الجزيرة:
2025-06-04@12:12:17 GMT

خيارات قاسية تنتظر الدعم السريع

تاريخ النشر: 26th, March 2025 GMT

خيارات قاسية تنتظر الدعم السريع

مع الانهيار الدراماتيكي لقوات الدعم السريع، الذي يمكن التأريخ له بصبيحة يوم الجمعة الماضية 21 مارس/ آذار 2025، عندما استطاع الجيش السوداني والقوات المساندة له استعادة القصر الرئاسي، وفرض سيطرته الكاملة عليه وعلى محيطه، وما تلا ذلك من هروب واسع لما تبقّى من قوات الدعم السريع من جنوب غرب العاصمة الخرطوم، ميمّمين نحو كردفان، ومن ثم إلى دارفور، مع هذا الانهيار تصبح الطريق سالكة إلى حدٍّ كبير أمام الجيش السوداني لاستكمال النصر على تمرّد قوات الدعم السريع.

حيث فقدت كل الأراضي التي كانت تحت سيطرتها منذ بداية الحرب، ما عدا مدن الجنينة في غرب دارفور، ونيالا بجنوب دارفور، وأجزاء صغيرة من شمال دارفور، خاصة في محيط مدينة الفاشر التي تحاول الدعم السريع اقتحامها والسيطرة عليها منذ أشهر لكنها لم تستطع.

وهي تراهن على الاستيلاء على هذه المدينة لبسط سيطرتها الكاملة على إقليم دارفور لإعلان الحكومة الموازية فيه تمهيدًا لفصل الإقليم، أو على الأقل تعزيز قدراتها الهجومية بالإقليم لاستئناف الأعمال العدائية ضد الجيش والحكومة المركزية.

ويُشير انهيار قوات الدعم السريع، وتسارع وتيرة هذا الانهيار بعيد سيطرة الجيش السوداني على القصر، إلى أن القوة المركزية الصلبة للدعم السريع كانت متمركزة بشكل أساسي في القصر الرئاسي ومحيطه، في دائرة يُمثّل موقع القصر الرئاسي فيها المركز.

إعلان

وبانهيار هذه النقطة، انفرط العقد وتداعَت بقية القوات المنتشرة حول هذا المحيط أمام ضربات الجيش السوداني والقوات المساندة له، ونيرانها الكثيفة عليها من المسافة صفر، مما خلّف أعدادًا كبيرة من القتلى والمصابين والأسرى، والفارين خارج هذا المحيط نحو الجنوب الغربي من العاصمة.

ويُعزّز من هذه الفرضية بأن القوة الصلبة للدعم السريع كانت تتمركز في هذا المحيط، ما تم الكشف عنه بواسطة الجيش السوداني من مخازن للأسلحة الثقيلة النوعية والحديثة، وأجهزة التشويش المتقدّمة التي تم العثور عليها في مقارّ مختلفة داخل محيط القصر الرئاسي، حيث يقول خبراء عسكريون إنها كانت كفيلة بتمكين قوات الدعم السريع من صدّ أي هجوم عليها مهما كان حجمه، واستمرار بقائها في هذه المنطقة لوقت أطول.

لكن ذلك لم يحدث، بل جاء الانهيار سريعًا ومفاجئًا للجميع، بالنظر إلى تأكيدات قائد الدعم السريع حميدتي قبل أيام قلائل من سقوط القصر في أيدي الجيش، أن قواته لن تخرج من القصر الرئاسي، وأن الجيش لن ينتصر في معركة القصر، وأن هناك مفاجأة قد أعدّتها قواته للجيش.

