الخرطوم- رأى أمجد فريد المدير التنفيذي لمركز فكرة للدراسات والتنمية والمستشار السابق بمكتب رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك، أن اتجاه قوات الدعم السريع وفصائل سياسية وعسكرية لتشكيل حكومة موازية، محاولة لاستنساخ "النموذج الليبي".

وقال فريد في حوار مع الجزيرة نت إن "الدعم السريع تحاول تقديم نفسها بوجه سياسي جديد بعد تراجعها عسكريا، واحتراقها أخلاقيا، ولن تقدم أي شيء للمواطن، لأنها لا تملك حلولا لأي مشكلة".

ووصف فريد ما طرحه عبد الله حمدوك رئيس تحالف القوى المدنية الديمقراطية لقوى الثورة (صمود)، مؤخرا، بأنه ليس مشروعا للسلام ولا يحمل جديدا، وإنما محاولة لإيجاد موطئ قدم في العملية السياسية.

وعن فرص تحقيق توافق بين القوى المدنية لفترة ما بعد الحرب، أوضح فريد أن ذلك رهين بـ4 أسئلة جوهرية، وأن الصراع على السلطة يمنع توصلها إلى توافق وطني، ورأى أن مواقف قوى الحرية والتغيير وتماهيها مع  "الدعم السريع" أتاح لقوى النظام القديم من الإسلاميين تقديم أنفسهم للشعب.

وفيما يلي نص الحوار:

كيف ترى مسار الحرب في السودان بعد عامين من اندلاعها في الخرطوم قبل أن تمتد إلى ولايات أخرى؟

بالطبع، الحرب ضاعفت معاناة السودانيين، وكلما استمرت زادت آثارها السلبية وتعقيداتها، كما ظهرت بؤر مجاعة بمناطق عدة، لكن التعاطي السياسي مع الأزمة غير مفيد، ويجب العمل لمعالجة المشكلة الإنسانية، وينبغي للطرف الحكومي التعامل مع الموضوع ببراغماتية لخدمة المواطنين.

إعلان هل تعتقد، أنه بعد أن صار الميزان العسكري يميل لصالح الجيش بتحرير ولايتي سنار والجزيرة، وغالبية ولاية الخرطوم، وفك الحصار عن الأبيّض بشمال كردفان، يمكن أن يدفع باتجاه السلام؟

ينبغي أن لا تنشغل القوى المدنية بالميزان العسكري لأي طرف، ولا أعتقد أنه سيكون للحرب نهاية عسكرية، ولكن ليس على طريقة مدعي الحياد الذين يريدون استغلال الحرب لتحقيق أجندتهم السياسية، غير أن الواضح للعيان، أن المناطق التي استعادها الجيش عادت إليها الحياة وصارت شبه طبيعية، وثمة ارتياح شعبي لذلك، عكس المواقع التي انتشر فيها  الدعم السريع.

ومثلما اندلعت الحرب لأسباب سياسية، فتحتاج لحل سياسي، وليس معادلة لاقتسام السلطة والثروة بين الجيش والدعم السريع.

ماذا تعني بحل سياسي للأزمة، تسوية بين الجيش والدعم السريع؟

الحل السياسي، يعني تفكيك الوجود المؤسسي لقوات الدعم السريع عسكريا وسياسيا واقتصاديا، والعودة لتحقيق شعار الثورة "العسكر للثكنات والجنجويد ينحل"، في إطار الإصلاح المؤسسي لأجهزة الدولة حتى لا تعود الحرب مرة أخرى.

وأعتقد، أن أي محاولة لإيجاد صفقة بين الجيش والدعم السريع، ستشجع على حمل السلاح لتحقيق مكاسب سياسية، وزيادة الطموح السياسي العسكري، كما حدث في انقلاب رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وقائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي" في 25 أكتوبر/كانون الأول 2021، ثم محاولة "حميدتي" للسيطرة على السلطة منتصف أبريل/نيسان 2023، ما أدى لاندلاع الحرب.

