MEE: كيف طبع الإسرائيليون مصطلحات إبادة الفلسطينيين بدون خجل؟
تاريخ النشر: 4th, March 2025 GMT
نشر موقع "ميدل إيست آي" مقالا للصحفي الإسرائيلي ميرون رابوبورت٬ قال فيه إن الإسرائيليين لم يعودوا يخجلون من الدعوة لإبادة الفلسطينيين.
وأشار إلى أن مجلة "لوكال كول" نشرت في نهاية تشرين الأول/أكتوبر 2023، خطة كاملة أعدتها غيلا غامليل، وزيرة الاستخبارات الإسرائيلية تدعو فيها لإخلاء السكان المدنيين من غزة.
لكن التغطية للخطة في إسرائيل كانت محدودة، ربما لأن وزارة الاستخبارات لم يكن لها سلطة (تم إغلاقها منذ ذلك الحين)، وربما لأن غامليل لم يكن له وزن سياسي حقيقي وربما لأن وسائل الإعلام الإسرائيلية تفضل عدم التعامل مع جرائم الحرب التي تخطط لها إسرائيل.
وذكر الكاتب أنه بعد 16 شهرا أصبحت خطة غامليل وبشكل فعلي الخطة الرسمية للحكومة الإسرائيلية. ويجب أن ينسب الفضل أولا وأخيرا للرئيس دونالد ترامب، ولكن لا يمكن إنكار أن هذه العملية تعكس تطور فكرة عزيزة منذ فترة طويلة على الجمهور الإسرائيلي.
وفي الوقت الذي بدأ فيه ترامب وفريقه بالتخفيف من خطة التهجير ويقولون إنها ليست تهجيرا قسريا، ولكن "توصيات" فقط، استمر بنيامين نتنياهو، في الإشادة بـ "خطة ترامب الرائدة للسماح بحرية الخروج لسكان غزة". ويقوم وزير الحرب إسرائيل كاتس بإنشاء إدارة "للخروج الطوعي" من غزة. وكل هذه الصيغ موجودة حرفيا في خطة غامليل.
وأكد رابوبورت٬ لهذا، فعلينا عدم تجاهل دعوة نائب رئيس البرلمان نيسيم فاتوري التي تقول: "يجب فصل الأطفال والنساء وقتل البالغين [الذكور] في غزة". وربما كان فاتوري سياسيا هامشيا أكثر من غامليل، لكنه يشير إلى تطور في الخطاب اليهودي الإسرائيلي.
ويقول رابوبورت إن الدعوات لنكبة ثانية والتي سيطرت على اليمين المتطرف وحتى قبل هجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر ودخلت لاحقا الخطاب السائد اختفت. ولم يعد هناك "خطة الجنرالات" للحصار والتجويع، التي تم تنفيذها بالفعل بطرد سكان شمال غزة وهدم منازلهم ولم تتوقف إلا بسبب وقف إطلاق النار.
بل هناك مخطط للإبادة: من أجل حل نهائي لمشكلة غزة ومشكلة الفلسطينيين بشكل عام. وعليه فتصريحات فاتوري، جديرة بالملاحظة لأنها تأتي على خلفية تطبيع خطاب الإبادة.
وأضاف الكاتب أنه إذا كان وزير التراث عميخاي إلياهو قد أحدث تشنجا بعد أن دعا في بداية الحرب إلى إسقاط قنبلة نووية على غزة وأنها "الطريق الوحيد" للتعامل مع حماس، فإن مثل هذه التصريحات تسمع الآن علانية، دون أي محاولة لإخفائها أو تبييضها.
والأمثلة كثيرة ومتنوعة، فقد نشرت المحامية كينيرت باراشي، وهي "مؤثرة" بارزة من اليمين والتي تحرص دائما على ذكر أنها كانت تصوت لميرتس، نشرت على منصة إكس أن "يجب أن يمحى كل أثر للتحورات القاتلة في غزة، من غرف الولادة إلى آخر شخص مسن ويجب أن يموت 100٪ في غزة".
