معسكر كرياندنقو للاجئين في أوغندا، قصة تحمل في مضامينها آلاف الوجوه التي غادرت أوطانها مُجبرة، لتلعق صبر المنفى وعلقم اللجوء وفقدان الأهل، ومآس متراكبة تحل على لاجئي السودان بأوغندا خاصة مع حلول شهر رمضان المبارك.
ورغم مرارة الواقع يحاول العديد من اللاجئين أن يحملوا السودان معهم على هيئة تقاليد وعادات وطقوس رمضانية، ويقومون بإحياء هذه العادات مع حلول الشهر الكريم في معسكر اللجوء بأوغندا.


وتحاول سلوى آدم أحمد مكافحة دمعات تمردت على سلطة الكتمان والتجلد الذي تدعيه، وتحكي بعد شهيق متقطع “هذا اللجوء ليس تجربتي الأولى، فأنا قد نزحت بعمر الثامنة إبان حرب دارفور من مدينة نيالا إلى محلية كأس، ولكنني قوية وقادرة على التحمل، نعم أنا قوية”.
هكذا بدأت اختصاصية علم النفس التي كانت تعمل في مستشفى القضارف شرقي السودان، قبل الحرب، قبيل أن تُصبح لاجئة وحيدة بعد أن تركت أهلها خلفها وزوجها الذي لا تعلم عنه شيئا منذ عامين.
تعمل سلوى كبائعة للفلافل في معسكر اللاجئين السودانيين بأوغندا، بعد أن حاصرتها الفاقة ولم تجد بدا من العمل ولو كان يوفر لها ما قيمته “دولارين في اليوم” لتسكت صوت جوعها وتتكفل بحالها.
بداية رحلة اللجوء
تشير سلوى إلى أن رحلتها من القضارف إلى دارفور كانت بغرض تقديم العزاء في شقيقها الذي توفي غرقا، ثم تضيف “هاجمت قوات الدعم السريع المنطقة، وكانت تدخل منازل العساكر وتقوم باغتيال ونهب منازل النظاميين، فدخلوا إلى منزل أهل زوجي وصوبوا السلاح إلى رأسي مطالبين بإخراج العساكر الذين بالمنزل، مما اضطرني للمغادرة”.
وتضيف في حديث خاص للجزيرة نت بأنها اضطرت للجوء بعد سوء حالة أسرتها، ووفاة شقيقها، وبعد أن فقدت تواصلها مع زوجها، ليتم نهب ممتلكاتها في أثناء رحلة اللجوء، لتعيش أجواء من الضيق والفزع الذي لازمها لفترة حتى وصولها إلى أوغندا.
وتشير إلى أنها اضطرت للعمل كبائعة للفلافل بعد أن ضاق بها الحال في معسكر اللجوء، وبحثت عن فرصة عمل هنا ولم تجد، وظلت لفترة طويلة تأكل مع الجيران، مما أجبرها على اتخاذ خطوة لتوفير طعامها بنفسها.
معسكر اللجوء.. الصورة عن قرب!
ويقول رئيس تجمع اللاجئين السودانيين بأوغندا “الذي تحفظ عن ذكر اسمه” إنهم يعانون من عدة تحديات تتمثل في الصحة، الغذاء والخدمات، وقبل عام عندما بدأ تدفق اللاجئين لم يكن هناك أي خدمات بالمكان، مع انعدام كل مقومات الحياة”.
ويضيف في حديث للجزيرة نت أنهم ناشدوا المنظمات الإنسانية ولكن ليست ثمة استجابة، فحاولوا البحث عن طرق بديلة، فحفروا عددا من الآبار، مما خفف من معاناة الحصول على الماء بيد أن المعاناة ما تزال مستمرة وأنهم يضطرون لشراء المياه للمطابخ الخيرية.
وأشار رئيس تجمع اللاجئين السودانيين بأوغندا إلى أن تحدي الصحة قائم في الصحة العلاجية والإنجابية والصحة العامة، مع غياب أدوية الأمراض المزمنة، مناشدا دعم اللاجئين السودانيين في جانب الصحة بأي صورة تسهم في تقليل الأزمة.
ويوضح أنهم يعيشون في أرض المعسكرات برفقة مليون و800 ألف أسرة من 7 قوميات أخرى كلاجئين في أوغندا بينما يبلغ عدد اللاجئين السودانيين المسجلين حتى الآن 57 ألفا و434 أسرة حسب إحصائية مفوضية اللاجئين، وأنه تم إدماجهم مع بقية المجتمعات القديمة من اللاجئين دون تمليكهم أي وسيلة تعينهم على الحياة.
شهر رمضان
الأسى يملأ “تينة عبد القدير” وهي تحكي عن استقبالها شهر رمضان للمرة الأولى خارج منزلها ووطنها، ولاجئة في معسكرات اللجوء، قائلة “المؤسف أن نشهد شهر رمضان خارج بلادنا، ولكننا حاولنا أن نستقبله بذات الروح القديمة”.
وتقول إن بعض السودانيين استطاعوا تحضير “الحلو مُر” (أحد المشروبات المرتبطة برمضان في السودان) هذا العام مما سهل على كثير من الأسر تذوق طعمه والشعور بروح رمضان، رغم افتقاد أجواء رمضان في السودان.
وتضيف بأنهم حاولوا إحياء الطقوس السودانية الرمضانية في معسكر اللاجئين هذا العام من خلال الإفطار في الخارج على شكل جماعات للرجال، وتحضير المشروبات الشعبية، وصلاة التراويح في الميادين الكبيرة، لكنها تفتقد الكثير من طقوس رمضان السودانية من بينها غياب الأهل والجيران، وشعور الغربة وفقدان الوطن.