برأيك، ما الأسباب الحقيقية لانقسام تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) إلى تحالف القوى المدنية لقوى الثورة (صمود)، وتأسيس كيان جديد بين بعض فصائل "تقدم" وقوات الدعم السريع في تحالف "تأسيس"؟

تحالف "تقدم" منذ نشأته حمل جرثومة موروثة في قوى الحرية والتغيير، التي سعت إلى زواج مصلحة مع عبد الله حمدوك لاعتقادها أن له صلات وقبولا دوليا، وفي المقابل كان حمدوك يسعى لإيجاد منصة مؤسسية في الأزمة السودانية، وبالتالي كان تحالف مصلحة بلا فكرة مشتركة.

إعلان

كما ضم التحالف شخصيات وفصائل -مرتبطة بقوات الدعم السريع- استغلت التحالف لتمكين نفسها سياسيا، مما غذَّى طموحها السياسي، ورفعت سقف مطالبها، حتى انحازت بصورة كاملة للدعم السريع، وانخرطت معه مستفيدة مما تحقق لها من تمكين سياسي في تحالف "تقدم".

ألا تعتقد أن تحالف السودان التأسيسي المعروف باسم "تأسيس" محاولة لغسل قوات الدعم السريع من جرائمها؟

الدعم السريع بعد سقوطه الأخلاقي والجرائم التي ارتكبها ثم تقهقره عسكريا، بات يبحث عن واجهة سياسية لمواصلة الحرب، عبر تشكيل حكومة موازية واستيعاب قوى وفصائل معه، وإعادة كوادره وعناصره من تحالف "تقدم" وغيرها حتى يكون فاعلا سياسيا، ويقدم نفسه بصورة سياسية واجتماعية جديدة.

ما تداعيات التفكك في جسم التحالف للمرة الثانية على مشروعه السياسي وتأثيرات توقيعه اتفاقا مع الدعم السريع لتشكيل حكومة موازية؟

رغم الانقسام بين تياري "صمود" و"تأسيس"، فقيادات التحالف الجديد مع الدعم السريع تقول إنهم يلتقون مع التيار الأول في الأهداف، وهذا يعني استمرار التنسيق، ولكن تحالف "تأسيس" هو كيان عسكري، ولا أدري كيف لقوى مدنية وسياسية أن تقترب من الدعم السريع المتهم بالجرائم، كما نشرت منصة "رصد وتحليل" بيانات الصراعات المسلحة لعام 2024 أنه يتحمل مسؤولية 77% من الانتهاكات ضد المدنيين.

طرح عبد الله حمدوك رئيس التحالف المدني لقوى الثورة (صمود) مشروعا للسلام من 4 نقاط، هل ترى أنها يمكن أن تسهم بإنهاء الأزمة؟

لم أطلع على مشروع متكامل من حمدوك للسلام، ولكن لا جديد فيه، وهو امتداد لمواقفه منذ بداية الحرب، و قد سعى لإحداث "جلبة" ومحاولة لإيجاد موقع في الطاولة السياسية وتقديم نفسه كممثل وحيد للقوى المدنية، وللأسف هو يمضي عكس التيار ويساوي بين الجيش وقوات الدعم السريع، بالرغم من أن المواطن السوداني يهرب من مواقع الدعم السريع إلى مناطق الجيش الآمنة نسبيا، وبالتالي رجل الشارع لا يساوي بينهما.

إعلان بعد رفض قوى دولية وإقليمية واسعة تشكيل حكومة موازية في مناطق الدعم السريع. هل ترى مستقبلا لهذه الحكومة المرتقبة؟

تبرير تشكيل حكومة موازية يفتقد للمنطق الموضوعي في التعامل مع الواقع، فهذه الحكومة ليس لديها حل للقضايا التي طرحتها، ولا الإجابة على أسئلة الموطن، وهي منصة سياسية جديدة للدعم السريع من أجل مواصلة الحرب. وصناعة السلام، لا تتحقق بتحالف بين فصائل عسكرية تقاتل لهزيمة الجيش.

