أوائل عشرينيات القرن الماضي والتحق بالأزهر الشريف حيث تخرج منه في أواخر عام 1929 ونال شهادة "العالِميّة"، وهي الشهادة الأعلى التي كان يمنحها الأزهر للخريجين. في نفس العام عاد إلى مدينة الخليل، ولكنه لم يلبث أن انتقل عام 1930 إلى مدينة القدس حيث عمل مدرسا في "مدرسة المسجد الأقصى" الكائنة حينئذ في حي عقبة المفتي القريب من الحرم القدسي الشريف.

بعد إغلاق المدرسة في أواخر ثلاثينيات القرن الماضي انتقل للتدريس في "المدرسة الإبراهيمية".

وفي تلك الفترة انخرط في النشاط السياسي والوطني واشترك في ثورة فلسطين الكبرى التي وقعت ما بين عامي 1936 و1939. فألقت سلطة الانتداب البريطاني القبض عليه في أثناء الثورة وأودعته السجن الشهير بـ "سجن المزرعة" بالقرب من مدينة عكا، فلبث في ذلك السجن عامين ونصف. وعندما اندلعت الحرب عام 1948 انضم البكري إلى مجموعة من  المجاهدين في تشكيل حركة "الجهاد المقدس".

وكلفته  قيادة "الجهاد المقدس" بقيادة فريق من المجاهدين كانت مهمتهم الدفاع عن البلدة القديمة من القدس.

وخاض عدة معارك على أسوارها وحول الأسوار، فضلا عن المعارك الهجومية التي خاضها مع المجاهدين في مواجهة العصابات الصهيونية في الأحياء الغربية من القدس، ومن أشهرها معركة "القطمون" ومعركة "البقعة" ومعركة "المونتفيوري".

ويخبرنا المؤرخ عارف العارف في موسوعته حول النكبة أن العرب وافقوا على السماح للصهاينة بنقل جرحاهم من البلدة القديمة، حيث حقق الفلسطينيون والعرب هناك انتصارات هامة، وقد تم نقل الجرحى بإشراف الشيخ ياسين البكري، وهو ما يشير إلى دوره القيادي في البلدة القديمة، حيث قاتل على رأس كتيبة مكونة من 80 مقاتلا فلسطينيا بقيادة حافظ بركات (أبي الفيلات) وكان الشيخ البكري مساعده في القيادة.

وستنتهي المعركة في البلدة القديمة على عكس كل المعارك بانجاز نسبي، حيث ستسقط "حارة اليهود" بيد الفلسطينيين في 28 أيار/مايو من عام 1948 ويجري التفاوض على إخلاء الحي وتسليمه للجانب العربي، وكان الشيخ ياسين أحد المفاوضين إلى جانب كامل عريقات وفاضل رشيد العراقي والدكتور عزت طنوس وآخرين.

بعد أن وضعت الحرب أوزارها التحق الشيخ البكري بالعمل أماما ومدرسا في المسجد الأقصى المبارك حتى وفاته.

كان الشيخ ياسين شاعرا، ولكنه في غمار انخراطه في العمل السياسي والوطني والجهادي انقطع عن نظم الشعر، ولكن بعد تجاوزه الستين من عمره فاضت قريحته الشعرية فنظم قصيدة في مدح النبي سماها "البكرية في مدح خير البرية" جاءت في أكثر من مائتين وخمسين بيتا نشرت في كتيب طبع في حياته.


                                                                      الشيخ ياسين البكري.

وتواصل نظمه الشعر فأنجز ديوانا مخطوطا كانت كل قصائده شعرا سياسيا ووطنيا.

في عام 1971 أصيب الشيخ يس بمرض عضال عانى منه سنتين كاملتين حتى توفاه الله.

وتوفي في عام 1973، ودفن في مقبرة باب الرحمة في القدس، وتقع عند السور الشرقي للمسجد الأقصى حيث تمتد من باب الأسباط وحتى نهاية سور المسجد الأقصى.

المصادر:

ـ مقابلة مع ابنه الشاعر فوزي البكري، أجريت المقابلة في  حزيران/يونيو 2020، في بيته في البلدة القديمة في القدس.

ـ بهجت أبو غربية، "مذكرات المناضل بهجت أبو غربية 1916-1949: في خضم النضال العربي الفلسطيني"، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، 1993، ص 48

ـ عارف العارف، "النكبة: نكبة بيت المقدس والفردوس المفقود 1947-1949. الجزء الأول من قرار التقسيم 29/11/1947 إلى بدء الهدنة الأولى 11/6/1948"، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، 2012، ص 85.

ـ فادي عاصلة، "الشيخ ياسين البكري مقاتل فوق سور القدس"، مدونة خزائن، 11/6/2020.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي تقارير القدس تاريخ فلسطين القدس احتلال فلسطين مقاومة تاريخ سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة البلدة القدیمة المسجد الأقصى کان الشیخ

إقرأ أيضاً:

محمد بن زايد: الإمارات تدعم جميع الإجراءات التي تتخذها قطر للحفاظ على سيادتها

أبوظبي - وام
أجرى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله» اليوم اتصالاً هاتفياً مع أخيه صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر الشقيقة، أعرب سموه خلاله عن تضامن دولة الإمارات مع دولة قطر ووقوفها إلى جانبها، إثر الهجوم الإيراني الذي استهدف قاعدة العديد في الأراضي القطرية.
واطمأن سموه من أخيه صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني على الأوضاع في قطر وسلامة شعبها الشقيق.
وأعرب سموه عن إدانة دولة الإمارات الهجوم على قطر الشقيقة..مؤكداً دعم الإمارات جميع الإجراءات التي تتخذها للحفاظ على سيادتها وأمنها وسلامة شعبها.
كما تطرق الاتصال إلى إعلان اتفاق وقف إطلاق النار بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وإسرائيل معرباً سموه عن أمله أن يشكل أساساً لتعزيز الاستقرار والأمن والسلام في منطقة الشرق الأوسط.
وأشاد صاحب السمو رئيس الدولة في هذا السياق بجهود صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في تيسير الوصول إلى وقف إطلاق النار بين الطرفين..مؤكداً أهمية استمرار التنسيق والعمل المشترك في هذا الاتجاه لضمان توفير جميع أسباب النجاح له.
من جانبه أعرب صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني عن شكره لصاحب السمو رئيس الدولة لمشاعره الأخوية الصادقة تجاه قطر وشعبها وتقديره لموقف دولة الإمارات وتضامنها مع قطر.

مقالات مشابهة

  • بعد إغلاقهما 12 يوما.. إعادة فتح المسجد الأقصى وكنيسة القيامة
  • إعادة فتح أبواب المسجد الأقصى أمام المصلين بعد 12 يومًا من الإغلاق
  • محمد بن زايد: الإمارات تدعم جميع الإجراءات التي تتخذها قطر للحفاظ على سيادتها
  • ماذا تعرف عن ساعة فلسطين التي ضربها الاحتلال في وسط طهران؟ (شاهد)
  • حماس: العدو الصهيوني يمارس انتهاك صارخ للوضع التاريخي والقانوني في الأقصى
  • ماذا وراء اقتحام الاحتلال للمسجد الأقصى والتحقيق مع حراسه؟
  • لليوم التاسع.. قوات الاحتلال تواصل إغلاق المسجد الأقصى
  • العدو الصهيوني يعيد اغلاق الأقصى ويواصل حصار البلدة القديمة
  • قوات الاحتلال تقتحم مسجد الأقصى وتعتقل حراسًا
  • تصعيد خطير - الاحتلال يُعيد إغلاق المسجد الأقصى ويعتقل 4 من حرّاسه