وصلت الأخبار من واشنطن إلى أوكرانيا في الوقت الحقيقي. في كل أنحاء البلاد، في المكاتب والخنادق والمقاهي والمصانع، شاهد الناس الرئيس دونالد ترامب، ونائبه جيه دي فانس يهاجمان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وادعاء أنه كان "غير محترم". وعلى الخطوط الأمامية، وسط مبارزات المدفعية والانفجارات، لجأ الذين تمكنوا من ذلك إلى تطبيقات الرسائل للتعبير عن ألمهم من الإذلال المتعمد لرئيسهم.

إن خروجاً لزيلينسكي، أو إقالته على يد آخرين، سيكونان محفوفين بالمخاطر أثناء زمن الحرب

كتبت مجلة "إيكونوميست" أن أندري، ضابط في وحدة سرية لديه القدرة على الوصول إلى المحادثات، قال إن شعبية زيلينسكي ارتفعت بين الجنود. "لا أتذكر آخر مرة قال فيها أحد، لقد انتهى الأمر، حان وقت حزم الأمتعة. على العكس من ذلك، يقول الجميع إن سانيتش، لقب زيلينسكي، أبلى بلاء حسناً".

ومع ذلك، أثارت الكارثة في المكتب البيضوي أيضاً مخاوف من تحرك أمريكا الآن لقطع دعم أوكرانيا، كما أثارت تساؤلات عن قدرة  أوروبا قادرة على تعويض ذلك.

من بطل.. إلى مأساة؟

في أوكرانيا، يدور جدل متزايد بين النخبة المذهولة عن قدرة زيلينسكي على قيادة البلاد. وفقاً لدبلوماسي سابق، إن "سقوط زيلينسكي أصبح الآن أمراً لا مفر منه..لأنه عنيد بشكل غير مناسب وكرهه لترامب وبوتين، اللذان يحتاجا إلى خاضع لهما في أوكرانيا".

The shock of Friday’s disaster has left much of political Kyiv in stunned silence. There is now a growing debate about whether Volodymyr Zelensky is still the right person to lead the country https://t.co/sJlvtUHcnv

Photo: AFP pic.twitter.com/JMM2yhSHWw

— The Economist (@TheEconomist) March 1, 2025

وأدلى الزعماء الأوروبيون بتصريحات علنية تدعم زيلينسكي. لكن اجتماعهم اليوم في لندن سيسلط الضوء على المصداقية المتبقية لزيلينسكي وإذا كان لدى أوروبا العزم على محاولة دعم أوكرانيا عسكرياً دون دعم أمريكي كامل. بطل أوكرانيا معرض لخطر التحول إلى شخصية مأساوية.
في أروقة كييف السياسية، يشعر المسؤولون بالذهول إلى حد كبير من شراسة المعاملة الأمريكية لزعيمهم. لم تكن هناك أوهام كثيرة عن الضغينة التي يحملها ترامب لزيلينسكي. كان الأوكرانيون يعرفون أن زيلينسكي كان في حاجة إلى ضغط الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ليحصل على مقابلة مع الرئيس الأمريكي. كانت المحادثات متوترة طيلة الأسبوع على صفقة استغلال المعادن في أوكرانيا. ولكن كان هناك أمل في تحسن العلاقات.

نتائج عكسية

قبل يوم واحد، في حدث أكثر سلاسة في البيت الأبيض، مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، ادعى ترامب أنه لا يتذكر وصف الرئيس الأوكراني بـ "الدكتاتور". كان هناك أخيراً نص متفق عليه لاتفاقية المعادن التي ستوقع، مع غداء احتفالي في البيت الأبيض. لكن بعد ذلك انهار كل شيء عندما انحدر فانس، وزيلينسكي إلى جدال على من بدأ  حرب روسيا.

The shock of Friday’s disaster has left much of political Kyiv in stunned silence—and in fear that critical military aid and intelligence assistance from America may soon come to an end.

But some remain hopeful that a deal is still on the table https://t.co/69OsvhbNCC

— The Economist (@TheEconomist) March 1, 2025

حسب المجلة، إذا كان هدف ترامب وفانس تقويض دعم الرئيس الأوكراني بين المواطنين العاديين، يبدو أن ذلك قد أتى بنتائج عكسية، على الأقل في الوقت الحالي. ربما كان موقف زيلينسكي العاطفي غير حكيم، لكنه أثر على كثيرين في دولة تعاني من الحرب. حتى الذين عارضوا الرئيس تاريخياً، لجأوا إلى وسائل التواصل الاجتماعي بين عشية وضحاها للإشادة به لوقوفه إلى جانب البلاد. مع ذلك، ليست كل النخبة مقتنعة.