تكية اللاجئين
يؤكد مدير اللجنة العليا للمطابخ الخيرية (التكايا) في معسكر اللاجئين السودانيين بأوغندا معاوية الحسن أن فكرة المطابخ الخيرية جاءت بعد إيقاف برنامج الغذاء دعمه الأمر تسبب في تزايد حالات سوء التغذية وسط النساء والأطفال وتزايد حالات الجوع، مما دفع إلى البدء بالجهد الذاتي في تدشين التكايا، ليصل عددها الآن نحو 13 تكية (مطبخ خيري) في جميع أنحاء معسكر اللاجئين السودانيين بينما يشهد اليوم افتتاح التكية الـ14.
ويضيف معاوية الحسن في حديث خاص للجزيرة نت، أن عدد الأفراد الذين تخدمهم هذه المطابخ يتراوح من 5 إلى 6 آلاف لاجئ سوداني في جميع مناطق اللاجئين بأرض المعسكرات، للفئات الأكثر ضعفا من الفتيات والأرامل والمطلقات والأطفال.
ويشير إلى أنه لا توجد جهة تدعم المطبخ الخيري بصورة مستمرة ولكنهم يعتمدون على الداعمين من بعض المنظمات الوطنية وأهل الخير، وأن المواد التي بحوزتهم الآن قد تنتهي حتى منتصف رمضان وبالتالي يصبح جميع المستفيدين عرضةً للجوع.

المصدر : الجزيرة

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: اللاجئین السودانیین بأوغندا معسکر اللاجئین شهر رمضان فی معسکر بعد أن إلى أن

إقرأ أيضاً:

إصابة دموية تُربك معسكر الأخضر في جدة

أعلن الاتحاد السعودي لكرة القدم عن تعرض عبد الرحمن العبود، جناح المنتخب الوطني، لإصابة قوية ودامية خلال الحصة التدريبية التي أجراها الأخضر مساء الخميس في مدينة جدة، ضمن استعداداته لمواجهة منتخب العراق في الجولة الثانية من الملحق الآسيوي المؤهل إلى كأس العالم 2026. 

الإصابة جاءت نتيجة احتكاك قوي في كرة مشتركة مع أحد زملائه أثناء التقسيمة التدريبية، ما اضطر الجهاز الطبي للتدخل السريع ونقله إلى المستشفى لإجراء الفحوصات اللازمة.

وشهدت الحصة التدريبية أجواءً تنافسية بين اللاعبين في إطار برنامج المدير الفني الفرنسي هيرفي رينارد، الذي يواصل تجهيز الفريق بدنيًا وفنيًا قبل المواجهة المرتقبة أمام "أسود الرافدين" يوم الثلاثاء المقبل. 

وكان الأخضر قد استهل مشواره في الملحق الآسيوي بالفوز على منتخب إندونيسيا، وهي نتيجة منحت الفريق دفعة معنوية كبيرة قبل لقاء العراق الحاسم في صراع حجز بطاقة التأهل للمرحلة النهائية من التصفيات المؤهلة للمونديال.

وبحسب بيان رسمي نشره الاتحاد السعودي عبر موقعه الإلكتروني وحساباته على وسائل التواصل الاجتماعي، فإن العبود لم يتمكن من استكمال الحصة التدريبية بعد تعرضه للإصابة، حيث قرر الجهاز الطبي نقله بشكل فوري إلى أحد المستشفيات القريبة من مقر المعسكر لإجراء أشعة دقيقة على موضع الإصابة والتأكد من عدم وجود كسر أو تلف في الأنسجة.

 وأوضح البيان أن حالة اللاعب مستقرة، وأن الجهاز الطبي يتابع حالته بشكل مستمر لتقييم إمكانية لحاقه بالمباريات القادمة.