كما أنها محاولة لاستنساخ النموذج الليبي، ولا غرابة في ذلك، فالراعي الإقليمي للمشروعين واحد، ورفض القوى الدولية والإقليمية يرجع إلى أن كل تجارب الانقسام لم تحقق نجاحا.

يضاف لذلك، أن الدعم السريع حاول استخدام خطاب يتحدث عن التهميش وعدم العدالة في التنمية، وهي قضايا حقيقية، لكنه لا يعبر عنها، بل إن نشأته وممارساته كانت ضد مواطن الهامش، مما يتطلب التعامل مع قضايا صراع المركز والهامش والتنمية المتوازنة بصورة جادة لمعالجتها في إطار معالجة الخلل في الدولة السودانية، وعدم السماح باستغلالها سياسيا.

تبنَّت قوى وطنية ومجتمعية في بورتسودان -تدعم الجيش- وثيقة سياسية ودعت الى حوار "سوداني في داخل البلاد لا يستثني أحدا"، هل يمكن أن تكون قاعدة لعملية سياسية شاملة؟

لا تختلف هذه القوى كثيرا عن منطلقات موقف عبد الله حمدوك، فهي تسعى أيضا إلى موطئ قدم في الساحة السياسية.

والتناقضات في المشهد السوداني تحتاج إلى مواجهتها بصورة واضحة، ولا يمكن الوصول إلى وحدة سياسية بتصميم عملية سياسية بصورة مسبقة قبل التفاهم على القضايا الجوهرية.

بعد نحو عامين من الحرب، لا يزال الفرقاء السياسيون عاجزين عن الجلوس حول طاولة للتوافق على مشروع سياسي بشأن إدارة البلاد ما بعد الحرب، ما سبب ذلك باعتقادك؟

السبب هو الصراع بين القوى السياسية على سلطة غير موجودة "يبحثون عن سيادة فوق الرماد"، كما يقول الشاعر محمود درويش، كما أنه لا يوجد ممثل وحيد للمجتمع السياسي، والخلاف بين القوى السياسية أمر طبيعي ومشروع.

إعلان

كما أن محاولة احتكار صوت المدنيين من أي طرف أو تصفية الخلافات السياسية والاستعانة بالحرب لتحقيق مكاسب سياسية غير مجدية.

إنهاء الحرب يحتاج إلى مشروع يجيب على أسئلة اليوم التالي، وهو أمر غائب حتى الآن، فمتى يتم التوصل إلى هذا المشروع؟

السودان يفتقد إلى مشروع وطني منذ استقلاله قبل نحو 70 عاما، وإنهاء الحرب يتطلب رؤية يتم صناعتها عبر توافق وطني عريض، يسبقه الإجابة على 4 أسئلة جوهرية هي: موقف المدنيين من الجيش ودور قيادته في المرحلة الانتقالية وما بعدها، وتدخلها في السياسة. الموقف من الدعم السريع وإنهاء وجوده المؤسسي. كيفية التعامل مع الحركة الإسلامية بأشكالها المختلفة، ودورها في نظام الرئيس المعزول عمر البشير خلال 30 عاما. والموقف تجاه القوى الدولية والإقليمية وما هو التدخل الحميد في الشأن السوداني والتدخل الخبيث وتحديد "الخطوط الحمراء" في ذلك.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان عبد الله حمدوک القوى المدنیة حکومة موازیة الدعم السریع التعامل مع بین الجیش

إقرأ أيضاً:

حول رؤية تحالف صمود السياسِية

حول رؤية تحالف صمود السياسِية

نضال عبد الوهاب

إطلعّت علي الرؤية السياسِية التي أعلنها تحالف صمود ونشرها للرأي العام وطالب في خاتمتها كُل الشعب السُوداني وقواه الفاعلة بالتفاعل معها وإبداء رأيهم فيها وماحوته وإثرائها…

ساكتب لهم رائي وملاحظاتي حولها وأتمني أن يطلعوا عليه جميعاً ، وهذا الرأي  والمُلاحظات هي لجميع الشعب السُوداني و كل قواه السياسِية والمدنية والديمُقراطية والحيّة والفاعلة ولكل المهتميّن بالداخل والخارج.

