شبكة انباء العراق:
2025-12-14@07:18:07 GMT

فشرتوا

تاريخ النشر: 17th, March 2025 GMT

بقلم : فالح حسون الدراجي ..

يتذكر الأخوة القراء الذين تشرفت بمتابعتهم لمقالاتي سواء في جريدة الحقيقة أو في مواقع التواصل الإجتماعي، أني كتبت عشرات المقالات ضد نظام الأسد بعهديه ( الأب والابن)، وانتقدت بها مرات كثيرة تصرفات المسؤولين الأمنيين في سوريا آنذاك، خصوصاً العلويين الذين كانوا مستقوين برئيس الدولة ( العلوي) !

كما كان لي أكثر من مقال حاد ضد جريمة قوات سرايا الدفاع التي كان يقودها رفعت الأسد ضد المواطنين ( السنّة ) في مدينتَي حمص وحماه .

. رغم أن هجمات قوات سرايا الدفاع لم تكن بعنوان طائفي، إنما كانت تتم بعنوان سياسي صرف بمعنى أنها تحصل تحت عنوان سلطة تابعة لحزب البعث ضد معارضة تابعة لأحزاب سلفية تسعى لإسقاط هذه السلطة .. ولكن في كل الأحوال، كانت عملية القصف عملية عدوانية فاشية ضد مدن آمنة، قتل فيها عدد غير قليل من الأبرياء.

والموقف نفسه وثقته بمقالاتي ضد نظام بشار الأسد عندما كان يلقي البراميل المتفجرة من الطائرات على رؤوس معارضيه في المدن السورية الآمنة، رغم أن معارضيه كانوا يرفعون السلاح ضد الجيش !!

ولأني لم أكن أفرق في المظلومية بين سني وشيعي ودرزي ومسيحي.. كنت أصرخ بكل صوتي ضد أي عمل مسلح ينال مواطناً مدنياً مهما كانت هوية الفاعل، وهوية الضحية، فالظلم واحد والمظلومية لا تتجزأ قط ..

واليوم حين يأتي الجولاني للسلطة في سوريا، وتأتي قبله أخباره الإجرامية، لا سيما وأن الرجل يحمل بين يديه تاريخاً دموياً مرعباً، يبدأ من جرائمه عندما كان عضواً كبيراً في تنظيم القاعدة، مروراً بما ارتكبه حين كان قائداً بارزاً في تنظيم داعش، لاسيما جرائمه بحق الأبرياء في العراق.. وانتهاءً بما فعله من فظائع عندما أسس تنظيم النصرة الإرهابي.. ورغم كل هذا ( الارث) الدموي الرهيب، فإني لم أتعجل الحكم على الرجل، رغم وثوقي من فظاعة وبشاعة ودموية عقيدته الآيدلوجية المتطرفة، وقد ساعد في تأجيل حكمي عليه أنه استبدل ولو- شكلياً – كل ما كان عليه عندما كان إرهابياً !!

وإذا كان الجولاني قد ضحك على ذقون ساسة اوربا وأمريكا والبلدان العربية الذين صدقوا به، ووثقوا بكلامه الحلو عن العدالة، وبوعوده بتحقيق المساواة بين الطوائف، وأعجبوا بحلاقة ذقنه، وحسن مكياجه، و(بدلته الإنگليزية وربطة عنقه الفرنسية).. اقول إذا كان شياطين السياسة قد صدقوا به، فمن أنا كي لا امنحه مع المانحين فرصة لتفعيل وعوده وعهوده.. لذلك اوقفت الأفكار والنوايا التي حملتها وأعددتها لكتابة سلسلة من المقالات ضد الجولاني وعصابته ..!

لكن الجولاني لم ينتظر كما انتظرنا، إذ سرعان ما كشّر عن أنيابه الإرهابية، فراح بعض قطيعه المدججين بالآيداوجية الإرهابية، والأسلحة الفتاكة التي مولهم بها السلطان العثماني الحالم بثلث سوريا وثلث العراق، يجوبون الشوارع والأزقة والبيوت في المحافظات ( غير البيضاء ) بحثاً عن ( العلويين – أيّ علوي)، وليس مهماً أن يكون هذا العلوي بريئاً أو ملطخة يده بدماء الضحايا عندما كان متربعاً على كرسي المسؤولية إبان عهد الاسد.. فحدثت على يد ذئاب الجولاني المتعطشة للثأر، والمفتوحة شهيتها للدم، جرائم يندى لها الجبين، حتى أن عصابات الجولاني المختلفة عناوينها، قتلت من أبناء الساحل في ساعات معدودة أكثر من ألف مواطن مدني أعزل .. أما الحديث عن نوعية الحكومة المؤقتة، والإعلان الدستوري، وصلاحيات رئيس الجمهورية فهذه تحتاج إلى كتاب وليس إلى ثلاثة سطور في مقالة عابرة ..

إن الذين ظنوا أن سوريا ستصبح على يد ( الشرع) مثل إمارة موناكو، او مثل سنغافورة، وفتحوا له الخزائن والبنوگ والآمال الوردية، حتى انهم اليوم يحاولون بقوة شطب اسمه واسم منظمته من قوائم الإرهاب الأجنبي !!

