ذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أنه مهما كانت الهجمات العسكرية الأمريكية في اليمن فتاكة، إلا أنها لن تقضي على الحوثيين، وقد تهدد أمن دول أخرى في المنطقة بحال قرر الحوثيون توسيع نطاق الصراع.

وقالت "هآرتس" في تحليل بعنوان "إيران غير مهتمة بالتهديدات التي يوجهها لها ترامب عبر الحوثيين"، أنه مع بدء الهجوم الأمريكي على قواعد الحوثيين في اليمن، يوم السبت الماضي، توعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحوثيين قائلاً: "سيُمطر عليكم جهنم كما لم تروا من قبل"، موضحة أنه في قاموس ترامب العسكري العملي، أصبحت كلمة "جحيم" تعبيراً مألوفاً، لأنه توعد به  حماس أيضاً.

وأمس أضاف إيران إلى قائمة الأهداف، مُهدداً بأن أي نيران من الحوثيين ستعتبر نيراناً إيرانية.وبعد الهجوم الذي يُعد الأوسع نطاقاً منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان حجم الأضرار وطبيعة الإصابات التي تعرض لها الحوثيون يرقى إلى  "جحيم" أم لا، ومع ذلك فإن التهديد بمواصلة الهجوم لأيام وربما أسابيع يبدو أنه يشير إلى تغيير في الاستراتيجية الأمريكية.

هل حسمت واشنطن قرارها بإنهاء الحوثيين؟https://t.co/bD07UldgbI pic.twitter.com/E7oZOTagvl

— 24.ae (@20fourMedia) March 18, 2025
رسالة لإيران

وبحسب الصحيفة، فإنه على النقيض من النهج الذي قدمه الرئيس السابق جو بايدن، الذي اعتمد على "تقليص القدرات والردع" ولم يكن فعالا في احتواء الحوثيين أو ردعهم، فإن إدارة ترامب تهدف إلى تحرك عسكري أوسع نطاقاً يؤدي إلى ضرب البنية التحتية لجماعة الحوثي؛ وليس فقط من أجل إنهاء تهديدها للممرات الملاحية في البحر الأحمر، بل ربما من أجل انهيار حكمها في اليمن، وتوجيه رسالة تهديد إلى إيران أيضاً.
وتساءلت هآرتس: "ما معنى تلك الرسالة التهديدية التي وجهها ترامب لإيران؟ هل يهدف إلى إجبار إيران على التفاوض؟ هل يتضمن نية بناء تحالف عسكري إقليمي لمحاربتها؟"، مشيرة إلى أن  بايدن سعى إلى إنشاء مثل هذا التحالف وفشل، ومن المشكوك فيه أن ينجح ترامب. وأوضحت أن إيران التي تعرضت بالفعل لهجوم مباشر من إسرائيل، لا تحتاج إلى "رسالة" في شكل استعراض للقوة ضد الحوثيين لإقناع نفسها بمصداقية التهديد ضدها.


سياسة الضغوط القصوى

وتابعت أن "سياسة الضغوط القصوى التي مارسها ترامب ضد إيران فور بدء ولايته (وكذلك التهديدات التي يطلقها) لم تؤد حتى الآن إلا إلى تعزيز موقف المحافظين، بقيادة المرشد الأعلى علي خامنئي، ضد الحوار مع الولايات المتحدة بشأن اتفاق نووي جديد"، لافتة إلى أن الهجوم في اليمن يُعد الأوسع نطاقاً منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض، ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان حجم الأضرار وطبيعة الإصابات التي تعرض لها الحوثيون يرقى إلى تعريف "الجحيم" أم لا.


خطر الحوثيين

وبحسب الصحيفة، سواء وصلت الرسالة إلى إيران أم لا، فإن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ودول المنطقة، وكذلك الاقتصاد العالمي، يواجهون تهديد الحوثيين حتى الآن، وكان رد الفعل الأول على الهجوم الأمريكي، يوم السبت الماضي، من زعيمهم عبدالملك الحوثي، متوقعاً، وفي خطاب مسجل من مخبئه، قال: "سنرد على العدو الأمريكي بإطلاق الصواريخ على سفنه، ولن نتراجع عن نيتنا في دعم الشعب الفلسطيني، وسنواصل مواجهة العدوان الأمريكي والإسرائيلي".


