لجريدة عمان:
2025-06-06@06:52:11 GMT

الرسوم الجمركية لن تحل مشاكل أمريكا

تاريخ النشر: 9th, March 2025 GMT

ترجمة - قاسم مكي -

تبنَّت إدارة ترامب وجهةَ النظر التي ترى أن الولايات المتحدة ضحية فوائض التجارة الخارجية وتحاجج بأن النظام التجاري العالمي أضر بالمجتمع. أما العلاج فهو الرسوم الجمركية.

لكن الرسوم وحدها لن تقلل العجز التجاري أو تستعيد الوظائف الصناعية. وما هو أسوأ أنها تهدد بصرف الانتباه عن المصادر الحقيقية للمشاكل الاجتماعية التي تعاني منها أمريكا والسياسات التي يمكن أن تساعد في التخلص منها.

الميزان التجاري ليس هو الملمح الحاسم للأداء الاقتصادي. فمثلا تسجل الولايات المتحدة عجزًا تجاريًا سنويًا في الحساب الجاري منذ عام 1981 في حين تسجل ألمانيا واليابان فوائضًا. تفعل ألمانيا ذلك منذ عام 2002 واليابان منذ عام 1981. مع ذلك تتفوق الولايات المتحدة عليهما بانتظام في النمو الاقتصادي. (يحدث العجز التجاري عندما تكون قيمة واردات بلد ما من السلع والخدمات أكبر من صادراته - المترجم.) قياسا بالدولار الدولي شهد الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للفرد في الولايات المتحدة نموا بلغ في المتوسط 1.8% في الفترة بين 1980 و2023.

وفي ألمانيا واليابان كان 1.4% و1.5 على التوالي. هذه الاختلافات الطفيفة تتراكم بمرور الوقت. ففي عام 1980 كان الدخل الحقيقي للفرد في الولايات المتحدة مساويًا تقريبًا لدخل الفرد في ألمانيا وأعلى بنسبة 46% في اليابان. وفي عام 2023 كان في الولايات المتحدة أعلى بنسبة 19% من دخل الفرد في ألمانيا و61% من دخل الفرد في اليابان.

بالطبع لا تتحول الإنتاجية تلقائيا الى «سعادة» ولدى الأمريكيين سبب وجيه لعدم الرضا. فقد حدث انفجار في اللامساواة وفقد العاملون وظائف مجزية في قطاع الصناعة التحويلية وحدث ركود في الأجور الحقيقية ومتوسط أعمار غير الحاصلين على شهادات جامعية أقل.

من الصعب حل هذه المشاكل بفرض ضرائب على الواردات حتى إذا تم تعزيزها برفع قيودٍ تنظيمية وإعفاءاتٍ ضريبية. فالرسوم الجمركية لن تكون لها آثار حاسمة حتى على الميزان التجاري والتوظيف في القطاع الصناعي.

الميزان التجاري يساوي ما ينتجه الاقتصاد ناقصًا إجمالي الإنفاق على الاستهلاك والاستثمار.

لذلك هو مرتبط بالإنتاج والتوظيف في قطاع الصناعة التحويلية. وهذا ليس لأن المزيد من الاستيراد يقلل الناتج المحلي الإجمالي. بل لأن الطلب عندما يرتفع بأكثر من الناتج في اقتصادٍ قريبٍ من التوظيف الكامل كما هي الحال في الولايات المتحدة الآن سيكون جزء من ذلك الطلب المرتفع على سلع غير قابلة للتداول (للتصدير والاستيراد).

ومع التوسع في العرض لمقابلة الطلب يتم سحب مدخلات الإنتاج بما في ذلك العمل من قطاعات السلع القابلة للتداول (مثل منتجات) الصناعة التحويلية.

وبالتالي يتم إشباع الطلب على السلع القابلة للتداول بالواردات فينمو العجز التجاري وتنكمش الصناعة التحويلية.

ليس بالضرورة أن تدفع الرسوم الجمركية التوازن بين الدخل والإنفاق في هذا الاتجاه أو ذاك. وهذا هو السبب في أنها لن تُحسِّن وضع الميزان التجاري أو الوظائف الصناعية.

الرسوم الجمركية ستجعل العملة أكثر قوة كما شهدنا ذلك في تقلبات قيمة الدولار استجابةً للتهديد بفرضها على الواردات من المكسيك وكندا والصين والآن أوروبا. فهذا (أي أثر الرسوم على سعر العملة) يزيد الواردات ويؤذي الصادرات.