وهو ما يثير التساؤلات حول السبب وراء ذلك الانهيار السريع: هل هو انعدام أو ضعف كفاءة عناصر الدعم السريع في استخدام هذه الأسلحة النوعية المتقدمة؟ أم الحصار الذي ضربه الجيش السوداني على هذه القوات قبل الهجوم على القصر بأسابيع كان له الأثر الحاسم بانقطاع الإمدادات من المؤن الغذائية؟ أم كل تلك الأسباب مجتمعة أدّت إلى الانهيار الكبير، وأن وعيد قائد الدعم السريع كان مجرد حديث لرفع الروح المعنوية لقواته وهي تتأهب لصدّ هجوم الجيش؟

أيًا كان الأمر، فالواقع على الأرض يقول إن قوات الدعم السريع قد تلقّت هزيمة نكراء، وفقدت موقعًا مهمًا كان يمنحها وجودًا نوعيًّا في موضع القلب من السودان، وقد وصفت الخارجية الأميركية استعادة الجيش السوداني للقصر الرئاسي بالحدث المهم في مسار الحرب في السودان.

إعلان

وبهذا، يكون قد انطوى فصلٌ مهم من فصول الحرب التي امتدت لعامين، ويتبقى الفصل الأخير منها، والذي سيكون مسرحه إقليم دارفور.

وبقراءة للمشهد الحالي على الصعيد العسكري، وما لم تحدث متغيرات أو تستجد مستجدات تقلب ميزان القوة العسكري الراهن ما بين قوات الدعم السريع من جهة، والجيش السوداني والقوات المساندة له من جهة أخرى، وتحركه في اتجاه غير الذي هو عليه الآن، فإن استمرار الجيش السوداني في تكبيد الدعم السريع الخسائر، وإلحاق مزيد من الهزائم بها، هو الراجح والمتوقّع لعدة أسباب:

أولًا: فقدت قوات الدعم السريع في معركة الخرطوم الكثير من عناصرها، والكثير أيضًا من عتادها العسكري، إلى جانب فقدانها مواقع إستراتيجية مهمة كانت تستخدمها كمنصات لقصف مواقع الجيش والمواقع المدنية الحيوية في العاصمة والولايات، وذلك عبر المدافع والطائرات المسيّرة. بالمقابل: غنم الجيش السوداني معدات وآليات عسكرية، وأسلحة ثقيلة وخفيفة، ومنظومات تشويش حديثة كانت تمتلكها قوات الدعم السريع، فضلًا عن ارتفاع الروح المعنوية لأفراد الجيش والقوات المساندة له، وتصميمهم على الاستمرار في المواجهة والقتال في آخر معاقل الدعم السريع.

فقدان الدعم السريع مضادات الطيران ذات الفاعلية لوقف هجمات سلاح الطيران، الذي ستكون له اليد العليا في معركة دارفور، حيث ستكون قوات الدعم السريع مكشوفة بالكامل لطيران الجيش السوداني، وهدفًا سهلًا له.

مع انتهاء معركة الخرطوم، انتهت حرب المدن التي كان للدعم السريع فيها تفوّق نسبي، بسبب الطبيعة القتالية لهذه القوات التي تقوم على تكتيك "اضرب واهرب" Hit and Run، والحركة السريعة، والاختباء في الأعيان المدنية، واتخاذ المدنيين دروعًا بشرية، واعتماد هذه القوات على ما يُعرف عندها بـ(الفزع).
وهذا النوع من القتال يُعيق حركة الجيوش النظامية المحترفة، التي تدربت على الحروب النظامية التي تكون بين الدول، وتُستخدم فيها كافة الأسلحة والقوى المميتة. وبخروج المواجهات خارج العاصمة، فقدت الدعم السريع هذه الميزة تمامًا. قوات الكفاح المسلح في دارفور، أو ما تُعرف حاليًا بـ (القوات المشتركة)، التي تقاتل تحت إمرة الجيش السوداني، لها خبرة واسعة وكبيرة في حرب الصحراء، بحكم تمرّسها الطويل لأكثر من عشرين عامًا في خوض هذا النوع من الحروب، وهي الخصم الأكبر لقوات الدعم السريع.
هذه القوات، المسنودة بقيادة الجيش، تستطيع حسم المعركة في وقت وجيز، فهي تعرف جيدًا طريقة الدعم السريع في القتال، فضلًا عن إحاطتها بجغرافيا وتضاريس دارفور.
وقد حاولت قيادات رفيعة في قوات الدعم السريع في وقت سابق استمالة هذه القوات إلى صفّها أو تحييدها بوعود مغرية بشأن السلطة والثروة، تفاديًا لمواجهتها، ولكن لم يُجْدِ ذلك نفعًا. بالنسبة للجيش السوداني، فإن المرحلة الأصعب قد انقضت بانتصاره فيها، وأن ما تبقّى له هو الأسهل، بينما العكس صحيح بالنسبة لقوات الدعم السريع، فإن المرحلة الأسهل انتهت بهزيمتها، وما تبقّى لها هو الأصعب. هذه هي المعادلة الراهنة. إعلان

