د. نزار قبيلات: إجاعة اللفظ وإشباع المعنى
تاريخ النشر: 23rd, March 2025 GMT
تبدو الكتابة في أقصى درجاتها محاولة لإعادة صوغ الألفاظ بقصد منحها طاقة استعارية جديدة قادرة على تتبع المعنى واصطياده، إن لم تكن محاولة لتخفيفها لتصبح أسرع في الوصول للمعنى بل وتحقيق الدقة في إصابة كبده، وبالتوازي مع ذلك يبدو فعل القراءة محاولة لإيجاد هذا المعنى ومحاولة إنعاشه من جديد، فالكاتب النافذة بصيرتُه يحاول تشذيب ما يحيق بالمعنى من شوائب ليبدو جلياً لعين القارئ، وهو بذلك يَجهد من أجل تجلية المعنى الذي لا تتحقق له الديمومة إلا بعناية القارئ ورعايته له لاحقاً، هذا التعريف المُضمّن في العنوان هو من أكثر التعريفات حذاقة ودقة لعلم البلاغة الذي جعل من أسمى مقاصده وغاياته في رسم المعايير والأطر العلمية تجلية المعنى قبل احتراقه بذوق المتلقين الجوعى لمعانٍ لم تقدم لهم من قبل، فالمسافة التي يقطعها النسق الإبداعي حين خروجه من ربقة الأديب، وهو مدججٌ بكل الحيل وأساليب التلاعب البلاغي ومظاهر التزويق اللغوي، هي ذات المسافة التي يقطعها القارئ نحو النص أو الخطاب الذي يتعاطى معه، من حيث إن الدهشة هي لحظة تلاقي القدح في ذهن الكاتب أو الشاعر مع لحظة الوصول لأرض المتلقين المستمعين، وكلما سبق أحدهم الآخر كلما جاءت النتائج مبهرة تعتمد على الخطف والتمكن من بلوغ المعنى والصراع على امتلاكه، فمقصد كل منهما الكنز المفقود في نواة المعنى، وإن أخطأ أحدهما في بلوغه يعني فقدان التوازن في عمليتي الإنتاج والتلقي، فالكاتب يحتاج إلى صوغ كلماته مدفوعاً بلحظة التجلي الخاصة به، والقارئ بحاجة إلى التأويل ليضمن حسن استقباله وتلقيه للخطاب الإبداعي.
فالأدب الذي لا يصيبك بالدهشة ولا يقدر على تغيير المواقف وكشف الأسرار لنا هو أدبٌ ثقيل يشبه التلوث في خطورته، والتخلص منه لا يعني إنكار معانيه مهما تسامت، بل يعني بالدرجة الأولى عدم مقدرة صاحبه على جعله رشيقاً تضيق فيه الألفاظ وتقتصد لتتسعَ رؤيا العالم حولنا وتصبح عدسات القارئ ومدركاته الحسية قادرة على استكناه المزيد من الغوامض حولنا، وإلى ذلك لم يعد ارتباط الأدب بالقضايا والهموم الشخصية أمراً مميزاً للأدب، ذلك لأن الأدب قيمة إنسانية مشتركة لا تقصي أحداً، لكنها مهارة في تغذية المعاني السامية ورعايتها من جهتي المتلقي والمنتج، فلا يمكن للقارئ أن يحلق برفقة الشاعر إلا بألفاظ بليغة ومعاني ثرية، إذ لا يصح أن يزدحم فضاء التلقي بهما.
*أستاذ بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: نزار قبيلات
إقرأ أيضاً:
جنرال لم يُحْرِز نصراً قَطْ!!
