القدس المحتلة- في وقت تواجه فيه إسرائيل تصاعدا في نشاط حركة المقاطة "بي دي إس" والانتقادات العالمية على مستوى أنظمة الحكم، وكذلك الاحتجاجات المتصاعدة بسبب الحرب على قطاع غزة، لجأت إلى التقرب من أحزاب أقصى اليمين الشعبوي في أوروبا، ومغازلتها والتحالف معها للتقليل من حدة الملاحقة والعزلة التي تواجهها.

تُوِّج هذا التقارب خلال المؤتمر الدولي الأول الذي بادرت إليه الحكومة الإسرائيلية تحت عنوان "مكافحة معاداة السامية"، بإعلان وزارة الخارجية الإسرائيلية رفع العقوبات والحظر عن 3 أحزاب من أقصى اليمين بأوروبا، بعضها "معادٍ للسامية" -كما تسميه- وينكر المحرقة (الهولوكوست).

وشارك في المؤتمر، الذي عقد في مركز المؤتمرات الدولي بالقدس المحتلة، جوردان بارديلا رئيس حزب الاتحاد الوطني لأقصى اليمين في فرنسا، وعضو البرلمان الأوروبي عن حزب "فوكس" اليميني في إسبانيا هيرمان تيرتش، وحزب "الديمقراطيين السويديين"، وحزب "فيدس" المجري، ورئيس صرب البوسنة ميلوراد دوديك، والرئيس السابق لباراغواي هوراسيو كارتيس.

إسرائيل عقدت مؤتمرها "مكافحة معادة السامية" في ظل احتجاجات أوروبية رفضا للحرب على غزة (الأناضول) مقاطعة

يأتي انعقاد المؤتمر والتحول في العلاقات بين الحكومة الإسرائيلية وأحزاب أقصى اليمين التي كانت تلاحق اليهود في القارة الأوروبية، بعد عقد من الزمن شهد تحسنا في العلاقات بين إسرائيل واليمين الشعبوي بأوروبا الشرقية، في وقت أعلن فيه وزير الخارجية الإسرائيلية جدعون ساعر مؤخرا عن تقارب رسمي مع هذه الأحزاب في الغرب، وفي أوروبا الغربية تحديدا.

وحيال هذه المشاركة لمندوبين عن أحزاب أقصى اليمين، أعلن ممثلو الجاليات اليهودية حول العالم مقاطعة المؤتمر بسبب قائمة الضيوف ومشاركة قادة من أحزاب أقصى اليمين الشعبوي بأوروبا. وفي رفضهم يمكن رؤية نقطة الغليان التي تتصاعد بين إسرائيل والمجتمعات اليهودية حول العالم، على خلفية تقارب تل أبيب مع عناصر أقصى اليمين الأوروبي.

وبادرت وزارة الخارجية الإسرائيلية إلى التقارب الرسمي مع ثلاثة أحزاب يمينية أوروبية، وهي "الاتحاد الوطني" في فرنسا وفوكس الإسباني وحزب "الديمقراطيون السويديون"، حسب ما نقله باراك رافيد مراسل الشؤون السياسية في الموقع الإلكتروني "والا".

إعلان

وأعلن الوزير ساعر، رسميا، سياسة التقارب بين تل أبيب وأحزاب أقصى اليمين في القارة الأوروبية، وذلك خلال اجتماع مع رؤساء الجاليات اليهودية وممثلي المنظمات المؤيدة لإسرائيل في بلجيكا.

ورغم قول الخبراء إن الخطوة التي قامت بها الخارجية الإسرائيلية تتوافق مع الاتجاهات العالمية الحالية ولها معنى وأبعاد سياسية، فإن ممثلي الجاليات اليهودية حذَّروا من أن التقارب مع أحزاب أقصى اليمين "سيزيد من شيطنة اليهود وإسرائيل".

 

نتنياهو خلال افتتاح أعمال مؤتمر مكافحة معاداة السامية (مكتب الصحافة الحكومي الإسرائيلي) تعليمات نتنياهو للتقارب

وكان من المفترض أن تثير مشاركة أحزاب أقصى اليمين في أوروبا بمؤتمر إسرائيلي "دهشة اليهود لو لم يغمرهم سيل الأخبار الخيالية الداخلية بإسرائيل"، حسب مراسلة صحيفة "هآرتس" للشؤون الدبلوماسية ليزا روزوفسكي.

