بعد انتهاء الانتخابات.. كيف ستواجه غرينلاند تهديدات ترامب؟
تاريخ النشر: 13th, March 2025 GMT
نوك- انتهت الانتخابات البرلمانية المبكرة في غرينلاند بفوز حزب الديمقراطيين من يمين الوسط بحصوله على 29.9% من الأصوات، وفقا للنتائج الرسمية التي نُشرت في وقت مبكر اليوم الأربعاء.
وفي أجواء أدفأتها الشمس الساطعة وابتسامات سكان غرينلاند التي تعكس آمالهم بمستقبل أفضل في العاصمة نوك، تميزت انتخابات هذا العام بإقبال واضح على مراكز الاقتراع، وسط أجواء متوترة تسببت فيها مطامع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في ضم الجزيرة الشمالية القطبية الغنية بالمعادن النادرة.
كما غلب على اختيار الناخبين مسألة الاستقلال عن الدانمارك، الحاكم الاستعماري السابق، فضلا عن تحديد موقع الجزيرة ضمن السباق الجيوسياسي العالمي الرامي إلى الهيمنة على منطقة القطب الشمالي.
وجاء حزب ناليراك القومي في المرتبة الثانية بحصوله على 24.5% من الأصوات، وهو الحزب الأكثر تأييدا للاستقلال ولقطع العلاقات مع الدانمارك في أقرب وقت ممكن، وهي مطالب زادت من شعبية الحزب بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة.
ومعربة عن سعادتها بما وصفته بـ"الانتخابات العظيمة والتاريخية"، ترى مرشحة حزب "ناليراك" كوبانوك أولسن أن هذا الحدث الديمقراطي يمكن أن يؤدي إلى حركة ضخمة نحو استقلال البلاد.
وفي حديث للجزيرة نت، قالت كوبانوك "أعتقد أن الناس يشعرون الآن بفعالية وأهمية أصواتهم وأنهم قادرون على التحرك والتصويت لصالح استقلال غرينلاند، فضلا عن إمكانية تحديد مصيرهم بشأن البقاء تحت سيطرة الدانمارك أو التمتع بدولة مستقلة".
إعلانويرى الدكتور وأستاذ العلوم السياسية توماس غينولي أن الغالبية العظمى من سكان غرينلاند لا يزالون ضد الاستقلال عن الدانمارك وأن نتيجة الانتخابات أظهرت إجماع الأغلبية على الحكم الذاتي القوي.
وبينما يرغب ترامب بضم الجزيرة إلى الولايات المتحدة، يعتبر غينولي ـفي حديث للجزيرة نت ـ أنه نظرا لنتائج الانتخابات "لا توجد شرعية ديمقراطية داخلية لسكان غرينلاند للقيام بذلك".
من جانبه، قال العضو في حزب الديمقراطيين الفائز للجزيرة نت، أمام مركز الاقتراع في العاصمة نوك الثلاثاء، إن حزبه الليبرالي النقابي يهتم بالتطور الذي يشهده العالم، معتبرا أن "المحادثات حول الاستقلال محورية بالنسبة لاهتمامي الشخصي ولحزبي، يجب أن يكون لأطفالنا مستقبل آمن وتوفير تعليم جيد أيضا".
وبعد هيمنة حزبي الائتلاف الحكومي المنتهية ولايته -المكون من حزب "الإنويت أتاكاتيجيت" (اليساري الأخضر) والديمقراطيين الاجتماعيين في حزب سيوموت- على المشهد السياسي في السنوات الأخيرة، احتل الحزبان المركزين الثالث والرابع بخسارة 15.3 نقطة و14.7 نقطة على التوالي مقارنة بما كانا عليه قبل 4 سنوات.
وفي هذا الإطار، يعتبر رئيس مركز الاستشراف والأمن في أوروبا إيمانويل ديبوي أن نتائج هذه الانتخابات لم تكن مفاجئة نظرا لوجود دفع قوي للغاية من التيار المؤيد للاستقلال، والذي تعزز أكثر بسبب الخوف من عدم قدرة الدانمارك على توفير القوة المالية لحماية السلامة الإقليمية للجزيرة.
وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف ديبوي "كان ذلك بمثابة وسيلة لإظهار أن سكان غرينلاند يريدون تحمل المسؤولية عن مصيرهم تجاه أطماع الولايات المتحدة والتعامل معها مباشرة دون الحاجة إلى المرور عبر الدانمارك، لذا فمن المنطقي إلى حد ما أن يكون هناك نوع من التراجع من الحركات القريبة من كوبنهاغن وصعود الحركة المستقلة".
إعلانويعتقد المتحدث أن على حزب الديمقراطيين الفائز إدراك أن الرئيس الأميركي ترامب ليس جادا جدا بشأن قدرته على الرغبة في الذهاب بتصريحاته إلى حد تطبيقها على أرض الواقع "فمن المعروف أنه يصرخ بصوت عال جدا، وبمجرد أن يحصل على ما يريد، يبدأ في التفاوض".
