وجدي كامل

الحرب بكل تفاصيلها الباهظة، وضجيجها المدوي، ورعبها المستمر، جاءت لتكشف الحساب الحقيقي لطبيعة نظام الإخوان المسلمين، وسوء أخلاقهم، وفداحة جرائمهم ضد الوطن، حيث كانوا، وبكل المقاييس، في طليعة المتسببين في تمزيق الرأي العام وتشتيته، مما أدى إلى ضياع البوصلة الوطنية.

لقد ظل قادة ودهاقنة هذا النظام يؤكدون مرارًا أن “الدعم السريع” قد خرج من رحم الجيش، لكن لم يُكلف أحدٌ نفسه حتى الآن بتوضيح نسبه الحقيقي من حيث الأب، أو بتحديد الجهة التي قامت بزرع هذه البذرة داخل المؤسسة العسكرية التي تحولت الى “رحم مستقبل من مجهول في معظم التعبيرات”.

أليسوا هم أنفسهم، من يسمون بالحركة الإسلامية، ممثلين في حزبهم والمخلوع وأعوانه من الفاسدين من صانعي سياسات النظام والجيش، الذين عبثوا بمصير البلاد ودمروا بنيتها السياسية والاجتماعية؟

إن ما يجري اليوم يفوق كل تصور، ولا يمكن لعقل مواطن شريف أو ضمير حي احتماله. فالهدم والقتل الممنهج الذي يمارسه “الدعم السريع”، وما يحاول الجيش ترويجه من انتصارات زائفة عبر استعادة المدن أو السيطرة على المؤسسات الرمزية للدولة، مثل القصر الجمهوري، لا يستحقان من المواطن الواعي سوى السخرية من هذه المسرحية الهزلية، التي تعكس انهيار الأخلاق داخل القوتين المتناحرتين على اساس اشعالهما للحرب اصلا .

لقد دخلت الحرب عامها الثاني دون أي تقدم يُذكر نحو إيقافها، بل على العكس، تتسع رقعتها وتتصاعد تداعياتها، مهددة الدول المجاورة وربما الإقليم بأسره. وهذا الوضع يعكس فشلًا ذريعًا في جميع المحاولات الرامية إلى حل الأزمة، ويشير إلى غياب الإحساس بالمسؤولية من جميع الأطراف، وعلى رأسها القوى السياسية الوطنية المحلية، بالإضافة إلى المجتمعين الإقليمي والدولي، اللذين يبدو أن مصالح بعض أطرافهما باتت مرتبطة باستمرار هذه الحرب، بدلاً من السعي الجاد لإنهائها. وهذا لا يزيد الوضع إلا مأساوية، ويدفع الضحايا المدنيين لمزيد من المعاناة، بعد أن تجرعوا مرارات الحرب في أسوأ صورها.

وإذا كان هذا العجز مستمرًا، فإن القوى المدنية والسياسية مطالَبة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، بتوحيد صفوفها لمواجهة جرائم الإخوان المسلمين، وجعل هذه الوحدة أولوية قصوى في مسار البحث عن حل لهذه الكارثة الوطنية. فالتشرذم السياسي، الذي تفاقم بعد انقسام تحالف “تقدم” إلى تيارين، ليس سوى انعكاس آخر لحالة الفشل في بناء رؤية وطنية موحدة قادرة على إنتاج حلول عملية للأزمة. وقبل الدخول في جدل حول أسباب هذا الانقسام ومدى جدواه، لا بد من الاعتراف بأنه يعكس أزمة أعمق في بنية التفكير السياسي، ويجسد عجز النخب عن تجاوز خلافاتها من أجل تحقيق المصلحة الوطنية العليا.

لقد كشفت الحرب عن تمزقٍ ليس فقط في هياكل الدولة والسياسات المتبعة منذ الاستقلال، بل أيضًا في القدرة على الحفاظ على الحد الأدنى من الاستقرار، وترسيخ السلم الاجتماعي والاقتصادي. إن الواقع اليوم يفرض علينا تبني”برادايم” جديد، يُلزم جميع الأطراف باتخاذ إجراءات سريعة وفعالة، تستند إلى روح جديدة من المسؤولية الوطنية، وتوقف هذا العبث الذي يهدد وجود السودان نفسه، فضلًا عن أي أمل في مستقبل مستقر له.

الوسوموجدي كامل

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

إقرأ أيضاً:

“المياه الوطنية” تدشن مركز عمليات العملاء والتحكم الذكي بالقطاع الشرقي

دشن الرئيس التنفيذي لشركة المياه الوطنية الدكتور فؤاد بن أحمد آل الشيخ مبارك، مركز عمليات العملاء والتحكم التشغيلي الخاص بمدينة الدمام بالقطاع الشرقي, الذي يعد نقلة نوعية نحو كفاءة أفضل في التحكم في شبكات منظومة الخدمات المائية والبيئية.

