الاقتصاد نيوز - متابعة

السرد الشائع بين صنّاع السياسة النقدية في الفدرالي الأميركي هذه الأيام هو أن السياسة "مهيأة جيداً" للتكيف مع أي مخاطر صعودية أو هبوطية قد تطرأ. ومع ذلك، قد يكون من الأدق القول أن السياسة عالقة في مكانها داخل مربع الحياد.

مع وجود العديد من العوامل المجهولة التي تؤثر في الاقتصاد  داخل أروقة واشنطن، فإن الوضع الوحيد الذي يمكن أن يكون فيه البنك المركزي هذه الأيام هو الحياد، "حيث يبدأ فيما قد يكون انتظاراً طويلاً للوصول إلى اليقين بشأن ما ينتظرنا بالفعل".

قال رئيس الفدرالي الأميركي في أتلانتا، رافائيل بوستيك، في منشور مدونة: "في الأسابيع الأخيرة، سمعنا ليس فقط الحماس، خصوصاً من جانب البنوك، حول التحولات المحتملة في السياسات الضريبية والتنظيمية، بل أيضاً القلق الواسع بشأن سياسات التجارة والهجرة المستقبلية. هذه التيارات المتضادة تضيف مزيداً من التعقيد في صنع السياسات."

فإن الأداة الوحيدة التي يمكن للبنك المركزي أن يكون عليها حقاً في هذه الأيام هي الحياد حيث يبدأ ما يمكن أن يكون انتظاراً طويلاً لليقين بشأن ما هو قادم بالفعل.

وقال رئيس الفدرالي في أتلانتا، رافائيل بوستيك، في تدوينة: "في الأسابيع الأخيرة، سمعنا ليس فقط الحماس، خاصة من البنوك، بشأن التحولات المحتملة في السياسات الضريبية والتنظيمية، ولكن أيضاً مخاوف واسعة النطاق بشأن سياسة التجارة والهجرة المستقبلية".

وتابع  "هذه التيارات المتقاطعة تضخ المزيد من التعقيد في عملية صنع السياسات".

جاءت تعليقات بوستيك خلال نشاط لما يُعرف في وول ستريت بـ "لغة الاحتياطي الفيدرالي" أو الحديث الذي يحدث بين اجتماعات السياسة من رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، ومحافظي البنك المركزي، ورؤساء الفروع الإقليمية.

وقد وصف المسؤولون الذين تحدثوا بشكل متكرر السياسة بأنها "مهيأة جيداً"، وهي لغة أصبحت الآن سمة رئيسية في التصريحات التي تصدر بعد الاجتماعات. لكنهم يعبرون بشكل متزايد عن الحذر بشأن التقلبات الناتجة عن أجندة الرئيس دونالد ترامب التجارية والاقتصادية العدوانية، بالإضافة إلى عوامل أخرى قد تؤثر في السياسة.

"عدم اليقين" هو سمة متزايدة بشكل شائع. في الواقع، عنون بوستيك منشوره بـ "عدم اليقين يتطلب الحذر والتواضع في صنع السياسات".

يوم الأربعاء الماضي، أصدرت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، التي تحدد أسعار الفائدة، محضر اجتماعها في الفترة من 28 إلى 29 يناير، مع الإشارة إلى "عدم اليقين المرتفع" في الوثيقة.

وقد أشار المحضر تحديداً إلى "عدم اليقين المرتفع بشأن نطاق وتوقيت وآثار التغييرات المحتملة في السياسات التجارية والهجرة والمالية والتنظيمية".

يؤثر عامل عدم اليقين في اتخاذ قرارات الفدرالي الأميركي بطريقتين: التأثير الذي يحدثه على صورة التوظيف، التي كانت مستقرة نسبياً، والتضخم، الذي بدأ في التراجع ولكنه قد يرتفع مجدداً مع شعور المستهلكين وقادة الأعمال بالقلق بشأن تأثير الرسوم الجمركية على الأسعار.

الهدف المفقود

يستهدف الفدرالي الأميركي التضخم عند 2%، وهو هدف ظل بعيد المنال لما يقارب الأربع سنوات.

من جانبه، قال رئيس  الفدرالي في سانت لويس، ألبرتو موسالم، للصحفيين يوم الخميس: "في الوقت الحالي، أرى أن مخاطر بقاء التضخم فوق الهدف تميل إلى الاتجاه الصعودي."