ارتباك وقلق

ذكرت هآرتس، أنه ربما يكون الحوثيون هم الحلقة النشطة الأخيرة في حلقة النار الإيرانية، ولكن منذ اغتيال حسن نصرالله في سبتمبر (أيلول) 2024، وسقوط نظام الأسد في سوريا هذا العام، أصبحت الجماعة تواجه أسئلة وجودية، وتتحدث التقارير في وسائل الإعلام اليمنية، والتي تتبع الحكومة اليمنية الرسمية، عن حالة من الارتباك والقلق داخل صفوف قيادة الحوثيين، وهو ما ينعكس في هجرهم لمساكنهم المعتادة وانتقالهم إلى شقق سكنية للاختباء، وسحب هواتفهم المحمولة وأجهزة الاتصال خوفاً مما حدث في لبنان، ونتيجة لذلك، نشأت صعوبات في التواصل بين المقر والقيادة، ولم يعد كبار المسؤولين يظهرون في التجمعات والمظاهرات العامة، كما وسعت وحدات الأمن الداخلي أنشطتها ضد المشتبه في تعاونهم مع العدو.


خلاف داخلي

وإلى جانب الخوف على حياتهم، يدور منذ نحو ثلاثة أشهر خلاف سياسي خطير في قمة حكومة الحوثيين حول القرارات الاستراتيجية التي يجب على النظام تبنيها للحفاظ على حكمهم ومنع انهيارهم كما حدث في سوريا ولبنان. ويؤيد بعض كبار المسؤولين استمرار الهجمات في البحر الأحمر كوسيلة للضغط الدبلوماسي والسياسي، ويرى آخرون أنه في ظل التطورات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وتراجع قوة إيران ونفوذها، فمن الأفضل تعزيز العملية السياسية التي تؤدي إلى المفاوضات مع الحكومة اليمنية وإنهاء الحرب الداخلية.


اغتيال الحوثي

وأشارت الصحيفة الإسرائيلية إلى أنه بحال اغتيال عبدالملك الحوثي، سوف تشتعل  حرب خلافة تنقل بؤرة صراع الحوثيين من البحر الأحمر إلى داخل البلاد، لكن هذا لا يضمن الحفاظ على السلام في الدول المجاورة. وعلاوة على ذلك، من الصعب أن نرى كيف سيؤثر انهيار نظام الحوثيين في اليمن على إيران ودفعها إلى تغيير سياستها، بعد أن خسرت سوريا ولبنان.

بعد الحوثيين.. هل تتحرك أمريكا ضد ميليشيات #إيران في #العراق؟https://t.co/rizEjAD9Th

— 24.ae (@20fourMedia) March 16, 2025
أزمة اقتصادية

إلى جانب الصراعات الداخلية، تواجه قيادة الحوثيين أزمة اقتصادية عميقة، بدأت حتى قبل الحرب وتفاقمت بعد الهجمات الأمريكية والإسرائيلية، وتعتمد إيرادات حكومة الحوثيين بشكل أساسي على الضرائب والرسوم التي تجمعها مقابل كل عمل أو ترخيص أو وثيقة تصدر لسكان المناطق الخاضعة لسيطرتها، حيث يعيش نحو 60% من إجمالي سكان اليمن.
كما يفرض الحوثيون رسوماً جمركية على حركة البضائع من ميناء الحديدة،  ويحصلون على "رسوم حماية" تقدر بعشرات الملايين من الدولارات من شركات الشحن التي تمر عبر البحر الأحمر مقابل تجنب الهجمات عليها، ولكن هناك أضرار لحقت بالمستودعات وخزانات النفط في ميناء الحديدة، بالإضافة إلى قصف محطات توليد الطاقة، وانقطاع التيار الكهربائي عن أجزاء من العاصمة صنعاء، وهي أمور جعلت الخسائر المالية فادحة.
وأوضحت أنه في الهيكل الحالي باليمن، حيث يمسك النظام الحوثي مواطنيه من أعناقهم من أجل البقاء على قيد الحياة من خلال القوات العسكرية القوية، من الصعب أن نرى كيف يمكن لسلسلة طويلة ومنهجية وواسعة النطاق من الضربات الجوية الأمريكية أن تتسبب بانهيار النظام الحوثي، مشيرة إلى أن المشكلة الأصعب هي أن الجيش اليمني ليس أقل تجهيزاً وتدريباً من الحوثيين، كما أن فيه ولاءات سياسية وقبلية.