السادة في تحالف صمود:

تحية وإحترام.

إطلّعت كغيري علي رؤيتكم السياسِية والمنشورة منكم لكل القوي المدنية والسياسِية والثورية والفاعلة والديمُقراطية ولكل الشعب السُوداني  ، وهي رؤية “طويلة” نسبياً حوت الكثير من التفاصيل من المقدمة من حيث التعريف بكم والأهداف التي تريدون تحقيقها وتعملون عليها ، و تحدثتوا عن الكارثة الإنسانية ، ثم إنتقلتوا  للمبادئ لوقف كافة الحروب في السُودان وإنهائها  وتأسيس جديد للدولة في السُودان والذي حوي العديد من البنود ثم تحدثتم عن العملية السلمية لإنهاء الحروب وتحقيق السلام المُستدام ومساراتها ، ثم إنتقلتم لأطراف العملية السِلمية ذاتها ، ثم تحدثتوا عن الفترة الإنتقالية التأسيسة ومهامها وسُلطاتها ومستوياتها ومدتها ومرحلة الحكومة الإنتقالية المنتخبة ومهامها وسُلطاتها وكتابة الدستور الدائم ، وتطرقتم أخيراً للوسائل والآليات وذكرتوا الحوار والتواصل مع القوي الاخري وتكوين الجبهة المدنية وتركتم خيارات إما بالاندماج معكم في تحالف صمود و إما التنسيق وإما تكوين تحالف آخر أكبر.

حقيقةً الرؤية السياسِية هذه وبطولها وتفصيلاتها الكثيرة قد لا يكون من المُفيد المرور عليها جميعاً، خاصة أن جزءاً منها كان ولايزال هو ما كان متوافقاً عليه منذ أيام الثورة والمرحلة التي سبقت انقلاب ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١، و مرحلة الحرب الحالية مابعد ١٥ أبريل ٢٠٢٣، ولكن إجمالاً وقعت الرؤية ومن “كتبوها” وصاغوها بهذه الكيفية في العديد من المُتناقضات في تقديري والتعقيّدات والتي لاتنسجم حقيقةً مع الواقع الحالي الداخلي والخارجي ولاتُفضي لحلول واقعية وحقيقة لوقف الحرب ولا للوصول لصيغة ورؤية مشتركة وخطاب موحد ينجح في وقف الحرب وفي المُحافظة علي بلادنا نفسها وينسف سيناريوهات تقسيّمها أو إعادة إحتلالها ، ولا تساهم هذه الرؤية بتلك الطريقة في توحيد الجهود المبذولة لوقف مُعاناة السُودانيّن ولاحتي في وقف خطاب الكراهيّة وأنهاء الحالة الإستقطابية والتناحرية والتشظي الموجود واقعاً علي كافة المستويات الشعبية والمُجتمعية وعلي مستوي القوي السياسِية والمدنية والثورية والفاعلة في بلادنا اليوم.

