بين عمّان وبغداد… رمحُ الله لا ينكسر
تاريخ النشر: 1st, April 2025 GMT
#سواليف
بين عمّان وبغداد… رمحُ الله لا ينكسر
بقلم: أ.د. محمد تركي بني سلامة
بالنظر إلى ما ورد من تعليقات على المقال الذي نُشر قبل يومين في صحيفة “رأي اليوم” تحت عنوان: ” #الأردن و #العراق: أخوّة فوق العواصف… لا تهزّها المباريات ولا تغيّرها اللحظات العابرة”، لا يسعنا إلا أن نرفع الصوت عاليًا من جديد، تأكيدًا على رفضنا المطلق لمحاولات التشويه الرخيصة، والحملات المشبوهة التي تسعى للنيل من العلاقة الأخوية الصافية بين #الشعبين #العراقي و #الأردني، وهي علاقة لم تصنعها المواقف الطارئة، بل رسختها سنين المحنة والموقف، والدم المشترك، والمصير الواحد.
إنّ ما شهدناه على وسائل التواصل الاجتماعي طوال الأيام الماضية لم يكن حدثًا عرضيًا ولا صدفة بريئة، بل كان نتيجة عملٍ منظّم لأيدٍ خبيثة، وأجندات مظلمة تتحرّك بسبق إصرار وترصّد لتعكير صفو هذه العلاقة النبيلة، المستندة إلى التاريخ والوجدان العربي المشترك. ما جرى هو حملة مقصودة، تقودها جهات لا تسعى سوى لتأليب الشعوب وتمزيق روابطها، فسلّطت الذباب الإلكتروني علينا من كل حدب وصوب، يحاولون إشعال فتنة لن تُثمر، لأنهم لا يملكون من أدوات الفهم سوى السفه، وقديمًا قيل: ما ضرّ بحرَ الفرات يومًا أن خاض بعضُ الكلاب فيه.
هؤلاء لم يسفهوا إلا أنفسهم. فقد ظنّوا أن بضعة مقاطع فيديو مفبركة، أو هتافات مسيئة من قلة لا تمثل إلا ذاتها، قادرة على أن تهزّ شجرة زرعها الوفاء، وسقاها التاريخ، وامتدت جذورها في ضمير كل أردني وعراقي شريف. لكنهم لا يعرفون أن العلاقات الأردنية العراقية، الشعبية والرسمية، هي علاقات إخوة راسخة دائمة، لا تهزّها دسائس ذباب الموساد الصهيوني، ولا تأليب ذباب ملالي طهران، ولا صرخات الحاقدين في زواريب الإعلام الأصفر.
لقد مرّت علاقتنا بأوقات عصيبة في السابق، وتجاوزتها بكل عزة وكرامة، فهل يمكن أن تهزّها اليوم مباراة أو كلمة طائشة؟! وهل تُقاس شعوبٌ عظيمة بمواقف أفراد؟! إن الأردن، بقيادته الهاشمية وشعبه العروبي الأصيل، لم يكن يومًا إلا في خندق العراق، كما لم يتأخر العراق يومًا عن الأردن، وهذا ما لا تستطيع أن تمحوه كل تغريدة، ولا أن تشوّهه كل منصة مغرضة.
وفي هذا المقام، لا بد أن نذكّر بأن الأردن كان أول دولة عربية كسرت الحصار الجائر على العراق، في زمن انفضّ فيه الجميع، وتحمل من الضغوط ما لم تتحمله دولة في حينه، لكنه لم يتخلّ، ولم يتراجع، بل فتح بابه للعراقيين كما يفتح الأخ حضنه لأخيه. وفي المقابل، لا يمكن للأردنيين أن ينسوا كيف كان العراق عمقهم الشرقي، وحارس بوابتهم، وصاحب المواقف الأصيلة التي لن ينكرها إلا جاحد أو مغرض.
أما من يطالب اليوم باعتذارات رسمية عن تصرفات فردية، فنقول له بكل وضوح: لا اعتذارات بين الأشقاء، لأن البيت الواحد لا يحتاج إلى بيانات رسمية لتجاوز لحظة انفعال. قرارات الدول لا تُبنى على ردات فعل فردية، ولا تُمتحن أخوّة الشعوب في كل زلة. نحن نُقدّر مشاعر الألم، وندرك أن الجرح حين يكون من القريب يكون أعمق، ولكننا نراهن على العقلاء من الطرفين، لا على من يتاجرون بالجراح.
وصدق الفاروق عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، حين قال:
“العراقُ جمجمةُ العرب، وكنزُ الإيمان، ومادةُ الأمصار، ورمحُ الله في الأرض، اطمئنوا، فإنّ رمحَ الله لا ينكسر”.
فالعراق سيبقى رمح الأمة، وسيبقى الأردن درعه، وما يجمعهما ليس مصالح، بل أخوّة أبدية. إنّ العلاقات بين الشعوب لا تُقاس بمنشور، ولا تهتزّ بتصريح، بل تُقاس بتاريخ من النبل والمواقف، وما بين الأردن والعراق تاريخ لا يُنسى.
