17 مارس، 2025

بغداد/المسلة: أثار إعلان ترويجي لشركة الأزياء الهولندية “مرّاشي” موجة من الجدل في فرنسا، بعدما ظهر فيه برج إيفل مغطى بحجاب إسلامي. الإعلان، الذي انتشر عبر حساب العلامة التجارية على إنستغرام، كان مصحوبًا بتعليق ساخر: “رُصدت: برج إيفل مرتديا أزياء مرّاشي، ما شاء الله! يبدو أنه انضم للتو إلى مجتمع الأزياء المحتشمة”.

الخطوة التي بدت للبعض مجرد دعاية تسويقية، فجّرت جدلاً سياسياً واسعاً، حيث اعتبرها عدد من السياسيين الفرنسيين استفزازًا لقيم الجمهورية وعلمانيتها. في المقابل، رأى آخرون أنها إبداع تسويقي يُسلط الضوء على النقاش المستمر في فرنسا حول حرية اللباس والتعبير الديني.

انتقادات سياسية وردود فعل غاضبة

سرعان ما توالت الانتقادات من أطراف سياسية عدة، وعلى رأسها النائبة عن حزب التجمع الوطني اليميني، ليزيت بوليت، التي كتبت عبر منصة “إكس”: “أمر غير مقبول! لقد اختطفت علامة مرّاشي برج إيفل، رمز فرنسا، وغطته بحجاب إسلامي في إعلان استفزازي”. وأضافت أن “هذا النوع من الحملات يهدد القيم الجمهورية ويشجع على الانفصالية الثقافية”.

تصاعدت حدة الغضب مع تصريحات الخبير الاقتصادي الفرنسي فيليب مورير، الذي دعا إلى مقاطعة “مرّاشي” وإغلاق متاجرها في فرنسا، معتبراً أن الإعلان “محاولة لاستفزاز الفرنسيين ودفعهم إلى القبول بانتشار الأزياء الإسلامية في الفضاء العام”.

في المقابل، انقسم الرأي العام على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر البعض الإعلان مجرد دعاية تجارية غير مقصودة للإساءة، بينما رأى آخرون أنه يسلط الضوء على إشكالية تقييد حرية المسلمات في اختيار ملابسهن، خاصة في بلد يفرض قوانين صارمة على الحجاب في المدارس والأماكن العامة.

تاريخ طويل من الجدل حول الحجاب في فرنسا

يأتي هذا الجدل في سياق حساس داخل فرنسا، التي شهدت على مدار العقود الماضية تقييداً متزايداً على ارتداء الرموز الدينية، خصوصًا الحجاب الإسلامي. فمنذ عام 2004، تم حظر الحجاب في المدارس الحكومية، وتبع ذلك في 2010 قانونٌ يمنع تغطية الوجه بالكامل في الأماكن العامة، وهو قانون استهدف النقاب والبرقع، إلى جانب الأقنعة والخوذات.

في السنوات الأخيرة، استمرت القيود مع قرارات بمنع العباءات والحجاب في المدارس، وصولًا إلى تصريحات وزير الداخلية برونو ريتايو، الذي أكد أن حتى المرافقات المدرسيات خلال الرحلات الدراسية لا يُسمح لهن بارتداء الحجاب، باعتبار أن هذه الرحلات جزء من البيئة التعليمية الخاضعة لقوانين العلمانية.

رغم هذه القوانين، تظل قضية الحجاب أحد أكثر المواضيع إثارة للجدل في فرنسا، بين من يعتبره رمزا للحرية الشخصية وحق المرأة في اختيار ملابسها، ومن يراه تحديًا للقيم العلمانية التي تقوم عليها الجمهورية الفرنسية. وبينما تسعى فرنسا لترسيخ هويتها العلمانية، يبقى التساؤل مطروحًا حول مدى قدرتها على التوفيق بين هذا النهج واحترام التعددية الثقافية والدينية التي باتت جزءًا من نسيجها الاجتماعي.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: الحجاب فی برج إیفل فی فرنسا

إقرأ أيضاً:

حين يتحول الاحتجاز إلى حكم بالإعدام في مصر

لم تعد حوادث الوفاة داخل أماكن الاحتجاز في مصر مجرد وقائع فردية أو أخطاء استثنائية. فخلال السنوات الأخيرة، تحوّلت هذه الحالات إلى نمط متكرر يكشف خللا بنيويا خطيرا داخل الأجهزة الأمنية، وانهيارا في منظومة العدالة بأكملها. آخر هذه الوقائع كانت وفاة "خليل محمد أبو هبة" داخل قسم شرطة ثالث المحلة الكبرى في ظروف غامضة، والتي أثارت غضبا واسعا، وأعادت إلى الأذهان سلسلة مِن الحوادث المشابهة، وعلى رأسها قضيتا خالد سعيد وأيمن صبري، اللذين أصبحا رمزين لانتهاكات الشرطة والإفلات من العقاب.

خليل أبو هبة.. قصة قصيرة يكشفها الألم

بحسب شهادة أسرته، فإن خليل، البالغ من العمر 35 عاما وأب لأربعة أطفال، تم اقتياده إلى قسم الشرطة على خلفية خلاف بسيط يتعلق بمفتاح سيارة. داخل القسم، تقول الأسرة وشهود من الداخل، إنه تعرض للتعذيب والصعق بالكهرباء، ومُنِعَ عنه الماء حتى فقد وعيه ولم يخرج إلا جثة. وفي الوقت الذي يؤكد فيه أقاربه أن الوفاة كانت نتيجة مباشرة للتعذيب، صدر التقرير الطبي بصياغة تشير إلى "هبوط حاد في الدورة الدموية" دون تحديد السبب أو ذكر أي آثار للتعذيب.

