نهيان بن مبارك: البشر أحرار متساوون في الكرامة والحقوق
تاريخ النشر: 10th, April 2025 GMT
قال الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، إن هناك قناعة راسخة في دولة الإمارات بأن التسامح والتعايش والأخوة الإنسانية هي أهم عناصر النهج المتوازن للرخاء، مذكّراً بتأكيد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، أن ازدهارنا جزء لا يتجزأ من القيم الإنسانية العالمية، وأن البشر أحرار متساوون في الكرامة والحقوق.
وأضاف أن صاحب السمو رئيس الدولة، يشجع دائماً على استكشاف أفكار جديدة لإشراك الناس بطرق بناءة، وأن الإمارات بتوجيهاته ودعمه المستمر أثبتت أن التسامح والأخوة الإنسانية يؤديان إلى مجتمع أكثر عدالة، يعزز قيم الانفتاح والشفافية، ويتعاون فيه الأفراد بهدف تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، كما برهنت للعالم أن الدول التي تتبنى قيم التسامح غالباً ما تتمتع بالسلام والرخاء، وتكون أكثر أمانا وإنتاجية، وأكثر قدرة على توجيه مواردها لخدمة الأنشطة الاقتصادية المستدامة.
جاء ذلك خلال الكلمة الافتتاحية في مؤتمر «حكومات العالم حاضنة للتسامح» في نسخته الثالثة التي أطلقتها وزارة التسامح والتعايش تحت عنوان: «نهج متوازن لتحقيق الازدهار»، في إطار مؤتمر الاستثمار السنوي لعام 2025، بحضور دولي كثيف.
وتحدث في المؤتمر كل من كريم زيدان، وزير الاستثمار والتقارب والبيئة للسياسات العمومية في المملكة المغربية، وفرانشيسكو لا كاميرا، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة المتجددة (IRENA)، وإيمانويلّا جيراردي، رئيسة جمعية الذكاء الاصطناعي والبيانات والروبوتات الأوروبية (ADRA)، ومنغ ليو، رئيسة مكتب الاتفاق العالمي للأمم المتحدة في الصين.
وركز مؤتمر «الحكومات العالمية حاضنة للتسامح» في نسخته الثالثة على تعزيز الحوار بين صناع السياسات، والأكاديميين، والباحثين لتبادل أفضل الممارسات في مجال تعزيز التسامح والشمولية، ودراسة دور السياسات الحكومية في تشكيل مواقف المجتمعات تجاه التنوع، وتقييم فاعلية المبادرات الحكومية المختلفة الهادفة إلى تعزيز التسامح على مستوى العالم، وتحديد التحديات والعقبات التي تعترض ترسيخ ثقافة التسامح ضمن سياقات ثقافية وسياسية مختلفة، والعمل في نهاية المطاف على صياغة توصيات قابلة للتطبيق يمكن للحكومات تبنيها لبناء أنظمة أكثر شمولية ومجتمعات أكثر انسجاماً، وتقوية الشبكات العالمية الداعمة لترسيخ التسامح كمبدأ أساسي للتعايش السلمي والنمو والازدهار الاقتصادي.
وعبر الشيخ نهيان بن مبارك في بداية كلمته، عن تقديره العميق لالتزام الحضور بتحقيق مستقبل يسوده السلام والازدهار، مؤكداً ثقته الكبيرة في أن ما يتمتعون به من خبرات واسعة وإرادة قوية ستثري مناقشات ومداولات المؤتمر، وتسهم في تأسيس نظام عالمي قائم على السلام والأمل والتفاهم، والاستقرار والتعاون والرخاء.
وأضاف أن تجربة الإمارات أثبتت أن المجتمع المتسامح يتكون من أفراد متسامحين ومنظمات متسامحة وحكومة متسامحة، فالحكومة المتسامحة تؤهل منظماتها لتبادل أفضل الخبرات والممارسات في نشر ثقافة التسامح داخل المجتمع.
وأوضح أن انعقاد مؤتمر «AIM» هذا تحت شعار «نهج متوازن لتحقيق الازدهار» يبرهن للعالم أن الحكومة المتسامحة هي القادرة على تشجيع الأفراد على الابتكار والبحث عن حلول لما يواجهها من تحديات، وهي التي تستحق ثقة الشعب، وتشجع على الاستثمار في المشاريع الصديقة للبيئة، والمشاريع التي تعمل وفقاً لأعلى معايير السلامة والصحة وتلتزم بالوفاء بمسؤوليتها الاجتماعية، وتولي اهتماماً خاصاً بالتعليم والتدريب لتحقيق التقدم والرخاء.