لقد (قَدَّدَ) جيشنا بالأمس في (جبل العوينات)، عِوينات مليشيا آل دقلو الإرهابية، وعِوينات مليشيا خليفة حفتر اللبيبة، في معركة المثلث التي لم تُبقي ولم تذر من شٸٍ للمليشيا إلَّا وجعلته كالرميم، وتركت mbz يُقَلِبَ كَفَيْهِ علی ما أنفق فيها، وهي خاوية علی عروشها، ويقول ياليتني لم أدعم هذا الجنرال الباٸس الذی لم ينتصر فی أي معركة، ولا ذاك الجنجويدي الهالك الذي لا يعرف فنون الحرب فی مواجهة جيش عريق محترف هو جيش السودان العريق، الذي لم يعرف فی عمره الطويل الهزيمة.
دخلت ليبيا فی عهد القذافي في نزاع مع جارتها تشاد حول شريط أوزو الحدودی، في ثمانينات القرن الماضي، ودفع القذافي بنصفِ نُخبةِ جيشِهِ بقيادة صديقه العقيد خليفة حفتر لقتال جيش تشاد، والتقی الجيشان فی(معركة وادی الدوم) في مارس 1987م، وتعرضت قوات خليفة حفتر لهزيمة ساحقة علی يد الجيش التشادي، حيث وقع فی الأسر المٸات من جنود الجيش الليبی، وأبرزهم العقيد خليفة حفتر، وفی صفقةٍ مشبوهةٍ، برعاية أمريكية،أُطلق سراح حفتر!! ونُقِلَ إلى أمريكا حيث أقام لمدة عشرين عاماً بشكلٍ سرِّی بولاية فرجينيا، فهو إذاً عميل بإمتياز، خاٸنٌ لوطنه وغادرٌ بقاٸده.
عاد خليفة حفتر إلیّ ليبيا عام 2011م وهو يحمل المواصفات المطلوبة مثل عودة حامد كرزاي لأفغانستان، وعودة أحمد الجلبي للعراق !!
وبعد مقتل القذافي، شرع حفتر وبتمويل إماراتي ودعم أمريكي فی تكوين قوات خاصة به،أطلق عليها – فی مابعد – (الجيش الوطنی الليبی) كما أنعم علی نفسه بلقب (المُشير)!!!
حاول المشير!!! (العوير) السيطرة علی طرابلس ففشل فشلاً ذريعاً بعد ما أزهق أرواحاً بريٸةً وأراق دماءً كثيرةً من أبناء الشعب الليبی إرضاءً لكفيله الإماراتي الذی هو مخلب القط الأمريكاني،وتقهقر حفتر إلی حاضنته فی بنغازي وما حولها ونجح فقط فی تفتيت اللُحمة الوطنية اللبيبة، ومثل ما فشل فی تطويع طرابلس الغرب، وفشل قبلها فی الانتصار علی جيش تشاد فی وادي الدوم، حيث وقع فی الأسر ذليلاً حقيراً، وباع نفسه لأعداء بلاده فازداد ضعةً علی ضعته وحاول أن يُسَوِّق نفسه ثاٸراً مع ثوار ليبيا، وهو الوالغ فی دماٸهم، فكان الفشل هو النتيجة الراجحة لمن كان ذلك نهجه فی الحياة، ويظن هذا الخاٸن إن لقب المشير سيجعل منه رمزاً حيَّاً للبطولة لكی تمحی عنه عار الهزيمة المُذلَّة التی تجرعها من يد جيش تشاد، الذی لم يكن يملك عُشر معشار ما كان يملكه الجيش الذی قاده العقيد خليفة حفتر، ومن هنا إزداد الجنرال في متاهتة تيهاً، ورأی فی حميدتي ومليشياته نصيراً له للخروج من محنته، إنَّ الطيور علی أشكالها تقعُ .
في جبل العوينات، قَدَّدَ جيشنا عوينات حفتر ومليشياته، مثلما قَدَّدَ عوينات مليشيا آل دقلو الإرهابية.
-النصر لجيشنا الباسل.
-العزة والمنعة لشعبنا المقاتل.
-الخزی والعار لأعداٸنا وللعملاء.
-وما النصر إلَّا من عند الله.
-والله أكبر ولا نامت أعين الجبناء.
محجوب فضل بدري
إنضم لقناة النيلين على واتساب