لماذا أجلت إسرائيل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين؟
تاريخ النشر: 1st, March 2025 GMT
د. فايز أبو شمالة
لم يبق للإسرائيليين أسرى أحياء داخل قطاع غزة ليطالبوا بإطلاق سراحهم في المرحلة الأولى من اتفاقية وقف إطلاق النار. وكل ما تبقى للإسرائيليين في هذه المرحلة من الاتفاقية هو أربعة جثث، من المقرر أن يتم إطلاق سراحهم يوم الخميس القادم. وبهذا يكون الشعب الفلسطيني قد أوفى بجميع التزاماته التي وقع عليها في الاتفاق، بينما أخلّت إسرائيل أكثر من مرة ببنود الاتفاق.
مواجهة الغدر الإسرائيلي ليست مسؤولية قيادة المقاومة الفلسطينية فقط، بل هي مسؤولية جماعية تقع على عاتق المجتمع الدولي والأنظمة العربية قبل أن يتحمل الوسطاء دورهم في معالجة الغدر والخديعة والمكر الإسرائيلي. في هذا السياق، فإن الحجة التي طرحها الاحتلال بأن المسؤولية تقع على الحملة الإعلامية الفلسطينية التي رافقت إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين ليست سوى ذريعة واهية. فقد أظهر الفلسطينيون عبر وسائل الإعلام العالمية شكلاً منظماً، راقياً، وإنسانياً في التعامل مع الأسرى الإسرائيليين. هذه الصورة قد أسقطت الدعاية الصهيونية التي كانت تروج لفكرة أن الفلسطينيين “قتلة” و”إرهابيون”، وأنهم يستهدفون المدنيين الأبرياء. لقد كان الفلسطينيون في هذا المشهد بعيدين تمامًا عن هذه الاتهامات، بل أظهروا إنسانيتهم بأعلى درجاتها، حين قبل الأسير الإسرائيلي رأس المقاوم الفلسطيني، الذي بدت صورته عبر شاشات العالم محط إعجاب، بما يعكس القوة والشجاعة والثقة بالنفس، بعيدًا عن صورة “الإرهابي” التي كان الاحتلال يحاول رسمها للفلسطينيين.
هذا المشهد الإنساني فاجأ العالم وأدى إلى فضح الممارسات الوحشية التي يرتكبها الاحتلال بحق الأسرى الفلسطينيين، الذين ظلوا منسيين في سجون الاحتلال لعشرات السنين. ومع ذلك، فقد سلطت عملية إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين الضوء على معاناة عشرات آلاف الأسرى الفلسطينيين الذين ظلوا محبوسين بلا صوت ولا دعم من أحد، حتى جاءت المقاومة الفلسطينية لتكون لهم الأب والأم.
إن تأجيل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين بشكل غير مبرر يستدعي تدخل الوسطاء والكفلاء لتنفيذ بنود المرحلة الأولى من الاتفاقية. فالوسطاء هم الذين ضغطوا على قيادة المقاومة الفلسطينية للإفراج عن ستة من الأسرى الإسرائيليين دفعة واحدة، وهم من ضغطوا على قيادة المقاومة لتسليم جثث أربعة إسرائيليين قبل الموعد المحدد. وعليه، فإن دور الوسطاء في الضغط على الاحتلال لتنفيذ التزاماته أصبح ضروريًا. كما أن موعد الانسحاب الإسرائيلي من محور صلاح الدين “فيلادلفيا” ومن معبر رفح الحدودي، الذي سيصادف يوم السبت المقبل، 1 مارس، يتزامن مع تأجيل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، مما يعكس تهرب الاحتلال من تنفيذ التزاماته.
إن التلكؤ الإسرائيلي في إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين يعني فشل المرحلة الأولى من الاتفاقية، ولن يحقق أهدافها. وإذا فشلت المرحلة الأولى، فإن ذلك سيؤدي إلى فشل مخطط الاحتلال في تمديد المرحلة الأولى لعدة أسابيع إضافية، وهو ما سيؤدي إلى تأخير بدء مفاوضات المرحلة الثانية من الاتفاقية. هذا الموقف لا يصب في صالح الاحتلال، الذي فقد مبرراته للعودة إلى محاربة أهل غزة. لقد انقضى زمن الحرب المدمرة على غزة، ولن يصمت العالم العربي والعالم بأسره على حرب إبادة جديدة ضد أهل غزة.
لقد انتهت سياسة إغلاق المعابر وحصار غزة، وضاقت المساحات التي كانت تحت تصرف الاحتلال لاستخدام ورقة النزوح في مناورة جديدة ضد غزة. والآن، أصبح أمام الاحتلال خيار وحيد، وهو تأجيل الانسحاب وتأجيل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين.