وأضاف: "سيناريو الأساس الذي أراه هو أن التضخم يستمر في الاقتراب من 2%، بشرط أن تظل السياسة النقدية محدودة إلى حد ما، وهذا سيستغرق وقتاً. أعتقد أن هناك احتمالًا لبقاء التضخم مرتفعاً وتباطؤ النشاط... هذا سيناريو بديل، وليس سيناريو أساسي، لكنني أركز عليه".

العنصر المهم في تعليق موسالم هو أن السياسة تظل "محدودة إلى حد ما"، وهو ما يعتبره المستوى الحالي لمعدل الفائدة الفيدرالي بين 4.25%-4.5%.

كان بوستيك أقل وضوحاً بشأن شعوره بالحاجة إلى الحفاظ على معدلات الفائدة ثابتة، لكنه شدد على أن "هذه ليست وقتاً للرضا" وأشار إلى أن "التهديدات الإضافية لاستقرار الأسعار قد تظهر".

معدلات الفائدة

رئيس الفدرالي في شيكاغو، أوستان غولسبي، الذي يُعتقد أنه من بين أقل الأعضاء تشدداً في اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة عندما يتعلق الأمر بالتضخم، كان أكثر توازناً في تقييمه للتعريفات الجمركية ولم يقدم تعليقات في ظهوراته المنفصلة، بما في ذلك أحدها على قناة CNBC، حول المكان الذي يعتقد أن معدلات الفائدة يجب أن تتحرك إليه.

وقال غولسبي: "إذا كنت تفكر فقط في الرسوم الجمركية، فهذا يعتمد على عدد البلدان التي سيتم تطبيقها عليها، ومدى حجمها، وكلما كانت تبدو صدمة بحجم كوفيد، كلما كان عليك أن تكون أكثر قلقاً".


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام

المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز

كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار الفدرالی الأمیرکی عدم الیقین

إقرأ أيضاً:

صداع اقتصادي مؤلم.. هل يُخضع ترامب المركزي الأميركي لسياساته؟

بعد استقالة الحاكمة في مجلس الاحتياطي الفدرالي أدريانا كوغلر، بات الرئيس الأميركي دونالد ترامب يملك فرصة ذهبية لتعزيز نفوذه داخل المجلس، وضمّ شخصيات موالية له إلى واحدة من أهم المؤسسات الاقتصادية في العالم.

هذا التحول، الذي وصفه تقرير إنفستنغ دوت كوم بأنه "دفعة قوية لمساعي ترامب للسيطرة"، يثير مخاوف جدية بين خبراء الاقتصاد بشأن استقلالية السياسة النقدية في أميركا، واستقرار الاقتصاد العالمي بأسره.

إن خضع الفدرالي.. النمو الآن والكلفة لاحقا

وبحسب تقرير صادر عن مؤسسة "إم آر بي بارتنرز"، فإن فقدان البنك الفدرالي لاستقلاليته وتحويل السياسة النقدية إلى أداة لتحقيق نمو اقتصادي قصير الأمد قد يؤدي إلى "تصاعد خطير في اختلالات الدين على المدى الطويل"، كما أنه "يزيد من هشاشة الاقتصاد والنظام المالي الأميركي، ما لم تُجهض هذه السياسات من خلال ثورة حقيقية في سوق السندات".

ويحذر التقرير من أن هذا السيناريو سيؤدي إلى "امتداد خطير لدورة الديون الأميركية"، وهي دورة طويلة الأمد بدأت تتسارع بفعل خفض معدلات الفائدة وتوسيع الإنفاق الحكومي.

وفي ظل هذا التوجه، يتوقع أن يتحول التمويل الحكومي إلى السندات قصيرة الأجل (T-Bills) لتقليل كلفة الفائدة. لكن هذا التغيير سيجعل الدين الأميركي أكثر حساسية للتقلبات، خصوصا أن "سوق السندات الطويلة الأجل سيفقد جزءا كبيرا من سيولته"، بحسب ما أشار إليه تقرير "إم آر بي بارتنرز".

استقالة الحاكمة أدريانا كوغلر منحت ترامب فرصة لترشيح شخصية موالية داخل الفدرالي (الفرنسية)فقاعة الأسعار

القطاع الخاص لن يكون بمنأى عن التأثيرات، فانخفاض معدلات الفائدة قصيرة الأجل سيدفع الشركات لتفضيل القروض ذات الفوائد المتغيرة، مما يعيد إلى الواجهة منتجات تمويلية مثل الرهون العقارية ذات السعر المتغير.