ما صدمني يتحدث أحد قادة الأعمال عن التشكيك والصدمة بعد المواجهة في البيت الأبيض. ويقول مصدر آخر، وهو دبلوماسي سابق، إن المواجهة لم تجلب فائزين باستثناء بوتين: "القضية الحقيقية الآن هي كيف ومتى بالضبط ستهدأ الأمور من أجل بقاء أوكرانيا دولة مستقلة ذات سيادة". ويعترف أحد نواب المعارضة بالدهشة من رد فعل العديد من زملائه في البرلمان، حيث يقول إن أغلبهم رحب علناً بسلوك الرئيس: "بعيداً من الحماقة والعار، ما صدمني أكثر هو أن الناس الأذكياء يمتدحون الرئيس، وينتقدون الذين امتلكوا الشجاعة لوصف الأمر بالكارثة". ويضيف أن هذا التقييم سيتغير بمجرد أن تهدأ المشاعر الأولية. نظريتان ويفكر المسؤولون الأوكرانيون الذين يخططون لما يجب عمله بعد ذلك، في السؤال الرئيسي وهو لماذا حدث ذلك؟ هل وقعوا في كمين مخطط له مسبقاً، أو قتال مدبر من شأنه أن يعطي الأمريكيين ذريعة لإلقائهم تحت حافلة؟ أم كان الأمر مجرد حالة من العواطف والكبرياء والطموحات التي خرجت عن السيطرة؟ ثمة مسؤول مطلع على المفاوضات لا يزال يأمل التوصل إلى اتفاق، وهو الباب الذي بدا وكأنه ترك مفتوحاً من قِبَل وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو. ومع ذلك، ليس واضحا حجم نفوذ روبيو. ويقول المصدر إن الوصفة لما يجب أن يحدث الآن تعتمد على أي من النظريتين كانت صحيحة.
ترى المجلة أن لنظرية الكمين بعض الأساس. فبعد وقت قصير من طرد الأمريكيين لزيلينسكي وفريقه من البيت الأبيض بطريقة مهينة، لجأ مساعدو ترامب إلى وسائل التواصل الاجتماعي وشاشات التلفزيون في حملة بدت منظمة بشكل جيد. وأسقطوا تلميحات قوية عن تفكير أوكرانيا المحتمل في إيجاد مفاوض جديد، ما يعكس الروايات الروسية الراسخة منذ فترة طويلة عن إرادة زيلينسكي العنيدة التي تشكل عائقاً أمام السلام. مخرج محتمل

إن خروج زيلينسكي، أو إقالته على يد آخرين، سيكون محفوفاً بالمخاطر أثناء زمن الحرب، وقد يغرق البلاد في الفوضى. تشير استطلاعات الرأي إلى أن لا أغلبية تدعم الانتخابات، الأمر الذي يتطلب إنهاء الأحكام العرفية ما يجعل بقاء أوكرانيا معبأة ومتحدة.

قد تكون إحدى الطرق الأقل إيلاماً لاستحضار زعيم بديل للتفاوض هي التصويت لرئيس جديد للبرلمان، وهو رسمياً ثاني أرفع سياسي في أوكرانيا. ووفقاً لهذه النظرية، يمكنهم بعد ذلك التفاعل مع إدارة ترامب. لكن ذلك يتطلب موافقة زيلينسكي. ومن غير الواضح أيضاً إذا كان الأوكرانيون يريدون ذلك.
لقد تركت صدمة كارثة يوم الجمعة الكثير من السياسيين في كييف في صمت وذهول، وفي خوف من نهاية المساعدات العسكرية الحاسمة والمساعدة الاستخبارية من أمريكا قريباً، كما ألمح بعض المسؤولين في البيت الأبيض. إلى أن هذا التهديد قد يكون جزءاً من حملة إعلامية لتكثيف الضغوط على أوكرانيا وزيلينسكي. ولكن الأمر قد لا يكون كذلك. في الأيام القليلة الماضية كانت هناك تقارير عن أمر بيت هيغسيث، وزير الدفاع، القيادة السيبرانية الأمريكية بتقليص عملياتها ضد روسيا.

شيء أكبر على المحك

يقول مسؤول كبير في أوكرانيا إن لا شيء يمكن لأوكرانيا فعله سوى الاستعداد لمعركة أطول. ولكن لا يزال أمام أوكرانيا براعتها وأوروبا لتعتمد عليهما، كما يقول. كانت استجابة أوروبا قوية حتى الآن، على الأقل لفظياً؛ لكن الكثير يعتمد على قمة لندن.

ويقول أندري، الضابط العسكري إن الطريق أمام أوكرانيا سيكون مؤلماً، إذا قطعت أمريكا الدعم العسكري. ولكنه يزعم أن هناك شيئاً أكبر على المحك "إذا فقدنا شحنة أو حدث بعض التأخير، فهذا شيء مررنا به مرات عدة من قبل. ولكن إذا فقدنا احترامنا لذاتنا، فهذا ليس شيئاً يمكنك تعويضه أو استعادته على الإطلاق".