وقال الممثل يفتاح كلاين، الذي يصف نفسه بأنه من "جيل أوسلو"، في مقابلة مع مؤسسة "والا" الإعلامية بمناسبة مشاركته في مسرحية جديدة في مسرح هابيما: "أنا لا أصدقهم [الفلسطينيين]. أنا لا أؤمن بهم ولا أريد أن أراهم مرة أخرى طالما أنا حي، إلى الأبد. فليذهبوا إلى ما وراء جبال الظلام وليموتوا هناك".
وبنفس الطريقة قال المغني عوفر ليفي في مقابلة على بودكاست آفي شوشان على موقع صحيفة "معاريف" إنه لو كان جنديا في الجيش فـ "لن يكون هناك المزيد من السجناء. سأقتلهم جميعا وأحرقهم أيضا. سأحضر البنزين وأعطي الأمر بالمضي قدما وأسكبه ثم أشعله، أحرق كل شيء حتى آخر واحد منهم، بما في ذلك الجميع".
ويعلق رابوبورت أن هذا في الحقيقة مجرد غيض من فيض. فمجرد جولة لفترة وجيزة عبر وسائل التواصل الاجتماعي تؤدي إلى أمثلة أخرى كثيرة، عن رجال ونساء، عنصريون، كلهم متحدون في جوقة من الإبادة.
وقد اكتسب هذا الخطاب زخما واسعا، وبدون الحاجة إلى دراسات كمية بعد اتفاق وقف إطلاق النار في 19 كانون الثاني/يناير.
ويقول الكاتب إن سبب هذا ربما عاد إلى استعراضات حماس عند إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين. ويرى هؤلاء أن كل هذه الطقوس تقريبا تشكل دليلا، ليس فقط على قسوة حماس والإساءات الجسدية والنفسية التي تلحقها بالأسرى، بل وأيضا على فكرة مفادها أن كل الفلسطينيين في غزة متواطئون في هذه القسوة ويحتفلون بها. بحسب وصفهم.
وفي هذه الاحتفالات، كانت حماس تسعى بوضوح إلى إثبات نفسها أمام الجمهور الفلسطيني وبالطبع لإسرائيل، وأنها لا تزال صامدة بعد الهجوم الإسرائيلي الأكثر تدميرا وفتكا ضد الشعب الفلسطيني (على الأقل منذ عام 1948). ولإظهار أن إسرائيل ونتنياهو فشلوا في المهمة المعلنة للقضاء على حماس.
أما التفسير الثاني والذي يذهب أبعد من "محو حماس"، فقد أصبح إخلاء قطاع غزة، أو على الأقل مدينة غزة والبلدات الواقعة إلى الشمال منها، هدفا معلنا لكثير من القادة الإسرائيليين من اليمين، مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير والقادة في الجيش.
وكان هذا هو محور "خطة الجنرالات" التي تبناها الجيش بالفعل. وكان هدف القيادة الجنوبية، الذي نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت في منتصف كانون الأول/ديسمبر الماضي، "منع عودة سكان غزة إلى ديارهم في جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا". ولكن بعد سريان وقف إطلاق النار، أدرك الإسرائيليون أن حماس لم يتم القضاء عليها فحسب، بل إنها أظهرت في الواقع ثقتها بنفسها، بل إن التطهير العرقي قد فشل أيضا.
صحيح أن جباليا دمرت بالكامل، وكذلك أجزاء كبيرة من مدينة غزة ومحيطها. ولكن صور مئات الآلاف من الفلسطينيين العائدين إلى القطاع الشمالي كانت دليلا ملموسا على أن الفلسطينيين بقوا في غزة وأنهم لم يكن لديهم أي نية للذهاب إلى أي مكان، وبالتأكيد ليس طواعية.
ومن الصعب التحدث من منظور "النصر" عندما تم تدمير غزة بالكامل وبعد مقتل أكثر من 50 ألف شخصا وربما أكثر من ذلك بكثير، ولكن يمكن للمرء أن يفهم لماذا رأى معظم الفلسطينيين، في غزة نفسها وخارجها العودة إلى الشمال كفشل إسرائيلي.