إن قيادة المقاومة الفلسطينية تدرك تمامًا هذه الحقائق، ومن المؤكد أنها ستتمسك بشرط إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين قبل أي حديث عن إطلاق سراح بقية الأسرى الإسرائيليين في المرحلة الثانية من المفاوضات. كما أن قيادة المقاومة لن تقدم أي تنازلات للاحتلال بشأن المهرجانات الإعلامية التي فضحت العدوان الإسرائيلي. وخصوصًا أن المنطقة تشهد انعقاد قمة عربية في القاهرة، يفضل العرب أن تكون في ظل التهدئة وفتح معبر رفح في موعده، واستكمال المرحلة الأولى من اتفاقية وقف إطلاق النار. أي تغيير في هذه المسارات سيؤثر على قرارات قمة القادة العرب التي ستكتشف أن اليوم التالي لغزة سيكون تحت إدارة أهل غزة، دون غيرهم.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: إطلاق سراح الأسرى الفلسطینیین المقاومة الفلسطینیة الأسرى الإسرائیلیین المرحلة الأولى من تأجیل إطلاق سراح قیادة المقاومة من الاتفاقیة
إقرأ أيضاً:
قافلة زاد العزة الـ89 تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة
شرعت قافلة شاحنات المساعدات الإنسانية الـ89 في الدخول إلى الفلسطينيين بقطاع غزة، عبر البوابة الفرعية لميناء رفح البري باتجاه معبري كرم أبوسالم والعوجة، تمهيدا لإدخالها إلى القطاع.
وصرح مصدر مسؤول بميناء رفح البري في شمال سيناء، اليوم الاثنين، بأن الشاحنات اصطفت في ساحة الانتظار ضمن قافلة "زاد العزة..من مصر إلى غزة"..مشيرا إلى أن الشاحنات تخضع للتفتيش من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي على معبر كرم أبو سالم جنوب شرق قطاع غزة قبل إدخالها إلى القطاع.
وأعلن الهلال الأحمر، أن القافلة الـ89 تحمل عددا من شاحنات المساعدات الإنسانية العاجلة في اتجاه قطاع غزة، وذلك في إطار جهوده المتواصلة كآلية وطنية لتنسيق المساعدات إلى غزة.
وذكر بيان صادر عن الهلال أنه في إطار الجهود المصرية لتقديم الدعم الإغاثي لأهالي غزة، حملت قافلة «زاد العزة» في يومها الـ89، احتياجات الشتاء الأساسية لتخفيف معاناة الأهالي، والتي شملت: أكثر من 60 ألف بطانية، 55,300 قطعة ملابس شتوية، 200 مرتبة، وأكثر من 14,500 خيمة لإيواء المتضررين، وذلك في إطار الجهود المصرية لتقديم الدعم الإغاثي لأهالي غزة.
كما دفع الهلال الأحمر بأطنان من المساعدات الإنسانية العاجلة، والتي تضمنت: 256 ألف سلة غذائية، نحو 600 طن دقيق، ما يزيد على 3,400 طن مستلزمات طبية وإغاثية ضرورية يحتاجها القطاع، وأكثر من ألف طن مواد بترولية.
قافلة "زاد العزة..من مصر إلى غزة" التي أطلقها الهلال الأحمر، انطلقت في 27 يوليو حاملة آلاف الأطنان من المساعدات تنوعت بين سلاسل الإمداد الغذائية، دقيق، ألبان أطفال، مستلزمات طبية، أدوية علاجية، مستلزمات عناية شخصية، وأطنان من الوقود.
ويتواجد الهلال الأحمر كآلية وطنية لتنسيق وتفويج المساعدات إلى قطاع غزة منذ بدء الأزمة في أكتوبر 2023..ولم يتم غلق ميناء رفح البري نهائيا خلال تلك الفترة، ويواصل تأهبه في كافة المراكز اللوجستية وجهوده المتواصلة لإدخال المساعدات بواسطة 35 ألف متطوع.
وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي قد أغلقت المنافذ التي تربط قطاع غزة، منذ يوم 2 مارس الماضي، بعد انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة وعدم التوصل لاتفاق لتثبيت وقف إطلاق النار، واخترقت الهدنة بقصف جوي عنيف يوم 18 مارس الماضي، وأعادت التوغل بريا بمناطق متفرقة بقطاع غزة كانت قد انسحبت منها.
كما منعت سلطات الاحتلال دخول شاحنات المساعدات الإنسانية والوقود ومستلزمات إيواء النازحين الذين فقدوا بيوتهم بسبب الحرب على غزة؛ ورفضت إدخال المعدات الثقيلة اللازمة لإزالة الركام وإعادة الإعمار إلى قطاع غزة..وتم استئناف إدخال المساعدات لغزة في مايو الماضي وفق آلية نفذتها سلطات الاحتلال وشركة أمنية أمريكية رغم رفض وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) لمخالفتها للآلية الدولية المستقرة بهذا الشأن.
وأعلن جيش الاحتلال "هدنة مؤقتة" لمدة 10 ساعات (الأحد 27 يوليو 2025)، وعلق العمليات العسكرية بمناطق في قطاع غزة للسماح بإيصال المساعدات الإنسانية، فيما واصل الوسطاء (مصر وقطر والولايات المتحدة) بذل الجهود من أجل إعلان اتفاق شامل لوقف إطلاق النار بقطاع غزة وتبادل إطلاق الأسرى والمحتجزين، حتى تم التوصل فجر يوم 9 أكتوبر 2025، إلى اتفاق ما بين حركة حماس وإسرائيل حول المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار وفق خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشرم الشيخ بوساطة مصرية أمريكية قطرية وجهود تركية.