عبيد الله لا عبيد البشر.. كتاب عن الإسلام وتمرد المستعبَدين في العالم الجديد
تاريخ النشر: 1st, July 2025 GMT
شكّلت العبودية في الأمريكيتين واحدة من أبشع الظواهر في التاريخ البشري، حيث تم اقتلاع الملايين من الأفارقة من أوطانهم ونقلهم قسراً إلى العالم الجديد للعمل في ظروف لا إنسانية. في قلب هذا الظلام، برزت قصص مقاومة وصمود، كان من أبرزها دور المسلمين من غرب إفريقيا الذين لم يحملوا معهم فقط أجسادهم المقيدة بالسلاسل، بل أيضاً تراثاً دينياً وثقافياً غنياً.
في كتابه الجديد "الإسلام، العِرق والتمرّد في الأمريكيتين: أصداء الجهاد في غرب إفريقيا عبر الأطلسي"، "Islam, Race and Rebellion in the Americas: Trans-Atlantic Echoes of the West African Jihads"، يقدم الباحث داود عبد الله قراءة معمقة وجديدة لتاريخ العبيد المسلمين في الأمريكيتين، ويفتح نافذة على جانٍ تاريخي ظلّ مهمّشاً، وهو دور الإسلام وجهاد غرب إفريقيا في تحفيز التمردات والثورات ضد نظام العبودية القاسي.
تبدأ مقدمة الكتاب بتسليط الضوء على فظاعة العبودية من نوع العبودية المطلقة (Chattel Slavery) التي شهدتها الأمريكيتين والكاريبي، حيث تم اعتبار الأفارقة عبيداً بأبشع صور التجريد من الإنسانية، حيث وُصفوا بألقاب مهينة مثل "حمير السكر" و"عبيد القطن". ويبرز الكتاب كيف أن التاريخ الثقافي والفكري لحركات الجهاد في غرب إفريقيا أثر بعمق على العبيد المسلمين الذين تم نقلهم إلى العالم الجديد، مؤكداً أن الأفكار والصراعات التي كانت سائدة في مجتمعات غرب إفريقيا انتقلت معهم عبر الأطلسي.
يرى المؤلف أن الإسلام في الأمريكيتين لم يكن مجرد بقايا ثقافية أو طقوس عابرة، بل كان حركة فكرية وسياسية متواصلة، دافعاً مركزياً للمقاومة والتمرد، حافظ على هوية السود في مواجهة الاستعباد والاضطهاد، وأسهم في تغيير مجرى التاريخ نحو الحرية.يناقش الكتاب جدلية مركزية في الدراسات المتعلقة بالعبودية، بين من يرى أن العبودية كانت نتاجاً اقتصاديًا في المقام الأول، كما قال إريك ويليامز، وبين من يعتبر العبودية ظاهرة عنصرية بحتة كما ترى الصحفية الأمريكية نيكول هانا-جونز، ويبين أن الإسلام لم يكن مجرد دين بل أداة ثقافية وسياسية عززت مقاومة العبيد وواجهت نظام العبودية الظالم.
يتناول الكتاب كذلك الخلفية التاريخية للعبودية عبر الأطلسي، حيث كانت البرتغال أول من استخدم العبيد من غرب إفريقيا في أوروبا، مستندة إلى مبررات دينية وسلطوية عبر وثائق بابوية، مستعرضاً كيف استمرّ الصراع بين المسيحية والإسلام حتى في المستعمرات الجديدة، مع وجود مشاعر عداء عميقة لدى البرتغاليين تجاه المسلمين، تم نقلها إلى البرازيل وأماكن أخرى.
يبرز دور العبيد المسلمين في الثورات التي شهدتها مناطق مثل باهيا البرازيلية (1835)، حيث قادوا تمرداً مسلحاً مستوحى من تعاليم الإسلام، مستعينين بالعربية والمساجد كوسائل تعبئة، في دلالة واضحة على التماسك الثقافي والروحي رغم القسوة.
ويُبيّن الكتاب أن العلاقة بين العبيد وأسيادهم في الأمريكيتين كانت توتراً مستمراً، تغذيه جذور تاريخية تعود إلى الحروب الصليبية والصراعات الإسلامية–المسيحية في العصور الوسطى. وأن المسلمين الذين تم استعبادهم لم يستسلموا أبداً، بل حافظوا على هويتهم الدينية والثقافية، وكانوا مستعدين للموت في سبيل الحرية، معتمدين على فكرة الشهادة في الإسلام.
تستعرض الفصول المتقدمة جذور الجهاد في غرب إفريقيا، وكيف ألهمت حركات مثل جهاد الشيخ عثمان دان فوديو في نيجيريا الثورات في الأمريكيتين، وتناقش الاختلافات الدقيقة في ممارسات العبودية بين المستعمرات الإسبانية والإنجليزية، لا سيما في كيفية تعاطي العبيد مع اللغات والثقافات الأوروبية، حيث حافظ المسلمون على تعلمهم للعربية كأداة تواصل سرية.
يؤكد الكتاب أيضاً على أن أثر هذه الثورات لم يتوقف عند مجرد مقاومة العبودية، بل شكل الأساس لنشوء حركات العودة إلى أفريقيا، ومهد لظهور حركات البان أفريقي والعودة إلى الجذور، وظهور تيارات إسلامية جديدة في الشتات الأمريكي في القرن العشرين، مثل "معبد العلوم الموريسكي" و"أمة الإسلام" والحركات الحقوقية.
ويرى المؤلف أن الإسلام في الأمريكيتين لم يكن مجرد بقايا ثقافية أو طقوس عابرة، بل كان حركة فكرية وسياسية متواصلة، دافعاً مركزياً للمقاومة والتمرد، حافظ على هوية السود في مواجهة الاستعباد والاضطهاد، وأسهم في تغيير مجرى التاريخ نحو الحرية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير كتب كتابه بريطانيا كتاب عرض نشر كتب كتب كتب كتب كتب كتب أفكار أفكار أفكار سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الأمریکیتین غرب إفریقیا
إقرأ أيضاً:
حميد عبيد من أوائل الثانوية: «انصدمت»!
دينا جوني (الشارقة)
لم يكن الطالب حميد عبيد، من ثانوية التكنولوجيا التطبيقية في الشارقة – المسار العام، يعلم أنه من بين أوائل الثانوية العامة لهذا العام، حتى بدأت الاتصالات تنهال على عائلته بالتهاني. «انصدمت عندما رأيت اسمي في القائمة... درجاتي كانت عالية، لكن لم أتوقع أن أكون من الأوائل»، يقول حميد.
بعيداً عن الأضواء، اعتاد حميد على الدراسة بهدوء وانتظام، واضعاً لنفسه هدفاً واضحاً منذ البداية: «كنت أعمل بجد، لكن دون توتر... فقط لأحقق أفضل ما لدي».
يحلم حميد اليوم بدراسة الطيران، وهو التخصص الذي لطالما شغف به منذ الصغر، ويأمل أن يُتاح له استكمال دراسته في واحدة من أبرز مؤسسات التعليم العالي خارج الدولة ليتمكن من خدمة بلده بالعلم والمعرفة بأفضل ما يكون.
وأكد أن دعم أسرته ومعلميه كان أساسياً في هذا الإنجاز، معتبراً تغريدة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، التي هنأ فيها الأوائل، وساماً وطنياً محفزاً للمرحلة المقبلة.