لماذا تغير السعودية والإمارات تموضعهما على الساحة الدولية؟
تاريخ النشر: 23rd, August 2023 GMT
سلط تقرير نشرته مجلة "فايننشال تايمز" البريطانية الضوء على تحركات الرياض وأبوظبي الرامية لإعادة تحديد علاقاتهما طويلة الأمد مع واشنطن وفي الوقت ذاته تعزيزها مع دول مثل الصين وروسيا.
وفيما يتعلق بالسعودية، تناول التقرير الاجتماع الذي عقد في جدة هذا الشهر وحضره مسؤولون من 42 دولة، بينها الصين، وتناول محادثات حول الحرب في أوكرانيا.
وقال التقرير، إنه بالنسبة لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان فقد حقق الاجتماع نجاحا من دون شك، مضيفا أن التجمع الذي استمر لمدة يومين، وفر للأمير الشاب "مساحة مثالية لإبراز رؤيته للعالم من خلال تصوير المملكة كقوة صاعدة يمتد تأثيرها من الشرق إلى الغرب".
ولفت التقرير إلى أن هذه العقلية "تعكس الطموحات والثقة المتزايدة لدول الخليج الغنية بالنفط، التي عقدت العزم على رسم مساراتها الخاصة في عصر من الاستقطاب والديناميكيات العالمية المتغيرة".
التقرير ذكر أن السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، والإمارات، المركز التجاري المهيمن في المنطقة، يتجهان بشكل متزايد نحو الشرق.
ويبين التقرير أنه في كلا البلدين هناك رابط مشترك يتمثل بوجودة قادة "واثقين بأنفسهم وحازمين ولم يعودوا مستعدين لقبول المطالب الثنائية من واشنطن والمتمثلة بإما أن تكونوا معنا أو ضدنا".
يقول مدير الأمن الإقليمي في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية إميل الحكيم إن الوقت الذي كان يتوقع فيه التوافق الكامل من هذين البلدين قد انتهى.
جسور جديدةفي البداية كان التحول في سياسة دول الخليج مدفوعا بالتجارة بشكل واضح، فبعد الصين، الشريك التجاري الأكبر للمنطقة، أصبحت الهند واليابان من المشترين الرئيسيين للنفط خام الخليجي.
بالمقابل تراجعت مشتريات النفط الأميركية من المنطقة على مدار الخمسة عشر عاما الماضية في أعقاب الطفرة في إنتاج الوقود الصخري في الولايات المتحدة.
ومع ذلك، يرى التقرير أن العلاقات مع القوى الآسيوية تطورت إلى ما هو أبعد من النفط، حيث أصبحت دول الخليج متعطشة للحصول على تقنيات جديدة، من الذكاء الاصطناعي والطاقة والخدمات اللوجستية إلى دعم خطط التنمية المحلية وتنويع الاقتصادات المعتمدة على النفط.
تنقل الصحيفة عن مسؤول إماراتي رفيع القول إن "علاقاتنا بالأسواق القائمة لا تتزعزع.. ولكن في الوقت نفسه ومن منظور أشمل فإن النمو الجديد خلال السنوات العشر أو العشرين القادمة سيأتي من الأسواق الكبيرة في آسيا وأميركا الجنوبية وربما بعض الأسواق الأفريقية ".
ليست الصين وحدها ما تركز عليه دول الخليج، فقد وقعت الإمارات اتفاقيات تجارة حرة في الأشهر الـ 18 الماضية مع ست دول، بما في ذلك الهند وإندونيسيا.
كذللك تسعى كل من الرياض وأبوظبي إلى الانضمام إلى مجموعة "بريكس" التي تشمل الصين والهند والبرازيل وروسيا وجنوب أفريقيا.
وينقل التقرير عن مسؤولين خليجيين القول إن "الخطوة منطقية بالنظر إلى أنماط التجارة العالمية، لكنها أيضا تمنح هذه الدول صوتا في شبكة دبلوماسية مهمة ومرحبة".
ويقول أنور قرقاش مستشار الرئيس الإماراتي إن "أي دولة تريد أن تكون ذات أهمية، وتريد الحصول على مقعد على الطاولة"، مضيفا: "نريد بناء جسور مع الجميع".
يشير التقرير إلى أن هذا التوجه المتمثل بالاتجاه شرقا أدى إلى تعقيد علاقات الدولتين الخليجيتين مع الولايات المتحدة، خاصة في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.