وفي السياق نفسه، كشفت صحيفة "الرياضية" السعودية تفاصيل إضافية عن الحادثة، مشيرة إلى أن العبود أصيب في منطقتي الأنف والفم بعد تدخل قوي وغير مقصود مع أحد زملائه أثناء التدريب المسائي.

 وأفادت الصحيفة أن الإصابة تسببت في نزيف دموي، ما أثار حالة من القلق داخل الجهاز الفني والطبي، خصوصًا وأن اللاعب يُعد أحد العناصر الهجومية المهمة في تشكيلة رينارد.

وبعد الواقعة، تدخل الطاقم الطبي بسرعة لإيقاف النزيف وتقديم الإسعافات الأولية داخل الملعب، قبل أن يُنقل اللاعب برفقة أحد أفراد الجهاز الإداري إلى المستشفى لإجراء الفحوصات. 

وأكدت مصادر "الرياضية" أن النتائج الأولية للأشعة لم تُظهر وجود كسور خطيرة، لكن اللاعب سيحتاج إلى راحة قصيرة قبل العودة للتدريبات، في انتظار التقرير النهائي من الطبيب المختص.

من جهته، فضّل رينارد تعديل البرنامج التدريبي بعد الحادثة، حيث قسّم اللاعبين إلى مجموعتين؛ الأولى ضمّت البدلاء واللاعبين الذين لم يشاركوا في مباراة إندونيسيا الأخيرة، وخاضوا تدريبات ميدانية اعتمدت على الجوانب التكتيكية والهجومية.

 أما المجموعة الثانية، والتي تضم العناصر الأساسية التي شاركت في اللقاء السابق، فقد اكتفت بتدريبات استشفائية داخل صالة اللياقة البدنية لتجنب الإرهاق البدني، خاصة في ظل ضيق الوقت بين المواجهتين.

ويأتي معسكر جدة ضمن خطة المنتخب السعودي للتحضير المكثف للمرحلة الحاسمة من التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2026، حيث يواصل الجهاز الفني بقيادة رينارد العمل على رفع جاهزية اللاعبين وتطوير الانسجام بينهم بعد فترة من التغييرات في التشكيلة. 

كما يسعى المدرب الفرنسي إلى منح بعض الوجوه الجديدة فرصة المشاركة التدريجية، خصوصًا في ظل الغيابات التي يعاني منها الأخضر بسبب الإصابات والإيقافات، وعلى رأسها محمد كنو الذي تعرض للطرد في المباراة الماضية.

ويُعد عبد الرحمن العبود من أبرز اللاعبين أصحاب النزعة الهجومية في المنتخب السعودي، إذ يتميز بسرعته العالية وقدرته على المراوغة وصناعة الفارق في الثلث الهجومي الأخير. وقد قدّم مستويات مميزة خلال المباريات الأخيرة سواء مع ناديه أو مع المنتخب، ما جعله أحد الخيارات المفضلة في خطط رينارد التكتيكية.

حتى الآن لم يصدر أي قرار رسمي بشأن مشاركته أمام العراق، لكن المؤشرات الأولية توحي بأن الجهاز الفني لن يُغامر بإشراكه إلا بعد التأكد التام من تعافيه، خصوصًا أن اللقاء سيكون قويًا ويحتاج إلى جاهزية بدنية كاملة من جميع اللاعبين.

بهذا، يواصل المنتخب السعودي استعداداته وسط حالة من التركيز والحذر، إذ يسعى الجهاز الفني لتفادي أي إصابات إضافية قد تؤثر على توازن الفريق قبل المباراة المنتظرة أمام العراق، في وقت يأمل فيه الجميع أن تكون إصابة العبود طفيفة ليعود سريعًا إلى صفوف الأخضر في الأيام المقبلة.
 

مقالات مشابهة

  • علاج غير متوقع لآلام المفاصل دون اللجوء إلى الأدوية والجراحة
  • استبعاد نجم ليفربول من معسكر فرنسا
  • مستأنف شبرا الخيمة تخفف حكم الإعدام لعامل قتل جاره إلى السجن المشدد 15 سنة
  • مفوضية اللاجئين تبدأ أولى رحلات العودة الطوعية للاجئين الصوماليين من عدن إلى مقديشو
  • رئيس مصلحة الجمارك يبحث مع ممثل مفوضية اللاجئين تعزيز التعاون المشترك
  • إصابة دموية تُربك معسكر الأخضر في جدة
  • بضع دقائق من مشاهدة مقاطع الفيديو الملهمة تخفف التوتر... دراسة تكشف السبب
  • وزير الداخلية يلتقي المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وكبار معاونيه
  • انطلاق المرحلة الرابعة لخطة الحكومة اللبنانية لعودة اللاجئين السوريين
  • على خلفية محاكمة كوشيب.. ماهي خلفيات قضية دارفور لا يعرفها الكثير من السودانيين