فك لغز تحويل الخلايا المعوية إلى خلايا جذعية متجددة
تاريخ النشر: 27th, March 2025 GMT
حلّ باحثون من مركز جامعة كولورادو للسرطان في الولايات المتحدة لغز المفتاح الذي يحول الخلايا المعوية إلى خلايا جذعية متجددة. قد يؤدي الاكتشاف إلى علاجات أفضل لسرطان القولون والمستقيم وأنواع أخرى من السرطان.
تعرف الخلايا الجذعية بأنها خلايا غير متمايزة لديها القدرة على توليد الخلايا المتخصصة للأنسجة التي توجد فيها، بينما تتبع الخلايا الطبيعية دورة نموذجية حيث تنمو وتنقسم وتموت.
ويُعدّ تمايز الخلايا جزءا أساسيا من نمو الكائنات متعددة الخلايا، إذ يُنتج خلايا ذات خصائص فريدة – مثل خلايا العضلات والخلايا العصبية وخلايا الدم الحمراء – وبالتالي يُمكّن الخلايا من تكوين أنسجة وأعضاء ذات وظائف محددة. كما يلعب دورا حيويا في تجديد الأنسجة، وخاصة الجلد والدم، والتي تتطلب إصلاحا وتجديدا مستمرين. بشكل عام، بمجرد تمايز الخلية، لا تتمكن من العودة إلى حالتها غير المتمايزة، مع وجود بعض الاستثناءات.
ونشر الدكتور بيتر ديمبسي، أستاذ طب الأطفال وعلم الأحياء في كلية الطب بجامعة كولورادو، والدكتور جاستن برومبو، الأستاذ المساعد في علم الأحياء الجزيئي والخلوي والتنموي بجامعة كولورادو بولدر في الولايات المتحدة نتائج دراستهم في مجلة نيتشر سيل بيولوجي (Nature Cell Biology) وكتب عنها موقع يوريك أليرت.
إعلانيوضح ديمبسي: "تتمتع الأمعاء بقدرة هائلة على تجديد نفسها بعد الإصابة، حيث تعود خلايا الأمعاء إلى نوع من الخلايا الجذعية المتجددة بعد الإصابة، وتصلح ما فسد ثم تعود مرة أخرى لدورها الطبيعي".
إيجاد المفتاحيقول برومبو إن العلماء كانوا يبحثون منذ فترة طويلة عن "المفتاح" الذي يحول الخلايا المعوية العادية إلى خلايا جذعية متجددة. وجد فريق البحث باستخدام نماذج حيوانية أن عملية كيميائية حيوية تحدث داخل بروتين الهيستون إتش 3 (H3 histone protein) مسؤولة عن تفعيل هذه الحالة المرنة وتعطيلها. ويلعب الهيستون إتش 3 دورا حاسما في تنظيم نسخ الجينات.
يقول برومبو: "إذا تأملنا الأمر، فإن الخلايا الموجودة عادة في الأمعاء يجب أن تحافظ على هويتها حتى تعمل بكفاءة. يجب التأكد من أنها لا تنقلب عندما لا يكون من المفترض أن تنقلب، لأنك تفقد وظيفتها المتخصصة، وهي أيضا سمة مميزة للسرطان".
يقول الباحثون إن الخطوة التالية هي البحث عن طرق لاستهداف هذه العملية لإيقافها أو تفعيلها حسب الحاجة لعلاج سرطان القولون والمستقيم وأمراض الأمعاء التي قد تؤدي إلى السرطان.
يقول ديمبسي: "يبدو أن هذه العملية تلعب دورا في تمايز الخلايا، ولكن إذا تم إيقافها، تعود الخلايا إلى حالة الخلايا الجذعية المتجددة". ويضيف: "هذه الحالة المتجددة مهمة عند الإصابة والإصلاح، ولكن هناك أيضا بعض أنواع سرطان القولون والمستقيم التي تحمل هذه البصمة الجينية التجديدية بالضبط. التهاب القولون المزمن، وداء الأمعاء الالتهابي".
ويقول ديمبسي إنه قد يكون لهذه العملية أيضا آثار على مقاومة العلاج الكيميائي والإشعاعي. يقول: "عندما تتحول الخلايا إلى حالة الخلايا الجذعية المتجددة، تصبح أكثر مقاومة لبعض العلاجات، وهذه مشكلة".
ويضيف: "إذا كان لديك مريض ليس مصابا بسرطان القولون، ولكنه يخضع للعلاج الكيميائي أو الإشعاعي، فإن أحد الآثار الجانبية لهذه العلاجات هو تدمير الخلايا الجذعية المعوية. في بعض المرضى، إذا لم تُحدد الجرعة بشكل صحيح، فقد يؤدي ذلك إلى تجريد بطانة الأمعاء بالكامل. إذا استطعنا فهم كيفية إعادة هذه الحالة إلى طبيعتها، فقد نتمكن من حماية الخلايا بشكل أكبر".
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان الخلایا الجذعیة
إقرأ أيضاً:
كيف استمدت الخلايا القديمة طاقتها بعصر ما قبل البناء الضوئي؟
نجح فريق من الباحثين في جامعة لودفيغ ماكسيميليان الألمانية في إعادة محاكاة بيئة الأرض العتيقة داخل المختبر، مما أتاح لهم إعادة تمثيل أحد أقدم المسارات الأيضية التي يُعتقد أنها أسهمت في تكيف الحياة على كوكب الأرض قبل نحو 4 مليارات سنة. وقد نشر الفريق نتائج دراسته في دورية "نيتشر إيكولوجي أند إيفوليوشن".