وقد يؤدي ذلك إلى تحفيز مؤقت في سوق الإسكان الأميركي، لكنه سيعيد أيضا إنتاج "فقاعة الأسعار" نفسها التي ساهمت في أزمات مالية سابقة.

إعلان

ويحذر التقرير من أن هذا التوجه "سيحسن القدرة على تحمل تكاليف السكن، لكنه في الوقت نفسه سيؤدي إلى ارتفاعات جديدة في أسعار المنازل، ويضع النظام المالي أمام مخاطر إضافية". فحتى إن كان نية المشترين إعادة التمويل لاحقا، "فقد لا يأتي ذلك اليوم أبدا"، بحسب التقرير.

كل شيء يرتبط بسعر الفائدة القصير

وبحسب خبراء، فإن المفارقة أن خضوع الفدرالي للسلطة التنفيذية سيجعل تأثيره اليومي على الاقتصاد أكبر، لا أقل. فحين ترتبط الأسر والشركات بالقروض القصيرة الأجل، فإن أي رفع لسعر الفائدة سيكون له تأثير مضاعف، وسيجعل الاقتصاد أكثر حساسية لأي تشدد في السياسة النقدية.

وتحذر "إم آر بي بارتنرز" من أن "الاقتصاد الأميركي سيعتمد بمرور الوقت على بقاء معدلات الفائدة قصيرة الأجل عند مستويات متدنية، مما سيجعل الفدرالي أكثر ترددا في رفع الفائدة، حتى لو أصبحت معدلات التضخم مقلقة".

المصير الأشد.. فقدان الثقة في الدولار

السيناريو الأسوأ، بحسب التقرير، يتمثل في احتمال فقدان الأسواق ثقتها بقدرة أو استعداد الحكومة الأميركية على سداد ديونها. حينها، قد ترفض الأسواق حتى شراء سندات الخزانة القصيرة الأجل، مما يدفع الفدرالي إلى التدخل كـ"مشتر أخير" وشراء الدين الحكومي مباشرة. وهنا، وفق تحذير المؤسسة: "لن تبقى هذه سياسة نقدية، بل مسارا سريعا لفقدان الدولار مكانته كعملة احتياط عالمية".

فقدان الثقة بقدرة أميركا على سداد ديونها قد يدفع الفدرالي إلى شراء الدين بشكل مباشر (شترستوك)

ويضيف التقرير: "في هذه الحالة القصوى، سيقوم الفدرالي بتمويل الدين الحكومي بشكل مباشر، مما سينهي عمليا مكانة الدولار كعملة احتياط عالمية".

ورغم أن هذه السيناريوهات لا تزال تُعتبر غير مرجحة على المدى القريب، فإن "إم آر بي بارتنرز" تنبّه إلى أن أي شخص ينظر بعين استثمارية على مدى عدة سنوات لا يمكنه تجاهل هذه المخاطر.

واختتم التقرير بعبارة لافتة: "قد يبدو هذا المسار الاحتفالي مثمرا على المدى القصير، لكنه سيقود إلى صداع اقتصادي مؤلم، وربما إلى جرعة زائدة لا تُحتمل".

في الوقت الذي يواصل فيه ترامب حملته لتطويع الفدرالي وتخفيض الفائدة بسرعة، تبدو الأسواق المالية متأرجحة بين احتمالات الانتعاش المؤقت، واحتمالات فقدان الثقة بمؤسسات كانت في الماضي رمزا للصلابة والاستقلال.

مقالات مشابهة

  • صداع اقتصادي مؤلم.. هل يُخضع ترامب المركزي الأميركي لسياساته؟
  • ترامب يراهن على سمعته كصانع صفقات بأخطاء سياسات التعريفات الجمركية
  • قرار مفاجئ من ترامب يهز سوق النحاس الأميركي
  • عبد المنعم سعيد: ترامب أحدث تغييرا جذريا في شكل السياسة الأمريكية
  • مبعوث الرئيس الأميركي يزور قطاع غزة
  • السياسات الأمريكية والعبث بالنظام الاقتصادي العالمي
  • بعد تثبيت الفائدة.. ترامب يصف رئيس الاحتياطي الفدرالي بـ"الغبي"
  • ترامب يصف رئيس الاحتياطي الفدرالي بـالغبي لعدم خفضه معدلات الفائدة
  • تجدد حالة عدم اليقين التجاري ترفع الذهب من أدنى مستوى في شهر
  • استقرار أسعار النفط وسط تهديدات ترامب وزيادة مفاجئة في المخزون الأميركي