ماذا بعد المشادة غير المسبوقة في المكتب البيضاوي؟
تاريخ النشر: 2nd, March 2025 GMT
ما تناقله الاعلام عن حديث دار بين الرئيس دونالد ترامب ونائبه جي دي فانس وبين الرئيس الاوكراني فلاديمير زيلينسكي في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض لم يكن مفاجئًا كثيرًا لسياسيي العالم، سواء أولئك الذين يؤيدون السياسة الأميركية الجديدة المتبعة حاليًا، أو الذين لا تتوافق نظرتهم مع "النظرة الترامبية" لطريقة إدارة الأزمات العابرة للكرة الأرضية بطولها وعرضها، ومن بينها على سبيل المثال لا الحصر الحرب الروسية – الأوكرانية، والحروب المتنقلة في الشرق الأوسط، وأهمها الحرب التي تشنّها إسرائيل في كل الاتجاهات في كل من قطاع غزة، واستمرار احتلالها لمواقع استراتيجية في جنوب لبنان، وتمدّد سيطرتها على أجزاء واسعة من الجنوب السوري، مع ما يرافق ذلك من قلق متزايد عن مصير فلسطينيي القطاع، ولاحقًا مصير الفلسطينيين في الضفة الغربية بعد الاقتراحات غير المطمئنة عن هذا المصير للرئيس الأميركي عبر عملية "ترانسفير" من القطاع إلى صحراء سيناء، ومن الضفة الغربية إلى الأردن، مع إصرار تل أبيب على إبقاء احتلالها للمواقع الجنوبية اللبنانية بغطاء أميركي، وبالتزامن مع التوسع الممنهج في اتجاه الجنوب السوري.
وهذا النهج غير المعتاد الذي ينتهجه الرئيس ترامب مع الحرب الروسية – الأوكرانية، ومع الحرب في منطقة الشرق الأوسط، ولاحقًا في القارة السوداء وفي أميركا اللاتينية، من شأنه أن يعيد خلط أوراق التحالفات الأميركية القديمة في أكثر من منطقة من العالم، وبالأخص مع جارتي الولايات المتحدة الأميركية من حدودها الشمالية مع كندا، ومن حدودها الجنوبية – الغربية مع المكسيك، وامتدادًا إلى القارة الأوروبية وإلى آسيا الوسطى ومن ضمنها منطقة الشرق الأوسط، حيث لإسرائيل أطماع توسعية تعود بخلفياتها وأبعادها إلى العقيدة التوراتية القائمة على فرضية توسعية لتمتدّ حدودها من البحر إلى النهر. ولو لم تلتقِ المصالح المشتركة ذات الخلفيات الاستراتيجية والاقتصادية بين سياستي كل من الرئيسين ترامب والروسي فلاديمير بوتين لما كان سُمح للإعلام بنقل ما دار في هذا اللقاء بين ترامب وزيلينسكي من أحاديث بدأت عادية قبل أن تتصاعد لهجتهما في شكل غير مسبوق، والذي بدأه فانس باتهام الرئيس الأوكراني بالقيام بجولات "دعائية"، فردّ عليه زيلينسكي بدعوته إلى زيارة أوكرانيا الامر الذي لم يلق ترحيبًا من جانب نائب الرئيس الأميركي.
وبدوره، صعّد ترامب من حدة خطابه قائلا: "أنت تقامر بإشعال حرب عالمية ثالثة. فإما أن تبرم اتفاقًا أو أننا سنبتعد"، مضيفا: "أنت لا تتصرف على الإطلاق وكأنك ممتن. هذا ليس تصرفا لطيفا". ونتيجة هذا التوتر غادر زيلينسكي مبكرًا البيت الأبيض وخرج وحيدا من البيت الأبيض من دون أن يرافقه ترامب لتوديعه. وتم إلغاء المؤتمر الصحافي المشترك الذي كان من المقرر أن يعقد بعد الاجتماع. كما أفيد عن إلغاء توقيع الاتفاق الذي كان من المنتظر بين الجانبين حول استغلال موارد أوكرانيا من المعادن.
بعد المواجهة، اتهم ترامب الرئيس الأوكراني بأنه "غير مستعد للسلام"، معتبرا أنه يستغل انخراط الولايات المتحدة في النزاع لتحقيق أفضلية في المفاوضات مع روسيا. وقال ترامب عبر منصته "تروث سوشال": "الرئيس زيلينسكي غير مستعد للسلام لأنه يعتقد أن انخراطنا يمنحه أفضلية كبيرة".
وأضاف: "لقد أظهر عدم احترام للولايات المتحدة في مكتبها البيضاوي الغالي. يمكنه العودة عندما يكون مستعدا للسلام".
في وقت لاحق، ذكر زيلينسكي على حسابه الرسمي في "إكس": "شكرا لأميركا، شكرا لدعمك، شكرا لهذه الزيارة. شكرا لك الرئيس ترامب. والكونغرس والشعب الأميركي".
وأضاف: "إن أوكرانيا بحاجة إلى السلام العادل والدائم، ونحن نعمل على تحقيق ذلك بالضبط".