وهكذا، أصبحت كل الخيارات أمام قوات الدعم السريع، وهي تتأهب لخوض آخر المعارك، صعبة؛ فإما أن تخوضها بوضعها الراهن الضعيف، والنتيجة الراجحة هي الهزيمة، وإما أن تستسلم، وإما أن تعبر الحدود الغربية إلى خارج السودان.
وكل هذه الخيارات عنوانها العريض هو: (الهزيمة).

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان قوات الدعم السریع الدعم السریع فی الجیش السودانی القصر الرئاسی هذه القوات

إقرأ أيضاً:

شهادات مروعة.. العبور من مناطق وحواجز الدعم السريع في السودان (شاهد)

تناول تقرير لموقع "ميدل إيست آي"، الإعدامات والانتهاكات التي نفذتها قوات الدعم السريع ضد المدنيين السودانيين في مناطق القتال.

واستعرض التقرير شهادات لمدنيين اعتقل ذويهم خلال مرورهم في حواجز ومناطق تسيطر عليها قوات الدعم السريع.

وتحدث التقرير عن اعتراض الدعم السريع لقافلة من المدنيين خرجت من مدينة أم درمان حيث اختطفوا الرجال وظهروا بعد ذلك في مقاطع مصورة توثق تعرضهم للضرب وإعدام بعضهم.


وفيما يلي نص التقرير:

سمعت أمل إسماعيل ما يكفي، فقد ظلت تتوسل ليومين إلى قائد قوات الدعم السريع شبه العسكرية أن يخبرها بأي شيء عن شقيقيها وصهرها وابن عمها.

وقد شوهدوا آخر مرة وهم يُسحبون من شاحنة تقل عائلة آمال وحوالي 200 فرد آخرين من قبيلة الجميعات على طريق متجه من الصالحة، وهي منطقة على أطراف أم درمان، إلى مركز المدينة السودانية.

أخبرها القائد أن بعض أفراد الشاحنة قُتلوا، وأمرها بالتحلي بالصبر، وقال بحدة: “الوضع متوتر، وسيُكشف مصير أقاربها في النهاية”.

تتذكر أمل قوله: “لقد أخطأتِ بمغادرة الصالحة. لماذا لم تخبرينا إن كانت لديكِ مشكلة في العيش هنا؟”. فغادرت إلى المنزل؛ حيث استعادت هاتفًا كانت قد خبأته وتوجهت إلى أحد الأماكن القليلة التي كانت فيها إشارة.

انهالت عليها الرسائل: مقاطع فيديو نشرها مقاتلون على مواقع التواصل الاجتماعي، تُظهرهم وهم يهتفون بانتصار أمام رجال عراة حتى الخصر، ورسائل نصية متنوعة من أصدقاء يسألون إن كانت على قيد الحياة وبصحة جيدة.

في أحد هذه المقاطع، يُطلق مقاتلون النار على مجموعة من المعتقلين الجالسين على الأرض عاجزين. يقول أحدهم: “لن ينجو أحد”.

