ماذا وراء بيان القمة الثلاثية بالقاهرة؟.. 7 رسائل مصرية فرنسية أردنية حول غزة
تاريخ النشر: 7th, April 2025 GMT
كشف البيان المشترك الصادر عن القمة الثلاثية المصرية الفرنسية الأردنية في القاهرة، اليوم الاثنين، عن جملة مؤشرات سياسية، تسلط الضوء على موقف مصر في ظل التطورات المتسارعة في قطاع غزة.
أكد بيان القمة الثلاثية أن مصر تعيد ترسيخ نفسها كفاعل محوري في معادلة التهدئة الفلسطينية - الإسرائيلية، وتؤكد دورها التقليدي كـ«وسيط مسؤول» قادر على تنسيق مواقف إقليمية ودولية، وهو ما يظهر من حرصها على جمع طرفين فاعلين مثل فرنسا والأردن في قمة تُعقد على أراضيها، وهذا الدور لا يُمارس فقط من بوابة الوساطة، بل أيضًا من موقع الرعاية السياسية لخطة إعادة الإعمار.
وانطلقت، اليوم الاثنين، أعمال القمة الثلاثية المشتركة بين مصر وفرنسا والأردن في قصر الاتحادية، لمناقشة مستجدات الأوضاع الإقليمية، وعلى رأسها تطورات الوضع في قطاع غزة والضفة الغربية. واستبق القادة جلسات القمة بالتقاط صورة تذكارية في قصر الاتحادية، ظهر فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي يتوسط الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين، وبدا في خلفية الصورة أعلام الدول الثلاث.
أحد أهم مواقف مصر في البيان الإصرار على أن «الحوكمة والنظام والأمن في غزة» يجب أن يكون تحت «مظلة السلطة الوطنية الفلسطينية المُمكنة»، ما يعكس رؤية مصر لمرحلة ما بعد الحرب، وتشير إلى رفض أي سيناريوهات بديلة، تحاول تجاوز القيادة الفلسطينية الرسمية، وبهذا تقطع مصر الطريق على أي مشاريع لتفريغ منظمة التحرير الفلسطينية من دورها، أو فرض وصاية أجنبية على قطاع غزة.
بيان القمة الثلاثية أكد بوضوح رفض مصر لسياسات التهجير القسري وضم الأراضي، وهو موقف ينسجم مع خطاب القاهرة التقليدي، لكنه يتخذ في هذا البيان طابعًا أكثر حدة، بالنظر إلى تصاعد الدعوات الإسرائيلية لترحيل سكان غزة، ورفض فرض أمر واقع جديد في الضفة الغربية، حيث تضع مصر خطوطًا حمراء تتصل مباشرة بأمنها القومي وسلامة حدودها.
مصر، بصياغة بيان القمة الثلاثية، تعمدت استدعاء «القانون الدولي» و«القانون الدولي الإنساني» مرارًا، لا كمجرد أدوات ضغط أخلاقي، بل كمرجعية تلزم الأطراف، وعلى رأسها إسرائيل، بوقف الانتهاكات. هذا الخطاب يعكس رغبة مصر في تقوية موقعها التفاوضي داخل المحافل الأممية، وربط الدعم الإنساني بالأطر القانونية.
أشار البيان إيضا إلى ضرورة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في 19 يناير، ويربط بوضوح بين التهدئة الإنسانية وإطلاق خطة إعادة الإعمار، وهو ما يعكس الفهم المصري بأن أي عملية إعادة إعمار دون اتفاق سياسي وأمني شامل ستكون عرضة للانهيار. كما أن الربط بين «إعادة الإعمار» و«الحوكمة» يؤكد أن مصر تريد ضمانات سياسية مقابل أي انخراط اقتصادي أو لوجستي في غزة.
من خلال دعمها لمؤتمر يونيو المرتقب بباريس، وللقمة المقبلة لإعادة إعمار غزة، مصر تخرج من مربع المبادرات الموضعية إلى محاولة قيادة مسار طويل المدى لتسوية الصراع. هذا يُترجم رغبة القاهرة في أن تكون المرجعية السياسية والإدارية لأي ترتيبات في غزة، بعيدًا عن سيناريوهات التفرد الإسرائيلي أو محاولات تدويل ملف القطاع بطريقة قد تُهمّش الدور المصري.