وقد أعلن ترامب صراحة عن رغبته في السيطرة على أكبر جزيرة في العالم، والتي يبلغ عدد سكانها 57 ألف نسمة، حيث صرح في جلسة مشتركة للكونغرس الأسبوع الماضي بأن الولايات المتحدة ستحصل عليها "بطريقة أو بأخرى".
وبالتالي، يرى المحلل السياسي غينولي أن فكرة موافقة الدانمارك ـوهي دولة ديمقراطية ليبراليةـ على بيع غرينلاند ومواطنة شعبها إلى الولايات المتحدة "فكرة سخيفة"، معتبرا أنه على ترامب التفكير بعناية قبل الاستمرار في دبلوماسية المواجهة الدائمة، وهو بصدد توحيد الأوروبيين ضده وإنهاء تبعيتهم لواشنطن.
يبلغ إجمالي مقاعد البرلمان في غرينلاند 31 مقعدا، ويحتاج تحقيق الأغلبية 16 مقعدا، ويُذكر أن النتائج الأولية لهذه الانتخابات لن يتم اعتمادها رسميا إلا بعد أسابيع من موعد التصويت، حيث ستشق أوراق الاقتراع طريقها جوا وبحرا ـ بالقوارب والمروحيات ـ من العاصمة نوك إلى المستوطنات النائية داخل الجزيرة.
ويؤيد كل من حزب الديمقراطيين الفائز وصاحب المركز الثاني حزب ناليراك، الاستقلال عن مملكة الدانمارك، لكنهما يختلفان بشأن وتيرة التغيير. فبينما يُعد ناليراك الأكثر تأييدا للاستقلال، يفضل الديمقراطيون اللجوء إلى وتيرة أكثر اعتدالا.
أما فيما يتعلق بشبح التهديدات القادمة من البيت الأبيض، فقال رئيس مركز الاستشراف والأمن في أوروبا إيمانويل ديبوي "إذا اتفقت غرينلاند والدانمارك والولايات المتحدة على استغلال المعادن النادرة وتعزيز الوجود العسكري الأميركي، مع الرغبة في أن توافق كوبنهاغن على استقبال السفن الحربية الأميركية ـ بهدف حماية أو منع التوغلات الصينية والروسية ـ فقد ينشأ عن ذلك اتفاق بين الأطراف الثلاثة في المستقبل القريب".
ولتفسير ذلك، أضاف المتحدث "لقد رأينا هذا بوضوح في حالة أوكرانيا، حيث يوجد نوع من المواقف المتطرفة يسمح في نهاية المطاف، بعد التفاوض والضغط، للولايات المتحدة بالحصول على ما تريده. كما أن واشنطن لن تذهب إلى حد الحرب المفتوحة ـ بالمعنى الحركي للمصطلح ـ مع الدانمارك التي تعد أحد شركائها الرئيسيين ضمن الأجندة الأوروبية.
من جانبه، يعتقد توماس غينولي أنه إذا كانت القضية بالنسبة لدونالد ترامب تتمحور حول الأمن البحري لبلاده والوصول إلى المعادن الإستراتيجية في غرينلاند، فيمكنه تحقيق ذلك من خلال اتفاقيات مع الدانمارك دون ضم الجزيرة القطبية الشمالية.
إعلانأما وفقا لنظرية الصفائح التكتونية، فيبدو أن الولايات المتحدة ترغب في تذكير أوروبا والعالم بأن آيسلندا وغرينلاند تنتميان إلى الصفيحة الأميركية، وهو نوع من إزالة الطابع الأوروبي عن هذه القضية لصالح الطابع الأميركي الشمالي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان حزب الدیمقراطیین الولایات المتحدة سکان غرینلاند للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
“بيبي يرى أشباحا في كل مكان”.. الولايات المتحدة منزعجة من الضربات الإسرائيلية على سوريا
#سواليف
كشف مسؤولان أمريكيان رفيعا المستوى عن قلق واشنطن من أن الضربات الإسرائيلية المتكررة على سوريا تخاطر بزعزعة استقرار البلاد وتقويض آمال التوصل إلى اتفاق أمني بين إسرائيل وسوريا.
ونقل موقع “أكسيوس” عن أحد المسؤولين قوله، في إشارة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: “نحاول إخبار بيبي بالتوقف عن هذه التصرفات لأنه بذلك سوف يدمر نفسه”.
إقرأ المزيد
الجيش الإسرائيلي: قواتنا في حالة استعداد عالية تحسبا للتطورات في سوريا ولبنان
الجيش الإسرائيلي: قواتنا في حالة استعداد عالية تحسبا للتطورات في سوريا ولبنان
وحسب التقرير، فإن دعم جهود الرئيس السوري أحمد الشرع لتحقيق الاستقرار وتشجيعه على الانخراط في عملية سلام مع إسرائيل يشكلان عنصرين رئيسيين في استراتيجية إدارة ترامب بالشرق الأوسط، حيث وقفت الإدارة بشكل متكرر إلى جانب حكومة دمشق في نزاعاتها مع إسرائيل.
