كتب: خبير الدراسات الأمنية والاستراتيجية الدكتور نبيل العبيدي:


إنّ الوضع الأمني المعقّد في العراق هو نتيجة طبيعية لأي بلد يواجه الاحتلال، حيث يُصبح مركزًا ومأوىً لمختلف التنظيمات المسلحة والمتطرفة ذات الأفكار الشاذة، ما يؤدي بدوره إلى حالة من عدم الاستقرار الأمني.
ومع أن الولايات المتحدة تنظر إلى وجود قواتها في العراق كجزء من استراتيجيتها المتعلقة بأمنها القومي، فإن أي قضية أمنية مرتبطة بالعراق تتداخل حتمًا مع هذا الوجود.

يشهد العراق تنازعًا بين رؤى أمنية دولية وإقليمية؛ فالولايات المتحدة تركّز على تحقيق أهدافها الخاصة من خلال التعامل مع الوضع الأمني العراقي، لكنها لا تعطي الأولوية لأمن المواطن العراقي نفسه، مما يعمّق إشكاليات الأمن المجتمعي في البلاد.
في المقابل، تنظر إيران إلى الأمن العراقي من زاوية مختلفة تمامًا، إذ تسعى إلى إنهاء الوجود الأمريكي هناك وضمان سيطرتها بما يخدم أمنها القومي ويدعم نفوذها الإقليمي في العراق وبلدان أخرى مثل اليمن ولبنان.

تعيش الأجهزة الأمنية العراقية حالة من التوازن الهش بين القوى المتنوعة التي تدعمها.
فعلى سبيل المثال، قدمت الولايات المتحدة دعمًا كبيرًا لجهاز مكافحة الإرهاب، خصوصًا في مجالات الاستخبارات والتدريب والاستشارات، ما جعل هذا الجهاز أحد أكثر المؤسسات الأمنية فاعلية في البلاد.
في المقابل، ظهر الحشد الشعبي ككيان عسكري وأمني كبير، يمتلك إمكانات عسكرية واستخباراتية واسعة، وقد أثبت دوره الميداني في مواجهة التنظيمات المسلحة.

التحدي الأكبر الذي يواجه الأمن العراقي الآن هو الصراع الأمريكي–الإيراني، الذي طُبعت ملامحه على الخريطة الأمنية للعراق.
هذا الصراع لا يمكن تجاهل عواقبه أو تفادي تبعاته بجميع أشكالها، خاصة بعد أن أصبحت كل دولة ترى نفسها صاحبة أولوية في التأثير على الوضع داخل العراق.

أما فيما يتعلق بالمشهد الإقليمي، فقد أسهمت تعقيدات الأوضاع في سوريا، وسعي بعض الأطراف إلى إسقاط نظام بشار الأسد، في تعميق التهديدات وزيادة القلق الأمني في المنطقة عمومًا، وفي العراق خصوصًا.
فالتحولات السياسية والأمنية الإقليمية تحمل أبعادًا دولية تتداخل فيها المصالح وتتنافر أحيانًا، بحسب ما تقتضيه "مصالح السياسة".

اليوم، يعيش العراق وضعًا أمنيًا يتأرجح بين وجهات نظر دولية وإقليمية متعارضة، حيث تتعامل كل دولة مع الأمن العراقي وفق رؤيتها الخاصة.
فالولايات المتحدة لديها نظرة مُعدّة سلفًا لما يجب أن يكون عليه الأمن العراقي بما يخدم مصالحها، بينما تسعى إيران إلى ضمان تأثيرها الاستراتيجي وتعزيز ارتباطها بالفصائل الموالية لها داخل العراق.

لكننا، كعراقيين، نتطلع إلى تحقيق أمن مستقر يخدم مصالح الشعب، بعيدًا عن الأجندات الخارجية.
ويجب أن تكون رؤيتنا للأمن واضحة: أمن العراق أولًا وأخيرًا.
ينبغي التعاون مع أي طرف يخدم هذه المصلحة، شريطة ألّا يمسّ ذلك بسيادتنا الوطنية أو يقدّم مصلحة دولة على أخرى.

في النهاية، لا يمكننا القبول برؤية أميركا للأمن العراقي إذا كانت تقوم على التدخل العميق في بنية أجهزتنا الأمنية وتوجيهها لخدمة مصالحها الخاصة؛ فهذا أمر غير منطقي وغير مقبول.
ومع ذلك، نحن بحاجة ماسة إلى دعم الأصدقاء والشركاء الدوليين، على أن يكون هذا الدعم متوازنًا ويحترم سيادة العراق، وألا يكون على حساب مصلحة طرف على حساب آخر.

وبناءً عليه، فإن العلاقات الأمنية والاستراتيجية بين العراق والولايات المتحدة ستظل محفوفة بالتعقيدات والتحديات، بسبب الواقع العراقي الحساس، وتضارب المصالح بين الدول الكبرى والإقليمية.

المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: الأمن العراقی فی العراق

إقرأ أيضاً:

النسخة الأفضل من منتخب الأردن تتحدى تاريخا من التفوق العراقي في كأس العرب

ستكون مباراة دور الثمانية من بطولة كأس العرب لكرة القدم، بين الأردن والعراق، فرصة مواتية للمنتخب الأردني من أجل استغلال أفضليته والحالة الفنية العالية التي يعيشها في السنوات الأخيرة، من أجل كسر تاريخ من التفوق العراقي في المواجهات المباشرة بينهما.

