أحمد علي سليمان: المرأة المسلمة كانت دائمًا ركيزة أساسية في نهضة الأمة
تاريخ النشر: 9th, March 2025 GMT
ألقى الدكتور أحمد علي سليمان، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية ومدير اعتماد التعليم الأزهري بالهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد، محاضرة عامة لطالبات السنة السادسة (الثالثة الثانوية) بتربية المعلمين بدار النجاح في جاكرتا، إندونيسيا، وللمعلمات،تزامناً مع الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، وتناولت المحاضرة عدة موضوعات:
مكانة المرأة في الإسلام وصور من رحمة النبي بها.
استهل الدكتور سليمان المحاضرة بالتأكيد على أن الإسلام كرَّم المرأة وأعلى من شأنها، ومنحها حقوقها كاملة في جميع مراحل حياتها، سواء كابنة، أو زوجة، أو أم، أو أخت أو حفيدة، أو أي امرأة في المجتمع.
وأكد سليمان أنَّ الرسول (ﷺ) جاء رحمة مُهداة للإنسان والحيوان والنبات وحتى الجماد، وقد أوصي بالرحمة بالبنات والنساء والرفق بهن؛ فقد بشَّر بعهدٍ جديد يُكرِّم المرأة، وينهي ممارسات الجاهلية التي كانت تُلحق الأذى بالبنت والمرأة، سواء بالقتل، أو الإهمال، أو غير ذلك من صور الظلم.
وتابع: ففي العصر الجاهلي، كانت البنات تُعدّ عبئًا يُتخلَّص منه، بل كانت بعض المجتمعات تُقدم على وأدهن -أي قتلهن أحياء- ظلمًا وعدوانًا، فجاء الإسلام ورسوله العظيم (رحمة الله للعالمين) ليُغيِّر هذه المفاهيم، ويُعلن أن المرأة أمانةٌ من الله ونعمةٌ عظيمة، يجب الحفاظ عليها وصيانهتا وإكرامها.
وواصل: وقد حرَّم النبي (ﷺ) كلَّ ما يُلحق الأذى بالبنات، وأوصى برعايتهن ومعاملتهن بالرحمة والاحترام، مؤكدًا أن من رزقه الله بنتًا فأحسن إليها، كان ذلك سببًا في البركة ودخول الجنة. وجاءت هذه التعاليم النبوية لتصحيح المفاهيم الاجتماعية، وجعل حقوق النساء واحترامهن جزءا مهما من تعاليم الإسلام.
وأكمل: ويُشير مصطلح "وأد البنات" إلى تلك العادة الجاهلية القاسية، حيث كانت بعض القبائل تقدم على قتل البنات خوفًا من العار أو الفقر. فجاء الإسلام رحمةً من الله تعالى، فحرَّم قتل البنات، وأمر بحمايتهن ورعايتهن، مؤكِّدًا أنهن نعمةٌ عظيمة ومصدر للخير والبركة في الدنيا والآخرة. وقد شكَّل هذا التحريم تحولًا جذريًّا في المفاهيم السائدة آنذاك، ورسَّخ مبدأ الاعتراف الكامل بحقوق المرأة وتقدير مكانتها. قال تعالى: «وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالْأُنثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ . يَتَوَارَىٰ مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ ۚ أَيُمْسِكُهُ عَلَىٰ هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ ۗ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ» (سورة النحل: 58-59).
وأردف: ولقد كان النبيُّ (ﷺ) مِثالًا في تواضعه، ورحمتِه، وبِرّه، وعطفِه، ووفائه، وعدلِه مع زوجاتِه وأهلِ بيته. لقد توغَّلَ النبيُّ في فهمِ شخصية المرأة وفي أعماقِها الرقيقة.. يُناجيها بدفء العاطفة، ويُعينُها على العمل لدينِها ودنياها؛ فاستطاعتِ المرأةُ بتَوجيهاتِه الجليلةِ أن تُصلحَ ما بينها وبين ربها، فأصلحَ اللهُ أمرَ دينها ودنياها. وتؤكدُ السيدةُ عائشة (رضي الله عنها) هذه المعاني بقولها: "ما ضرَبَ رسولُ اللهِ (ﷺ) بيدِه شيئًا قطُّ إلَّا أنْ يُجاهِدَ في سبيلِ اللهِ، وما ضرَب امرأةً قطُّ ولا خادمًا له قطُّ" (أخرجه ابن حبان في سننه).. وكان (ﷺ) يوصي بالنساءِ خيرًا، فيقول: (خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأهلِهِ وأنا خَيْرُكُمْ لأهلِي) (أخرجه الترمذي في سننه).