ورغم أن بيان القمة الثلاثية يعالج الوضع في غزة، فإن مصر لم تُغفل الإشارة إلى القدس، وهو ما يُفهم كجزء من رؤيتها الشاملة التي ترفض حصر الأزمة في القطاع. فالدفاع عن «الوضع القائم» في الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية يحمل بعدًا دينيًا، سياسيًا، وأمنيًا، ويصبّ في تثبيت مركزية القضية الفلسطينية رغم محاولات تقزيمها.
وأكد البيان ضرورة الالتزام بالقانون الدولي في حماية المدنيين وعمال الإغاثة، وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق. كما أعرب القادة عن قلقهم من تدهور الأوضاع في الضفة الغربية والقدس الشرقية، مطالبين بوقف الإجراءات الأحادية التي تعرقل حل الدولتين، واحترام الوضع التاريخي في الأماكن المقدسة.
ورفض القادة محاولات تهجير الفلسطينيين أو ضم أراضيهم، ودعوا لدعم خطة إعادة إعمار غزة التي أُقرّت في القمة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، مع التأكيد على أن الحوكمة والأمن يجب أن يكونا بيد السلطة الوطنية الفلسطينية، بدعم إقليمي ودولي. كما شددوا على أهمية مؤتمر يونيو المقبل الذي ستستضيفه فرنسا والسعودية لبلورة أفق سياسي لحل الدولتين، وأعلنوا دعمهم لمؤتمر إعادة إعمار غزة المرتقب في القاهرة.
اقرأ أيضاًالرئيس السيسي يشيد بالتعاون الوثيق بين مصر وفرنسا في مجال النقل
«الرئيس السيسي»: نعمل على توطين الصناعات الأوروبية في مصر «فيديو»
مصر وفرنسا.. علاقات استراتيجية ومشروعات تنموية واعدة
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: السلطة الوطنية الفلسطينية القمة الثلاثية بالقاهرة بيان القمة الثلاثية بالقاهرة غزة فرنسية قطاع غزة مصرية القمة الثلاثیة إعادة إعمار فی غزة
إقرأ أيضاً:
ماذا يحدث إذا اعترفت بريطانيا بالدولة الفلسطينية؟ صحف بريطانية تجيب
استعرضت الصحف البريطانية اليوم الأربعاء أبعاد القرار المرتقب لبريطانيا بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، محللة العقبات الإسرائيلية الأميركية ودلالات القرار الدبلوماسية، وسط إشادة بالخطوة ومخاوف من عرقلتها.
وتأتي التقارير على خلفية إعلان رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أمس الثلاثاء أن بلاده ستعترف بالدولة الفلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول المقبل ما لم تتخذ إسرائيل خطوات ملموسة للسماح بدخول المساعدات إلى قطاع غزة وتلتزم بحل الدولتين وتمتنع عن ضم الضفة الغربية.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الإعلام الإسرائيلي يرصد حجم التناقض في التصريحات بشأن المجاعة بغزةlist 2 of 2السباق الاستخباراتي على الذكاء الاصطناعيend of listشروط ستارمروحللت صحيفة تلغراف البريطانية المطالب الأربعة التي قدمها ستارمر إلى الحكومة الإسرائيلية مقابل تأجيل الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين، مع التأكيد على أن فرص الاستجابة لهذه الشروط تبدو ضعيفة في ظل المواقف الإسرائيلية الحالية.
وقف إطلاق النار: طالب ستارمر بوقف فوري ومستدام لإطلاق النار في غزة، وأشار التقرير إلى أن غياب الثقة بين الأطراف المتفاوضة واستمرار العمليات العسكرية يجعلان تحقيق هذا الشرط غير مرجح حاليا. السماح بعودة المساعدات الإنسانية عبر الأمم المتحدة: دعا ستارمر إلى استئناف دخول المساعدات عبر آلية أممية والسماح بدخول 500 شاحنة يوميا كما كان الأمر قبل الحرب، ويرى التقرير أن نظام المساعدات الحالي الذي يعتمد على مؤسسات أميركية خاصة يجعل تحقيق هذا المطلب معقدا ومليئا بالعقبات السياسية والأمنية. وقف ضم الضفة الغربية: أكد ستارمر أن على إسرائيل الالتزام بعدم ضم أراضٍ فلسطينية في الضفة الغربية، مشيرا إلى أن هذا شرط أساسي في أي تسوية قائمة على حل الدولتين، لكن التقرير أكد أن غياب الإرادة السياسية في إسرائيل لوقف الضم أو الحد منه بسبب قوى اليمين المتطرف داخل الحكومة الإسرائيلية سيحول دون ذلك. الالتزام بسلام طويل الأمد قائم على حل الدولتين: اشترط ستارمر التزام إسرائيل بخطة سلام تفضي إلى حل الدولتين، ولكن التقرير قال إن هذا الحل أصبح أبعد من أي وقت مضى، في ظل الانقسام بشأن قضايا محورية مثل الحدود وحق العودة ووضع القدس المحتلة واستمرار الاستيطان.وأكد تقرير نشرته صحيفة تايمز أن هذا التحرك الرمزي الذي تسير فيه بريطانيا على خطى فرنسا قد لا يُحدث فرقا كبيرا، خاصة في ظل الرفض الإسرائيلي الصارم والاعتراض الأميركي المتوقع داخل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
إعلانلكن لهذه الخطوة دلالات سياسية ودبلوماسية مهمة، خاصة أن بريطانيا كانت أول من مهّد لإقامة كيان لليهود على تراب فلسطين من خلال وعد بلفور عام 1917، حسب التقرير.