ختامًا، نقولها بملء القلب والعقل: ستبقى عمّان وبغداد على العهد، لا تُفرّق بينهما مباراة، ولا تُغيّر ودّهما كلمات مرتجلة. وسنبقى نؤمن أن ما يجمعنا أكبر من كل ما يُحاول تفريقنا، وأن الأشقاء لا يُحاسبون على زلة، بل يُقدّرون على ثباتهم في وجه العاصفة.
وستبقى العلاقة الأردنية العراقية… كما قال الطيبون: من طين الوفاء، لا تنكسر، ولا تُباع.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف الأردن العراق الشعبين العراقي الأردني
إقرأ أيضاً:
أمريكا والكيان المحتل.. وجهان لعملة واحدة
راشد بن حميد الراشدي
حرب شرسة ظالمة يشنها الكيان المحتل بالوكالة عن الولايات المتحدة الأمريكية لإسقاط إيران تحت هيمنتهما تحقيقًا لمصالحهما العليا.
احتلال وإذلال للأوطان والشعوب بدون رادع وبحرية مطلقة وبحجج واهية، كلها من أجل إخضاع كل من يعترض هذين البلدين اللذين أرهبا العالم بفعالهما الخبيثة.
جرائم إبادة جماعية لشعب أعزل في غزة وفلسطين، وتغيير أنظمة في المنطقة، وتدمير شعوب كاملة كالعراق وليبيا وسوريا والسودان ولبنان واليمن، من أجل مصالحهما الحيوية، وأهمها نهب الثروات والسيطرة على العالم في غرور وطمع لا حدود له.
فمنذ عقود، ونحن نشاهد تلك الخطط الصهيو-أمريكية تُحاك في منطقتنا، والثمن الشعوب؛ فمنذ زراعة ذلك الكيان اللقيط، وقبله مارس العدو إجرامه من أجل استعباد الشعوب وتغيير خارطة المنطقة التي تدعيها الولايات المتحدة الأمريكية وحليفها الكيان المحتل الظالم في سعي حثيث لتحقيق مصالحهما، معتبرَين أن الشعوب لن تستطيع أن ترفع رأسها وتقاوم، من خلال شنّ تلك الحروب الفاجرة التي أتت على الأخضر واليابس وحصدت ملايين البشر.
اليوم نشاهد تكشّف واقع مرير آخر، بعد أن صمتت الشعوب على همجية شياطين الأرض، وتركتهم يعيثون فسادًا في الأرض، بعد أن أمِنَا العقوبة، فانطلقا في مخططاتهما الظالمة نحو أهدافهم المعلنة والخفية لتحقيق مآربهم؛ فهما وجهان لعملة واحدة.
تخصيب اليورانيوم وامتلاك القنابل النووية هو حكرٌ على دول معينة يجب أن تطيعهم، أما دون ذلك، فالويل كل الويل لمن يتجرأ حتى في التفكير في الأمر. فقبل حقبة بسيطة، دُمّر العراق بذريعة النووي، وكذلك ليبيا، واليوم إيران، وكأن الوصاية على هذه الدول بيد العدو وليس بيد الدول الأحرار؛ فمن منطقهم يجب ألا ترفع أي دولة رأسها إلا بموافقة أمريكا وذراعها الغاشم في المنطقة.
اليوم تتكشف حقائق قوى الشر والحليف المطلق للكيان؛ فهو مهما تجرأ على القيام بأي فعل في التعدي على الأمم ومهاجمتها والتخطيط الخبيث للإطاحة بها وتدميرها، لا يُحاسَب، ولا يمكن الاعتراض عليه. فهناك مباحثات سلمية تقودها سلطنة عُمان، وجولات شكليًا بدأت تحقق تقدمًا ونجاحًا ملحوظًا، يُؤمَّل من خلاله نجاح الحلول السلمية وهدوء التوتر في المنطقة، لتُفاجَأ بإعطاء المعتدي الضوء الأخضر لضرب إيران. فما أخبث السياسة المارقة، وما أعظم المكر؛ فكيف تُدار الأمور والوعود تُنكث، وخبث العداء جليٌّ كالشمس في رابعة النهار.
أمريكا وإسرائيل وجهان لعملة واحدة منذ ميلاد الكيان الغاشم وإلى أن تقوم الساعة، لا مراهنة على ذلك. فيجب على الشعوب والأمم في المنطقة أن تستيقظ وتدرك ذلك، وتبحث عن عزّتها ومصالحها، كما تفعل اليوم هذه الدول الغاشمة كل شيء من أجل مصالحها. فهم أمم تقتات على دماء البشرية منذ مئات السنين، وفي كل بقاع الأرض، فاليهود ومن شايعهم في بقاع الأرض، هذا منهجهم للعلو، ولكن الله سينكس رؤوسهم قريبًا بإذنه تعالى؛ فالله غالب على أمره.
لن يهدأ بال الكيان إلا بإضعاف كل الدول من حوله، ولكن هيهات له ذلك؛ فللكون ربٌّ يدبّر أمره، والأيام دُوَل، طال الزمان أو قصر. فمن رفع الفيتو ضد حقن دماء الأطفال وعجزهم، لا عهد له ولا ميثاق، ولا أمان يُرتجى منه.
ألا لعنة الله على الظالمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.