وأكمل: لقد كان النبيُّ زوجًا، وأخًا، وأبًا، وصديقًا لكلِّ زوجاته، وكان يقابلُ إساءتهنَّ بالإحسان، ويحثُّ أتباعَه والمسلمين مِن بعده على الرِّفق بهن، وورَدَ أنَّ النبيَّ (ﷺ) كان في سفَرٍ، وكان غُلامٌ يُقالُ له أنجَشَةُ يَحدو بهنَّ (أي يسوق الإبل وهو يغني لها ليحثها على السير والسرعة)، فقال له النبيُّ (ﷺ): (رُوَيدَك يا أنجَشَةُ سَوقَك بالقَواريرِ) (أخرجه البخاري في صحيحه)، والمعنى: رفقًا بالقوارير، فما أعظمَ هذا التَّعبير النَّبوي الراقي، وما أبلغَه! حيث شبَّه النساءَ في رقَّتِهنَّ وخِلقَتِهن بالزُّجاج الرَّقيق، في إشارةٍ منه إلى ضرورة مُعاملتِهنَّ بالرِّفق واللين وبالراحة والرحمة. كان يَحنو على زوجاتِه أيَّما حُنُو، ويرحمهنَّ أيَّما رحمة!، ويخفِّف آلامهنَّ وهُمومهنَّ وأتْعابهنَّ، ويُعلِّمهنَّ ويساعدهنَّ في شتَّى الأعمال.. ولم يدَّخرْ وسْعًا في ذلك.
وواصل: وهكذا، حمل رسول الله (ﷺ) إلى البشرية رسالة العدل والرحمة، فألغى الظلم والممارسات الجائرة، وأكَّد أن لكل بنتٍ حقَّها في الحياة والكرامة، وهو ما يُجسِّد أحد أسمى مقاصد الشريعة الإسلامية.
وأوضح أن المرأة المسلمة كانت دائمًا ركيزة أساسية في نهضة الأمة، وأسهمت عبر العصور في مجالات: العلم، والدعوة، والتربية، والسياسة، والإدارة، وغيرها.
وسلط الدكتور أحمد علي سليمان الضوء على الدور الريادي والحضاري لأمهات المؤمنين، وخص بالذكر ثلاث شخصيات عظيمة كان لهن أثر بالغ في نصرة الإسلام ونشر تعاليمه:
السيدة خديجة بنت خويلد (رضي الله عنها): كانت أول من آمن بسيدنا محمد (ﷺ)، ووقفت بجانبه في أصعب مراحل الدعوة. قدمت كل ما تملك من مال وجهد لدعم رسالة الإسلام، وكانت مصدر الطمأنينة والدعم النفسي للنبي (ﷺ)، حتى قال عنها: (إني رزقت حبها). كما كانت نموذجًا للمرأة المسلمة في الحكمة والوفاء والتضحية.
السيدة عائشة بنت أبي بكر (رضي الله عنها): كانت من أكثر نساء المسلمين علمًا وفقهًا، وروت عن النبي (ﷺ) كثيرا من الأحاديث التي شكلت أساسًا مهمًا للفقه الإسلامي. وأدت دورًا بارزًا في نشر السنة وتعليم الأجيال، حتى قيل إنها كانت مرجعًا لكبار الصحابة في الفتوى، مما يعكس مكانة المرأة في التعليم والتوجيه.
السيدة أم سلمة (رضي الله عنها): عُرفت برجاحة عقلها وحكمتها، وكانت صاحبة المشورة التي غيرت مجرى الأحداث في صلح الحديبية، عندما أشارت على النبي (ﷺ) بحل الإحرام، فكان لرأيها أثر كبير في تهدئة الصحابة وقبولهم للاتفاق. كما كانت من المحدثات الفقيهات اللاتي أثرين العلوم الإسلامية.
