نشرت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، تقريرًا، يسلّط الضوء على قضية خلافة الرئيس الصيني، شي جين بينغ، مؤكدة أنه: "في غياب أي مؤشرات حول هويّة الرئيس المقبل، تتفاقم التساؤلات داخليا وخارجيا بشأن استقرار النظام السياسي في الصين من بعده".

وقالت الصحيفة في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إنّ: "أقوى زعيم صيني منذ ماو تسي تونغ، لا يواجه أي تحدٍ مباشر لسلطته بعد أكثر من عقد من إقصاء المنافسين والتفرد بالحكم، في ظل إشارات إلى نيته بالبقاء في الرئاسة إلى أجل غير مسمى".



واعتبرت الصحيفة أنه: "مع بلوغ شي جين بينغ (71 عاما) منتصف ولايته الثالثة التي تمتد لخمس سنوات، أصبحت مسألة خلافة الرجل الذي يقود الحزب الشيوعي الحاكم منذ أواخر سنة 2012 أكثر إلحاحًا، سواء داخل الصين أو خارجها".

توازن دقيق
أشارت  الصحيفة إلى أن: "شي يهيمن على الحزب الحاكم بشكل مطلق ويهمش أي منافس محتمل، لكنه يحتاج رغم ذلك إلى إدارة توازن دقيق في أعلى هرم السلطة للحفاظ على استقرار نظامه، ويتضمن هذا التوازن ضرورة تنظيم مسألة خلافته، وهو أمر قد يهدد حكمه".

ويرى الخبير في الشأن الصيني، جوزيف توريغيان، أنّ: "الخلافة مسألة محورية ومعضلة تثير هواجس كل رؤساء الصين، حيث يتعلق الأمر بسلامتهم الشخصية وإرثهم السياسي، مضيفا أن هذه المسألة هي المعضلة المركزية للحزب الشيوعي منذ إعلان ماو تسي تونغ تأسيس جمهورية الصين الشعبية".

إلى ذلك، في غياب أي إشارات علنية حول هوية الرئيس المقبل، توضح الصحيفة أنّ: "المحللين يعملون على مراقبة بعض المعطيات الأخرى، ويتضمن ذلك دراسة ديناميكيات السلطة داخل القيادة العليا للحزب (هي لجنة مكونة من سبعة أعضاء)، ومراقبة تاريخ شي في منح الترقيات، وتحليل الصور ومقاطع الفيديو والخطابات ووثائق الحزب لمعرفة أبرز المقربين من الرئيس".

وتشير هذه التحليلات إلى القادة المستقبليين المحتملين من بين الكوادر التي ساهمت في تحقيق أهداف شي الاستراتيجية، بالإضافة إلى مجموعة أخرى من الشخصيات في الخمسينات وأوائل الستينات من العمر.

ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي صيني، قوله إنّ: "الخطاب الرسمي للحزب يشير إلى أن شي يخطّط للبقاء إلى أجل غير مسمى، وأنه يهيئ الأمة لأوقات عصيبة". فيما أبرزت الصحيفة أن: "الهاجس الأكبر هو أنه تأجيل البت في مسألة الخلافة قد يؤدي إلى دخول الحزب والبلاد في حلقة من الفوضى السياسية".


القضاء على المنافسين
وأوضحت الصحيفة أنّ: "إحدى السمات المميزة لعهد شي هي القضاء التام على خصومه السياسيين، من خلال حملة لمكافحة الفساد داخل الحزب الحاكم تُعرف بحملة إسقاط "النمور والذباب"، والتي استمرت لسنوات".

وتابعت: "قد منحه ذلك غطاءً مثاليًا للتخلص من المنافسين والقضاء على أي معارضة وفرصة للوصول إلى أعلى هرم السلطة. كما قام شي باستغلال مركزية السلطة مستخدمًا نظام التعيينات في الحزب لفرض شروط سن التقاعد وحدود مدة الولاية وفق ما يناسبه".

وذكرت الصحيفة أنه: "لا يوجد الآن بين أعضاء اللجنة الدائمة الحاليين من يعتبر منافسًا جديًا للرئيس شي، خاصة أن معظم القيادات العليا الحالية ستضطر للتنحي في سنة 2027 بحكم السن".