ويعتقد أن أول صور الحياة انتشارا على سطح الأرض كانت في أعماق المحيطات، وسط بيئة ساخنة وغنية بالمعادن، وتقول مي مبروك، أستاذة برنامج المعلوماتية الحيوية بجامعة النيل المصرية وهي غير المشاركة في الدراسة، في تصريحات حصرية للجزيرة نت إن هذه الدراسة تقدم دليلًا عمليا على أن صور الحياة الأولى على الأرض ربما لم تحتج للضوء أو الأكسجين.
لإعادة تمثيل هذه البيئة، اعتمد الباحثون على ما تعرف بـ"الحدائق الكيميائية"، وهي تراكيب معدنية تتشكل عند تفاعل محاليل كيميائية مختلفة، وقد استخدم الفريق مزيجًا من كلوريد الحديد وكبريتيد الصوديوم لتشكيل معدنين يعتقد أنهما كانا شائعين في محيطات الأرض القديمة، وهما الماكيناويت والغرايغيت.
تقول مي "ركزت التجربة على محاكاة بيئة المحيطات العميقة في الأرض القديمة، التي كانت غنية بالحديد، وخالية من الأكسجين، ودرجة حرارتها مرتفعة بفعل النشاط البركاني والينابيع الحارة".
وفي بيئة خالية من الأكسجين وبدرجة حرارة تقارب 80 درجة مئوية، بدأت هذه المعادن في إنتاج غاز الهيدروجين بشكل طبيعي. هذا الغاز، الذي لم يكن مسؤولًا عن إنتاجه أي كائن حي، قد شكّل مصدر طاقة حيوية لبكتيريا بدائية تُعرف باسم "ميثانوكالدوكوكس جاناشي" أو بكتيريا الميثان الأحمر المغلي.
رغم أن التجربة لم تتضمن أي مغذيات إضافية أو فيتامينات أو معادن أثرية، فإن البكتيريا المستخدمة، التي تعيش عادة في ظروف قاسية، لم تكتف بالبقاء فقط، بل نمت وتكاثرت. تعلق مي مبروك "هذا يعني أن الهيدروجين الناتج عن المعادن كان كافيًا لتزويدها بالطاقة اللازمة".
إعلانلكن، لم تكن الأمور سهلة، فمع تسخين السوائل تشكلت فقاعات غازية تسببت في انهيار التراكيب المعدنية. تضيف مي "نمو البكتيريا كان أبطأ بنسبة 30% مقارنة بالنمو في بيئة مخبرية مثالية تحتوي على كل المغذيات. ومع ذلك، يعتبر مجرد نمو البكتيريا في بيئة تفتقر للعناصر الحيوية أمرا مذهلًا، ويُظهر أن الحياة قد تنشأ في ظروف صعبة وبموارد محدودة".
تكمن الأحجية الأساسية في هذه التجربة في المسار الأيضي الذي استخدمته تلك البكتيريا لتوليد الطاقة اللازمة لنموها. فكما تسير السيارات بالبنزين، تعتمد غالبية الكائنات الحية التي تعيش على ظهر الأرض في الوقت الحالي على الأكسجين والضوء. لكن في غياب كليهما في بيئة الأرض العتيقة، يتعقّد اللغز ويظهر السؤال: كيف تمكنت البكتيريا من مد نفسها بالطاقة بالهيدروجين؟
في ظل تلك الظروف القاسية في التجربة، فعّلت البكتيريا مجموعة من الجينات بداخلها مرتبطة بمسار كيميائي حيوي هو أحد أقدم المسارات المعروفة لإنتاج الطاقة في الخلية.
وتقول مي مبروك "التعبير الجيني أعطى أدلة قوية على تنشيط المسار البدائي. الجينات المرتبطة بمسار "أسيتيل كو إنزيم أ" كانت أكثر نشاطًا في البيئة المحاكية مقارنة بالبيئات الأخرى حتى تلك المثالية للنمو، مما يشير إلى أن المعادن ساعدت في تحفيز هذا المسار الحيوي".
يُنتج هذا المسار الطاقة بطريقة طاردة للحرارة، أي أنه يولد الطاقة دون الحاجة إلى مدخلات خارجية، وهي ما يصفها العلماء بـ"وجبة مجانية مدفوعة الثمن مسبقًا". المعادن نفسها، الماكيناويت والغرايغيت، تُشبه من الناحية التركيبية مراكز التفاعل في بعض الإنزيمات الحديثة، مما قد يشير إلى أن الإنزيمات الحالية قد نشأت من تراكيب معدنية طبيعية وجدت في بيئة الأرض العتيقة.
تضيف مي مبروك "هذا المسار قادر على تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى طاقة ومركبات عضوية".
ولا تقتصر أهمية هذه الدراسة على إعادة فهم أقدم صور الحياة على الأرض فحسب، بل تمتد إلى الفضاء. تقول مي "تشير الدراسة إلى أن البيئات الغنية بمعادن الكبريتيد الحديدي والمياه، مثل تلك التي يُعتقد بوجودها على قمر إنسيلادوس، قد تكون مؤهلة لدعم الحياة حتى في غياب الضوء".
إذ يُعد القمر "إنسيلادوس"، التابع لكوكب زحل، من أبرز الأماكن التي قد تحتوي على بيئات مشابهة، حيث يُعتقد أن تحت سطحه الجليدي محيطًا مالحًا نشطًا حراريا. ويخطط الفريق البحثي لمحاكاة ظروف هذا القمر في المختبر للكشف عن قدرة الكائنات البدائية على البقاء فيه، في خطوة جديدة نحو استكشاف الحياة خارج كوكبنا.