في مقطع آخر، تظهر أكوام من الجثث، من بينها شاهدت أمل رجلاً مُلقىً تحت إطار سيارة؛ كان هذا شقيقها محمد جثة هامدة. ويُرى صهرها، الخير إبراهيم، وهو يُجلد. في النهاية، اتضح أن 31 شخصًا على الأقل قُتلوا على يد قوات الدعم السريع.

تقول رحاب إسماعيل، زوجة الخير: “كان الخير شجاعًا. حتى في الفيديو، يُمكنك رؤيته وهو ينظر في عيني الرجل الذي كان يضربه”. وتابعت: “لن نسامح قوات الدعم السريع على ما حدث، ولن ننسى أبدًا”.
“لقد تعرضنا للتعذيب”

بدأت محنة أمل ورحاب في أواخر أبريل/ نيسان، عندما قررت عائلتهما وعشرات من أفراد قبيلة الجميعات مغادرة الصالحة في قافلة. كانت الضاحية الواقعة غرب الخرطوم على ضفاف النيل الأبيض تحت سيطرة قوات الدعم السريع منذ عامين.

لم يكن هناك كهرباء، وبالكاد كان هناك أي طعام، وكان مصدر الماء الوحيد هو سائل مرّ يُستخرج من بئر جوفي لا يمكن حتى لقوات الدعم السريع أن تلمسه. وكما تقول أمل: “كان كل شيء سيئاً”. تكدس معظم الناس في الشاحنة، لكن القليل منهم ساروا بجانبها في سيارات ومركبات أخرى أصغر.

إلى الشمال كانت أم درمان، المدينة التوأم للخرطوم، والتي تسيطر عليها القوات المسلحة السودانية منذ شهور، وكانت الحياة بها صالحة للعيش بعض الشيء. غير أن العشرات من مقاتلي قوات الدعم السريع اعترضوا طريق القافلة، وعندما رأوا الشاحنة تتحرك نحوهم، أطلقوا النار على إطاراتها وأجبروا الجميع على الخروج.

أخبر خمسة من أفراد القافلة موقع “ميدل إيست آي” أنهم تعرضوا للجلد وإطلاق النار والإساءة. تم تقسيم الناس إلى مجموعات مكونة من ستة أشخاص واقتيدوا إلى محلات صغيرة تصطف على الطريق.

يقول يوسف حسين: “تعرضنا للتعذيب هناك. استخدموا كل ما وجدوه من أدوات، وضربونا بالسياط والكتل الصغيرة”. وقال حسين إن المقاتلين كانوا مهووسين بأن القافلة من قبيلة الجميعات، مدعين أن القبيلة مسؤولة عن قتل العديد من رفاقهم.

وعندما حاول علي وداعة، أحد أفراد القافلة، الادعاء بأنه من قبيلة أخرى، قتلوه؛ حيث يقول حسين: “أطلقوا عليه رصاصتين في القلب”.

فُصلت أمل ورحاب ونساء أخريات عن الرجال، وصودرت أي أموال أو ذهب أو هواتف محمولة تم العثور عليها. تقول رحاب: “إذا رأوا أن لديك أموالاً على تطبيق مصرفي على الهاتف، أجبروك على تحويلها إليهم أيضًا”.

بعد خمس ساعات من الاستجواب والتهديدات، تم إطلاق سراح النساء وتوجهن إلى منازلهن. وفي الطريق، اعترضهن ثلاثة مقاتلين وحاولوا إجبارهن على الدخول إلى أحد المنازل. رفضت رحاب فوضع أحدهم سكينًا على رقبتها، وعندما تدخلت أمل، ضربوها بشدة لدرجة أنها كادت أن تفقد الوعي.

أُطلق سراح أفراد القافلة على فترات متقطعة. وقد أطلق سراح أحمد أمين عبد الحق، وهو طالب وحلاق يبلغ من العمر 23 عامًا، بعد خمسة أيام من التعذيب.

