متطلبات شهر رمضان والتوازن الاستهلاكي
تاريخ النشر: 3rd, March 2025 GMT
يشهد شهر رمضان نمطا استهلاكيا مختلفا عن باقي الشهور والمناسبات عموما، مما يترتب على ذلك من ارتفاع ملحوظ في مستوى الإنفاق الأسري؛ بسبب الإفراط في المشتريات أحيانا الناتج عن التسوّق في حالة الصيام، ورغم خصوصية الشهر الفضيل للتقرب أكثر إلى الله والاستمتاع بالأجواء العائلية التي غالبا ما يرافقها إعداد أصناف مختلفة من الطعام بكميات كبيرة تزيد عن الحاجة في معظم الأحيان، إلا أن ذلك لا يبرر التهافت على الأسواق والمحال التجارية لشراء ما يزيد عن حاجة الصائم عند الإفطار، وهو ما يؤثر على العرض والطلب على السلع سلبا من خلال ارتفاع الأسعار بسبب قوة الطلب مقارنة بالعرض، ولذلك يوصي الخبراء الاقتصاديون بوجود خطة لشراء مستلزمات شهر رمضان الفضيل قبل بداية الشهر، أو بعد الإفطار يوميا لأن الصائم غالبا يكون في حالة عدم توازن استهلاكي، وحتى تستطيع الأسرة معرفة احتياجاتها الضرورية بدلا من التسوّق غير المنظم الذي يرهق كاهل الأسر ماديا ويؤثر على الإيفاء بمتطلبات الحياة الاجتماعية مستقبلا، بسبب اندفاعه اللاواعي إلى شراء السلع غير الضرورية أو تلك التي تفيض عن حاجته.
وفي كل الأحوال فإن التسوق غير المتزن يؤدي إلى أمرين متوقّع حدوثهما، الأول: التكلفة الإضافية المنعكسة عن التسوّق العشوائي الذي يفوق حاجة المستهلك، والآخر: احتمالية تعرض السلع المشتراة إلى التلف بسبب تخزينها لفترة طويلة لزيادتها عن الحاجة في أيام الشهر الفضيل، وعدم تفضيل استخدامها بعد شهر رمضان.
أرى من الضروري اتباع منهجيات فاعلة للتوفير خلال شهر رمضان الفضيل، فكلما استطاع الفرد ضبط الجوانب المالية زادت قدرته المالية على الإيفاء بمتطلبات حياته اليومية، وهذا يتحقق من وجهة نظري من خلال التخطيط الجيد للميزانية المخصصة لشراء احتياجات شهر رمضان، ومرونة تعديل الميزانية في حال طرأت مستجدات خلال الشهر من حيث زيادة الإنفاق أو تقليله، ولضبط الميزانية لا بد من وضع تقديرات أولية لتكلفة الوجبات اليومية للأسرة مع الوضع في الحسبان تكلفة الإفطار في حالة الزيارات والتجمعات الرمضانية.
يعد التوازن بين الاستهلاك والتوفير هو أبرز التحديات التي تواجه بعض الأسر خلال شهر رمضان الفضيل، واستدامة الوضع المالي حتى نهاية الشهر ووجود قدرة مالية كافية للاستعداد لعيد الفطر السعيد، وهو ما يستدعي التفكير جديا في معالجة السلوكيات الناتجة عن الاقتصاد السلوكي الذي يحرّك الجوانب العاطفية والنفسية في اتخاذ القرار، مما يدفع أفراد المجتمع إلى الإسراف في التسوّق وفي إعداد أصناف الطعام؛ لذلك من المهم أن تلتزم الأسرة بالخطة المالية المخصصة لشهر رمضان الفضيل عبر تكثيف الجوانب التوعوية والتثقيفية لأفراد المجتمع وأن تتخللها الثقافة المالية التي تعين الفرد على الإدارة المالية الصحيحة.
إن أحد المعوقات الرئيسة لضبط التوازن الاستهلاكي في شهر رمضان الفضيل، هو غياب التخطيط المسبق وضعف الإدارة المالية خلال الشهر، إضافة إلى الشراهة في التسوّق؛ بسبب العروض الترويجية المغرية للتخفيضات التي يقوم بها الناشطون الاجتماعيون في وسائل التواصل الاجتماعي، مما يجعل أفراد المجتمع في حالة من الاندفاع غير المبرر للاستفادة من التخفيضات في شراء أكبر قدر من السلع قبل نفاد فترة التخفيضات، وهنا يأتي دور المجتمع بمختلف أطيافه لضبط التوازن الاستهلاكي وعدم تغليب العاطفة والجانب النفسي في التحكم بقراراته الشرائية، ورغم الصعوبة في تقييد أفراد المجتمع على التقيد بأسلوب واحد في الإفطار بسبب اختلاف عدد أفراد الأسرة واختلاف تفضيل أصناف معينة من الطعام التي يكثر استهلاكها في الشهر الفضيل، إلا أن غرس ثقافة عدم الإسراف في إعداد الطعام بات أمرا ضروريا للتخلص من بعض السلوكيات التي تؤدي إلى إحداث خلل مالي في ميزانية الأسرة طيلة الأشهر المتبقية من العام بعد نهاية شهر رمضان، ربما تؤثر مباشرة على الإيفاء بمتطلبات اجتماعية أشد احتياجا في الأوقات الأخرى، وهنا أضع مقترحا بأهمية تنظيم حوارات مجتمعية وأسرية سواء عبر مؤسسات المجتمع المدني أو تطوعية؛ بهدف التأكيد على أهمية التوازن الاستهلاكي في شهر رمضان مع ضرورة استحضار أثر النعم التي أسبغها الله على عباده بأن رزقهم من فضله وضرورة المحافظة عليها وخطورة رميها في القمامة، أيضا من المهم أن تتبنى المؤسسات التعليم بمختلف مستوياتها دمج بعض المفاهيم والمصطلحات التي ترفع مستوى الوعي بالإدارة المالية الجيدة في مثل هذه المناسبات، وإن كانت في كثير من الأحيان تعتمد كليا على الخصوصية المرتبطة بمجتمع معيّن، إلا أن تكثيف جرعات التوعية والتثقيف بحالة الإسراف في الشراء وإعداد الطعام بكميات كبيرة تمنع الفرد من الدخول في دوامة الديون والعجز على الإيفاء بالاحتياجات المجتمعية اليومية الأخرى.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: شهر رمضان الفضیل أفراد المجتمع على الإیفاء فی حالة التسو ق
إقرأ أيضاً:
مدبولي: استئناف ضخ الغاز للمصانع التي توقفت تأثرا بنقص الإمدادات
ترأس الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم، اجتماع الحكومة الأسبوعي، وذلك بمقرها بمدينة العلمين الجديدة، لمناقشة ومتابعة عدد من ملفات العمل.
