لبنان ٢٤:
2025-12-15@02:41:29 GMT

هذه مُهمّة السفير الأميركي الجديد

تاريخ النشر: 10th, March 2025 GMT

كتب ميشال نصر في" الديار": بخلاف الاتجاه السائد في المنطقة وفقا للمنظور الاميركي، تتعامل واشنطن مع لبنان. فالدولة التي اعتادت اعتماد سفراء لها في بيروت من السياسيين والامنيين المعروفين من قبل الجهات اللبنانية، قلبت الآية هذه المرة، فاختار بولس مسعد، الذي اعد طبخته اللبنانية "عا رواق" شخصية من "خارج العلبة"، فجاءت النتيجة مايكل عيسى، ابن بسوس، سفيرا "للانكل سام" في بيروت.


اختيار طرح اكثر من علامة استفهام لجهة طبيعته وظروفه، التي تعارض الى حد التناقض الاوضاع والاجواء المهيمنة على لبنان والمنطقة، والتي يمكن وضعها في اطار المؤشرات التالية:
- يأتي هذا التعيين في ظل تصاعد التحديات الديبلوماسية والاقتصادية التي تواجه لبنان، حيث تلعب واشنطن دورا رئيسيا في دعم الاستقرار الإقليمي، وسط مشاورات حول مستقبل العلاقات الأميركية – اللبنانية، في ظل التطورات السياسية المتسارعة في المنطقة.
- نغمة التطبيع والسلام بين "اسرائيل" ولبنان، والذي ارتفعت نسبة تردادها على لسان المسؤولين الاميركيين هذه الايام، من مستشار الامن القومي ستيفن ويتكوف، الى مستشار الرئيس ترامب للشؤون العربية والشرق اوسطية، الذي كتب بخط يده "الوثيقة - التعهد" التي وقعها الرئيس دونالد ترامب خلال لقائه الجالية اللبنانية في متشيغين، والذي تحدثت صراحة عن السلام بين البلدين.
- اتجاه المنطقة نحو العسكرة والامن، مع قرع طبول الحرب من "تل ابيب" الى طهران، مرورا بسوريا والعراق وغزة، على وقع تهديدات البيت الابيض ونبرة سيده العالية.
- الضغط الكبير الذي يتعرض له لبنان بعد وقف اطلاق النار، وما انتجه من تغييرات وانقلاب في المشهد السياسي اللبناني الداخلي، ومحاولات تطويق وعزل حزب الله وبيئته، تحت اكثر من عنوان وقرار دولي، واتجاه الكونغرس الاميركي الى اقرار سلسلة قوانين تعزز هذا الاتجاه، مهددة في الوقت نفسه الاستقرار الداخلي.
- الحديث المتكرر عن دعم الجيش اللبناني والقوى الامنية، واهمية دورها خلال الفترة القادمة، وهو ما حتم فرض وجود قائد الجيش جوزاف عون في بعبدا، انطلاقا من اعتبار ان المرحلة عنوانها العسكر.
- التعثر الاقتصادي المستمر، وعدم نجاح الطبقة السياسية في اخراج لبنان من الازمة المالية والاقتصادية التي انفجرت عام ٢٠١٩، وعنوانها الابرز والاساسي اموال المودعين واعادة هيكلة القطاع المصرفي، الذي يدور في الفلك الفرانكفوني، كمدخل اساسي لاية خطة انقاذ وانعاش اقتصادي.