حرب أهلية

واختتمت هآرتس تحليلها قائلة إن التوقعات بتقدم قوة يمنية محلية وهزيمة الحوثيين وإقامة دولة جديدة، على غرار الحالة السورية، قد تؤدي إلى حرب أهلية جديدة، بافتراض أن القصف الجوي وحده، مهما بلغ حجمه، لن يُسقط نظام الحوثيين، فسيتعين على الولايات المتحدة، كما فعلت إسرائيل في غزة، أن تقترح مخططاً لما بعد الحرب في اليمن، وهو مخطط لا تلوح في الأفق حتى ملامحه بعد.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: وقف الأب رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل يوم زايد للعمل الإنساني غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الحوثيون إسرائيل إيران وإسرائيل الهجوم الإيراني على إسرائيل اليمن البحر الأحمر فی الیمن إلى أن

إقرأ أيضاً:

الخارجية الأمريكية: دعوة إيران وإسبانيا لحضور قمة شرم الشيخ حول غزة

قالت وزارة الخارجية الأمريكية إنّه تم توجيه دعوات لعدد من الدول، من بينها إيران وإسبانيا، لحضور قمة شرم الشيخ حول غزة.

وذكر متحدث باسم الرئاسة المصرية، يوم السبت، أن مصر ستستضيف قمة دولية في مدينة شرم الشيخ على البحر الأحمر، يوم الاثنين، لإتمام اتفاق يهدف إلى إنهاء الحرب في غزة.

وأضاف المتحدث في بيان أن القمة سيشارك فيها أكثر من عشرين زعيمًا، من بينهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

ومن المتوقع أن يحضر الاجتماع عدد من قادة الدول العربية والأوروبية، إلى جانب ممثلي منظمات إقليمية ودولية.

وأوضحت الرئاسة في بيانها أن القمة تهدف إلى إنهاء الحرب على قطاع غزة، وتعزيز جهود تحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، وفتح مرحلة جديدة من الأمن الإقليمي.

ويعكس اللقاء رؤية الرئيس الأمريكي ترامب المعلنة لتحقيق السلام في المنطقة، ومساعيه المستمرة لحل النزاعات حول العالم.

وفي وقت سابق من يوم السبت، أعلن قصر الإليزيه أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيتوجه إلى شرم الشيخ يوم الاثنين لدعم اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وإجراء محادثات بشأن المرحلة التالية من تنفيذه.

كما بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، ونظيره الأمريكي ماركو روبيو، الجمعة، الاستعدادات الجارية للقمة، بما في ذلك التنسيق حول تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق.

وتأتي القمة في أعقاب دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ يوم الجمعة، منهياً حرب الإبادة الجماعية التي شنتها إسرائيل على غزة على مدار عامين، بعد أربعة أيام من المحادثات المكثفة بين وفدي إسرائيل وحماس في شرم الشيخ.

طباعة شارك الخارجية الأمريكية إيران وإسبانيا شرم الشيخ قمة شرم الشيخ

مقالات مشابهة

  • ألمانيا: اليمن بحاجة لحكومة قوية وموحدة وعلى الحوثيين مراجعة أنفسهم
  • هكذا تشكّلت في اليمن ثقافة الانتصار
  • المانيا: اليمن بحاجة إلى حكومة موحدة والمجتمع الدولي ينتظر شريكاً قويا وعلى الحوثيين تحديد موقعهم من السلام ولا حلّ في اليمن دون السعودية
  • من ذرائع حرب غزة إلى إشعال الصراع الداخلي.. الحوثي في مهمة إشعال الحروب
  • ‏لماذا يخرج اليمن من الصراع أقوى؟؟
  • سقوط ورقة التوت الغزاوية: الحوثي يبحث عن صراع جديد لـ تأميم غضب الرواتب والمجاعة
  • برلين تحذر الحوثيين و الاختبار الأخير... فإما طريق السلام أو السقوط في العزلة
  • الخارجية الأمريكية: دعوة إيران وإسبانيا لحضور قمة شرم الشيخ حول غزة
  • أغلبها بمناطق الحوثيين.. تسجيل أكثر من 13 ألف حالة انتحار في اليمن خلال سنوات الحرب
  • وكالة روسية: صدور توجيهات لزعيم الحوثيين بوقف الهجمات على إسرائيل وسفن الشحن في البحر الأحمر