وبدون أدنى “تجني” وفي تقديري أن من فكروا وكتبوا أو ناقشوا هذه الرؤية ليخرجوها علي هذه الكيفية هم “بعيدون” كُل البعد عن الواقع الحالي لبلادنا وبدلاً أن تكون الرؤية سبيلاً ودافعاً للحل وتوحيد الخطاب السياسِي وآلياته ذهبت في ذات الإتجاهات السابقة التي لطالما تحدثنا عنها وناقشناها مع قيادات صمود أنفسهم وفاعلين وسطهم وداعميّن لهم، وظلت ذات هذه الإتجاهات والطريقة والأدوات وطريقة التفكير المُتبعة تمثل “عائق” حقيقي للتوصل لحلول توقف و تنهي الحرب وهذه الحالة الأستقطابية التناحرية والتشظي، وتذهب بإتجاه حلول عملية و واقعية تنظر للحالة الكُلية التي تعيشها بلادنا والشعب السُوداني وتُسهم في وقف هذه الإبادة والنزيف والدمار وتمضي للمُستقبل ولاتتمترس في الماضي بأخطائه وعلله الكثيرة ، وتنقلنا من الحالة الإستقطابية التناحرية الإقصائية والتمنيّات والصرّاع حول السُلطة ومُمارسة عقليتها في رسم الحلول إلي الحالة الوطنية الواقعية التي تجمّع ولاتُفرق وتذهب للأهداف الأكبر بأولوياتها وتفتح حوار حقيقي بين السودانين المختلفين وصولاً لهذه المُشتركات بدلاً عن وضع عراقيل ومتاريس وإستخدام لغة لاتساعد إلا في زيادة الحالة الإستقطابية التناحرية الإقصائية هذه ولاتتفق مع الواقع والمشهد المُعقد و المتأزم داخلياً وخارجياً وتطوراته الخطيرة.

ذهبت الوثيقة في تناقضات رئيسية، ساجمل هذه التناقضات في الآتي:

١/ تحدثت عن وقف الحرب وآلية التواصل والتنسيق وفي ذات الوقت مارست لغة إقصائية في أطراف العملية التي تفضي للسلام ، حيث فرقت بينها بناء علي واقع سابق في المرحلة الإنتقالية التي أعقبت الثورة ثم مرحلة إنقلاب ٢٥ أكتوبر والإتفاق الإطارئ وماصاحبهما ثم مرحلة الحرب الحالية والتحالفات والإستقطابات حولها.

٢/ تحدثت عن الحديث مع أطراف الحرب وتغافلت عن وجود قوي سياسِية مُحددة وضمن من يقررون في الحرب وأستمرارها في طرفيها هم من ذات القوي التي يرفض تحالف صمود الحوار معهم أو أن يكونوا جزءاً من تفاهمات السلام وأعني بهم الحركة الإسلامية سواء من المؤتمر الوطني أو مجموعاتهم من الإسلاميين الذين يدفعون في إتجاه الحرب وإستمرارها أو يتخذون قرارها.

٣/ مارست الرؤية ذات اللغة “أيام” الإتفاق الإطارئ في التعامل مع بعض القوي التي كانت جزءاً من إتفاقية السلام وأيدت القوي العسكرية بطرفيها في الجيش والقوات المُسلحة وطالبت بإقصائهم ، والمُدهش والتناقض “العجيب” هنا ويوضح مدي تركُز عقلية “السُلطة” والصراع عليها ، أن رئيس تحالف صمود نفسه الحالي الدكتور عبدالله حمدوك هو نفسه الذي قبِل أن يكون رئيساً للوزراء ويعود مع ذات القوي العسكرية وهم أطراف الحرب الحالية في الجيش ومليشيا الدعم السريع بعد الإنقلاب؟؟؟ ، وفي ذات الوقت لايزالون ينظرون للقوي التي أيدت الأنقلاب أو تصالحت وتحالفت مع المكونات العسكرية وقتها بذات النظرة لم تتغير ؟؟ ، بمعني أن الواقع الحالي الذي سمح لحمدوك بأن يتم التعامل معه كرئيس لصمود نفسها وبالتالي جزء من الحوار وعمليات السلام والعملية السياسية فلماذا لايجعل من تلك الأطراف شريكاً في الحوار وعمليات السلام علماً أنها هي نفسها قد تغير واقعها وإتجاهاتها ، منهم دخل في تحالف مع مكونات تقدم وصمود نفسها ومنهم من تحالف مع المليشيا أو الجيش؟؟؟

