التوجهات والتحديات الصينية بملفي الطاقة والمناخ في 2025
تاريخ النشر: 25th, March 2025 GMT
تظهر بيانات موقع "كلايمت أكشن تراكر" -وهو مجموعة بحثية مستقلة- أن مجمل انبعاثات الغازات الدفيئة حول العالم خلال عام 2022 بلغ 50 مليار طن متري، بينها 14 ألفا و400 طن متري مصدرها الصين.
وتأتي الولايات المتحدة في المرتبة الثانية بانبعاثات تصل إلى 6390 طنا متريا، ثم الهند بمقدار 3520 طنا، فالاتحاد الأوروبي بنحو 3430 طنا، ويظهر ذلك أهمية الصين في سياسات المناخ العالمية.
وكان عام 2024 مهما لتطورات الطاقة والمناخ في الصين، فقد تراوح نمو انبعاثات ثاني أكسيد الكربون (سي أو 2) حول مستويات عام 2023 طوال العام، مما يزيد احتمالية بلوغ انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الصين ذروتها قبل عام 2030.
ودفع التوسع في استخدام الطاقة المتجددة في الصين الفحم إلى حصة منخفضة قياسية في توليد الكهرباء، في حين تم اتخاذ خطوات لتوسيع عدد الصناعات التي تغطيها سوق الكربون الوطنية.
وعلى الصعيد العالمي لعبت الصين دورا مهما في محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة "كوب 29" في باكو عاصمة أذربيجان.
لكن التحالف الأميركي الصيني -الذي عزز سابقا طموحات إيجابية بشأن سياسة المناخ العالمية- أصبح مهددا بسبب التوترات المتزايدة بشأن التجارة وعودة الرئيس دونالد ترامب.
ومع انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ وتوقع تراجع نفوذها في مفاوضات المناخ في ظل إدارة ترامب فإن تصريحات الصين بشأن طموحاتها المناخية -مثل التعهد الدولي بالمناخ الذي من المقرر أن تنشره في عام 2025- سوف تشكل عاملا حاسما مهما في تحديد وتيرة إزالة الكربون، سواء على المستوى المحلي أو الدولي بداية من العام الجاري.
وترى تشي ياوتشي ياو مستشارة السياسة العالمية في منظمة السلام الأخضر بشرق آسيا أن عام 2025 سيمثل علامة فارقة بصفته العام الأخير من الخطة الخمسية الصينية رقم 14، إذ سيتضح ما إذا كانت الصين قادرة على العودة إلى المسار الصحيح لتحقيق أهدافها الحالية المتعلقة بالطاقة وكثافة الكربون.
إعلانوأضافت في تقرير لموقع "كربون بريف" أن الاختبار الأصعب سيكون في مدى قدرة الضرورات المناخية على الصمود في وجه التحديات الجيوسياسية، إذ سيتعين سيتعين على الصين التعامل مع سياسات الرئيس ترامب، ومنافسة متزايدة من الاتحاد الأوروبي في الصناعات النظيفة، لذا سيتعين أن تتخذ العلاقة بين الصين وشركائها التقليديين في مجال المناخ شكلا جديدا.
من جهته، يقول الدكتور مويي يانغ الخبير والمحلل الأول لسياسة الكهرباء في الصين إن بكين ستحتاج في عام 2025 إلى تحقيق توازن دقيق بين استدامة النمو الاقتصادي ودفع أجندتها نحو إزالة الكربون، وهوما يتطلب توازنا أكثر من مجرد توسيع نطاق مصادر الطاقة المتجددة، مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية وتخزين الطاقة، كما أن طاقة الفحم التي لطالما كانت محورية في أمن الطاقة والنشاط الاقتصادي في الصين تتطلب أيضا تحولا جذريا.
وبحسب يانغ، لا يقتصر الأمر على إغلاق عدد قليل من محطات الطاقة العاملة بالفحم، بل يشمل أيضا إدارة التوترات والصراعات الأوسع نطاقا الناجمة عن تراجع منظومة توليد الكهرباء من الفحم.
