يمانيون |عبدالوهاب حفكوف*
ليس من السهل على أي قوة محاصَرة، بلا غطاء جيوسياسي، أن تُنتج مدرسة ردع متكاملة، لكن الحوثيين فعلوها، لم يتسللوا إلى المشهد من شقوق الهامش، بل فرضوا حضورهم بصبر استراتيجي، وبنية عملياتية هجينة، شبكية، مرنة، لا يمكن استنساخها في المعسكرات التقليدية.
هنا لا نتحدث عن مقاومة بالمعنى الإنشائي، بل عن بنية قتالية غير رأسية، مدعومة بإرادة فولاذية وبُنية لامركزية تُوزّع القرار وتمنع الشلل، إنها منظومة قتال تولد وتتكيف تحت الضغط، تُخفي تموضعها، وتضرب في الزمان والمكان الذي تُحدده.
من مأرب إلى البحر الأحمر، ومن سلاح الكلاشنيكوف إلى المسيّرات المركّبة، راكم الحوثيون معادلة استنزاف باردة أثبتت أن من يملك السيطرة على الزمن، لا يحتاج إلى التفوق التقني، وكل من أستخف بهم، أنتهى به الأمر إلى تفسير عجزه بأسطورة “الدعم الخارجي”، عوضا عن فهم عبقرية القتال اليمني.
نُشرت فقاعة إعلامية في “التليغراف”؛ إيران تنسحب من اليمن، السؤال البديهي: من قال إنها كانت موجودة في الميدان أساساً؟ أين هي المؤشرات العملياتية؟ أين هي الصور، الاتصالات، الرصد الاستخباراتي؟ لا شيء. مجرد بناء لغوي هش، هدفه ترميم صورة الردع الأميركي بعد تلقيه ضربات يمنية غير قابلة للتفسير ضمن النموذج التقليدي للصراع.
نحن إزاء سياسة إسقاط كلاسيكية: واشنطن تفشل في ردع اليمن، فتُسقط عليه ظلّ إيران، ثم تُخفق مجدداً، فتدّعي أن إيران انسحبت، لكي تبرر عجزها، إنه خط من التبرير، يلتفّ حول الحقيقة وكل من يتحدث عن “انسحاب إيراني” يُسهم موضوعياً في إخفاء أهم ظاهرة في المنطقة؛ أن الردع يولد محلياً، في تضاريس صعدة، لا في مكاتب الحرس الثوري.
الضجيج الأخير عن ضربة وشيكة ضد إيران ليس جديداً، الجديد فقط هو درجة الهلع التي تقف خلفه، تل أبيب تعلم أنها لا تستطيع خوض الحرب، فتلجأ إلى الترويج لها عبر الإعلام، وتضغط على واشنطن لتخوضها بالنيابة، لكن في العمق، لا توجد أي مؤشرات حقيقية على قرار بالحرب؛ لا حشد، لا دعم لوجستي، لا شبكة تحصينات، لا تعبئة سياسية داخلية.
إيران ليست هدفاً استعراضياً، إنها دولة صُمّمت للردع، آلاف الصواريخ، بحرية مرنة، دفاع جوي متعدد الطبقات، واختراق استخباراتي للميدان، ضربها يعني فتح جبهات، لا شن ضربة، ويعني تحوّل الردع الإيراني إلى فعل شامل، لا استجابة محدودة.
رابط المنشور: https://x.com/Hafcuf/status/1908266346603061411
* المقال يعبر عن رأي الكاتب
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
%500 ارتفاعاً في معدل الجرائم بمناطق الحوثي
عدن (الاتحاد)
أخبار ذات صلةأعلنت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، أن معدل الجريمة في المناطق التي تسيطر عليها ميليشيات الحوثي ارتفع بنسبة 500 % خلال العام الجاري، مشيرة إلى أن معظم الجرائم تُرتكب على أيدي قيادات حوثية أو عناصر عائدين من جبهات القتال.
وأضافت الشبكة في تقرير حديث أن محافظات ريمة وإب والجوف وصنعاء وعمران والبيضاء شهدت خلال الأسابيع الماضية سلسلة من الجرائم، من بينها جرائم قتل واختطاف واعتداءات ضد نساء وأطفال، معتبرة أن هذه الانتهاكات تمثل إرهاباً منظماً يهدد المجتمع اليمني بأسره وينشر الخوف والفوضى على حساب السلم الأهلي والتماسك الاجتماعي.
في غضون ذلك، أكدت سفيرة المملكة المتحدة لدى اليمن، عبدة شريف، أن استمرار ميليشيات الحوثي الإرهابية في اختطاف موظفي الأمم المتحدة وعرقلة المساعدات، يهدد بدفع البلاد نحو انهيار إنساني شامل. وقالت شريف، في منشور على منصة «إكس»، أمس؛ إن ملايين اليمنيين في مناطق سيطرة الحوثيين بحاجة عاجلة للمساعدات الإنسانية، فيما يواجه مئات الآلاف خطر المجاعة.
وأضافت أن الميليشيات تواصل مضايقة العاملين الإنسانيين، ومنع وصول المساعدات المنقذة للحياة إلى الفئات الأشد ضعفاً، ما يفاقم معاناة السكان.
ويأتي التحذير البريطاني بعد اختطاف ميليشيات الحوثي تسعة موظفين أمميين في العاصمة المختطفة صنعاء قبل يومين، ليرتفع عدد المختطفين الأمميين لدى الميليشيات الإرهابية - منذ عام 2021 - إلى 53 موظفاً، بحسب الأمم المتحدة.
وأدان أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، وبشدة، استمرار الاحتجازات التعسفية لموظفي الأمم المتحدة وشركائها، والاستيلاء غير القانوني على مباني الأمم المتحدة وأصولها في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين. وأشار الأمين العام، في بيان نسب للمتحدث الرسمي باسمه ستيفان دوجاريك، إلى احتجاز السلطات الحوثية لتسعة موظفين إضافيين تابعيين للأمم المتحدة، ليصل إجمالي عدد الموظفين الأمميين المحتجزين تعسفياً لديها حتى الآن إلى 53 موظفاً منذ عام 2021. وأكد أن هذه الإجراءات الحوثية تعيق قدرة الأمم المتحدة على العمل في اليمن، بما في ذلك قدرتها على تقديم المساعدة الأساسية للشعب اليمني، معرباً عن قلقه إزاء سلامة وأمن موظفي الأمم المتحدة في اليمن. وجدد الأمين العام دعوته العاجلة للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية، مشدداً على ضرورة احترامهم وحمايتهم وفقاً للقانون الدولي الساري.
وطالب بضرورة السماح لهم بأداء مهامهم باستقلالية ومن دون عوائق، وبالتقيد بحرمة مباني الأمم المتحدة وأصولها المصونة، وحمايتها في جميع الأوقات، بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة واتفاقية امتيازات وحصاناتها.