مقالات ذات صلةوجاء تصريح المسؤولين بعد أن نشر الرئيس ترامب، يوم الاثنين، على منصة “تروث سوشيال” تأييده للشرع، معتبرا أنه “مهم جدا أن تحافظ إسرائيل على حوار قوي وصادق مع سوريا، وألا يحدث ما يتعارض مع تطور سوريا إلى دولة مزدهرة”. وتحدث ترامب مع نتنياهو بعد فترة قصيرة من النشر، ودعاه إلى واشنطن.
من جهة أخرى، أعرب المسؤولون الأمريكيون عن اعتقادهم بأن نتنياهو يتدخل بطرق غير مفيدة، حيث أمر بعدة مناسبات باتخاذ إجراءات عسكرية عبر الحدود في سوريا، بما في ذلك في الأيام القليلة الماضية.
ووفقا للجيش الإسرائيلي، تعرضت قوات إسرائيلية كانت تجري غارة على بعد أقل من 10 أميال داخل الأراضي السورية يوم الجمعة الماضي لإطلاق نار من مسلحين مجهولين بعد اعتقال مشتبه بهم، ما أدى إلى إصابة ستة جنود إسرائيليين.
وأثناء محاولة سحب قواته، شن الجيش الإسرائيلي غارات جوية أسفرت عن مقتل 13 سوريا، كان العديد منهم مدنيين. وأثارت هذه الغارة، التي وقعت خارج الجزء من الأراضي السورية الذي تحتله إسرائيل، غضب الحكومة السورية ودعوات داخلية للانتقام. ونقلا عن مسؤول أمريكي: “كان السوريون غاضبين جدا. طالب ناخبوهم بالانتقام لأن مدنيين سوريين قُتلوا”.
وأفاد المسؤولون الأمريكيون بأن البيت الأبيض لم يتلق إشعارا مسبقا بالعملية الإسرائيلية، وأن الإسرائيليين لم يحذروا سوريا عبر القنوات العسكرية المعتادة. بينما ادعى مسؤولون إسرائيليون أن المشتبه بهم كانوا جزءا من مجموعة تابعة لحماس وحزب الله وكانوا يخططون لهجمات ضد إسرائيل، وأن بلادهم أبلغت السوريين عبر القنوات الاستخباراتية.
واعترض مسؤولون أمريكيون يعملون على قضايا الشرق الأوسط منذ شهور على ما وصفوه نهج نتنياهو المتمثل في “أطلق النار أولا، ثم اطرح الأسئلة لاحقا” تجاه سوريا.
ونقلا عن مسؤول أمريكي رفيع: “سوريا لا تريد مشاكل مع إسرائيل. هذه ليست لبنان… لكن بيبي يرى أشباحا في كل مكان”، مضيفا: “نحاول إخبار بيبي بأن عليه التوقف عن هذا لأنه إذا استمر فسوف يدمر نفسه – ويفوت فرصة دبلوماسية كبيرة ويحول الحكومة السورية الجديدة إلى عدو”.
يذكر أن مشاعر مماثلة ظهرت سابقا بعد ضربات إسرائيلية على دمشق في يونيو الماضي، حيث قال مسؤول في البيت الأبيض لأكيسوس آنذاك: “تصرف بيبي كرجل مجنون. إنه يقصف كل شيء طوال الوقت. هذا يمكن أن يقوض ما يحاول ترامب القيام به”.
من جانبهم، أبدى الإسرائيليون قلقهم من تقبل ترامب للشرع، القائد السابق لتنظيم القاعدة، حيث صُدموا من لقاء ترامب معه في السعودية في مايو الماضي، وعدم ارتياحهم للودية بين الرجلين خلال لقائهما في المكتب البيضاوي هذا الشهر.
واعترض الإسرائيليون أيضا على قرار ترامب رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا. وعلى الرغم من انخراطهم في جهود واشنطن لدفع ميثاق أمني مع سوريا، فقد فعلوا ذلك بحذر وطرحوا مطالب متطرفة.
وأكد مسؤولان أمريكيان أن إجراءات نتنياهو قوضت جزئيا العمل على صفقة تأمل واشنطن أن تكون خطوة أولى لانضمام سوريا إلى اتفاقيات إبراهيم لاحقا.
ومنذ يوم الجمعة، أجرى المبعوث الأمريكي إلى سوريا توم باراك ومسؤولون آخرون محادثات متوترة مع نظرائهم الإسرائيليين حول الموضوع، كما أجروا اتصالات لتهدئة السوريين وتجنب مزيد من التصعيد، حيث التقى باراك بالشرع في دمشق يوم الاثنين.
ولفت المسؤولون الأمريكيون إلى عدم وضوح من يتولى ملف سوريا في حكومة إسرائيل بعد استقالة رون ديرمر، صديق نتنياهو المقرب.