في المقابل، فإن ردود الفعل الدولية سواء من قِبل المسؤولين الروس أو المسؤولين الأوروبيين المعنيين مباشرة بالحرب في أوكرانيا من شأنها أن تتصاعد وتتفاعل، بحيث سيكون لها تأثير مباشر على إعادة رسم خارطة التحالفات الدولية، خصوصًا بعد انسحاب ترامب من خطة المناخ، وتلويحه من الانسحاب من منظمة الصحة العالمية ومن "الناتو". وقد ذهب البعض إلى مطالبة الرئيس الأميركي بمعاملة رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو بالطريقة نفسها التي عامل فيها الرئيس الأوكراني بعدما اتهمه بأنه يقامر بإشعال حرب عالمية ثالثة. وهذا الاتهام ينطبق أكثر على نتنياهو، الذي يضرب بعرض الحائط المقررات الدولية وقرارات محكمة العدل الدولية، ويهدّد السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط يوميًا وفي شكل مضطّرد.
فمفهوم السلام، كما يقول هذا البعض، واحد سواء أكان في أوكرانيا أو في الشرق الأوسط. فهذا المفهوم المجتزأ للسلام لا يمكنه أن يكون في أوكرانيا بـ "زيت" وفي تل أبيب بـ "سمنة".
على أي حال، فإن ما شهده المكتب البيضاوي سابقة لا يمكن لأحد التنبؤ بما يمكن أن تقود إليه مستقبلًا في أي بقعة من العالم حيث يبدو السلام فيها مهدّدًا.
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الشرق الأوسط
إقرأ أيضاً:
ماذا قال ترامب منتقدا سياسات أمريكية سابقة تجاه مصر ؟
الولايات المتحدة – وجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، انتقادات علنية لسياسات أمريكية سابقة تجاه مصر، وذلك في معرض حديثه عن سد النهضة والعلاقة بين مصر وإثيوبيا.
وانتقد ترامب، في منشور عبر حسابه بمنصة “تروث سوشيال” السبت، تمويل الولايات المتحدة لسد النهضة الإثيوبي على مجرى نهر النيل، والذي تعارضه مصر بشدة وتدعو لإبرام اتفاق لتنسيق آلية تشغيله بين دول المنبع والمصب.
وذكر ترامب في منشوره، مصر وإثيوبيا بين العديد من دول العالم التي ساهم في إبرام اتفاقيات سلام أو تهدئة بينها، وقال: “ولن أحصل على جائزة نوبل للسلام للحفاظ على السلام بين مصر وإثيوبيا”، منوها بأن “سد إثيوبيا ضخم تم بناؤه، بتمويل غبي من الولايات المتحدة الأمريكية، يقلل بشكل كبير من المياه المتدفقة إلى نهر النيل”.
وفي المنشور، أعلن ترامب، عن معاهدة للسلام بين جمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية رواندا، بشأن حربهما “التي كانت معروفة بإراقة الدماء العنيفة والموت، أكثر من معظم الحروب الأخرى، واستمرت لعقود”، وفق قوله.
وأوضح ترامب، أن ممثلين من رواندا والكونغو سيصلون إلى واشنطن يوم الاثنين للتوقيع على الوثائق، مؤكدا أن “هذا يوم عظيم لإفريقيا، وبصراحة تامة، يوم عظيم للعالم!”، حسب تعبيره.
ويوم الأحد الماضي، أشار ترامب، مجددا إلى جهوده في المفاوضات بين مصر وإثيوبيا، حيث سبق واستضافت واشنطن مفاوضات برعاية أمريكية وبمشاركة البنك الدولي، ضمت الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا، والتي فشلت في نهاية المطاف بعد رفض إثيوبيا التوقيع على النسخة النهائية، ووجه لها ترامب انتقادات لاذعة.
وقال ترامب يوم الأحد، في معرض حديثه عن جهود التهدئة بين إيران وإسرائيل: “مثال آخر (على جهوده لتحقيق السلام) هو مصر وإثيوبيا، وصراعهما حول سد ضخم يؤثر على نهر النيل العظيم”، وذلك خلال فترة رئاسته الأولى، مؤكدا أن “هناك سلاما حاليا، على الأقل حتى الآن، بفضل تدخلي، وسيبقى كذلك!”.
ولعب ترامب دور الوسيط في مفاوضات سد النهضة، في عامي 2019 و2020، عندما استضافت واشنطن المفاوضات برعاية وزير الخزانة الأمريكي.
وبعد عدة جولات من الاجتماعات في واشنطن، رفضت إثيوبيا التوقيع بعدما وقعت مصر على الاتفاق الذي تم التوصل إليه، ما دفع ترامب إلى مهاجمة أديس أبابا وانتقاد موقفها “المتشدد” من مفاوضات سد النهضة، وقال أمام الكاميرات إن مصر قد تعمد إلى “تفجير السد، لأنها لن تكون قادرة على العيش بهذه الطريقة”، كما قال عن مصر: “كان ينبغي عليهم إيقافه قبل وقت طويل من بدايته”.
وعلق ترامب على الاتفاق قائلا: “لقد وجدت لهم اتفاقا، لكن إثيوبيا انتهكته للأسف، وما كان ينبغي عليها فعل ذلك، كان هذا خطأ كبيرا”.
المصدر: RT