وخلص تقرير نشرته صحيفة إندبندنت إلى استنتاجات مشابهة، مشيرا إلى أن الاعتراف البريطاني -وإن لم يغيّر الوضع القانوني لفلسطين داخل الأمم المتحدة- يحمل رسائل سياسية قوية ويعيد تفعيل الجهود الأوروبية لإحياء حل الدولتين، ويُبرز حجم التباين بين السياسات الأميركية والأوروبية تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وقد يشجع القرار -الذي جاء نتيجة تنسيق مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرتس– دولا أخرى مثل كندا على اتخاذ خطوات مماثلة، حسب التقرير.
ويظل العائق الحالي الأهم أمام الاعتراف بالدولة الفلسطينية هو استخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو)، وفق ما نقله التقرير عن الأستاذة المتخصصة في الشرق الأوسط جولي نورمان من كلية لندن الجامعية.
تبعات متوقعةوتابعت نورمان أن تصويت بريطانيا وفرنسا في الأمم المتحدة لصالح فلسطين سيكون خطوة رمزية "مهمة" تعكس التزاما أخلاقيا اتجاه الفلسطينيين، وعلى الرغم من أن الوضع الميداني لن يتغير فورا فإن الاعتراف سيقوي موقف الفلسطينيين سياسيا في أي مفاوضات مستقبلية.
وفي حال اعترفت المملكة المتحدة بفلسطين في سبتمبر/أيلول المقبل فسيتم تحويل بعثة فلسطين في لندن إلى سفارة، مما يفتح المجال أمام مشاركة فلسطينية أوسع في المحافل الدولية، حسب التقرير.
كما سيؤدي القرار إلى الاعتراف بجوازات السفر الفلسطينية، دون أن يؤثر ذلك على نظام اللجوء والهجرة المعتمد في بريطانيا، إذ سيظل السفر خاضعا لنظام التأشيرات الحالي، وفق التقرير.
وأوضح القنصل البريطاني الأسبق في القدس فينسنت فيان لـ"إندبندنت" أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية لن يغيّر مسألة "حق العودة" للفلسطينيين، معتبرا أنه حق تاريخي، ولكن تحقيقه سيتطلب التفاوض مع إسرائيل.
قرار "شجاع" ومصيريبدورها، أشادت صحيفة إندبندنت في افتتاحيتها اليوم بقرار ستارمر، واعتبرت الإعلان لحظة تاريخية محفوفة بالمخاطر، وتحركا شجاعا يستحق الدعم الكامل رغم الضغوط الداخلية والخارجية.
وأشارت إلى أن ربط الاعتراف بوقف المجاعة وإطلاق الأسرى خطوة ذكية تمنح إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) على حد سواء حوافز للتحرك باتجاه الموافقة على وقف إطلاق النار.
وأكدت الافتتاحية أن الاعتراف لن يشمل حماس، بل السلطة الفلسطينية، تماما كما فعلت فرنسا، وأن هذه الرسالة ضرورية لضبط الحكم المستقبلي في غزة.
وأضافت أن ستارمر يحاول إحياء دور البلاد كقوة دبلوماسية فعالة في الشرق الأوسط، وهو أول زعيم بريطاني منذ عقود يسعى إلى دور قيادي في عملية السلام في فلسطين.
وخلص التقرير إلى أن أي خطة سلام أو تحالف دولي أو حوافز اقتصادية لن تنجح دون دعم حاسم من الولايات المتحدة، لكن موافقة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الظاهرية على الموقف البريطاني تمثل تقدما دبلوماسيا يعكس مستوى الثقة بين الجانبين، ويمنح أوروبا مجالا أكبر للتحرك باستقلال.
إعلان