وقد اتهم بأنه عضو في ميليشيا موالية للقوات المسلحة السودانية، ولكن بعد دفع فدية قدرها مليون جنيه سوداني – حوالي 500 دولار أمريكي – أطلقوا سراحه؛ حيث يقول: “في النهاية كان الأمر كله يتعلق بالمال”.

الصالحة: وحشية الحرب
شوهد جثمان محمد آخر مرة في الفيديو خارج مقر الاستخبارات العسكرية لقوات الدعم السريع في مدينة الصالحة، وهو محل خياطة حُوِّل إلى مكتب متهالك.

تطل لوحة جدارية كبيرة لمحمد عثمان إسحق، شهيد الثورة السودانية المؤيدة للديمقراطية، بهدوء من جدار المكتب إلى الشارع، وقد قُتل إسحق خلال احتجاجات 30 يونيو/ حزيران 2019 التي أجبرت الجيش على تقاسم السلطة مع المدنيين.

تقع الصالحة على بعد أربعة أو خمسة كيلومترات من أم درمان، وهي بعيدة كل البعد عن عالم الفيلات العصرية على طول شارع النيل على ضفاف المياه في المدينة.

وعلى الرغم من تعرض شارع السوق لوحشية الحرب، حيث تنتشر في أكشاكه المعادن الملتوية والمظلات الممزقة، إلا أن أشباح الأوقات السعيدة تجعل الشارع يعج بالحيوية والنشاط.

قبل بضع سنوات، كان هذا الشارع نقطة التقاء لآلاف السودانيين المطالبين بإنهاء الاستبداد والاضطهاد قبل أن تتحطم أحلامهم بسبب التسييس والانقلاب العسكري والحرب الأهلية الأكثر تدميرًا في السودان الآن.

وعلى الرغم من أن الجيش وقوات الدعم السريع أطاحوا بالحكومة المدنية الانتقالية في السودان عام 2021 وتقاسموا السلطة بعد ذلك، إلا أن خطط دمج الأخيرة في الجيش النظامي أشعلت حربًا أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص ونزوح 13 مليون آخرين.

طوال فترة الصراع، استهدفت قوات الدعم السريع المدنيين بالقتل والنهب والاعتداء الجنسي، واتهمتها الولايات المتحدة والعديد من منظمات حقوق الإنسان بارتكاب إبادة جماعية في منطقة دارفور غربي البلاد.

والداعِم الرئيسي لها هو الإمارات العربية المتحدة، التي تنفي دعمها العسكري للجماعة، لكنها مع ذلك تُزوّد مقاتليها بالسلاح.

استولى الجيش السوداني، الذي فرضت عليه الولايات المتحدة أيضًا عقوبات لارتكابه جرائم حرب مزعومة، على قرية الصالحة في 19 مايو/ أيار، وأعلن سيطرته الكاملة على ولاية الخرطوم لأول مرة منذ بدء الحرب. وبعد مرور أيام، لا زالت الجثث المدفونة تُكتشف.

يقول العميد الريح دفع الله، وهو ضابط في الجيش السوداني، إن العمل لا يزال جاريًا لانتشال جثث جنود الدعم السريع من الشوارع. أما ضحاياهم، فيُكتشف وجودهم في أماكن غير مألوفة. ويضيف: “حتى أنه عُثر على جثث مدفونة تحت أرضيات المنازل”.

ووفقًا للجيش، عُثر على مقابر “تضم جثث 465 شخصًا لقوا حتفهم نتيجة الإهمال ونقص الغذاء والعلاج والدواء”، من بينهم جثث تصل إلى 27 شخصًا.

جثث تبرز من الأرض
في مشرحة في إحدى الجامعات التي كانت تستخدمها قوات الدعم السريع كقاعدة، توجد ثلاثة دبابات تضم حوالي 20 جثة. بعضها متحلل بشكل سيء، إلى درجة أن بعضها تحول إلى كتلة موحلة.
لا تزال بعض الجثث الأخرى يحمل ملامح محددة، بالإضافة إلى ثقوب في جوانبهم وشقوق في باطن أقدامهم.

