بغداد اليوم -  بغداد

في رسالة تحذيرية واضحة إلى واشنطن، أكّد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن أي صراع عسكري جديد في الشرق الأوسط سيحمل كلفة باهظة تفوق ما أنفقته الولايات المتحدة في حربَي أفغانستان والعراق مجتمعين، مشددًا على أن "الثمن سيكون تريليونات من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين".

وجاءت تصريحات عراقجي في مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست، اليوم الثلاثاء (8 نيسان 2025)، تابعته "بغداد اليوم"، حيث تناول فيه تطورات التواصل غير المباشر مع الإدارة الأمريكية، كاشفًا عن تبادل رسائل في الأسابيع الأخيرة بين طهران وواشنطن، واستعداد إيران لعقد جولة مفاوضات غير مباشرة يوم السبت المقبل في سلطنة عُمان، واصفًا اللقاء المرتقب بأنه "فرصة بقدر ما هو اختبار".

وأوضح وزير الخارجية الإيراني أن السعي إلى المفاوضات ليس تكتيكًا مرحليًا أو أيديولوجيًا، بل "خيار استراتيجي" اتخذته طهران رغم "جدار كبير من انعدام الثقة وشكوك جدية في النوايا الأمريكية"، مؤكدًا أن إيران مستعدة للعمل بجدية للوصول إلى اتفاق يعالج المخاوف المتبادلة.

وأشار عراقجي إلى أن استمرار سياسة "الضغط الأقصى" من قبل الإدارة الأمريكية يزيد الوضع تعقيدًا، معتبرًا أن أي خيار عسكري لن يكون فقط خطيرًا، بل "باهظ الكلفة إلى حد غير مسبوق"، مستشهدًا بتجربة الولايات المتحدة في حربي أفغانستان والعراق، اللتين كلفتا الخزينة الأمريكية ما يُقدّر بتريليونات الدولارات.

الملف النووي في صلب التفاوض

وفيما يخص الاتفاق النووي، شدّد عراقجي على أن إيران لا تسعى إلى امتلاك السلاح النووي، وأن التزامها بالاتفاق لا يزال قائمًا حتى بعد سبع سنوات من انسحاب الرئيس السابق دونالد ترامب منه، موضحًا أن الاتفاق "قد لا يرضي البعض في واشنطن، لكنه يفي بالغرض"، وفق تعبيره.

وختم مقاله برسالة ضمنية إلى صقور الإدارة الأمريكية قائلاً: "علينا أولًا أن نتفق جميعًا على استحالة وجود خيار عسكري... وترامب نفسه يعلم هذه الحقيقة".

مؤشرات انفتاح في ظل تصعيد

تأتي هذه التصريحات في وقت يشهد فيه الإقليم تصعيدًا متسارعًا منذ أحداث 7 تشرين الأول، ما أعاد خلط الأوراق في المنطقة، ودفع واشنطن وطهران إلى محاولة إعادة فتح قنوات التواصل عبر أطراف وسيطة، مثل سلطنة عمان وقطر.

وتزامنت هذه الرسائل الدبلوماسية مع تحذيرات من انزلاق المنطقة إلى مواجهة مفتوحة، لا سيما بعد تزايد الضربات الجوية المتبادلة في سوريا والعراق، وتصاعد التوتر على جبهات أخرى كاليمن ولبنان، الأمر الذي جعل الملف النووي الإيراني يعود إلى الواجهة كمفتاح محتمل للتهدئة أو التصعيد، بحسب تطورات المشهد في الأيام المقبلة.


المصدر: واشنطن بوست + وكالات

المصدر: وكالة بغداد اليوم

إقرأ أيضاً:

ضربة واشنطن النوعية: هل نجحت "مطرقة منتصف الليل" في شل البرنامج النووي الإيراني؟

كانت هناك شكوك سابقة بشأن قدرة القنابل الخارقة للتحصينات على اختراق موقع فوردو الإيراني. اعلان

نفذت الولايات المتحدة فجر الأحد عملية عسكرية واسعة ضد المنشآت النووية الإيرانية أطلقت عليها اسم "مطرقة منتصف الليل"، ووصفت بأنها من أضخم الضربات الجوية في تاريخ الجيش الأميركي. العملية شارك فيها أكثر من 125 طائرة عسكرية، من بينها سبع قاذفات شبح من طراز B-2، انطلقت من قاعدة وايتمان الجوية في ولاية ميزوري في مهمة استغرقت 37 ساعة، بدعم من طائرات تزويد بالوقود في الجو ومقاتلات لتأمين المسار. كما أُطلقت عشرات صواريخ "توماهوك" من غواصات متمركزة في البحر.

وأفادت وزارة الدفاع الأميركية أن الهجوم استهدف فقط المنشآت النووية الإيرانية دون استهداف مدنيين أو مواقع عسكرية أخرى، مؤكدةً أن واشنطن لا تسعى إلى تغيير النظام، لكنها سترد "بسرعة وحزم" عند تهديد مصالحها أو حلفائها. وأكد الرئيس ترامب أن إيران ما تزال تملك الفرصة للعودة إلى طاولة المفاوضات.

لكن، ورغم الاحتفاء الأميركي بنجاح العملية، يبقى السؤال: هل نجحت الضربة فعلاً في تدمير البرنامج النووي الإيراني؟

في 21 يونيو، أعلن ترامب أن الضربات التي استهدفت منشآت فوردو ونطنز وأصفهان "دمرت البرنامج بالكامل"، فيما بدا رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال دان كين أكثر تحفظًا، مشيرًا إلى أن التقييم الكامل للأضرار لا يزال قيد الدراسة، لكن التقديرات الأولية تشير إلى "أضرار جسيمة للغاية" في المواقع الثلاثة.