ويتقابل منتخبا الأردن والعراق مساء غد الجمعة في دور الثمانية من البطولة التي تستضيفها قطر حتى 18 ديسمبر الحالي، حيث قدم المنتخب الأردني بقيادة مدربه المغربي جمال سلامي أداء مميزا ونتائج مذهلة جعلته المنتخب الوحيد في المجموعات الأربعة للبطولة الذي يتأهل بالعلامة الكاملة في صدارة الترتيب.

حقق النشامى الفوز على الإمارات 2 / 1 في مستهل مشوار البطولة، ثم على الكويت 3 / 1، وحتى أمام منتخب مصر عندما لعبت الأردن بالصف الثاني من اللاعبين عقب ضمان التأهل، لم يغب الفوز أيضا، بل كان الأكبر بنتيجة 3 / صفر.

وساهمت العروض الأردنية القوية في أن يكون هذا المنتخب مرشحا فوق العادة لنيل اللقب العربي لاسيما أنه وصيف النسخة الماضية من بطولة كأس آسيا، بينما يواجه منافسوه الأبرز بعض النواقص الفنية مثل المغرب والجزائر والسعودية، جعلتهم يتعرضون لعثرات في مشوار البطولة.

وأمام المنتخب العراقي يأمل الأردن في محاولة تغيير التاريخ الذي ينحاز بشكل واضح للعراق، بواقع 21 انتصار و8 هزائم و5 تعادلات فقط.

وينشد المنتخب الأردني انتصاره التاسع على العراق، في جميع المناسبات التي التقيا فيها، علما بأن المنتخبين تقابلا في تصفيات كأس العالم وحسم التعادل صفر / صفر المباراة الأولى، بينما فاز منتخب العراق 1 / صفر في الثانية.

لكن المواجهة الإقصائية التي لا تقبل القسمة على اثنين في دور الثمانية لكأس العرب، تعيد إلى أذهان الأردن التفوق على العراق 3 / 2 في دور الـ16 من بطولة كأس آسيا 2023.

وأصبح المدرب المغربي جمال سلامي، الذي يسير بثبات على درب مواطنه الحسين عموتة الذي قاد الأردن لنهائي تاريخي في كأس آسيا، أمام حيرة فنية بشأن العناصر التي يختارها لمواجهة العراق خاصة مع تألق الصف الثاني من اللاعبين ضد مصر على غرار محمد أبو حشيش وعدي الفاخوري وغيرهم، مع وجود عناصر لا غنى عنها مثل يزن النعيمات وعلي علوان.

في المقابل فإن الأسترالي جراهام أرنولد مدرب العراق يدرك جيدا أن التاريخ وحده ليس كافيا لأن يعول عليه المنتخب في سبيل تحقيق تفوق جديد على الأردن.

ومثلما تأهل المنتخب الأردني لأول مرة تاريخيا إلى نهائيات كأس العالم، فإن المنتخب العراقي بات على أعتاب التأهل للمونديال، وتنتظره مرحلة الملحق في مارس المقبل، ليكون ذلك إنجازا ملموسا للمدرب الأسترالي الذي يعتمد مدرسة الواقعية في الأداء ويعرف جيدا قدرات لاعبيه وظهرت بصماته سريعا مع المنتخب.

وفي المباراة الأخيرة بدور المجموعات ضد الجزائر، ورغم النقص العددي منذ الدقيقة 5 لطرد حسين علي، أظهر المنتخب العراقي شخصية قوية، وكان ندا بـ 10 لاعبين للجزائر.

ويأمل أرنولد في استمرار تألق نجومه على غرار أيمن حسين ومهند علي وعلي جاسم وأمجد عطوان، ولن يجد المدرب الأسترالي فرصة أفضل من كأس العرب كدفعة معنوية وفنية قوية للاعبيه قبل الملحق المونديالي.

مقالات مشابهة

  • زخم متنامٍ: هل تتمكن المبادرات الأمنية من معالجة قضايا الأمن الجماعي الأوروبي؟
  • الدور الحقيقي للمنظمات… والدور المنقذ الذي قامت به هيئة الزكاة
  • مدرب الأردن: منافسنا الحقيقي هو أنفسنا… ومواجهة العراق اختبار لصلابتنا في كأس العرب
  • عاجل | مدير الأمن العام يلتقي السفيرة الهولندية، ويبحثان تعزيز التعاون الأمني المشترك
  • الأمن العراقي يطلق منصة أمين الرقمية لمواجهة الجرائم الإلكترونية والإبتزاز
  • النسخة الأفضل من منتخب الأردن تتحدى تاريخا من التفوق العراقي
  • خلافاً للواقع..السوداني:حقوق الإنسان العراقي لامثيل لها في العالم!!
  • النسخة الأفضل من منتخب الأردن تتحدى تاريخا من التفوق العراقي في كأس العرب
  • الأمن العراقي يفض تظاهرات الشرش ليلاً ويلاحق المحتجين في الطرقات.. فيديو
  • عبدالمنعم سعيد: تقرير الأمن القومي الأمريكي يعكس «روح ترامب» ويُعيد الولايات إلى القرن الـ19