٤/ التناقض الأهم في تقديري هو الخلط مابين واقع كُل مرحلة والمرحلة الحالية، بمعنى عدم الفهم الصحيح لطبيعة مرحلة الثورة ثم مرحلة الانتقال ومرحلتي إنقلاب ٢٥ أكتوبر وتداعياتها ومابعدها في مرحلة الإتفاق الإطارئ ثم المرحلة الأصعب في الواقع الحالي لمرحلة الحرب وإفرازاتها السياسِية والإجتماعية ما بعد ١٥ أبريل ٢٠٢٣، فالذي يقرأ رؤية صمود هذه يُخيّل له أننا في ذات مرحلة ٢٠١٩ أو ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١ أو ٥ ديسمبر ٢٠٢٢ “الإتفاق الإطارئ”، ولسنا في واقع قد تغير تماماً ، وبالتالي يتم التعامل معه وفق مصلحة الشعب السُوداني الحالية ومصلحة البلاد العليا في الوحدة والأستقرار وعدم التشظي والتقسيّم والمحافظة علي وجودها ووقف الإبادة والمعاناة والكارثة الإنسانية.

هنالك أيضاً تناقضات ثانوية جاءت بها الوثيقة أو الرؤية السياسِية لتحالف صمود ، فاي دعوة لتوحيد القوي المدنية الرافضة للحرب لاتتفق حول آليات وقفها لن يكتب لها النجاح ، والملاحظ ذهاب رؤية صمود في ذات الإتجاه الخارجي للحل والإعتماد عليه بدلاً عن التركيز علي الإتجاه الداخلي للحلول ، ووضح هذا في مخاطبته في عديد المرات بالعمل المشترك مع الشركاء والأصدقاء الإقليمين والدوليين حتي دون “تسميتهم” ، وجاء في وسائلهم وادواتهم لتحقيق أهداف حماية المدنيين ووقف الكارثة الإنسانية التعامل معهم بكل الوسائل المشروعة في هذا ودون توضيح عن ماهي هذه “الوسائل” وهل من بينها التدخل الدولي والأممي العسكري كما كان في رؤية ذات المُتحالفين في “تقدم” قبل فك الإرتباط مع من ذهبوا في إتجاه المليشيا في تحالف “تأسيس” أو الإتجاه المدعوم بشكل أكثر وضوحاً من “الإمارات”  وحلفاؤهم في المجتمع الدولي؟؟؟ ، ومكتوب  في رؤية صمود الحالية هذه ذات المطالبة السابقة بتمديد حظر السلاح ليشمل كل السودان وليس دارفور فقط ، وذلك في رؤيتهم لحماية المدنيين ، أي ان صمود نفسها مع التدخل الأممي العسكري داخل السودان ، فهل هذا يتوافق مع آليات القوي الأخري التي يريدون إما الأندماج أو التنسيق معها ؟؟؟ وهل يعتبر تحالف تأسيس أو أجزاء منه ضمن هذه القوي حيث أنهم كانوا لايمانعون في التدخل الأممي العسكري هذا لحماية المدنيين ووقف الكارثة الإنسانية؟؟؟

وهنا يبرز تساؤل اليس هنالك سلاح متدفق “حالياً” بدارفور بعلم القوي الدولية والأممية التي تحظر السلاح حتي الآن من المفترض بدارفور؟؟؟

كل هذه اسئلة هي للأخوة في تحالف صمود للإجابة عليها لتوضيح كيف يمكن لنا جميعاً وكقوي مدنية  وسياسية وثورية وفاعلين أن نكون معاً في جبهة توقف الحرب أو ننسق علي ماذا لهذا الهدف والوسائل والأدوات مُختلفة والخطاب لوقف الحرب غير موحد وغير مُنسجم ؟؟؟

أختم بأن المصلحة العليا للبلاد والشعب السُوداني والواقع الحالي يتطلب نظرة مُغايرة ورؤية مختلفة لتلك التي توصل لها الأخوة في تحالف صمود في رائي ، وأن رؤيتهم ونظرتهم للحلول بهذه الطريقة لن تُسهم إلا في مزيد من التعقيدات و إستمرار الحالة الإستقطابية التناحرية والنهج الإقصائي المُتعمّد المّمنهج ، وأنها تعطي أولوية للصراع حول السُلطة وليس الحوار الجدّي المُثمر الموصل والمؤدي لمشتركات وحلول “عملية” توقف إبادة الشعب السُوداني ومُعاناته وخطر تقسيّم البلاد أو إعادة إحتلالها.