- "النقمة" على السفيرة ليز جونسون، داخل فريق الرئيس ترامب، حيث كثرت الاتهامات الموجهة اليها، على خلفية التقارير التي ترسلها الى الخارجية، ومقاربتها السياسية والامنية للوضع اللبناني، التي لا زالت قائمة على الاسس التي وضعها الرئيس بايدن في التعامل مع لبنان، يضاف لكل ذلك، هفوة اصدارها بيانا باسم السفارة يخالف بروحيته ما كانت أدلت به "اورتاغوس" من بعبدا.
- المنحى الواضح للعهد الترامبي باستخدام الآليات العسكرية لخدمة مشروعه الاقتصادي، وهو ما يطبق حاليا في غزة و"ريفييراتها".
انطلاقا من كل ذلك، قرأت مصادر مواكبة للعلاقات اللبنانية - الاميركية، أن طبيعة نشاط السفير الجديد، الذي خبرته في حقلي المصارف والنفط من جهة، وعدم تمتعه باي خبرة سياسية من جهة ثانية، مؤشر واضح لاولويات الادارة الترامبية لبنانيا، ما يوحي وكأن واشنطن تتعامل مع لبنان على انه انتقل الى مرحلة جديدة.
وتتابع المصادر، بان الهدف الواضح حتى الساعة، وفقا لما يمكن فهمه من اجواء واشنطن، ان الرئيس دونالد ترامب قلب طاولة الاهتمامات في بيروت، واضعا الملف الاقتصادي والمالي اولوية، ما يعني اتجاها واضحا لاعادة هيكلة القطاع المصرفي وفقا للرؤية الاميركية، وتحت اشراف واشنطن المباشر، مع تحويله من النظام الفرنكوفوني الى الانغلوساكسوني، وهنا اهمية موقع حاكم مصرف لبنان.
اما المؤشر الثاني، فهو وضع اليد الاميركية المباشرة على قطاع الغاز الناشئ، وبالتالي اخراج كل التحالفات التي قامت خلال الفترة الماضية، من قطرية وفرنسية وغيرها، ودخول الشركات الاميركية بشكل مباشرعلى الخط، وهو ما بدأ فعلا، حيث باشرت شركة "شيفرون"، العاملة في الحقول "الاسرائيلية"، اجراء دراسات اولية للملف اللبناني.
عليه هل يمكن القول ان اسس السياسة الاميركية، التي قامت على الاعتماد على الجيش قد تغيرت؟ تسارع المصادر الى التأكيد ان رؤية الادارة الجمهورية تختلف كليا على ما يبدو عن الادارة الديموقراطية السابقة، وهي نابعة من قراءة واقعية لوضع المؤسسات الامنية والعسكرية اللبنانية، التي لا يمكن تحميلها اكثر مما تحمل، الا ان ذلك والكلام للمصادر، لا يعني وقف الدعم للجيش، انما اعادة جدولة للاولويات التي على اساسها تحدد كيفية وحدود التعامل مع القوى المسلحة في الفترة القادمة، ذلك ان الاستقرار في لبنان هو قرار خارجي اكثر منه قوة تفرض في الداخل.
وتابعت المصادر، بان الايجابي في الامر، هو اعتبار واشنطن ان الملف اللبناني شارف على نهايته امنيا وعسكريا، وهو ما دفعها الى الانتقال لمرحلة جديدة بعنوان جديد هو الاقتصاد، بدأ شق طريقه عبر تعيين السفير الجديد.
بعد كل ما تقدم، هل ان ثمة مشروعا ما يحضر للبنان، على غرار "ريفييرا غزة"، تحديدا نفطيا وغازيا؟ ام هي دخول بيروت عمليا في مدار النظام المصرفي الاميركي، من خلال اشراف السفير المباشر على اعادة هيكلة المصارف؟  
 