وعليه فإن خطاب الإبادة، وفقا لهذا التفسير، ينبع من الإحباط الإسرائيلي إزاء عدم القدرة على تحقيق الإخلاء الكامل لسكان غزة. وإذا لم يقنع كل هذا الدمار والقصف الفلسطينيين بالمغادرة، فإن الاستنتاج الذي توصل إليه أكثر من بضعة إسرائيليين هو أنه لا يوجد خيار سوى قتل الجميع، من "غرف الولادة إلى آخر شخص مسن".
وهذا هو أحد الأسباب التي جعلت غالبية الجمهور الإسرائيلي تحتضن خطة ترامب لاقتلاع الفلسطينيين من غزة. وربما لأن الإسرائيليين أكثر دراية بالواقع المحلي من قطب العقارات الجالس في البيت الأبيض، فهم يعرفون أنه لا توجد فرصة حقيقية لخروج الفلسطينيين من القطاع بإرادتهم الحرة. ولهذا توصلوا إلى نتيجة أنك لكي تتخلص من الفلسطينيين، فعليك أن تقتلهم.
وكتب حاييم ليفنسون في صحيفة "هآرتس" أن الخطة التي قدمها وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر إلى المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف نيابة عن نتنياهو، تنص على أنه إذا فشلت المفاوضات مع حماس، فإن الجيش سوف يحتل القطاع بأكمله و"يدمر المباني التي لا تزال قائمة في معظم أجزاء القطاع، باستثناء مناطق الملاجئ المحددة في جنوب القطاع، وفي تلك المناطق فقط سوف يتم توزيع الغذاء".
كما تحدث يوعاز هيندل، قائد كتيبة الاحتياط في الحرب الحالية ووزير سابق، في مقال بصحيفة "إسرائيل اليوم" عن "مجمعات آمنة" سيتم إنشاؤها في القطاع مع توزيع الطعام والشراب في تلك المواقع فقط. وقال هيندل: "كل شيء خارج هذه المجمعات هو منطقة قتل".
بعبارة أخرى، أي شخص لا يدخل معسكرات الاعتقال هذه، من الصعب أن نطلق عليها أي اسم آخر، سيحكم عليه بالإعدام. ورغم أن التطهير العرقي أصبح أسلوب عمل ــ طرد 40 ألف فلسطينيا من مخيمات اللاجئين في شمال الضفة الغربية وإعلان كاتس أنه لن يسمح لهم بالعودة دليل آخر على ذلك، إلا أن هذا التطهير كان فاشلا حتى الآن.
لقد دمرت إسرائيل غزة، ولكن الفلسطينيين لم يتركوها، والفلسطينيون الذين أجبروا مؤخرا على ترك منازلهم في جنين ونور شمس وطولكرم لم يتركوا الضفة الغربية أيضاً.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية غزة طرد ترامب غزة طرد ابادة ترامب صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة أکثر من لم یکن من غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
الإعلام الحكومي بغزة: المساعدات التي دخلت القطاع لا تكفي إلا 3% فقط
كشف مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي بغزة إسماعيل الثوابتة عن أن حجم المساعدات الفعلية التي تصل إلى المواطنين في قطاع غزة لا يتجاوز 3% من الاحتياجات اليومية لنحو 2.4 مليون نسمة، بينهم أكثر من مليون طفل فلسطيني، رغم تعهدات الاحتلال الإسرائيلي بفتح المعابر منذ 27 يوليو/تموز الماضي.
وفي تصريحات للجزيرة نت، قال الثوابتة إن مستشفيات غزة ما زالت تسجل وفيات يومية جراء المجاعة ونقص الغذاء، وكان آخرها 5 ضحايا -بينهم طفلان- خلال الـ24 ساعة الماضية، لترتفع حصيلة الضحايا بسبب الجوع وسوء التغذية إلى 217 شهيدا، بينهم 100 طفل، في مشهد يعكس عمق المأساة واستمرار سياسة الحصار والتجويع التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية.