وستمتد هذه التأثيرات -بحسبه- إلى مولدات الطاقة وشركات الخدمات اللوجستية وشركات التعدين ومصنّعي المعدات وصناعة الفحم الكيميائية، بالإضافة إلى النظم الاجتماعية والاقتصادية المحيطة به.
وتعد الصين أكبر منتج ومستهلك للفحم في العالم، واستحوذت في عام 2023 على 95% من محطات الفحم الجديدة حسب بيانات المكتب الوطني للإحصاء في الصين، كما تعتمد عليه بنسبة 60% في توليد الكهرباء لتلبية احتياجات 1.4 مليار نسمة.
ووصل إنتاج الفحم إلى مستوى قياسي في 2023 عند 4.7 مليارات طن، وفق تقديرات شركة الأبحاث "غلوبال إنرجي مونيتور" (جي إي إم)، وهو ما يمثل نصف الإنتاج العالمي تقريبا.
إعلانوفي هذا السياق، يرى عميد معهد الصين لدراسات سياسة الطاقة البروفيسور بو تشيانغ لين أن نجاح الصين في إدارة التخفيضات الكبرى في استهلاك الفحم خلال الخطة الخمسية المقبلة ابتداء من عام 2026 مع الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي وضمان أمن الطاقة والوفاء بالتزاماتها المناخية سيكون مفتاح نجاحها في العام الجاري وما بعده.
والتزمت الصين بهدف "الكربون المزدوج" والمتمثل في الوصول إلى ذروة انبعاثات الكربون بحلول عام 2030 وتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060.
وينظر إلى خفض انبعاثات الكربون في الصين باعتباره علامة فارقة في التحول العالمي وبقدر عالٍ من الاهتمام البيئي على المستوى الدولي بالنظر إلى تعدادها السكاني، وكونها من أكبر مستهلكي الوقود الأحفوري في العالم.
ويؤكد البروفيسور بو تشيانغ لين أن نشر الطاقات الجديدة سيتسارع في الصين عام 2025 وما بعده، خصوصا في طاقة الرياح البحرية والطاقة الشمسية والانتقال إلى الطاقة النووية بشكل مطرد، كما ستتعزز جهود الاستخدام النظيف والفعال للفحم، مع استمرار أنظمة طاقة الفحم الأنظف.
واستثمرت الصين أيضا ما يقارب 680 مليار دولار في تصنيع التكنولوجيا النظيفة بحلول عام 2024 وفقا لوكالة الطاقة الدولية، وهذا يعادل تقريبا إجمالي استثمارات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مجتمعين.
ويشير ذلك إلى توجه متدرج ومتزايد إلى الطاقة النظيفة، في محاولة للمواءمة بين التحديات الاقتصادية والالتزامات البيئية والمناخية.
* اعتمد التقرير على معطيات ومقابلات وردت في موقع "كربون بريف" بتصرف.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان بيئي فی الصین عام 2025
إقرأ أيضاً:
مؤتمر أدباء مصر منصة للتفاعل بين الأجيال.. تاريخ طويل من الإبداع والتحديات مع انطلاق الدورة الجديدة
مع انطلاق الدورة الجديدة لمؤتمر أدباء مصر، تتجدد الذكرى السنوية لهذا الحدث الثقافي البارز الذي يمثل واحدًا من أهم المنصات التي تجمع الكتاب والمبدعين في مصر منذ تأسيسه، أصبح المؤتمر مساحة للنقاش الأدبي، وتبادل الأفكار، والتعرف على اتجاهات الأدب المحلي والإقليمي، رغم ما مرّ به من أزمات ومعوقات أثرت على مسيرته، إلا أنه حافظ على دوره الحيوي في المشهد الثقافي المصري.
تاريخ المؤتمر وأهدافهأُطلق مؤتمر أدباء مصر لأول مرة قبل عدة عقود، بهدف توحيد جهود الكتّاب، وتعزيز التواصل بينهم، ونشر الوعي الثقافي والأدبي بين القراء والجمهور، وقد كان المؤتمر دائمًا فرصة لإبراز الإنتاج الأدبي المصري، سواء في الرواية، القصة القصيرة، الشعر، أو النقد الأدبي، فضلاً عن تقديم ورش عمل ومحاضرات متخصصة تهدف إلى تطوير مهارات الكتاب الشباب.
