قراءة إسرائيلية في فرص نجاح وفشل خطة ترامب للتهجير
تاريخ النشر: 27th, February 2025 GMT
ما زالت القراءات الاسرائيلية متواصلة لخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، باعتبارها تشكل نقطة تحول تاريخية، فلأول مرة، تتخلى الولايات المتحدة عن حل الدولتين، وتسعى لفرض حل على مختلف الأطراف، الأمر الذي من شأنه تغيير قواعد اللعبة في المنطقة، حتى لو لم تتحقق الخطة.
البروفيسور إفرايم عنبار، رئيس قسم الاستراتيجية والدبلوماسية والأمن القومي بكلية شاليم، والجنرال يوسي كوبرفاسر، الرئيس السابق لقسم الأبحاث بجهاز الاستخبارات العسكرية، أكدا أن "اقتراح ترامب يثير خيال الإسرائيليين، رغم معارضته الشديدة من الدول العربية والقيادة الفلسطينية بكل مكوناتها، لأنه يشير للثمن الذي يجب عليهم أن يدفعوه، حتى لو لم يكن أمامهم خيار آخر، في ظل الواقع الصعب على الأرض، بعد تحول أجزاء كبيرة من غزة إلى أنقاض، ومن الواضح أن إعادة إعمار القطاع لن تكون ممكنة في ظل القيادة الحالية".
وزعما في مقال نشرته القناة 12, وترجمته "عربي21" أن "المقترح الأمريكي يتعلق بقضية اللاجئين، التي تشكل عنصرا مركزيا في أيديولوجية الحركة الوطنية الفلسطينية، وهو اقتراح غير عادي إلى الحد الذي يتطلب تنفيذه تغييرات جوهرية ونموذجية بين الأطراف، ويصعب تصور حدوثها في الأمد القريب، رغم ادعاءات ترامب بأن بعضها يحدث بالفعل، وأن الضغوط الاقتصادية ستؤدي لتنفيذ التغييرات المتبقية".
ورصدا جملة من التحديات التي تواجه المقترح الأمريكي، "أولها إبعاد حماس عن السلطة الفعلية في غزة، واستبدالها بطرف على استعداد لتمكين تنفيذ مبادرة ترامب، وثانيها إذا افترضنا عدم وجود نية لإخلاء الفلسطينيين بالقوة، فسيكون من الضروري إقناعهم كلهم بالتخلي عن التشبث بالأرض، والصمود فيها، وهو أحد المبادئ المهمة في الروح الفلسطينية، والذهاب للمنفى لتحسين نوعية حياتهم، وثالثها ضمان تعاون الدول العربية وغيرها باستيعاب بعض الخارجين من غزة، وتمويل المشروع بأكمله، ومثل هذه الخطوة تتعارض مع مصالحها، وتنطوي على تعريضها، خاصة الأردن ومصر، لانتقادات شديدة في الداخل".
وأوضحا أن "ترامب سينضم للجهود الرامية لإحداث التغييرات المرجوة في الأسابيع المقبلة، كجزء من محاولته تشكيل بنية إقليمية لتوسيع اتفاقيات التطبيع، مع تشكيك بأن يكون هذا كافيا لإقناع شعوب المنطقة بتغيير تصوراتهم الأساسية، مع أن اقتراحه له أهمية كبيرة، شكلا ومضمونا، لأنه يضع على الطاولة للمرة الأولى خطة عمل عملية تكسر ظاهريا أعراف التفكير التي منعت تحقيق اختراق، وضمنت استمرار المقاومة من غزة، وتوضح أنه بعد هجوم حماس في السابع من أكتوبر، فإن التفكير في القضية الفلسطينية يجب أن يتغير".
وأشارا إلى أن "اقتراح ترامب يعلن لأول مرة عن اعتراف بأن حل الدولتين ليس الحل الوحيد الممكن للصراع، وفي الجمع بين أفكاره والخطوات المتخذة ضد الأونروا، يظهر الاقتراح أن قواعد اللعبة تغيرت على حساب الفلسطينيين بطريقة تضعف منطق نضالهم ضد الصهيونية حتى نهايتها، وحتى لو فشل بتأمين الظروف لتنفيذ خطته، فإن عرضها سيلزم الفلسطينيين والدول العربية بتقديم طرق عملية للتعامل مع الواقع الصعب في غزة، تكون مقبولة للاحتلال والولايات المتحدة".