تفعيل دور المرأة المسلمة في العصر الحاضر:
أكد الدكتور أحمد علي سليمان على ضرورة استلهام الدروس من سير أمهات المؤمنين لتفعيل دور المرأة المسلمة في مجتمعاتنا اليوم، خاصة في مجالات التربية والتعليم والتهذيب.
وشدد على أن المرأة المسلمة تستطيع أن تكون عنصرًا فاعلًا في بناء الأجيال، ونشر القيم الإسلامية، وتعزيز الاستقرار الأسري والمجتمعي.
وقال: من الحقائق التي نؤمن بها، ويجب أن نسعى لترسيخها: أنَّ بناء المرأة بناء سليمًا في عصر شديد التعقيد، وتشكيل وعيها وتأهيلها؛ يُعدُّ بناء للمجتمع وتشكيل وعيه السليم.
وأنَّ تمكين المرأة -لاسيما تربويًّا وإعلاميًّا وثقافيًّا؛ تمكين للأسرة وتأمين للنشء والشباب، وأنَّ تحصين المرأة؛ يُعدُّ تحصينًا للنشء والأسرة وتحصين لشتى أفرادها.
ونبه على أن المرأة المسلمة يمكن أن تُسهم بسهم وافر في تقوية الجهاز المناعي للأمة الإسلامية، وتُرسِّخ الحصانة الفكرية والسلوكية لدى النشء المسلم، من خلال برامج التربية الإيمانية والإعلامية، التي تنمي معارفهم ووعيهم ومداركهم ومسؤولياتهم تجاه دينهم وأوطانهم ومقدساتهم وهُويتهم وأيضًا تجاه التحديات التي تواجههم؛ حتى يتأهلوا لحمل راية دينهم وأوطانهم.
واستطرد: لكي تقوم المرأة بذلك يجب أن تؤهل لتحقيق ذلك؟!، ومن ثم يجب أن نُعنى بهذه في إطار خطة إسلامية عامة، تستهدف الاستثمار الاستراتيجي في بناء المرأة وتكوينها وتأهيلها. من خلال: أولا: الإيمان بالقدرات الخلاقة التي يمكن أن تقوم بها المرأة في الحياة. ثانيا: تكاتف شتى المؤسسات التربوية والإعلامية والدينية والثقافية لبناء وعي المرأة، وتنمية قدراتها. ثالثا: تدريب المرأة على منهجية التفكير الناقد لتمكينها من عمليات الفرز والانتقاء والغربلة من الوافد العاتي عبر التقانات الحديثة، وإكسابهن القدرة على النقد والتحليل والتركيب واستشراف المستقبل؛ من أجل المحافظة على كينونة النشء وهُويتهم الثقافية وخصائصهم الحضارية.
رابعا: توجيه وسائل بناء الوعي للتركيز على القضايا الكبرى التي تتعلق بالمصالح العليا للأمة، والسعي الحثيث لبناء القيم الدينية والأخلاقية، والعادات والتقاليد، والموروث الثقافي للمسلمين، مع ضرورة التحاور مع الثقافات الأخرى من منطلق الندية لا التبعية، وإبراز التحديات التي تواجه المجتمع في شتى المجالات، وسبل مواجهتها، وتعزيز المسؤولية الفردية والجماعية في المجتمع.
خامسا: تربية الوالدين تربية إعلامية تمكنهم من تدريب النشء المسلم على الاستخدام الأمثل والآمن لوسائل الإعلام المختلفة، وبما يساعد على تنميتهم في شتى الجوانب: العقلية والمعرفية والوجدانية والنفسية والسلوكية والعملية، وذلك يستلزم تزويد الوالدين بالعلوم والمعارف ومصادر التربية الإعلامية من منظور إسلامي، وبما يُحقق مصلحة النشء والشباب في حدود الضوابط الشرعية والقانونية، ويعمق ثقافتهم الدينية، ويحمي صحتهم الجسدية والعقلية، ويقيهم مخاطر المعلومات الضارة ويحصنهم ضد مظاهر الاختراق التي تُبث من خلال الإعلام الجديد وغيره، والتي تستهدف -في كثير منها- زعزعة الإيمان والتأثير السلبي في ملامح هُويتهم وتمسكهم بثوابتهم الدينية.