الفعاليات المتنوعةعلى مدار دوراته السابقة، شهد المؤتمر تنظيم جلسات حوارية وندوات متخصصة، ومعارض للكتب، وورش تدريبية للشباب، وبرامج ثقافية للأطفال والمراهقين، كما حرص المؤتمر على دعوة كبار الكتاب والنقاد المصريين، لإثراء النقاش الثقافي، وتقديم شهاداتهم حول تطور الأدب العربي، وأهمية دور الكتاب في المجتمع.
وتضم الفعاليات عادةً جلسات توقيع الكتب، قراءة نصوص أدبية، عروض مسرحية قصيرة، وعروض موسيقية، ما يجعل المؤتمر حدثًا متكاملاً يجمع بين الأدب والفنون الأخرى.
الأزمات والمعوقاتلم يكن طريق المؤتمر خاليًا من التحديات، فقد واجه عدة أزمات تنظيمية ومالية على مر السنوات، أثرت أحيانًا على انتظام الدورات وعدد المشاركين، كما برزت بعض الخلافات بين لجان التحكيم والمشاركين، أو بين الكتاب والجهات المنظمة حول اختيار الضيوف والموضوعات.
أيضًا، أثرت التقلبات السياسية والاجتماعية في بعض الفترات على سير المؤتمر، سواء من حيث الدعم الحكومي أو التغطية الإعلامية، مما اضطر المنظمين إلى إعادة ترتيب الفعاليات أو تأجيلها في بعض الأحيان، ورغم هذه التحديات، ظل المؤتمر محافظًا على استمراريته ومصداقيته، بما جعل منه حدثًا منتظرًا سنويًا في الأوساط الثقافية.
دوره في المشهد الثقافي المصرييمثل مؤتمر أدباء مصر منصة مهمة للتفاعل بين الأجيال المختلفة من الكتاب، ولإبراز التجارب الأدبية الجديدة، فقد ساهم المؤتمر في اكتشاف كتاب شباب، وتقديمهم للجمهور، وتوجيه النقاش حول القضايا الأدبية والاجتماعية.
كما لعب المؤتمر دورًا في تعزيز الثقافة القرائية لدى الجمهور، من خلال تقديم ملخصات، وورش تعليمية، وجلسات قراءة مفتوحة، ويعتبر حضور الكتاب والنقاد الدوليين جزءًا مهمًا من المؤتمر، لأنه يتيح الفرصة لمقارنة التجارب الأدبية المصرية مع تجارب عربية وعالمية، ويعزز التبادل الثقافي.
الدورة الجديدة.. رؤية مستقبليةمع انطلاق الدورة الجديدة، يركز المؤتمر على توسيع الفعاليات الرقمية، وتطوير برامج الورش التدريبية، وزيادة مشاركة الشباب، وتعزيز التفاعل مع الجمهور عبر منصات التواصل الاجتماعي، كما تتضمن الدورة الجديدة جلسات لمناقشة دور الأدب في مواجهة التحديات الاجتماعية والسياسية، والارتقاء بالوعي الثقافي في المجتمع.
ويأمل المنظمون أن تكون الدورة الجديدة منصة لإعادة إحياء النقاشات الأدبية الحية، وتشجيع الكتاب على التجريب في الأساليب الأدبية، ومواجهة المعوقات السابقة بمرونة وابتكار.
وعلى مدار تاريخ مؤتمر أدباء مصر، أثبت المؤتمر أنه أكثر من مجرد حدث سنوي للكتاب، بل هو فضاء للتبادل الفكري، ومنصة لتطوير الأدب المصري، ونقطة التقاء بين التجارب المختلفة، ومع انطلاق الدورة الجديدة، يتجدد الأمل في استمرار الدور الثقافي والاجتماعي للمؤتمر، وتجاوز الأزمات السابقة، وتعزيز مكانة مصر كواحدة من أهم العواصم الثقافية في العالم العربي.