وأضافت أنّ: "شي قد ابتعد أيضًا عمّا يسمى بالقيادة الثنائية التي تم تطبيقها في حقبة ما بعد الرئيس دينغ، حيث كان الرئيس يتقاسم السلطة مع رئيس وزراء قوي".

ويرى دبلوماسيون ومراقبون أنه إذا تعرّض شي لحالة صحية طارئة أو أُجبر على الانسحاب فجأة، فإن قيود الحزب الرسمية المتعلقة بالخلافة ستكون على المحك في خضم الصراع الحتمي على السلطة، وضمن هذا السيناريو، سيكون الأعضاء الحاليون في اللجنة الدائمة للحزب الحاكم أكثر تأثيرًا في تقرير الخلافة.

ويوضح الخبير بمعهد شرق آسيا في جامعة سنغافورة الوطنية، فرانك بيكي، أنّ: "هذا قد يؤدي إلى  سيناريو شبيه بما حدث في الاتحاد السوفييتي بعد وفاة ستالين".


شخصية محورية
نقلت الصحيفة عن محللين قولهم إنّ: "أحد الشخصيات الرئيسية في تحديد هوية الرئيس القادم هو تساي تشي، ويبلغ الرجل من العمر 69 عاما، ويُعتبر أحد أقرب حلفاء شي، وهو مدير المكتب العام للجنة المركزية". وحسب وسائل الإعلام الحكومية، فإن تساي تشي يسافر بشكل مستمر مع شي ويحضر اجتماعاته.

ويشير المتخصص في السياسة الصينية بجمعية آسيا، وهي مركز أبحاث أمريكي، نيل توماس، إلى أنّ: "تعيين زعيم جديد للحزب وفقًا للقواعد الداخلية يتطلب الحصول على دعم أغلبية أعضاء اللجنة المركزية البالغ عددهم 376 عضوًا، بما في ذلك أكثر من نصف أعضاء المكتب السياسي البالغ عددهم 24 عضوًا".

ويضيف توماس أنه: "يمكن لتساي في مثل هذه الظروف أن يدفع بـ"تفسير فضفاض" للمادة 23 من ميثاق الحزب التي تسمح للأمانة المركزية بالدعوة إلى اجتماع المكتب السياسي لاختيار زعيم جديد".

دور الجيش
كذلك، نقلت الصحيفة عن دبلوماسيون وخبراء آخرين أنه: "إذا أُجبر شي على التنحي بشكل غير متوقع، فإن جيش التحرير الشعبي سيصبح له دور محوري".

ويوضح توماس أنّ: "الحزب هو من يمسك بزمام الأمور، لكن أي خليفة سيحتاج لأن يحظى بقبول قيادة جيش التحرير الشعبي الصيني"، مضيفا أنه "إذا حدثت أزمة خلافة، فقد يرمي تشانغ يوشيا، نائب شي في اللجنة العسكرية المركزية، بثقله خلف أحد الموالين لشي لتخفيف حدة التوتر السياسي على الجيش".

وكان والدا تشانغ وشي رفيقين وقائدين ثوريين خلال الحرب الأهلية الصينية، مما يجعل من تشانغ البالغ من العمر 74 عاما شخصًا موثوقًا به بعد سنوات من تصفية المنافسين المحتملين من كبار المسؤولين في الجيش.

قيادات صاعدة
أشارت الصحيفة إلى أنّ: "الباحثين والدبلوماسيين الذين يحاولون التنبؤ بالزعيم القادم للصين يسلطون الضوء أيضا على جيل أصغر من مسؤولي الحزب، ومعظمهم في الخمسينات أو أوائل الستينات من العمر".

ومن بين المرشحين في هذه الفئة رئيس الحزب في بكين يين لي (62 عاما)، وتشن ون تشينغ (65 عاما) وهو ضابط مخابرات سابق يشرف الآن على النظام القانوني في الصين.

ويُعدّ يين وتشن من المسؤولين الذين عملوا مع شي لسنوات، كما أنهما يظهران بانتظام في وسائل الإعلام الحكومية، ويُسمح لهما بلقاء المسؤولين الأجانب في الصين وخارجها، وهي علامات جديرة بالملاحظة بالنسبة للخبراء الذين يقيّمون الشخصيات التي قد يقوم شي بترقيتها في المستقبل.