وطالب الكاتبان "ألا تسارع دولة الاحتلال رسميا للتعليق على خطة ترامب التي لم تُعرض بعد، وتمتنع عن قيادة التحركات العامة للترويج لها، لأن فرصة نجاحها الرئيسية تنبع من حقيقة أنها اقتراح أمريكي، وليس إسرائيلي، ومن شأن التعبئة الإسرائيلية أن تُصعب تنفيذ صفقة التبادل، وزيادة التوترات مع الدول العربية "البراغماتية"، خاصة مصر والأردن، صحيح أن الاحتلال يتمنى لترامب النجاح بمحاولاته لإقناع الدول العربية المهمة بالمساعدة بتنفيذ الخطة، دون تجاهل العقبات التي تعترض طريق تنفيذها".
وأوضحا أن "خطة ترامب تقوم على إزالة حماس من المعادلة، ويرجح أنه لا توجد فرصة كبيرة لحدوث هذا السيناريو دون عملية لجيش الاحتلال، أو دون التهديد بها، لكن الأميركيين الذين لا يبدون حماسا لإرسال قواتهم للقطاع، يقدرون مساهمة الاحتلال بإمكانية تنفيذ خطتهم، كما تريد الدول العربية "المعتدلة" أن ترى حماس خارج مشهد الحكم في غزة، بما من شأنه أن يوفر لواشنطن نفوذا إضافيا عليها".
وختما بالقول إن "دبلوماسية الاحتلال مطالبة باستخدام خطة ترامب لتقويض التفكير التقليدي في العديد من العواصم حول طبيعة الصراع، وسبل إدارته، وتمنع تنفيذ فكرة نقل الغزيين لغرب أريحا بسبب قربها من القدس والطريق المؤدي لغور الأردن، وهو الحزام الأمني للاحتلال في الشرق، كما أن إضافة المزيد من الفلسطينيين للضفة الغربية سيفرض ضغوطا ديمغرافية إضافية على دولة الاحتلال، وهي خطوة غير مرغوب فيها".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية ترامب غزة القضية الفلسطينية الاحتلال غزة الاحتلال القضية الفلسطينية ترامب صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الدول العربیة خطة ترامب
إقرأ أيضاً:
تحوّلات الموقف الآسيوي من القضية الفلسطينية بعد طوفان الأقصى.. ورقة علمية
أصدر مركز الزيتونة ورقة علمية بعنون: "رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) وطوفان الأقصى"، وهي من إعداد الأستاذ الدكتور وليد عبد الحي، خبير الدراسات المستقبلية. وتستعرض الورقة موقف دول رابطة آسيان من الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، خصوصًا في ظل طوفان الأقصى، وتُبيّن الأبعاد السياسية والدبلوماسية والديموغرافية والاقتصادية لهذا الموقف.
وعرضت الورقة الواقع السياسي للدول الأعضاء في آسيان، حيث أشارت إلى تباين في مدى استقرارها السياسي، ما يُؤثر على قدرة الدولة على اتخاذ مواقف حاسمة تجاه القضية الفلسطينية.
أما على صعيد الموقف الرسمي من "طوفان الأقصى" فقسّم الباحث دول آسيان إلى ثلاث مجموعات بحسب موقفها من الصراع، الأولى تضم الدول القريبة من الموقف الإسرائيلي، حيث أنها تعترف بدولة الاحتلال، وتدعم "حقها إسرائيل في الدفاع عن النَّفس". أما المجموعة الثانية، فهي تضمّ الدول المناصرة للموقف الفلسطيني حيث أنها غير معترفة بدولة الاحتلال، وتنتقد عدوانها على قطاع غزة. وتضم المجموعة الثالثة الدول البراجماتية التي تحاول الموازنة بين مصالحها ومواقفها السياسية من دولة الاحتلال.
وأشارت الورقة إلى الدور الذي تلعبه العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية بين آسيان و"إسرائيل"، حيث أن بعض الدول التي كانت تدعم فلسطين تاريخيًا بدأت تُظهر انفتاحًا في العلاقات مع إسرائيل، بسبب المصالح الاقتصادية أو الاستراتيجية. وضرب الباحث مثالاً في علاقات فيتنام مع "إسرائيل" والتي شهدت تطوراً قوياً على مدى ثلاثة عقود، لا سيّما في مجاليْ التجارة والتكنولوجيا، إذ نمت التجارة الثنائية بينهما من عشرات الملايين من الدولارات الأمريكية إلى عدة مليارات دولار أمريكي في الوقت الحاضر، ورأى الباحث في توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين "إسرائيل" وفيتنام سنة 2023 مؤشراً على النزوع البراجماتي للحزب الشيوعي الفيتنامي.