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: وهو ما

إقرأ أيضاً:

إستراتيجية الأمن القومي الأميركي 2025.. بداية نظام عالمي جديد

أعلنت الولايات المتحدة يوم 5 ديسمبر/كانون الأول الجاري عن وثيقة إستراتيجية الأمن القومي الأميركي 2025، وهي ليست مجرد وثيقة أمنية، بل إعلان اقتصادي شامل عن نهاية مرحلة كاملة من النظام العالمي الذي هيمنت عليه الولايات المتحدة منذ نهاية الحرب الباردة.

الوثيقة من أول صفحة حتى آخر سطر تعكس قناعة الإدارة الأميركية بأن العولمة بصيغتها القديمة لم تعد تخدم الاقتصاد الأميركي، وأن استمرار الالتزامات الأمنية الواسعة لم يعد ممكنا في عالم يتغير بسرعة غير مسبوقة.

من هنا، تأتي أهمية هذه الإستراتيجية الجديدة التي يمكن وصفها بأنها أول وثيقة أميركية منذ 40 عاما تعيد تعريف موقع الولايات المتحدة اقتصاديا في العالم، وتحدد معادلة مصالحها بصورة مباشرة وصريحة.

الاقتصاد أولا.. عودة الدولة الوطنية الأميركية

تعتمد الإستراتيجية على مبدأ أساسي مفاده أن "القوة الأميركية تبدأ من الداخل"، وهذه ليست عبارة سياسية، بل رؤية اقتصادية ترتكز على واقع جديد:

نمو الناتج المحلي الأميركي عاد إلى مستوى 2.3% رغم الركود العالمي. الاستثمارات الصناعية في الداخل ارتفعت إلى 78 مليار دولار في 2024 ضمن برامج إعادة التوطين. تم ضخ أكثر من 130 مليار دولار في القطاعات التكنولوجية العالية. الانكماش في العجز التجاري غير النفطي وصل إلى 11%.

التزامات واشنطن التقليدية مثل حماية أمن إسرائيل أو ضمان أمن الممرات المائية لم تعد التزامات دائمة، بل "خطوط حمراء" تُدار بمرونة، وبأقل كلفة ممكنة

وهذه الأرقام ليست تفصيلا تقنيا، بل هي الأساس الذي بنيت عليه سياسة الأمن القومي الجديدة التي تتضمن اقتصادا محميا، وإنتاجا داخليا، وتقليل الاعتماد على سلاسل التوريد العالمية.

من هذا المنطلق، تتبنى وثيقة 2025 ما يمكن تسميته "النسخة الحديثة من مبدأ مونرو"، لكن بصيغة اقتصادية صناعية واضحة تمنع أي قوة خارجية من اكتساب نفوذ في نصف الكرة الغربي أو السيطرة على أصول إستراتيجية قريبة من المجال الأميركي.

تحول عميق في نظرة واشنطن للشرق الأوسط

على مدى 50 عاما كان الشرق الأوسط مركز السياسة الأميركية، بسبب النفط وصراع القوى الكبرى، لكن الوثيقة الجديدة تقول بوضوح إن هذه الديناميكيات لم تعد موجودة؛ فالولايات المتحدة تنتج اليوم 12.9 مليون برميل يوميا، وتقترب من الاكتفاء الذاتي، بينما يتجه الطلب العالمي على النفط إلى آسيا التي تستورد 70% من نفط الخليج.

إعلان

بالتالي، لم يعد للولايات المتحدة دافع اقتصادي يمنح المنطقة مركزية كما في السابق، وتصف الوثيقة الشرق الأوسط بأنه: "منطقة شراكة لا منطقة التزام عسكري طويل الأمد"، وهذه الجملة تختصر طبيعة المرحلة المقبلة، فواشنطن لن تهتم بشكل الأنظمة، ولا بطبيعة الحكم، ولا بالمؤسسات الديمقراطية، والمعيار الوحيد هو: هل تقدم هذه الدولة قيمة اقتصادية أو إستراتيجية ملموسة للولايات المتحدة؟

لذلك، فإن التزامات واشنطن التقليدية مثل حماية أمن إسرائيل أو ضمان أمن الممرات المائية لم تعد التزامات دائمة، بل "خطوط حمراء" تُدار بمرونة، وبأقل كلفة ممكنة.

أوروبا الخاسر الأكبر اقتصاديا

أوروبا التي استفادت طوال عقود من المظلة الأميركية تجد نفسها اليوم خارج الحسابات الجديدة.

فالوثيقة تعترف بأن مرحلة "الدعم الأميركي المفتوح" انتهت، وأن على أوروبا:

رفع الإنفاق الدفاعي إلى 2.5% من الناتج المحلي. تغيير سياسات الهجرة التي كلفت اقتصاداتها أكثر من 340 مليار دولار منذ 2015. إعادة بناء صناعاتها بعد فقدان الغاز الروسي الرخيص.

بهذه المقاربة، تنتقل أوروبا من "شريك يحمى" إلى "شريك يجب أن يتحمل التكلفة"، وهو تحول اقتصادي كبير سيغير بنية التحالف الأطلسي خلال السنوات القادمة.