حجم المساعدات الحقيقي
وعن العدد الحقيقي للشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية التي تدخل فعلا قطاع غزة، أشار مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي بغزة إلى أن 1210 شاحنات مساعدة فقط هي التي دخلت غزة خلال 14 يوما، من أصل 8400 شاحنة مفترضة، أي ما يعادل 14% من الاحتياجات الفعلية.
وأضاف أن معظم هذه الشاحنات تعرضت للنهب والسطو في ظل فوضى أمنية يفتعلها الاحتلال ضمن سياسة ممنهجة لما سماه "هندسة التجويع والفوضى" بهدف كسر إرادة الشعب الفلسطيني.
وأكد الثوابتة أن الاحتلال الإسرائيلي يحاول استخدام هذا الوضع كأداة للضغط السياسي وتصفية القضية الفلسطينية عبر فرض شروطه الميدانية والإنسانية على السكان المحاصرين.
ويشن الاحتلال الإسرائيلي عدوانا متواصلا على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث أدت العمليات العسكرية وسياسات الإغلاق الممنهج إلى انهيار منظومة توزيع المساعدات الإنسانية، وسط تحذيرات متصاعدة من الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية بشأن خطر المجاعة والموت جوعا الذي يتهدد الأطفال والنساء في المناطق المنكوبة.
إنزال جوي بلا قيمة
وتطرق المسؤول الحكومي في غزة إلى آلية توزيع المساعدات عبر إنزالها من الجو، وبيّن أن هذه العمليات لم تعد فقط بلا جدوى، بل أضحت خطيرة على حياة المجوعين.
إعلانويفسر ذلك بقوله إنه منذ بدء الحرب تسببت الإنزالات الجوية وحدها في استشهاد 23 فلسطينيا وإصابة 124 آخرين. مبينا أن معظم صناديق المساعدات تسقط في مناطق يسيطر عليها الاحتلال أو في أحياء تم تفريغها قسريا من سكانها، مما يعرّض المدنيين للاستهداف المباشر.
كما أوضح الثوابتة أن "عمليات الإنزال الجوي التي حدثت العام الماضي أدت إلى غرق 13 فلسطينيا بعد سقوط المساعدات في البحر"، مطالبا بوقف هذه الإنزالات الجوية "الدعائية" التي يريد منها الاحتلال تلميع صورته والتغطية على سياساته بمنع دخول الإمدادات الأساسية عبر المعابر البرية.
جرائم متواصلة
ودان مسؤول الإعلام الحكومي في غزة استمرار الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي، مجددا دعوات سبق أن أطلقها للأمم المتحدة والدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي للتحرك العاجل والجدي لفتح المعابر وضمان تدفق المساعدات بلا قيود، خاصة الغذاء وحليب الأطفال والأدوية، بالإضافة إلى محاسبة الاحتلال على جرائمه بحق المدنيين الفلسطينيين.
وتؤكد بيانات وزارة الصحة في غزة استمرار نزيف الضحايا، فقد تجاوز عدد الشهداء الفلسطينيين منذ بدء الحرب 61 ألفا، بينهم عشرات الآلاف من الأطفال والنساء، إلى جانب أكثر من 153 ألف جريح، وما يزيد على 10 آلاف مفقود. في حين تحذر الأمم المتحدة من أن 87% من مساحة القطاع باتت إما تحت الاحتلال الإسرائيلي المباشر أو أمرت قوات الاحتلال بإخلائها، مما يضاعف أزمة الغذاء ويعمّق الكارثة الصحية.
ويتوازى كل ذلك مع مخطط بدأه جيش الاحتلال لتوسيع سيطرته على غزة، وذلك بعد أن أقرت الحكومة الإسرائيلية خطة "تدريجية" لاحتلال القطاع بأكمله وتهجير سكانه نحو الجنوب، وقد بدأ بالفعل فرض أوامر إخلاء جديدة بأحياء ومخيمات في شمال القطاع ووسطه وشرقه.