يقول الدبلوماسي الأميركي السابق جيفري فيلتمان إن السعودية والإمارات، مثل تركيا والبرازيل "لا تريدان الاختيار بين الولايات المتحدة والصين ولا ترغبان في اختيار جانب على حساب الآخر في حرب أوكرانيا".
بالمقابل تنقل الصحيفة البريطانية عن المحلل السعودي علي الشهابي، الذي وصفته بأنه مقرب من الديوان الملكي، القول إنه يمكن أن تكون هناك تسويات إذا وافقت الولايات المتحدة على تحالف أمني مع المملكة، لكنه شدد في الوقت ذاته أن الرياض "ستقاوم أي ضغوط لتخفيف العلاقات مع الصين".
وأضاف: "لن تتخلى السعودية عن الجسور التي بنتها مع دول مثل روسيا أو الصين، لأن هذه الجسور جزء لا يتجزأ من أداء الاقتصاد السعودي واحتياجات السوق طويلة الأجل للمملكة".
وأشار إلى أن "القيادة السعودية أكثر استقلالية في التفكير في الوقت الحالي مقارنة بقبل 10 سنوات، حيث كان هناك جيل كامل أكثر مراعاة للطلبات الأميركية".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة دول الخلیج فی الوقت إلى أن
إقرأ أيضاً:
هل تنجح مساعي الولايات المتحدة للتفوق على الصين في سباق التكنولوجيا؟
الولايات المتحدة – خلص المحلل كريستوفر ميمز، في تحليل لمجلة “وول ستريت جورنال” إلى أن الإدارة الأمريكية استنفدت تقريبا جميع الخيارات المتاحة للحفاظ على التفوق التكنولوجي أمام الصين، لكنها لم تنجح.
أكد ميمز قائلا: “جربت الولايات المتحدة كل الطرق تقريبا للفوز بالسباق التكنولوجي ضد الصين في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، والطاقة، وصناعة السيارات ذاتية القيادة، والطائرات المسيرة، والمركبات الكهربائية. حتى الآن، لم ينجح أي منها”.
وأشار إلى أن السيارات الكهربائية الصينية “أرخص وأفضل من الأمريكية في نواح كثيرة”، وأن الصين تسيطر على “الحصة الأكبر من الإنتاج العالمي للألواح الشمسية والبطاريات”، بينما تتخلف شركتا “تسلا” و”وايمو” (التابعة لألفابت) بشكل كبير عن الصناع الصينيين للسيارات الذاتية القيادة. ورغم احتفاظ الولايات المتحدة وحلفائها “بميزة طفيفة في الرقائق المتطورة والذكاء الاصطناعي، فإن الصين تُقلص الفجوة بسرعة غير مسبوقة.
وقال المحلل إن مسؤولي البيت الأبيض “يدعمون بالإجماع تقريبا حظر تصدير رقائق الذكاء الاصطناعي والمعدات اللازمة لصناعتها إلى الصين” بهدف عرقلة تطورها التكنولوجي. لكن بعض الخبراء خارج الإدارة يعتقدون أن هذه السياسة ستضر بمصالح أمريكا، لأنها “تحفز الصين على تطوير نظامها التكنولوجي الخاص بسرعة أكبر، وهي وجهة نظر يشاركها أيضا رئيس شركة Nvidia “.
وفقا لخبراء استشارهم ميمز، تمتلك الصين “مزيجا فريدا من الميزات لم يتوفر لأي دولة خاضت معها أمريكا حروبا تجارية. ومن بينها ما يلي :
سكانها مدربون تدريبا جيدا، وكان رئيس شركة “إنفيديا” قد أكد أكثر من مرة أن “نصف مهندسي الذكاء الاصطناعي في العالم بالصين. سوقها المحلية الكبير يتيح للشركات إتقان منتجاتها محليا قبل التوسع عالميا، يتناقص اعتمادها على المواد الخام والسلع المتخصصة من أمريكا ودول أخرى بفضل الجهود المنظمة والممولة جيدا من قبل الحزب الشيوعي الصيني لتحقيق الاكتفاء الذاتي التكنولوجي”.واستطرد ميمز قائلا: إن الدولة الصينية تنتج كل عام نسبة أكبر من احتياجاتها بدءا من أصغر مكونات الرقائق وانتهاء بأضخم السفن الحمولة”.
المصدر تاس