ومع ذلك، تضيف روزوفسكي "يجدر التوقف عند المؤتمر الذي عقدته وزارة الشتات، وخاصة قائمة المدعوين من أحزاب اليمين الشعبوي المتطرف التي كانت تلاحق اليهود بأوروبا".

وأوضحت روزوفسكي أن التقارب مع أقصى اليمين الشعبوي بأوروبا بدأ منذ نحو عقد ونصف العقد، وكان مدفوعا بشكل رئيسي من أعضاء بحزب الليكود وقادة مجلس المستوطنات بالضفة الغربية، واكتسب هذا التقارب زخما في العام 2017، وبتعليمات من نتنياهو الذي أمر بتخفيف حدة البيانات الصادرة ضد أحزاب اليمين في أوروبا الشرقية.

وتعتقد الصحفية الإسرائيلية أن تعليمات نتنياهو في حينه شكَّلت محطة فارقة في التقارب المتعمق للحكومة الإسرائيلية مع دول أوروبا الشرقية، التي تشكل ثقلا موازنا لغرب القارة في كل ما يتعلق بالسياسة تجاه إسرائيل بما في ذلك الاتحاد الأوروبي.

 

مؤتمر مكافحة معاداة السامية عقد للتقارب مع أحزاب أقصى اليمين الشعبوي بأوروبا (مكتب الصحافة الحكومي الإسرائيلي)

يقول رئيس المنظمة اليهودية "كريف" في باريس جوناثان أرفي إن خطوة إسرائيل "تضع قيادة الجاليات اليهودية في فرنسا بوضع معقد وتجبرها على السير بين النقاط، من ناحية الرغبة والحاجة إلى الاستمرار بدعم إسرائيل، والسعي لنقل اليهود لمركز الخارطة السياسية ومراكز اتخاذ القرار في فرنسا، ومواجهة الخلافات الداخلية وادعاء اليمين المتطرف أنه هو الحامي الرئيسي للجاليات اليهودية في أوروبا".

إعلان

ويضيف أرفي في حديثه لصحيفة "دا ماركر" أن "الاتحاد الوطني" غيَّر توجهاته بتصريحاته العامة بشأن إسرائيل ومعاداة السامية، "لكن هذا لا يُغير حقيقة أن ناخبيه وأنصاره لديهم تحيُّزات عنصرية تجاه اليهود أكثر من عامة الناس".

وتابع "نحن لا نرى كيف سيفيد هذا إسرائيل، ولكننا نرى بالتأكيد أنه سيؤثر سلبا على اليهود الفرنسيين لأنه سيزيد من شيطنتهم وإسرائيل بعد ربطهم باليمين المتطرف في أوروبا، نحن لا نرى هذا الأمر خطوة إيجابية، يجب على الإسرائيليين أن يفهموا أن هذا يؤثر سلبا على الجاليات اليهودية".

اختلاف الاعتبارات

وفي استعراض التحول في العلاقات ما بين إسرائيل والأحزاب الشعبوية في أوروبا، يقول المحاضر بقسم العلاقات الدولية والمنتدى الأوروبي بالجامعة العبرية بالقدس الدكتور دانيال وينر إن العالم يتجه مرة أخرى نحو تعزيز الأحزاب الشعبوية، سواء على اليمين أو في بعض الأماكن على اليسار".

ويقول وينر -كما نقلت صحيفة هآرتس- "يجب أن تعرف السياسة الخارجية الجيدة كيفية المناورة بنجاح بين التغيرات التي يشهدها النظام الدولي، وخاصةً في أوقات الأزمات التي تحتاج فيها الدولة إلى تحالفات وشركاء، ولكن من ناحية أخرى، يجب عليها أيضًا الحفاظ على الخطوط الحمراء الأخلاقية ومراعاة تكلفة وفائدة كل قرار تتخذه الدولة".