دول آسيان صوتت بأغلبها لصالح قرارات في الجمعية العامة التي تدعو لوقف إطلاق النار، ودعم الأونروا، وإنهاء العدوان. ولفتت الورقة الانتباه إلى التطور التدريجي الذي شهدته مواقف دول أسيان، من التردد أو الامتناع إلى التأييد في غالب القرارات الأخيرة.أما على صعيد التصويت في الأمم المتحدة ودعم قرارات وقف الحرب، فقد أشارت الورقة إلى أن دول آسيان صوتت بأغلبها لصالح قرارات في الجمعية العامة التي تدعو لوقف إطلاق النار، ودعم الأونروا، وإنهاء العدوان. ولفتت الورقة الانتباه إلى التطور التدريجي الذي شهدته مواقف دول أسيان، من التردد أو الامتناع إلى التأييد في غالب القرارات الأخيرة.
وأشارت الورقة أنّ استطلاعات الرأي لدول الآسيان أظهرت أنّ 36.7% من الرأي العام للدول العشر في سنة 2025 يرون أنّ الصراع في الشرق الأوسط بعد طوفان الأقصى أكثر أولوية وأهمية من الصراع في مناطق أخرى، مثل بحر الصين الجنوبي أو أوكرانيا، لكن ذلك الموقف بدأ بالتراجع لاحقاً، خصوصاً في الدول ذات الأقلية المسلمة، وأنّ 41.8% يرون أنّ "إسرائيل" ذهبت بعيداً في مستوى الرد على هجوم حماس في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ولكن هذه النسبة ترتفع في الدول ذات الغالبية الإسلامية؛ إذ تبلغ 79.2% في بروناي، و%77.7 في إندونيسيا، و%64.4 في ماليزيا، بينما تصل في سنغافورة إلى %46.2. كما أشارت بالمقابل، أنّ %7.5 من الرأي العام للآسيان يرى أن هجوم المقاومة في تشرين الأول/ أكتوبر لم يكن له ما يبرره، وأنّ %27.2 يُبدون قلقهم من الدعم الأمريكي لموقف "إسرائيل" في الصراع الدائر في غزة.
أما عن الدعم الشعبي للمواقف الحكومية، فتحدث الباحث عن تفاوت مستوى الرضا الشعبي عن أداء الحكومات في موضوع حرب غزة من دولة لأخرى، تبعًا لمدى تطابقها مع وجهة نظر الجمهور، ورأى فيه أمراً يستحق العناية للتعرف على كيفية استثماره، باعتبار أنه من المرجّح أن يترك أثره على المواقف الرسمية، خصوصاً المعلنة، في الصراع الدائر في الشرق الأوسط.
وخلصت الورقة إلى أن دول آسيان ليست كتلة موحدة في موقفها، لكن هناك ميل متزايد لديها نحو تأييد الحقوق الفلسطينية، خصوصًا مع تزايد الضغوط الدولية وتطوّر الرأي العام، ودعت الفلسطينيين إلى إعادة بناء استراتيجياتهم تجاه آسيا، للاستفادة من التأييد الشعبي المتنامي، ولملء الفراغ بعد اهتزاز مكانة "إسرائيل" الدولية بشكل كبير في أعقاب ردّ الفعل العالمي على سياساتها في المنطقة، والذي يمكن لـ"إسرائيل" أن تملأه لو تُرِكَت الأمور بدون متابعة. خاصة وأن "إسرائيل تسعى لتعزيز نفوذها في منطقة جنوب شرق آسيا لضمان توسيع التأييد الدولي لها ومحاولتها التواصل مع قوى في دول المنطقة ذات الأغلبية السكانية المسلمة، من خلال العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية، أو عبر غواية بعض الدول بالتكنولوجيا أو بالمساعدة في العلاقات مع الولايات المتحدة أو بوعود المساندة الدبلوماسية، كوعد "إسرائيل" لإندونيسيا بمساعدتها للانضمام إلى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، مقابل أن تنخرط إندونيسيا في "اتفاقات أبراهام".
ودعت الورقة إلى توظيف الإمكانات العربية في مثل هذا الإقليم الآسيوي المهم، لقطع الطريق على "إسرائيل" لإعادة علاقاتها الطبيعية مع دول هذه المنطقة، ودعا الباحث لإثارة مصالح دول الآسيان مع العالم العربي، مشيراً إلى أنّ نسبة تحويلات العاملين من دول الآسيان في الخليج العربي، والتي تمثّل نسباً تتراوح ما بين 4% إلى %8 تقريباً لكل دولة من إجمالي الناتج الإجمالي المحلي لرابطة الآسيان.
وأوصت الورقة دبلوماسية المقاومة الفلسطينية إلى إيلاء اهتمام أكبر بمنطقة آسيان، خاصة وأن حوالي 42% من سكانها مسلمون تقريباً، حيث يمكن استثمار روابط الديانة والثقافة في تلك الدول للتواصل والدعم، كما أشارت إلى أهمية تفعيل العلاقات مع قوى داخلية مثل بعض الشخصيات المؤثرة والكنائس ومنظمات المجتمع المدني في تلك الدول.