Relatedالصواريخ الإيرانية تخرق القبة الحديدية.. دمار كبير يصيب عدة مبانٍ في إسرائيلصور أقمار صناعية ومعلومات استخباراتية.. إيران نقلت اليورانيوم من فوردو قبل الضربة الأمريكية بساعاتكم عدد القنابل والصواريخ التي استخدمتها واشنطن في هجماتها ضد إيران؟

أظهرت صور أقمار صناعية نشرتها شركة "ماكسار" في 22 يونيو حفراً عميقة في سفح الجبال، خاصة عند موقع فوردو، وهو الهدف الرئيسي للهجوم، إذ استخدمت القاذفات الأميركية قنابل خارقة للتحصينات من طراز GBU-57، وهي الأقوى في الترسانة الأميركية.

تُظهر هذه الصورة الفضائية التي قدمتها شركة ماكسار تكنولوجيز الأضرار التي لحقت بمنشأة فوردو في إيران بعد الضربات الأمريكية، الأحد 22 يونيو 2025. AP Photo

أما منشأة أصفهان، والتي تُستخدم لتحويل اليورانيوم وصناعة أجهزة الطرد المركزي وتخزين اليورانيوم عالي التخصيب (HEU)، فقد استهدفتها صواريخ "توماهوك". وكان لدى إيران وفقاً للوكالة الدولية للطاقة الذرية نحو 400 كلغ من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، وهي نسبة قريبة من المستوى اللازم لصنع سلاح نووي.

ورغم أن إسرائيل كانت قد استبقت الضربة الأميركية بشن غارات على نطنز وأصفهان، وأضعفت الدفاعات الجوية الإيرانية، فإن منشأة فوردو، المحصّنة داخل جبل، بقيت عصيّة على القنابل الإسرائيلية. وقد أشار رافائيل غروسي، مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إلى أن الموقع "مدفون على عمق قد يصل إلى 800 متر تحت الأرض"، بينما قدرت مصادر أوروبية العمق بنحو 500 متر.

وكانت هناك شكوك سابقة بشأن قدرة القنابل الخارقة للتحصينات على اختراق موقع فوردو، لكن تكرار ضرب الموقع بنقطة واحدة قد يكون سمح باختراق أعمق وإلحاق أضرار مدمّرة. ويعتقد بعض الخبراء أن الضربة الأميركية استهدفت أنفاق التهوية والوصول، وهي نقاط حيوية لعمل المنشأة.

ويرى ريتشارد نيفيو، المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية، أن الهزّات الناتجة عن الانفجارات قد تكون كفيلة بتدمير أجهزة الطرد المركزي، إذ إن "الاهتزاز غير المنضبط كفيل بتدمير أجهزة الطرد"، حتى تلك المتقدمة من طراز IR-6 الموجودة في فوردو. ويضيف أن الوقت لم يكن كافيًا لتعطيل هذه الأجهزة أو تفكيكها بشكل آمن قبل الضربة.

ويبقى التساؤل اليوم: هل تمتلك إيران منشآت سرية أخرى أو مخزونًا خفيًا من اليورانيوم المخصب يمكنها من استئناف البرنامج في الظل؟ خاصة وأنها كانت قد هدّدت سابقًا بالانسحاب من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، وهو ما سيجعل عمل المفتشين الدوليين مستحيلاً.

لكن تجدر الإشارة إلى أن الاستخبارات الإسرائيلية أثبتت مرارًا قدرتها على التغلغل داخل العمق الأمني الإيراني واغتيال علماء ومسؤولين بارزين في البرنامج النووي.

ورغم شدة الضربة الأميركية، يشير بعض المحللين إلى أن تجربة إيران قد لا تشبه ما جرى مع العراق عام 1981 أو سوريا عام 2007، حيث دُمرت مفاعلات نووية بالكامل. يقول نيكولاس ميلر، الباحث في قضايا منع الانتشار النووي بجامعة دارتموث: "السؤال هو: هل ستُذكر هذه العملية كضربة قاصمة مثل سوريا 2007، أم ستكون بداية لمسار مشابه للعراق 1981، حيث استمرت الطموحات النووية رغم الضربة؟ أنا أرجّح السيناريو الثاني، ما دام النظام الإيراني قائمًا".

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة تحذر: الصراع الإيراني الإسرائيلي يُهدد استقرار أفغانستان ويُفاقم أزماتها الإنسانية
  • شاركت في ضرب أفغانستان والعراق وسوريا.. معلومات عن قاعدة العديد الأمريكية في قطر
  • إيران تعلن بدء عملية «بشارة الفتح» ضد القواعد الأمريكية في قطر والعراق
  • عاجل: إيران: بدء عملية "بشائر الفتح" ضد القواعد الأمريكية في قطر والعراق
  • ضربة واشنطن النوعية: هل نجحت "مطرقة منتصف الليل" في شل البرنامج النووي الإيراني؟
  • واشنطن تحذر رعاياها في الشرق الأوسط وتقلص بعثتيها في لبنان والعراق
  • واشنطن تحذر رعاياها بالداخل والخارج وتقلص بعثتيها في لبنان والعراق
  • ترامب: حققنا نجاحًا عسكريًا في إيران ومنعناها من امتلاك السلاح النووي
  • أحمد موسى يكشف تفاصيل الضربة الأمريكية على المفاعل النووي الإيراني وتصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل
  • الحكومة اليمنية تحذر من انخراط الحوثيين في أي تصعيد عسكري بالمنطقة وتحمل إيران المسؤولية