كما تُلحِق الرسوم الجمركية الضرر بالصادرات من خلال رفع أسعار السلع الوسيطة بالغة الأهمية. ولن يحدث تغيير يذكر في الميزان التجاري في مرحلة ما بعد تطبيق الرسوم. بل من الممكن أن ينخفض. وإذا لم يتأثر إنفاقُ الولايات المتحدة الذي يفوق دخلَها لن تتغير الحاجة إلى تحويل الموارد لقطاع الخدمات واستيراد السلع من الخارج. ولن يتوسع التوظيف في القطاع الصناعي.

الحديث عن الرسوم الجمركية يصرف الأنظار عن السياسات الاقتصادية السليمة لمساعدة أمريكا. يمكن أن تشمل هذه السياسات نظاما ضريبيا أفضل في توزيع الثروة ووضع حدود لنفوذ الشركات في السوق وقدرًا أكبر من الإصلاح للرعاية الصحية وتطوير قوة العمل. لكن إدارة ترامب لا تقدم أي شيء من هذا القبيل.

صحيح لدى الولايات المتحدة ديون كبيرة للأجانب في حين تملك ألمانيا واليابان ثروات أجنبية تفوق ديونهما. لكن أكثر من نصف تلك الديون استثمارات في الأسهم أو استثمار أجنبي مباشر (بناء مصانع أو شراء أسهم شركات- المترجم.) بمعنى أنها تستفيد منها لأنها تدعم اقتصادها. خذوا مثلا حصة شركة الصلب «نيبون ستيل» اليابانية في رأسمال شركة «يو إس ستيل» الأمريكية والتي قال عنها ترامب نفسه إنها «مثيرة جدا». يمكن أن تُعزَى بعض الديون الأجنبية إلى «الاستهلاك قصير النظر».

الاقتراض يخفف مؤقتًا التحديات التي تواجهها العائلات منخفضة الدخل. فعبء الدين العائلي في الولايات المتحدة والذي شكَّل 62% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024 أشد وطأة على الفقراء. وهو في ازدياد. وتستمر الحكومة الفيدرالية الأمريكية في الإنفاق غير المستدام بما يفوق مواردها.

الادخار الوطني المتدني والاستثمار القوي هما معا وراء العجز الخارجي للولايات المتحدة. واتخاذ إجراء جاد للحد من عجز الموازنة الفيدرالية سيعزز الميزان التجاري والوظائف في قطاع الصناعة التحويلية.

هذه المقاربة تتطلب خططًا تقلل الاقتراض على نحو له معنى وفي ذات الوقت تتجنب الضرر الاقتصادي غير الضروري وذلك بدلًا عن الاستعراض المسرحي الصارخ الذي نشهده اليوم.

أولئك الذين يتولون الآن الحكم في واشنطن يعتبرون الرسوم الجمركية أداة ناجعة لحل أكبر مشكلة اقتصادية في نظرهم وهي العجز التجاري. لكن حتى إذا أمكن لهذه الأداة خفض العجز وهذا مشكوك فيه لن تزول المشاكل الحقيقية للولايات المتحدة وستظل باقية.

موريس أوبسفيلد زميل أول بمعهد بيترسون للاقتصاد الدولي وكبير الاقتصاديين بصندوق النقد الدولي سابقا.

الترجمة عن «الفاينانشال تايمز»

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی الولایات المتحدة الصناعة التحویلیة الرسوم الجمرکیة المیزان التجاری العجز التجاری

إقرأ أيضاً:

ماسك يفتح النار على ترامب: الرسوم الجمركية تدمر الاقتصاد

أكد الملياردير الأمريكي إيلون ماسك، أن الركود قادم إلى البلاد في النصف الثاني من عام 2025 بسبب رسوم ترامب الجمركية، في ظل خلافه الحاد مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وكتب ماسك على منصة “إكس” "إن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب ستؤدي إلى ركود اقتصادي في النصف الثاني من هذا العام".

ماسك مجنون

وفي تصريحات مثيرة، وصف ترامب ماسك بـ"المجنون"، مؤكدًا أنه طلب منه مغادرة منصبه في هيئة الكفاءة، واتهمه بتضليل الرأي العام بشأن السيارات الكهربائية، قائلا: "لقد سحبنا منه تفويضه بشأن السيارات الكهربائية التي أجبر الجميع على شرائها، وهو كان يعلم بذلك منذ أشهر، ثم أصيب بالجنون!".


وأشار الرئيس الأمريكي إلى أن الطريقة الأسهل لتقليص العجز الحكومي تكمن في "إنهاء العقود والدعم الفيدرالي لإيلون ماسك، ما سيوفر مليارات الدولارات"، بحسب منشور له على منصة "تروث سوشيال".