تقول القوات المسلحة السودانية إنهم ضحايا قوات الدعم السريع، بينما تصر القوات شبه العسكرية على أنهم مجرد جثث استخدمها الطلاب. في أماكن أخرى توجد مواقع دفن أقل إثارة للجدل: حفر كبيرة مغطاة حديثاً تفوح منها رائحة اللحم المتعفن.

وتم إنشاء مقبرة مرتجلة في إحدى الساحات خارج مركز الشرطة الذي حوّله المقاتلون إلى مركز احتجاز؛ حيث توجد الأسرّة والبطانيات والمراتب المستخدمة لسحب الجثث هناك مهجورة وملطخة بالدماء.
ويظهر على القبور الأحدث أنها حُفرت على عجل، فهناك ركبة تبرز من التربة كزومبي ينهض.

راقبت ابتسام عياد، وهي مُعلمة، المقبرة وهي تتوسع بسرعة تحت حكم قوات الدعم السريع. تتحسر على قرية الصالحة التي عرفتها قبل الحرب. تقول: “كان مكانًا جميلًا للعيش فيه. كان آمنًا”.

ووفقًا لابتسام، تتحدث العديد من نساء الصالحة عن تعرضهن للتحرش أو الاختطاف. وتضيف: “حتى إن قوات الدعم السريع أخذت بنات جيراننا”.

ردًا على الغضب الشعبي الذي أثارته مقاطع الفيديو المتداولة لمذبحة الصالحة، ادعى ضابط محلي من قوات الدعم السريع أن المعتقلين كانوا أعضاء في كتيبة البراء بن مالك، وهي ميليشيا متشددة تقاتل إلى جانب القوات المسلحة السودانية. ومع ذلك، نفت قوات الدعم السريع لاحقًا أي علاقة لها بالفيديو.

تعيش أمل ورحاب وعشرات من سكان الصالحة الآخرين في حالة من عدم اليقين، ويشكون في أسوأ السيناريوهات، ولكن بدون جثة، يستحيل تجاوز الأمر.

تقول أمل: “حتى اليوم لا نعرف بالضبط من قُتل. يذهب والدنا إلى المشرحة باحثًا عن المفقودين. من المؤلم أكثر ألا نعرف إن كانوا قد قُتلوا أم نجوا”.

أصبح المرور أمام القبور المحفورة حديثًا روتينًا مُحبطًا، وتقول رحاب: “يتحدث البعض عن فتحها بحثًا عن إجابات”.

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة: فرار أكثر من 4 ملايين لاجئ من السودان بسبب الحرب
  • حميدتي يتهم مجددا مصر بدعم الجيش السوداني
  • شهادات مروعة.. العبور من مناطق وحواجز الدعم السريع في السودان (شاهد)
  • بالفيديو.. حميدتي يظهر في خطاب غاضب يهدد ويتوعد بتوسع العمليات العسكرية .. جدة تاني مافي وقوات الدعم السريع ستصل بورتسودان ويتحدث عن الدواعش وتدمير قدرات الجيش
  • «المؤتمر السوداني» يدين استهداف الجيش لسوق «الكومة» بدارفور
  • بعد مرور 20 عاما.. دارفور تواجه جحيما على الأرض من جديد
  • حزب المؤتمر السوداني يدين قصف طيران الجيش لسوق الكومة بولاية شمال دارفور
  • نزوح أكثر من 2700 أسرة من الخوي بغرب كردفان بسبب هجمات ميليشيا الدعم السريع
  • شبكة أطباء السودان: قصف الدعم السريع يؤدي لمقتل 3 أطفال وامرأة جنوب الفاشر
  • الفاعل مجهول.. 3 مسيّرات تقصف مواقع للدعم السريع غرب السودان