وأضافت الصحيفة أنّ: "المراقبين لسياسات الحزب يركزون على الكوادر الصاعدة التي تعكس مسيرتها المهنية أولويات سياسة شي المتمثلة في ضمان استقلال الصين تكنولوجيا وتعزيز قوتها العسكرية في مواجهة الغرب، وكذلك إدارة الديون الحكومية".

يقول وو غوغوانغ، الذي عمل مستشارًا لرئيس الوزراء الصيني السابق تشاو زيانغ، ويعمل الآن باحثا في جمعية آسيا، إنّ: "شي لديه سجل حافل بتعيين رجال ذوي خبرة في التكنولوجيا والتمويل والدفاع في مناصب قيادية".

ومن بين هؤلاء نائب حاكم مقاطعة آنهوي تشانغ هونغ وين، وتشين جينينغ رئيس الحزب في شنغهاي، وعمدة بكين يين يونغ. فيما يوضّح وو أنهّ: "عند النظر إلى سيناريو الخلافة على المدى المتوسط، فإن شخصيات مثل تشانغ ستكون لها أهمية بالغة".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية الصيني شي جين بينغ رؤساء الصين الصين شي جين بينغ رؤساء الصين صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الصحیفة أن فی الصین من العمر إلى أن

إقرأ أيضاً:

عاجل. المقاومة يجب أن تتصاعد.. جورج عبد الله حراً في بيروت بعد 40 عاماً في السجون الفرنسية

وصل السجين اللبناني في فرنسا جورج عبد الله إلى بيروت بعد ما يزيد عن 40 عاماً قضاها في السجون الفرنسية لاتهامه بالمسؤولية اغتيال دبلوماسي أمريكي وآخر إسرائيلي عام 1982. اعلان

وصلت الطائرة التي حملت عبد الله، 74 عاماً، من فرنسا إلى مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت قرابة الساعة 2:30 ظهراً بالتوقيت المحلي (11:30 بتوقيت غرينتش)، واستقبلته عائلته وعدد من السياسيين اللبنانيين في صالون الشرف في المطار من بينهم رئيس الحزب الشيوعي اللبناني حنا غريب وممثلين عن حزب الله.

أولى كلمات عبد الله: فلسطين

فور دخوله قاعة الاستقبال في المطار، تحدث عبد الله إلى عدد من وسائل الإعلام المحلية، وقال إن "المناضل داخل الأسر يصمد بقدر قدرة رفاقه في الخارج على المواجهة"، مؤكداً أنه "لا توجد عدالة معلّقة في السماء بل موازين قوى بفضل حركات التضامن".

وأكد أن "المقاومة في فلسطين يجب أن تتحرّك وهناك ملايين العرب الذين يتفرجون بينما أطفال فلسطين يموتون من الجوع"، معتبراً أن "هذا معيب في حق الجماهير"، داعياً المصريين إلى "التحرك".

وحيّا عبد الله الناشطة السويدية غريتا ثونبرغ التي تحركت نحو غزة ضمن أسطول الحرية وقامت إسرائيل بترحيلها مع الناشطين الذين كانوا برفقتها.

واعتبر أن "المقاومة في لبنان ليست ضعيفة"، ودعا للالتفاف حولها أكثر من أي وقت مضى بسبب "الهياكل العظمية للأطفال". وأضاف أن تحرّك مليون شخص باتجاه حدود غزة كفيل لوقف "حرب الإبادة"، كما وصفها.

توجّه عبد الله لاحقاً إلى طريق مطار بيروت حيث أقيم له استقبال شعبي رفع فيه المشاركون الأعلام اللبنانية والفلسطينية وأعلام حزب الله.

ومن المقّرر أن يتوجّه الناشط لاحقا إلى مسقط رأسه في القبيات في شمال لبنان حيث سينظّم له استقبال شعبي ورسمي تتخلّله كلمة له أو لأحد أفراد عائلته.

الخروج من فرنسا

أفرجت فرنسا صباح الجمعة عن عبدالله الذي أدين بالتواطؤ في اغتيال دبلوماسيَين أميركي وإسرائيلي في ثمانينات القرن الماضي، بعدما أمضى 40 عاما في السجون، واستقل طائرة متجهة إلى بيروت.