ماسك يرد باستطلاع شعبي 

من جهته، ردّ إيلون ماسك بسلسلة منشورات عبر منصته "إكس"، بدأها بنشر استطلاع للرأي حول إنشاء حزب سياسي جديد يمثل الطبقة المتوسطة الأمريكية، وحظي الاستطلاع بأكثر من مليون تصويت في أقل من ساعة، مع تأييد ساحق لفكرة الحزب الجديد.

وفي رد أكثر تصعيدًا، أعلن ماسك أن شركة "سبيس إكس" ستبدأ فورًا "وقف تشغيل مركبة دراغون الفضائية"، ردًا على تهديدات ترامب بإلغاء العقود الاتحادية.

 ماسك يلوّح بملفات إبستين

كما فجّر ماسك مفاجأة ثقيلة بقوله: "حان وقت إلقاء القنبلة الكبرى: ترامب موجود في ملفات إبستين. هذا هو السبب الحقيقي لعدم نشرها. يومك سعيد يا دونالد ترامب!". وأضاف: "تذكروا هذه التغريدة في المستقبل، فالحقيقة ستظهر"، في إشارة إلى تورط مزعوم للرئيس في قضية جيفري إبستين، رجل الأعمال الأمريكي الراحل المتهم بإدارة شبكة استغلال جنسي لقاصرات.

بعد وصفه بالمجنون.. ماسك يؤيد فكرة عزل ترامبالقنبلة الكبرى..إيلون ماسك يتهم ترامب بالتورط في قضية استغلال القاصراتانهيار أسهم تسلا بسبب تصاعد الخلافات بين ترامب وماسكإيلون ماسك يُلمّح إلى تأسيس حزب سياسي جديد بعد خلافه العلني مع ترامبترامب عن ماسك: أشعر بخيبة أمل فيه.. ولا أعلم إن كانت علاقتنا ستبقى رائعةإيلون ماسك يدعو إلى إلغاء مشروع قانون ترامب لخفض الإنفاقتوتر متصاعد بين ترامب وإيلون ماسك بسبب مشروع قانون الضرائب«عار ومقزز».. إيلون ماسك يفتح النار على مشروع ترامب الضريبيبين الكيتامين والمخدرات.. من يجرؤ على محاسبة إيلون ماسك؟| تقريرالبيت الأبيض: ترامب يتوقف عن دعم مرشح ماسك لرئاسة وكالة ناسا

وتأتي هذه التصريحات بينما تتزايد المطالب داخل الأوساط السياسية بنشر الملفات الكاملة لقضية إبستين، والتي يُعتقد أنها تحتوي على أسماء لشخصيات بارزة في المجتمع الأمريكي، بينهم مسؤولون سابقون وحاليون.

خلاف قديم يتفجر مجددًا

الرئيس ترامب أعرب في وقت سابق عن "استياء بالغ" من انتقادات ماسك لمشروع قانون الموازنة، مؤكدا أن الأخير لم يعترض عليه سابقًا، قبل أن تتفاقم الأزمة بعد إعلان خفض الدعم للسيارات الكهربائية.

وقال ترامب خلال لقاء في المكتب البيضاوي مع المستشار الألماني فريدريش ميرتس: "أنا محبط جدًا من إيلون. لقد ساعدته كثيرًا. كان يعلم تفاصيل مشروع القانون أكثر من أي شخص، لكنه انقلب فجأة!".

طباعة شارك ماسك إيلون ماسك الاقتصاد ترامب ترامب وماسك دونالد ترامب

مقالات مشابهة

  • ماسك يفتح النار على ترامب: الرسوم الجمركية تدمر الاقتصاد
  • الصين: الرسوم الجمركية الأمريكية على المعادن تعرقل سلسلة الإمداد
  • دخول قرار مضاعفة الرسوم على واردات أمريكا من الصلب والألومنيوم حيز التطبيق
  • رسوم ترامب الجمركية على واردات الحديد والصلب بنسبة 50% تدخل حيز التنفيذ اليوم
  • أسعار النفط تهبط مع تصاعد مخاوف الرسوم الجمركية
  • انخفاض أسعار النفط وسط مخاوف الرسوم الجمركية
  • الرسوم الجمركية الأميركية على الفولاذ والألمنيوم تدخل حيز التنفيذ
  • مصر.. انخفاض عجز الميزان التجاري خلال الربع الأول من 2025.. وخبراء يعلقون
  • الدولار يتراجع إلى أنى مستوى له في 6 أسابيع بفعل ضغوط الرسوم الجمركية
  • بنسبة 38.6%.. عجز الميزان التجاري في مصر يتقلص خلال مارس 2024