ووقع الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، مذكرات تفاهم بين وزارة التسامح والتعايش ووزارة الاستثمار والتقارب والبيئة للسياسات العمومية في المغرب التي وقع عنها الوزير كريم زيدان، ومع المركز الدولي لريادة الأعمال والابتكار في البحرين الذي مثله الشيخ إبراهيم بن خليفة آل خليفة، فيما وقعت عفراء الصابري، مدير عام وزارة التسامح والتعايش، مذكرة تفاهم مع الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (IRENA).
وركزت المذكرات الثلاث على تعزيز مجالات التعاون والقضايا المُستهدف بها تبادل الخبرات والممارسات في مجال التسامح والتعايش والقيم الإنسانية في الأنظمة والسياسات الحكومية بشكل عام، والتعاون في طرح المبادرات الحكومية في ترسيخ التسامح لدى الشباب، وإبراز دور التسامح في تعزيز النمو المستدام وازدهار السياسات الحكومية في التعامل مع التطرف الديني، وتفعيل دور الأنظمة الحكومية في تعزيز القيم الإنسانية المجتمعية، وإبراز دور دبلوماسية التسامح وأثرها في تعزيز السلام العالمي، وتحقيق الاستدامة الاجتماعية في المجتمعات عبر السياسات والأنظمة الحكومية. (وام)
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان الإمارات التسامح والتعایش نهیان بن مبارک الحکومیة فی
إقرأ أيضاً:
في حضرة الكرامة نام الإقليم
هند الحمدانية
تتراقص الصواريخ فوق رؤوسنا
ويضحك القتلة من خلف الستار
نحصي القتلى...
ونحصي عدد القنوات ...
ونسأل: هل الحرب نار..
أم دخانٌ للفُرجة؟
تحفر غزة مجدها بين أنقاضها
ويصعد المقاومون من رحم الحصار
ونتدثر نحن بصمتنا
نبدل القناة...
ونورثُ أبناءنا عار السؤال:
متى نملك القرار؟
في حياة الأمم لحظات تتكشف فيها الحقائق، ويسقط الزيف، وتتجلى أمام النَّاس صورة أوطانهم كما هي، لا كما كانوا يتوهمون، هي هذه الأيام التي تعبث فينا ونحن في أوج هذا الصراع المُتصاعد بين إيران وإسرائيل؛ إذ يبدو فيها الإقليم كمن نُزعت عنه ثيابه فظهر عاريًا من قراره، هشًا يتردد بين الخوف والخذلان، لا يدري أهي حرب حقيقية تُدار من حوله أم مسرحية رُتبت من أجل إرهابه؟! والكارثة ليست في الأحداث ذاتها؛ بل في هذا العجز الذي سكن النفوس حتى صار مألوفًا، وهذا الصمت الذي اتُخِذَ عقيدة وفضيلة.
وإنني لأنظر اليوم في مجريات هذه الحرب التي لطالما توجسنا من اندلاعها، فأرى في كل ضربة وصاروخ رسالة إلى من يتوهمون أنَّ المال حِصن، وأن التحالفات دِرع، فإذا هم عُراةٌ من القوة، مجردون من القرار، يسيرون في ركاب غيرهم، يلعبون دور المُتفرج منتظرين النتيجة ليصفقوا للفائز أو ليواكبوا الغالب.
فما أشد أن يرى العربي وطنه رهينةً، لا يملك من أمره شيئًا إلّا ما يُملى عليه، ولا من قراره سوى ما يُوزَّع عليه من فتات الإرادة، وما أشد على القلب أن تصبح مجرد مُتفرِّج على مسرح يصنعه العدو ويصفق له الجاهل ويُبرِّرُه الخائف الجبان.
لقد باتت بعض دول الإقليم في موقع المُتفرِّج المُرتبك، تتساءل شعوبها في المجالس والدواوين: "هل ما بين إيران وإسرائيل حرب حقيقية، أم مسرحية تتقاسم أدوارها أجهزة الاستخبارات العسكرية؟"، وفي كلا الحالين نحن الخاسر الأكبر، فإن كانت مسرحية فهدفها إخافتنا، وإن كانت حربًا فويلٌ لنا من تداعياتها.
أما المسجد الأقصى.. ذلك الحرم الذي كانت تُشد إليه الرحال، وتسيل من أجله دماء الأولياء والصالحين، فصار اليوم صورة باهتةً في شريط أخبار يمضي كالماء فوق الحجر، لا يحرك في الصدور وجيبًا ولا في الجيوش زحفًا، ولا في القرار روحًا تُبعثر السكون وتُحيي الضمير العربي المُحتضِر.