وفيما يتعلق بالاختلافات في الرأي مع الجالية اليهودية في فرنسا، يضيف وينر أن "التيار السياسي السائد بفرنسا متحد في حربه على معاداة السامية، لكن الإجماع بشأن إسرائيل وسياساتها مختلف تماما، ومن الطبيعي أن تختلف اعتبارات السياسة الخارجية الإسرائيلية عن اعتبارات المجتمع اليهودي المحلي سواء بفرنسا أو أي مكان بالعالم".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان الخارجیة الإسرائیلیة الجالیات الیهودیة معاداة السامیة فی أوروبا الیمین فی فی فرنسا

إقرأ أيضاً:

مظلة هبوط تتجمّد بصاحبها وسط أجواء ثلجية شديدة البرودة .. فيديو

بكين

تعرض ممارس طيران شراعي في الصين لحادثة نادرة أثارت اهتمام وسائل الإعلام والسلطات المختصة، بعد أن تجمّدت مظلة الهبوط به عقب اندفاعه بشكل مفاجئ إلى ارتفاع شاهق تجاوز الثمانية آلاف متر، وسط أجواء ثلجية شديدة البرودة.

وبحسب وسائل إعلام محلية، بدأ الحادث عندما أقلع الرجل من منطقة جبلية في سلسلة جبال تشيليان، على ارتفاع يقارب ثلاثة آلاف متر فوق سطح البحر، في رحلة بدت اعتيادية في بدايتها.

ولم يكن الطيران الشراعي يعلم أن الأمور ستخرج عن السيطرة، إذ سُحب إلى الأعلى بواسطة ظاهرة نادرة تُعرف بـ”الشفط السحابي”، وهي قوة هوائية تصاعدية شديدة أدت إلى ارتفاعه حتى علو يصل إلى 28 ألف قدم، أي ما يعادل تقريباً الارتفاع الذي تحلّق فيه الطائرات التجارية.

وأظهر مقطع مصوّر، التقطه الطيّار بنفسه خلال تلك اللحظات، المشهد المرعب الذي تعرض له، حيث ظهر متشبثاً بمظلته في محاولة للبقاء على قيد الحياة وسط ظروف جوية قاسية وضباب كثيف وصقيع غطّى جسده.

وبدا في اللقطات أن الطيار الشراعي لم يكن مزوّداً بقناع أوكسجين، ما جعله عرضة مباشرةً لنقص الأوكسجين والصقيع القارس الذي تصل درجات حرارته في هذا العلو إلى ما دون الأربعين تحت الصفر، ورغم ما مرّ به من ظروف استثنائية، تمكن الطيّار من البقاء واعياً طوال الرحلة، ونجح في السيطرة على المظلة والهبوط بها بسلام.

وأفادت صحيفة “جيو باي نيوز”، أن الجهات التنظيمية في الصين باشرت التحقيق في الواقعة، بعدما تبيّن أن الطيّار لم يقم بتقديم خطة الطيران اللازمة، ولم يحصل على التصاريح الرسمية المطلوبة لاستخدام المجال الجوي في المنطقة التي انطلق منها.

وبحسب لوائح الطيران الرياضي الوطني في الصين، فإن أي نشاط جوي يتطلب موافقة مسبقة من هيئة مراقبة الحركة الجوية، إضافة إلى وجوب الالتزام بخطط طيران محددة مسبقاً، مع حظر ممارسة الطيران الشراعي في ظروف جوية غير مستقرة.

كما تُمنع أي تعديلات على مسار الطيران دون إذن رسمي، وتصل العقوبات في حال مخالفة هذه اللوائح إلى الغرامات، أو حتى الملاحقة القانونية.

مقالات مشابهة

  • 19 مظلة جديدة بمشروع مظلات الساحة الخلفية بمسجد نمرة
  • إسرائيل تتهم ماكرون بشن "حملة صليبية ضد الدولة اليهودية" بعد انتقاده الحرب على غزة
  • إسرائيل تتهم ماكرون بشن "حرب صليبية على الدولة اليهودية"
  • كاتس يهدد ببناء الدولة اليهودية الإسرائيلية في الضفة ردا على ماكرون
  • من كان لهولندا.. زياد ظاظا يشعل أولى حفلاته بأوروبا وسط جمهور عربي أوروبي
  • مسؤول حوثي: ارتفاع عدد الطائرات المدنية التي دمرتها إسرائيل في مطار صنعاء إلى 8
  • أبكر يحصد أولى الميداليات الملونة في كوريا الجنوبية
  • أحزاب تعز: التحرير وإسقاط الإنقلاب المخرج من الأزمات التي يعاني منها الشعب
  • توماس فريدمان: الإشارات الخاطفة التي رأيتها للتو في إسرائيل
  • مظلة هبوط تتجمّد بصاحبها وسط أجواء ثلجية شديدة البرودة .. فيديو