هذه الصياغة تكاد تكون نسخة مكررة من تقارير مماثلة في قضايا سابقة، ما يجعل كثيرين يشككون في شفافية التحقيقات، بل وفي نية مؤسسات الدولة التعامل بجدية مع تلك الحوادث.

أيمن صبري.. الصرخة التي سبقت خليل

قبل عدة أشهر، اجتاحت مواقع التواصل قصة الشاب "أيمن صبري" الذي تُـوُفِّيَ داخل الحجز بعد تعرضه -وفق شهادة أهله- لتعذيب ممنهج. انتشرت صور أيمن ونداءات أسرته في كل مكان، وأثارت تساؤلات واسعة حول ظروف احتجازه وما جرى له داخل القسم. ورغم المطالب الشعبية والحقوقية بالتحقيق، ظل الملف غارقا في الضبابية ذاتها التي تحيط بقضية خليل أبو هبة الآن.

أيمن وخليل لا يعرف أحدهما الآخر، لكن كلاهما وجد نفسه في اللحظة ذاتها داخل منظومة واحدة، ليواجه المصير ذاته تقريبا، وبالطريقة ذاتها تقريبا.

خالد سعيد.. الشرارة التي لم تُطفأ

لا يمكن قراءة ما يحدث اليوم دون العودة إلى قصة خالد سعيد في 2010، التي كانت أحد أهم أسباب انفجار الغضب الشعبي قبل ثورة يناير. خالد لم يكن مجرد ضحية؛ بل تحوّل إلى رمز لرفض قمع الأجهزة الأمنية، وإلى شاهد مبكر على بنية أمنية لا تزال -رغم تغير الزمن والظروف- تعمل بالآليات نفسها.

اللافت أن الخطاب الرسمي في ذلك الوقت اتخذ المسار ذاته: إنكار، تشكيك، تقارير طبية غامضة، وغياب للمساءلة الحقيقية. بعد أكثر من 14 عاما على رحيل خالد سعيد، يبدو أن السياق لم يتغير إلا في مستوى الغموض.. لا في حجم الألم.

نمط لا يتوقف

عند مقارنة الحالات الثلاث، تظهر ملامح نمط واضح:

1. احتجاز مفاجئ أو على خلفية خلاف بسيط.

2. وفاة داخل الحجز في ظروف غير مبررة.

3. شهادات أسرية تؤكد التعذيب، مقابل رواية رسمية تلتزم الصمت أو تقدم تقريرا طبيا عاما.

4. عدم محاسبة المسؤولين، أو حفظ القضايا دون تحقيق جدي.

5. تكرار السيناريو نفسه مع ضحايا جدد.

هذا النمط لا يحدث بالصدفة، ولا يمكن اعتباره حالات متفرقة، إنه يعكس خللا هيكليا في طريقة إدارة أماكن الاحتجاز، وفي غياب الرقابة، وفي تداخل السلطة الأمنية مع منظومة العدالة.

لماذا يستمر هذا المسار؟

هناك عدة أسباب تجعل هذه الحوادث تتكرر دون توقف:

- الحصانة الفعلية التي يتمتع بها الضباط في بعض المواقع الحساسة.

- غياب الشفافية في التقارير الطبية والتحقيقات.

- تحوّل الانتهاكات إلى سلوك اعتيادي داخل بعض الأقسام دون رادع قوي.

والنتيجة: دائرة لا تتوقف من الألم، تتكرر فيها المأساة للاسم ذاته.. ولكن بوجوه مختلفة.

خاتمة: خليل ليس "حادثا عابرا"

ما حدث مع خليل أبو هبة ليس نهاية قصة فردية، بل هو استمرار لملف كبير من الانتهاكات التي ما زالت مفتوحة منذ أكثر من عقد. وإذا لم يتم فتح تحقيق حقيقي، ومحاسبة المسؤولين، وتوفير رقابة مستقلة على أماكن الاحتجاز، فإن قائمة الضحايا ستطول، وسيظل السؤال معلّقا: كم خليل وأيمن وخالد آخر يجب أن يرحلوا قبل أن يتوقف هذا النمط؟

مقالات مشابهة

  • ما بعد مصادقة المحكمة الاتحادية… معركة الرئاسة بين السوداني والمالكي
  • آنا دي أرماس تخطف الأنظار بالحجاب في أبو ظبي
  • اشتباكات لليوم الثاني.. ما الذي يحدث في القيروان؟
  • حراك قبلي واسع في صنعاء وصعدة ومأرب وحجة: إعلان الجهوزية الشاملة لخوض أي معركة قادمة
  • المجر: مصادرة الأصول الروسية إعلان حرب بين الاتحاد الأوروبي وروسيا
  • يعلن وليد حسن بقية عن فقدان سجل تجاري باسم وليد بقية للتجارة
  • بسمة بوسيل تخطف الأنظار في أحدث ظهور بالحجاب
  • حين يتحول الاحتجاز إلى حكم بالإعدام في مصر
  • خطيب جامع أبي حنيفة يتهم وزارة الرياضة بمحاولة تحويل نادي الأعظمية إلى مول تجاري
  • البرلمان النمساوي يقر حظر الحجاب في المدارس