رمضان.. فرصة لتعزيز العلاقة بالله وتحقيق التوازن الروحي
كما تحدث الدكتور سليمان عن أهمية شهر رمضان في تهذيب النفس، وتقوية الصلة بالله، وتحقيق التوازن النفسي والجسدي والروحي. وأوضح أن الصيام لا يقتصر على الامتناع عن الطعام والشراب، بل يشمل تهذيب الأخلاق، وتزكية النفس، وتدريبها على الصبر والعطاء.
كما أشار إلى فضل ذكر الله والصلاة والسلام على سيدنا النبي (ﷺ)، مبينًا أن هذه الأعمال الروحانية تسهم في طمأنينة القلب، وزيادة القرب من الله، وتحقيق الراحة النفسية، ومن ثم ينعكس إيجابيا على أداء الشخص في علاقاته بالله وبنفسه وبالناس وبشتى مفردات الطبيعة والكون والحياة.
شهدت المحاضرة والإفطار مع الالطالبات حضور عدد من الشخصيات البارزة، منهم:
د. بسطامي إبراهيم، رئيس مؤسسة دار النجاح
أ. مختار غزالي، مدير رعاية الطلبة بمعهد دار النجاح الإسلامي المركزي
أ. جنيدي ريانطو، مدير معهد الثانوي الإسلامي بدار النجاح
أ. ميسرة، مديرة معهد الثانوي العامة بدار النجاح
أ. لطيفة حذيدة، نائبة مدير رعاية الطلبة للشؤون الطالبات بدار النجاح.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: جاكرتا الدكتور أحمد علي سليمان أحمد علي سليمان المزيد أحمد علی سلیمان المرأة المسلمة رضی الله عنها أن المرأة التی ت
إقرأ أيضاً:
بعد تكريمها في مهرجان أسوان.. لبلبة: أمي كانت خير صديقة لي.. و«ماما» أجمل كلمة في الدنيا
الصديقة والحبيبة والمرأة والأم خفيفة الظل، أدوار متنوعة قدمتها النجمة لبلبة على مدى مشوارها الفنى المميز، منذ بدأته «طفلة شقية» تجيد تقليد المشاهير فى حفلات رسمية، أكسبتها الشهرة المبكرة والاعتماد على النفس فى الوسط الفنى، إلى أن سلكت طريقها نحو الكوميديا والبطولة، والثنائيات الناجحة أيضا التى كان منها علامات مميزة فى تاريخ السينما والدراما مع الزعيم عادل إمام إذ جمعهما 14 عملًا ناجحًا لا ينساها الجمهور، بل تحظى بمتعة الفُرجة بعد هذه السنوات الطويلة مع مشاهدتها مجددا كأنها تعرض لأول مرة.
«لبلبة» كرمها مهرجان أسوان لأفلام المرأة فى دورته التاسعة، التى اختتمت مؤخرا، بجائزة إيزيس عن مُجمل الأفلام التى قدمتها وناقشت فيها قضايا وتفاصيل تخص المرأة ومشاكلها، تحدثت فى حوار لـ«المصرى اليوم» عن كواليس مشاركاتها فى الأعمال الفنية، وعن قضايا المرأة التى ترغب فى مناقشتها، والهدف الذى تتمنى تحقيقه، كما تحدثت عن الزعيم عادل إمام وثنائيتهما الناجحة وعن استعدادها للاحتفاء بعيد ميلاده خلال أيام.. وإلى نص الحوار:
■ بداية حدثينا عن شعورك بالتكريم ضمن فعاليات مهرجان أسوان لسينما المرأة؟
– أنا سعيدة لأن هناك مهرجانا معنيا بسينما المرأة، لأنه يشجع منتجين كثيرين على تقديم أفلام تخص المرأة، لأن المرأة هى نصف المجتمع، بل المجتمع كله، هى الأم، والصديقة، وهى التى تربى الرجل، وأحيانًا تساعده فى نفقات المنزل إذا لزم الأمر، لذلك أجمل كلمة فى الدنيا هى «ماما»، وعلينا دائمًا الاحتفاء بالمرأة.