أعرض لهؤلاء المتأملين الواهمين، ولغيرهم، مشهداً واحداً .. مشهداً رآه العالم كله من سوء حظ القتلة الإرهابيين ، بل وأبكى العالم من عربه إلى عجمه ومن افرنجه الى مكسيكه، وهذا المشهد يتمثل بالسيدة السورية العلوية العظيمة التي قتل الجولانيون ولديها سهيل وكنان مع حفيدها أمام عينيها، والمصيبة أنهم لم يكتفوا بهذا القتل البشع أمام أنظار أمّ مكلومة، إنما راحوا يشمتون بها تارة، ويهزؤون بقتلاها تارة أخرى، بل ويُسمعونها كلاماً فظيعاً، بينما هي تقف أمامهم بصلابة عجيبة، ورباط جأش فريد، كأنها أسد جريح، ولا أخفي عليكم، فقد تذكرت بمحنتها هذه، محنة أمي الصابرة التي أخبرها السفلة الصداميون بإعدام ولدها الشيوعي، مع وابل من كلماتهم التهديدية، وعباراتهم الشامتة، ولغتهم العفنة القذرة .. كما تذكرت معها جميع أمهاتنا المفجوعات اللائي تعرضن لمثل هذا الموقف الكربلائي الزينبي. إن أمَّ أيمن- وهذا اسمها- لم تقف مكسورة الجناح ولا دامعة العين، ولا خائفة أو مرعوبة من أسلحتهم أو من تهديدهم، إنما كانت ترد عليهم بكلمة واحدة، وهي: ( فَشرتوا فَشرتوا )، أي خسئتوا، ولها معنى سوري آخر ( كذبتوا )..!
ولعل الأعظم في الأمر أنها وقفت كالجبل لثلاثة أيام تحرس ولديها وحفيدها، كي لا تنهش جثثهم الكلاب، أو تعبث باجسادهم الذئاب الطائفية ..

والمضحك المبكي، أن جماعة الجولاني ادّعوا أن ابناء هذه السيدة من فلول الأسد، وأنهم نالوا عقابهم لأنهم قاوموا الثورة، لكن كذبتهم فُضحت، عندما ظهر أن أحد القتلى الثلاثة واسمه سهيل، كان من دعاة الثورة على الأسد، وانصار التغيير، وقد عثر على عشرات المنشورات في تويتر والفيس بوك يدعو فيها العلويين إلى دعم الحكومة الجديدة !!

والمضحك ايضاً، أن إعلام عصابة الجولاني وبعد أن فضح الناس كذبته عبر اعادة نشر تغريدات (سهيل ) وكتاباته، اضطر إلى تغيير ادعاءاته، فظهر بكذبة جديدة مفادها أن أبناء السيدة قُتلوا على يد جماعة من ( العمشات ) وجماعة من ( الحمزات ) وهما جماعتان مسلحتان متحالفتان مع هيئة تحرير الشام، وإن القوات الأمنية الجولانية بريئة من دمهم.

لكنّ السيدة لم تنثنِ عن تشخيصها وتأكيدها بأن قتلة ولديها وحفيدها هم افراد من القوات الامنية التابعة للجولاني وليس غيرهم .. !

إن تعاطف الشعوب مع هذه السيدة دفع الجولاني إلى ارسال أحد أزلامه – محافظ اللاذقية – إلى زيارة الأم المكلومة في بيتها وتقديم العزاء لها، لكنها لم توافق على قبول العزاء إلا بالاعتراف علناً والاعتذار أمام العالم بأن قوات ( الشرع) قتلت اولادها والكف عن اتهام الآخرين، فنفذ لها ما أرادت بعد أن اتصل بالجولاني وأخبره بما اشترطته عليه المفجوعة أم أيمن .. !!

لقد سقط المجرم صدام، وسقط المجرم بشار، وسقط قبلهما عشرات الطغاة في التاريخ، وسيسقط الجولاني ونظامه حتماً، لأن حق الشعوب، و (حوبة) دماء الأبرياء، ودموع الأمهات أقوى من كل الجيوش الحربية، وقوى الأمن والمخابرات والميلشيات، مهما كانت قوية وشرسة وعنيفة، حتى لو كانت بحجم عنف ( النصرة)..!

فالح حسون الدراجي

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات عندما کان

إقرأ أيضاً:

لجنة حماية الصحفيين: حرب غزة كانت الأكثر دموية للصحفيين

صفا

قالت لجنة حماية الصحفيين، مساء اليوم الخميس، إن حرب غزة كانت الأكثر دموية للصحفيين منذ أن بدأنا تتبع بيانات قتلهم عام 1992.

وشددت اللجنة، على أن قتل "إسرائيل" للصحفيين، نمط تصاعد بشكل كبير منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وأشارت إلى أن واشنطن فشلت في واجبها بمحاسبة المسؤول عن استهداف إسرائيلي، لصحفي أميركي بلبنان.

مقالات مشابهة

  • برشلونة.. «الفارق 7» بـ«ثنائية» رافينيا
  • إسرائيل اليوم: هؤلاء قادة حماس الذين ما زالوا في غزة
  • طارق الشناوي: عمار الشريعي أحد أهم الموهوبين الذين ظهروا في العالم العربي
  • من أين جاء لاعبو الإمارات الذين هزموا الجزائر في كأس العرب؟
  • الوزيرة الجنجويدية… هل يُفتح أخيراً ملف المتعاونين الذين عادوا إلى مؤسسات الدولة
  • كاسبرسكي تحذر من المجرمين السيبرانيين الذين يستخدمون الكتب التركية والعربية الرائجة كطعمٍ لسرقة البيانات الشخصية
  • هلع واعتقالات وارتباك داخل صفوف الجولاني بعد تسريب هذه المعلومات
  • خبير سياسي: مصر الوحيدة التي تواجه المشروع الدولي لتقسيم سوريا وتفكيك الدولة
  • هلع واعتقالات وارتباك داخل صفوف الجولاني بعد تسريب هذه المعلومات.. فيديو
  • لجنة حماية الصحفيين: حرب غزة كانت الأكثر دموية للصحفيين