أوروبا التي استفادت طوال عقود من المظلة الأميركية تجد نفسها اليوم خارج الحسابات الجديدة

آسيا مركز الثقل الاقتصادي العالمي الجديد

تعتبر الوثيقة أن مستقبل الاقتصاد العالمي موجود في آسيا التي تسهم اليوم بأكثر من 55% من النمو العالمي، وتستحوذ على 70% من الاستثمارات التكنولوجية المتقدمة.

لذلك تضع واشنطن اليابان وكوريا الجنوبية في مقدمة الحلفاء الرابحين، لأنهما الأكثر قدرة على:

استيعاب الاستثمارات الأميركية. تطوير الصناعات التكنولوجية المشتركة. مواجهة التفوق التصنيعي الصيني.

في المقابل، تعتبر الهند من الخاسرين، لأنها تعتمد على منظومة العولمة القديمة التي تتجه واشنطن للتخلي عنها تدريجيا.

 

الصين وروسيا.. منافسة اقتصادية لا مواجهة عسكرية

أحد أهم ما جاء في الوثيقة هو الاعتراف بأن الصراع مع الصين هو صراع تكنولوجي وصناعي أكثر من كونه صراعا جغرافيا.

يعكس هذا الواقع الاقتصادي:

الصين تملك 31% من الإنتاج الصناعي العالمي. تسيطر على 42% من سلاسل الإمداد المتقدمة. استثماراتها في الذكاء الاصطناعي تجاوزت 70 مليار دولار العام الماضي.

أما روسيا فهي المستفيد الأكبر من تخلّي واشنطن عن الالتزام العميق بأوروبا، إذ تحصل على مساحة أكبر للمناورة الاقتصادية والجيوسياسية.

روسيا هي المستفيد الأكبر من تخلّي واشنطن عن الالتزام العميق بأوروبا، إذ تحصل على مساحة أكبر للمناورة الاقتصادية والجيوسياسية

خلاصة الوثيقة.. العالم يدخل عصر ما بعد العولمة

إستراتيجية الأمن القومي الأميركي 2025 هي وثيقة اقتصادية بامتياز، لأنها تعلن بوضوح:

نهاية العولمة بصيغتها القديمة. أولوية الاقتصاد الوطني على المصالح الخارجية. تقليص الالتزامات العسكرية. صعود آسيا كمحور جديد للنمو والاستثمار. اعتماد تحالفات تقاس بالمنافع الاقتصادية لا بالقيم السياسية.

أما الشرق الأوسط فهو أمام واقع جديد، فالولايات المتحدة لن تعود إلى نمط التدخل السابق، ومن ينجح في بناء قيمة اقتصادية حقيقية هو الذي سيحجز مكانه في النظام العالمي الناشئ.

وتعكس الوثيقة تحوّلا تاريخيا سيعيد رسم خرائط النفوذ الاقتصادي العالمي خلال العقد القادم، ويجبر كل دول المنطقة على إعادة بناء سياساتها الاقتصادية وفق منطق المصلحة الوطنية والقدرة على خلق شراكات إستراتيجية حقيقية.

إعلان

مقالات مشابهة

  • الرئيس عون يدين الإعتداء الذي وقع في سيدني
  • وزير المياه يلتقي السفير الأميركي لمناقشة التحديات المائية ومشاريع الاستدامة
  • طهران: إجراءات تعيين السفير الإيراني الجديد في لبنان جارية ونأمل أن تسير بشكل طبيعي
  • اللبنانية الأولى من المركز التربوي: مهمتكم بناء المواطن الجديد
  • إستراتيجية الأمن القومي الأميركي 2025.. بداية نظام عالمي جديد
  • فلسطين ترد على السفير الأميركي في إسرائيل: الاستيطان جميعه غير شرعي
  • الرئاسة الفلسطينية ترد على تصريحات السفير الأميركي لدى إسرائيل
  • الرئيس اللبناني: جاهزون لترسيم الحدود مع سوريا على أن تترك مسألة مزارع شبعا للمرحلة الأخيرة 
  • الرئيس اللبناني: عودة الأسرى المعتقلين في إسرائيل تشكل أولوية في المفاوضات
  • إجتماع لساعتين... جعجع التقى السفير الأميركيّ وعرض معه المستجدات السياسيّة