■ قدمتِ أفلاما عدة.. ما هى قضية المرأة التى ترغبين فى مناقشتها فى عمل فنى؟
– أرغب فى مناقشة مشكلة الطلاق، حين يفكر الأب والأم فى الانفصال دون التفكير فى أبنائهما، حين يختلف الرجل والمرأة فى الرأى، ويتخذان قرار الانفصال دون التفكير فى أبنائهما، يصبح أصعب وأسوأ شىء، حين يجد الأطفال أنفسهم مُشتتين بين أبويهما، وهى التجربة الأصعب عليهم حين ينشأون بعيدًا عن الأجواء الأُسرية، وتُكسر قلوبهم، ونحن لا نريد أن يصبح أبناء مجتمعنا «مكسورين» لذلك أدعو لكل المتزوجين أن يفكروا فى أبنائهم.
■ حدثينا عن سر التحول من «نونيا» إلى «لبلبة»؟
– موهبتى بدأت من عمر ٣ سنوات فى العائلة، شعروا أننى لست طفلة عادية، اشتركوا لى فى مسابقة للهواة، كان موجودًا بين الحضور المخرج نيازى مصطفى أخذت الجائزة الأولى، وطلب أن يأخذنى فى فيلم، والدى لم يرحب لكن والدتى رحبت، ذهبت إلى شركة «النحاس فيلم»، سألونى عن اسمى قلت نونيا، وتعجبوا من الاسم قلت لهم هل اخترت اسمك؟، حينها ضحكوا واختار لى أبو السعود اسم «لبلبة» إذ كان يراه اسمًا على مُسمى.
■ فكرة حفاظك على التواجد بين مرحلة الطفولة والشباب.. هل كانت تحديًا لك؟
– بالتأكيد بل إنى سمعت والدى ووالدتى ذات مرة يراهنان بعضهما أننى سأبتعد عن مجال التمثيل حين أتقدم فى العمر، ولكنى بذلت مجهودًا كى أخفق آمالاهما وأستمر فى التمثيل، واستمعت لنصائح الأكبر منى وفى إحدى المرات كنت فى منزل محمد عبدالوهاب ألعب مع بناته لأن عمرنا كان متقاربا، وترقبت خروج عبدالوهاب من غرفته، سألته كيف أصبح ناجحة مثلك؟، قال تعلمى أن تقولى «لا» لأى فيلم ترينه ليس جيدًا أو أغنية أو حتى حفلا لن يضيف لك شيئا، وحتى اليوم أسير وفقًا لنصيحته.
■ كيف كنتِ تختارين أعمالك؟
– والدتى كانت مديرة أعمالى، إذ كانت ترفض الدور غير المناسب، لكن كان لى رأى حين يكتب لى الأستاذ فتحى قورة كلمة فى أغنية لا تريحنى أرفضها، ولحن لى أعظم الملحنين وكتب لى أكبر المؤلفين وعملت مع كبار المخرجين من حسين صدقى ونيازى مصطفى ويوسف شاهين وسمير سيف وعاطف الطيب وغيرهم الكثير.
■ حين تتعاونين مع الشباب.. هل تقومين معهم بنفس الدور الذى فعلته والدتك بحياتك؟
– عندما أتعاون مع الشباب فى عمل فنى أحب توجيههم فى الاختيار، وكيفية تقديم الأدوار بشكل مختلف، وأنصحهم بالإخلاص لفنهم، وألا يكرروا أدوارهم، وأن يبتعدوا عن الغرور، لأنه المفتاح الحقيقى للفشل وخسارة كل النجاح الذى حصده الفنان.
■ متى أصبحتِ تأخذين قراراتك بنفسك دون الرجوع لوالدتك؟
– حين مرضت والدتى، فى هذا الوقت اضطررت اتخاذ القرارات بنفسى، إذ كانت أمى هى مصدر أمان ودعم كبير بالنسبة لى، وأتذكر موقفًا طريفًا فى أحد الأفلام مع المخرج حسن الإمام انتهيت من أحد المشاهد ونظرت لأمى، فقال لى أين تنظرين؟، قلت لأمى حتى أعرف إن كنت قدمت المشهد جيدًا، فصرخ قائلًا انظرى لى أنا فأنا المخرج، وطلب من أحد المساعدين أن يأخذ أمى لتتجول فى الحديقة فى الخارج، ومنذ غياب والدتى فقدت جزءًا كبيرًا من الدعم.