إنني أدعوا للعمل علي أولويات مصلحة بلادنا العُليا ، وللحلول الداخلية والتركيز عليها مع الحلول الدبلوماسية الخارجية التي تتفق مع مصالح شعبنا و بلادنا وأولوياتها وسيادتها ، وأدعوا للحل السياسِي السلمي الشامل والحوار الوطني السياسِي غير الإقصائي الذي فيه الإعتراف والقبول بالآخرين لصالح البلد والعمل الجماعي للخروج من هذه الأزمة وحالة التناحر والتشظئ وعدم الإعتراف بالآخرين كشركاء في الوطن وأمره ، و التعامل مع جميع أطراف الحرب بشكل واقعي والحوار معهم للوصول لمشتركات وطنية توقف الحرب بمن فيهم أصحاب قرارها من الإسلاميين وحتي المؤتمر الوطني ، وأنتم هنا في صمود قد تتخيلوا أنكم تكافئوهم وهذا ليس صحيحاً فانتم فقط مع مصلحة البلاد والشعب ولاتتحاوروا معهم علي قسمة سُلطة أو إفلات لمجرمين من العدالة الحقيقية ، وللوصول لمشتركات توقف الحرب وتصنع مستقبل خالي من العُنف وتنبذه وفق مبدئية المُشاركة في الوطن والتداول السلمي للسُلطة ، فإذا كنتم تعتقدوا أنه بهذا تكافئوا  الإسلاميين والمؤتمر الوطني وواجهاتهم إذا أصبحوا جزاءاً من هذا الفهم والعملية السلمية فأنتم في ذات الوقت إن لم تفعلوا تعاقبوا الوطن والشعب بإستمرار الحرب والإبادة والموت والفظائع والإنتهاكات والتدمير وخطر الإنقسام وإعادة الإحتلال والفناء من الوجود!.

وأتمني أن تجد مُلاحظاتي ورائي هذا القراءاة وبصدر رحب وعقل مفتوح للوصول لرؤية مشتركة لنا جميعاً وتنسيق وعمل جماعي مُثمر وحقيقي لصالح مصلحة بلادنا والشعب السوداني ،،، ولكم جميعاً الشكر والتحايا والتقدير…

مقدمها/ نضال عبد الوهاب

فاعل سياسِي وعامل من داخل القوى المدنية الديمُقراطية لوقف الحرب ووحدة القوى المدنية والسياسِية لهذا الهدف.

18 يونيو 2025

الوسومالثورة السودان القوى المدنية الديمقراطية الوثيقة السياسية انقلاب 25 اكتوبر تحالف صمود نضال عبد الوهاب وقف الحرب

مقالات مشابهة

  • اختراق منصة إيرانية وسرقة 90 مليون دولار بدوافع سياسية
  • حول رؤية تحالف صمود السياسِية
  • السودان يطالب بتصنيف «الدعم السريع» كمنظمة إرهابية ويعلن إفشال هجوم كبير في كردفان
  • الحكومة السودانية تدعو المجتمع الدولي إلى تصنيف "الدعم السريع" ميليشيا إرهابية
  • الموارد:” أجير الحج” أصدرت 42 ألف تصريح مؤقت
  • وصول دفعة جديدة تضم 678 من الفارين من قوات الدعم السريع بمنطقة المثلث
  • مصدر: لا صحة لأي تصريحات منسوبة لعدلي منصور عن الأوضاع بالشرق الأوسط
  • النائب السابق الحسنات تدعو الحكومة لإنقاذ القطاع السياحي
  • الدعم السريع وشهية الحروب التي فُتحت في الإقليم
  • قتلى وجرحى في غارة بمسيّرة للدعم السريع على الفاشر