ويعمل المركز الذي يعتمد على أتمتة العمليات وتوطين التقنيات المبتكرة لدعم التشغيل الذكي للشبكات في إدارة منظومة التشغيل، وتحقيق رقابة تشغيلية متكاملة ومستمرة على مدى الساعة لمدن ومحافظات حاضرة الدمام، وذلك ضمن جهود الشركة لمرحلة انتقالية نحو توحيد الجهود التشغيلية، ورفع كفاءة الأداء، حيث يجمع المركز الإدارات المعنية تحت سقف واحد، مما يسهم في رفع موثوقية الخدمة وتحقيق أهداف الشركة في تحسين تجربة العميل، وجودة الحياة.

وأفادت الشركة بأن المركز يسهم في دعم اتخاذ قرارات دقيقة لتحسين جودة الخدمات المقدمة، ويضم أحدث الأنظمة التقنية التي ترتبط بجميع أنظمة التشغيل بالشركة، ومراكز خدمة العملاء بشكل حي ومباشر باستخدام التقارير الذكية وأنظمة تحليل البيانات وأنظمة تنقيب العمليات، ويدار بالكامل بكفاءات وطنية مدربة، حيث يقومون بإعداد التقارير والتحليلات الاستباقية لرفع كفاءة خدمة العملاء، والتأكد من جودة الخدمات المقدمة، كما يقوم أيضًا بعرض مؤشرات الأداء التفاعلية، والقياس المستمر لجودة عمليات التشغيل، واتخاذ الإجراءات التصحيحية، ومعالجة التحديات بشكل لحظي لتقديم خدمة سلسلة وموثوقة للعملاء بشكل فعال في المنطقة الشرقية.

أخبار قد تهمك stc تعتزم إنشاء أحد أكبر مراكز البيانات في الدمام 14 مايو 2025 - 1:39 صباحًا مساعد وزير الصناعة والثروة المعدنية للتخطيط والتطوير يزور المدينتين الصناعيتين الثانية والثالثة بالدمام 24 أبريل 2025 - 12:25 صباحًا

وبيّنت أن المركز يطبق أفضل الممارسات العملية في إدارة العمليات التشغيلية، حيث يقوم بمهام حيوية تتضمن مراقبة سلسلة إمداد المياه بدءًا من نقاط الاستلام وحتى شبكات التوزيع، إضافة إلى المراقبة اللحظية للحالة التشغيلية لشبكتي المياه والصرف الصحي، بما يضمن سرعة الاستجابة لأي أمر طارئ أو خلل تشغيلي، مشيرةً إلى أن المركز يسهم في إدارة ومتابعة بلاغات العملاء الفنية والتشغيلية، وتحسين التنسيق بين الفرق، بما يعزز من سرعة المعالجة ورفع مستوى رضا العملاء.

مقالات مشابهة

  • أطباء بلا حدود: المساعدات القليلة التي سمحت “إسرائيل” بدخولها غزة مجرد ستار لتجنب اتهامها بالتجويع
  • وزير الدفاع اللواء المهندس مرهف أبو قصرة في تغريدة عبر X: تلقى الشعب السوري اليوم قرار الاتحاد الأوروبي برفع العقوبات المفروضة على سوريا، وإننا نثمن هذه الخطوة التي تعكس توجهاً إيجابياً يصب في مصلحة سوريا وشعبها، الذي يستحق السلام والازدهار، كما نتوجه بال
  • سرور بن محمد يزور فعاليات “اصنع في الإمارات” ويطلع على أحدث الصناعات الوطنية
  • موقع أمريكي: التهديد الذي يشكّله “اليمنيون” على عمق إسرائيل حقيقي
  • ما هو “مشروع إستير” الخطير الذي تبناه ترامب؟ وما علاقته بحماس؟
  • “أبوظبي للمطابقة” يدعم الصناعة الوطنية الإماراتية
  • شاهد بالفيديو.. “كيكل” يتعهد بإنهاء الأزمة والذهاب للمناطق التي تنطلق منها “مسيرات” المليشيا
  • “أطباء بلا حدود”: الجحيم الذي يُقاسيه أهالي غزة يتفاقم كل دقيقة
  • زيلكو كالاتش.. “العنكبوت” الذي صعد مع ميلان إلى قمة أوروبا يقود حراس العراق
  • “المياه الوطنية” تدشن مركز عمليات العملاء والتحكم الذكي بالقطاع الشرقي