■ أى الأعمال تشعرين أنها كانت محطة فارقة بالنسبة لك؟
– فيلم «البعض يذهب للمأذون مرتين»، رغم أنى كنت فى دور حامل طوال الوقت إلا أنه نجح جدًا وأصبح هذا الثنائى علامة مع عادل إمام، وكان وش الخير علىّ، إذ طلبنى بعدها المخرج محمد عبدالعزيز للمشاركة فى فيلم «خلى بالك من جيرانك»، وكان أول بطولة مطلقة لى، وشاركت فى الفيلم بعد اعتذار ميرفت أمين بسبب تحفظات حسين فهمى آنذاك، ومن العلامات الفارقة أيضًا فيلم «الآخر» مع يوسف شاهين، إذ قدمت فيه دور والدة حنان ترك وحقق الفيلم نجاحًا كبيرًا، وبسببه حضرت مهرجان «كان» وسرت لأول مرة على السجادة الحمراء، وكان لى فيلم مُشارك ضمن فعاليات المهرجان.
■ حدثينا عن الثنائى المميز مع الفنان عادل إمام؟
– هذا فنان لا يتكرر، كل شىء مُرتب فى عمله، السيناريو يأخذ جلسات كثيرة، لا يترك شيئًا للصدفة، أحيانًا أشعر أنه يريد الارتجال وزيادة شىء، كنت أشعر به وأصدقه، لم يحدث أن غار منى أو من أى ممثل، بل دائمًا يبحث عن الاختيارات الصحيحة لنجاح العمل وأتمنى يجمعنى معه فيلم آخر، وأنا دائمًا على اتصال به، وهو بخير تماما، وسنحضر عيد ميلاده قريبا يوم ١٧ مايو إن شاء الله.
■ ماذا تقولين للفنان عادل إمام بمناسبة عيد ميلاده؟
– أقول له كل عام وأنت بخير، وأتمنى أن يُسعد الله أيامه وينير حياتنا دائمًا، ولا أنسى النجاح الذى حققته مع الفنان عادل إمام فى كل أعمالنا المشتركة إذ تعاونا معًا فى ١٤ فيلمًا، لذلك أحبه وأتواصل معه تليفونًا بين حين وآخر كى أطمئن عليه، وحقيقى هو فى أحسن حال ويعيش بين أسرته.
■ مشهد تناولك «الفسيخ» فى شم النسيم تصدر «التريند» مؤخرا.. ما كواليس التجربة؟
– قررت أن أخرج فى «شم النسيم» وأتناول الفسيخ، لأنى لم أعش طفولتى، كأنى أرغب تنفيذ كل الأمور التى عجزت فى طفولتى عن تنفيذها لأنى كنت مشغولة بالأعمال الفنية، وأخبرت أصدقائى أنى أريد التنزه فى إحدى الحدائق وتناول «الفسيخ» وظنوا أننى «مجنونة» لكنى بالفعل خرجت وتصرفت بتلقائية وتناولت الفسيخ فى «شم النسيم» وكانت تجربة جميلة.
■ الدورة التاسعة لمهرجان «أسوان» حملت اسم «الست».. أى من أغانى كوكب الشرق مقربة لقلبك؟
– كل أغانيها، لا توجد أغنية لكوكب الشرق، ولا يحبها الجمهور، كأن كل الجمهور يحب أغانيها وتربى عليها، ولا يوجد شخص لا يحب أم كلثوم، لأنها حالة فريدة من المطربات إذ تمكنت من التغريد خارج السرب، وتقديم أغانٍ متنوعة عن الحب والفراق والصداقة، والشوق وغيرها من المعانى السامية التى قدمتها فى أغانٍ متعددة باللغة الفُصحى بكل سلاسة منها «سيرة الحب» التى أراها تعبر عنى.
الصداقة بالنسبة لى تعنى الإخلاص، وأن تجد صديقا أو صديقة يساندك فى محنتك، والصداقة هى الضمير والإخلاص والمحبة، وأمى كانت خير صديقة لى وقدمت لى كل معانى الصداقة وأسماها، إذ كانت أمى وابنتى وصديقتى وحبيبتى وكل شىء بالنسبة لى.
المصري اليوم
إنضم لقناة النيلين على واتساب