انطلق موكب من ست مركبات من بينها حافلتان صغيرتان من سجن لانميزان في مقاطعة أوت-بيرينه بجنوب غرب فرنسا. وأقلعت الطائرة التي تقله بعيد الساعة 09:30 بالتوقيت المحلي لفرنسا (الساعة 07:30 بتوقيت غرينتش) من مطار رواسي الباريسي.

وأصدرت محكمة الاستئناف في باريس الأسبوع الماضي قرارها بالإفراج عن الناشط اللبناني "في 25 يوليو/ تموز" شرط أن يغادر فرنسا وألا يعود إليها.

Related بعد أربعة عقود في السجن... محكمة باريس تحسم مصير جورج عبد الله في 17 تموزمحكمة الاستئناف في باريس ترجئ البت في قرار الإفراج عن جورج عبد الله إلى يونيوأمضى أربعة عقود خلف القضبان.. من هو جورج عبد الله ولماذا تُعد قضيته استثنائية؟

حياة عبد الله قبل الأسر

أصيب جورج عبدالله أثناء الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان في العام 1978، وانضم إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الحركة اليسارية التي كان يتزعمها جورج حبش.

بعدها، أسس مع أفراد من عائلته الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية، وهي تنظيم ماركسي مناهض للإمبريالية تبنى خمسة هجمات في أوروبا بين العامين 1981 و1982 في إطار نشاطه المؤيد للقضية الفلسطينية. وأوقعت أربعة من هذه الهجمات قتلى في فرنسا.

اعتُبر عبدالله لفترة طويلة مسؤولا عن موجة اعتداءات شهدتها باريس بين العامين 1985 و1986 وأوقعت 13 قتيلا ناشرة الخوف في العاصمة الفرنسية.

حُكم عليه في العام 1986 في ليون بالسجن أربع سنوات بتهمة التآمر الإجرامي وحيازة أسلحة ومتفجرات، وحوكم في العام التالي أمام محكمة الجنايات الخاصة في باريس بتهمة التواطؤ في اغتيال الدبلوماسيين الأمريكي تشارلز راي والإسرائيلي ياكوف بارسيمينتوف عام 1982، ومحاولة اغتيال ثالث عام 1984.

وبعد شهرين من الحكم على عبد الله بالسجن مدى الحياة، تم التعرف على المسؤولين الحقيقيين عن هذه الاعتداءات وهم على ارتباط بإيران، بسحب وسائل إعلام فرنسية.

ولم يُقرّ عبد الله بضلوعه في عمليتي الاغتيال اللتين صنفهما في خانة أعمال "المقاومة" ضد "الاضطهاد الإسرائيلي والأمريكي" في سياق الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990) والغزو الإسرائيلي لجنوب لبنان عام 1978.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

مقالات مشابهة

  • ماذا فعلت الأصابع الخفية في السودان؟
  • فاينانشال تايمز: أردوغان سيطر على المشهد.. وواشنطن لم تعد قادرة على التحرك بدون تركيا
  • انهيار اقتصادي وشيك في اليمن وعجز مزمن وراء زيارة الرئيس العليمي للرياض
  • الخروقات تتصاعد .. 3 شهداء بغارات إسرائيلية على جنوبي لبنان والاحتلال يتحدث عن اغتيال قيادي بـ”حزب الله”
  • الوسط السياسي اهتز لوفاته.. كيف نعى الرئيس اللبناني ورئيس الحكومة والنواب زياد الرحباني؟
  • الرسائل الواضحة والمهمة التي بعث بها الأستاذ أحمد هارون
  • الرئيس الفلسطيني يشكر المملكة على جهودها التي أسهمت في الالتزام الفرنسي التاريخي بالاعتراف بدولة فلسطين
  • عاجل. المقاومة يجب أن تتصاعد.. جورج عبد الله حراً في بيروت بعد 40 عاماً في السجون الفرنسية
  • فاينانشال تايمز: ستارمر هو العقبة أمام اعتراف بريطانيا بـ فلسطين
  • ‌‏فاينانشال تايمز: أوروبا ستمنح إيران مهلة جديدة بشأن البرنامج النووي