واستهل رئيس الوزراء الاجتماع، بتقديم التهنئة للرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، ولجموع أبناء الشعب المصري بمناسبة قرب حلول رأس السنة الهجرية، داعياً المولي عز وجل أن يعيد علينا هذه المناسبة وبلادنا تتمتع بمزيد من الاستقرار والرخاء، وجميع شعوب الامتين العربية والإسلامية.
وجدد رئيس الوزراء ترحيب الدولة المصرية بما تم الإعلان عنه من التوصل لوقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل.
ولفت رئيس الوزراء، خلال الاجتماع، إلى عدد من الرسائل وثوابت الدولة المصرية فيما يتعلق بعلاقاتها الخارجية التي أكد عليها الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية خلال الاتصالات التي أجراها مؤخراً مع عدد من القادة والمسئولين الدوليين، ومنها رفض مصر القاطع وإدانتها لأي أعمال تمس سيادة الدول، لا سيّما الأشقاء من الدول العربية والإسلامية، هذا إلى جانب الترحيب بالتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل واستمرار مصر في السعي للدفع نحو الحلول السياسية الشاملة لتثبيت هذا الاتفاق والالتزام به، بالتعاون والتنسيق مع مختلف الأطراف الدولية المعنية، وذلك بما يسهم في التخفيف من حدة التصعيد في المشهد الإقليمي، وعدم الزج بالمنطقة إلى الفوضى والعنف الشامل.
وفي ذات السياق، وفيما يتعلق بجهود التعامل مع تداعيات هذه الحرب على الشأن المصري، نوه رئيس الوزراء إلى أنه بداية من صباح يوم الجمعة المقبل، سيتم استئناف ضخ الغاز لعدد من المصانع التي توقفت خلال الأيام الماضية تأثراً بنقص الامدادات من الغاز، مؤكداً حرص الدولة على توفير مختلف متطلبات العملية الإنتاجية، سعياً لاستمرار عجلة الإنتاج والدفع بها لتحقيق المزيد من المعدلات والأهداف الاقتصادية والاجتماعية.
وانتقل رئيس الوزراء، خلال الاجتماع، للحديث عن الجولات الميدانية التي قام بها خلال هذا الأسبوع، والتي شملت تفقد الأعمال الخاصة باستعدادات البنية التحتية لاستيراد الغاز الطبيعي بمنطقة «السخنة»، لاستقبال سفن «التغييز»، وذلك بما يسهم في تعزيز قدرة الشبكة القومية للغاز الطبيعي، وتلبية لمختلف المتطلبات الاستهلاكية والإنتاجية.
كما أشار رئيس الوزراء إلى جولته بعدد من المصانع بمدينة السادس من أكتوبر، والتي شملت زيارة أول مصنع في مصر والشرق الأوسط لتصنيع أجهزة السونار والرنين المغناطيسي، وكذا تفقد مصنع لتصنيع أجهزة شاشات التليفزيون والهواتف المحمولة، مجدداً التأكيد في هذا الصدد، على دعم الدولة الكامل لقطاع الصناعة، والعمل على إتاحة المزيد من التيسيرات والمحفزات التي من شأنها أن تسهم في نمو وتطوير هذا القطاع الواعد، الذي يُعد أحد أهم ركائز الاقتصاد المصري لتحقيق المزيد من الأهداف الاقتصادية، مؤكداً السعي المستمر لتوطين العديد من الصناعات الاستراتيجية محليا، وذلك من خلال تعزيز مشاركة مؤسسات القطاع الخاص المحلية والأجنبية في تنفيذ العديد من المشروعات الجديدة، والتوسع في المشروعات القائمة.
اقرأ أيضاًالرئيس السيسي يوفد مندوبا للتعزية
محافظ بني سويف يبحث مع نائب وزير الاتصالات سبل التعاون في ملف الرقمنة
الرئيس السيسي يتبادل التهنئة مع ملوك وأمراء الدول العربية والإسلامية بمناسبة العام الهجري الجديد