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: وقف الأب رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل صناع الأمل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الحرب الأوكرانية فی البیت الأبیض فی أوکرانیا

إقرأ أيضاً:

نيران بمكتب زيلينسكي.. كبير مفاوضي أوكرانيا يخضع للتحقيق في قضية فساد

فتشت سلطات مكافحة الفساد في أوكرانيا اليوم الجمعة منزل أندريه يرماك، مدير مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، على خلفية فضائح مالية في قطاع الطاقة.

ويرأس يرماك فريق التفاوض الأوكراني الذي يحاول التوصل إلى تفاهمات، بعد أن قدمت واشنطن مسودة "تلبي مطالب روسيا"، مما يعني أن خضوعه للتحقيق ينذر بأزمة في الوسط السياسي.

وقد أكد يرماك أن شقته جرى تفتيشها، وقال إنه يتعاون بشكل كامل.

وقال عبر تلغرام إنّ "هيئة مكافحة الفساد والنيابة العامة المتخصصة بمكافحة الفساد يُجريان تحقيقات في منزلي. لا يواجه المحققون أي عقبات"، وقد مُنحوا "حق الوصول الكامل إلى شقتي".

وأضاف أنّ محامِيه "موجودون في المكان ويتعاونون مع جهات إنفاذ القانون"، مؤكدا تعاونه "الكامل" مع المحققين.

100 مليون دولار

وفي بيان مشترك، قال المكتب الوطني لمكافحة الفساد في أوكرانيا ومكتب المدعي العام المعني بمكافحة الفساد إن عمليات التفتيش "مصرح بها" وتجري في إطار التحقيقات.

وفي وقت سابق من الشهر الجاري، أعلنت الهيئتان المعنيتان بمكافحة الفساد فتح تحقيق شامل في ما أثير عن مخطط رشى بقيمة 100 مليون دولار في شركة الطاقة النووية الحكومية والذي تورط فيه مسؤولون كبار سابقون وشريك تجاري سابق لزيلينسكي.

وحينها، لم تتم الإشارة إلى يرماك على أنه مشتبه به، لكن نواب المعارضة وبعض أعضاء حزب زيلينسكي طالبوا بإقالته على خلفية أسوأ أزمة سياسية في أوكرانيا خلال فترة الحرب.

وقد تؤدي عمليات التفتيش التي جرت اليوم الجمعة إلى مفاقمة التوتر بين زيلينسكي ومعارضيه السياسيين، وذلك في وقت تواجه فيه كييف ضغوطا متزايدة لقبول صفقة ربما تجبرها على تقديم تنازلات لا تصب في مصلحتها.

ترحيب أوروبي

من جهتها، قالت الناطقة باسم المفوضية الأوروبية بولا بينو إنّ عمليات تفتيش منزل يرماك تُظهر أن هيئات مكافحة الفساد "تؤدي عملها".

إعلان

وتعد هذه القضية، أسوأ فضائح الفساد خلال رئاسة زيلينسكي، والتي هزّت البلاد خلال الأسابيع الأخيرة وأدت إلى إقالة وزيرين، بحسب عدد من نواب المعارضة.

وانكشفت الفضيحة في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني عندما كشفت هيئة مكافحة الفساد الأوكرانية عن "نظام إجرامي" يديره، بحسب المحققين، أحد المقربين من زيلينسكي، ومكّن من اختلاس مئة مليون دولار في قطاع الطاقة.

ويُعدّ أندريه يرماك، وهو منتج أفلام سابق ومحامٍ متخصص بالملكية الفكرية، ثاني أقوى رجل في البلاد بعد زيلينسكي.

ويثير تأثيره على زيلينسكي تساؤلات حتى داخل الفريق الرئاسي. ويقول منتقدوه إنه يمتلك سلطة كبيرة جدا.

مقالات مشابهة

  • انتصار روسيا واستسلام أمريكا في أوكرانيا
  • زيلينسكي يعين سفيرة أوكرانيا السابقة لدى أمريكا مستشارةً له في مجال الاستثمار
  • فضيحة فساد تهز مكتب زيلينسكي رئيس أوكرانيا ومسؤول يتحدث عن رحيله
  • زيلينسكي: مفاوضون أوكرانيون توجهوا إلى أمريكا لبحث خطة لإنهاء الحرب
  • أمريكا تعلق جميع قرارات اللجوء بعد إطلاق نار قرب البيت الأبيض
  • استقالة مدير مكتب زيلينسكي وسط فضيحة فساد وتفتيش منزله في أوكرانيا
  • استقالة ثاني أقوى رجل في أوكرانيا تربك حسابات زيلينسكي في المفاوضات
  • الكرملين: فضائح الفساد في أوكرانيا تهز شرعية نظام زيلينسكي
  • من علي بابا إلى زعيم العصابة.. تفاصيل فضيحة الفساد في أوكرانيا وتورط رجال زيلينسكي
  • نيران بمكتب زيلينسكي.. كبير مفاوضي أوكرانيا يخضع للتحقيق في قضية فساد