العجب كل العجب، أن تظل غزة تلك البقعة الصغيرة التي لا تملك من خزائن الأرض شيئًا محاصرةً بين البحر والسياج، تقاتل وحدها عمَّا تبقى من نخوة العرب وتحمل وحدها عبء الكرامة المكسورة، تناضل بما بقي لها من حجارةٍ يتيمة، وتُشيع أبناءها العزل إلى قبورٍ جماعية ضيقة، وتبحث بين شظاياها عن موتٍ يتكرر. في غزة وحدها يحفر الفتية في جوف الأرض أنفاقهم، لا هربًا من الموت؛ بل بحثا عن حياة تليق بأحلامهم، يتنفسون الحصار كأنهم خلقوا لامتحان الصبر، ويقتاتون خيانة الأخ والقريب كمن اعتاد أن يكون وحده في ساحة الخُذلان، ويمضون بأقدامٍ حافية على دربٍ تعلموا أن الشرف فيه لا يُشترى ولا يُورث، هناك تحت الأرض تمسي الحياة سؤالًا عن معنى أن تبقى إنسانًا حين يتنازل الجميع عن إنسانيتهم، وعن سِر الكرامة، حين تُصبح عملةً نادرة في سوق الأوطان.
لقد آنَ أنْ نُقر بحقيقة مُرة، طالما تهربنا من مواجهتها، وهي أنَّ البلدان التي امتلأت خزائنها بالأموال، لم تعرف كيف تُقيم لنفسها كيانًا مُستقلًا يعتمد على سواعد أبنائه، فهُم ما زرعوا قوتهم، ولا أنتجوا دواءهم ولا صنعوا سلاحهم، فأصبحوا ألعوبة في يد من يملكون الغذاء والسلاح والإعلام، يتوهمون أنَّهم آمنون في قصورهم وبيوتهم، وأن ما يحدث من حولهم لن يصل إليهم ما دامت خزائنهم عامرة، وتحالفاتهم قائمة، وعلاقاتهم بالقوى الكبرى وثيقة، ونسوا أو تناسوا أنَّ الأمان لا يصنعه المال ولا تُحققه المعاهدات، ولا تمنحه الابتسامات في اللقاءات الثنائية، إنما الأمان يصنع بأيدٍ تصون الأرض والعرض، وبقلوب لا تخضع إلا لله، وبعقول تملك القرار قبل أن تطلب الإذن.
وإني لأتساءل، كما يتساءل كل من بقيت في صدره نفحةٌ من نخوة وغيرة: ما الذي سوف نتركه للأجيال القادمة وأولادنا من بعدنا، إذا كنَّا الآن لا نملك من أمرنا شيئًا؟ أي عار هذا الذي سنُوَرِّثه لأبنائنا؟! وأي ميراث هذا الذي سيحمله أولادنا على كواهلهم؟! ميراثٌ من الصمت والخوف والانقياد، فنحن قومٌ استطابوا الذُل وتوارثوه، يوصي به الجد لحفيده: أن الزم الصمت ولا تجهر بالحق؛ فالموت في الكلمة، والحياة في التبعية، فأي حياة تلك؟ وأي كرامة؟ وكيف يكون مصير الأبناء في أرض تحكمها يد الأجنبي وتدار فيها الأرزاق والمصالح من وراء البحار، وهل ترضى كرامة إنسان أن يرى أبناءه وأحفاده يكبرون في ظل ذلٍ صنعه آباؤهم بسكوتهم وخوفهم وطاعتهم العمياء؟
إنَّ التاريخ لا يرحم من وقف متفرجًا على اغتصاب أرضه، ولا يعذُر من كان له صوتٌ فصمت، وكان له سلاحٌ فركنه، وكان له قرارٌ فسلمه لغيره.
وغدًا- وإن طال الصمت العربي- سَيُسأَل الجميع: أين كنتم حين سُلب الأقصى وسُفك دم أهل غزة، وتحولت بلادكم إلى ملعبٍ للآخرين؟
فيا عرب، من لا يملك قراره لن يملك مصيره، ومن لا يزرع سيأكل من فُتات موائد الآخرين، ومن لا يُدافع عن عرضه وأرضه، سيأتي عليه زمان يُباع ويُشترى.
وسيبقى المسجد الأقصى يُناديكم، وستبقى غزة تُذكِّركُم أن الشجاعة لا تُقاس بعدد القصور، ولا بعقود النفط، ولا بحجم الاستثمارات؛ بل تُقاس بما يبقى في الأرض بعد أن يذهب المال والجاه، وسيبقى التاريخ شاهدًا على الجميع المقاومين والشجعان والخونة والمُتخاذلين.
رابط مختصر