عربي21:
2025-12-13@04:22:05 GMT

ترامب جيت أكبر قضية نصب في تاريخ أمريكا

تاريخ النشر: 12th, April 2025 GMT

في تمام الساعة التاسعة وسبعة وثلاثين دقيقة بالتوقيت المحلي لمدينة واشنطن غرد دونالد ترامب عبر حسابه الرسمي على منصته الخاصة تروث سوشيال بهذه الكلمات: إنه وقت عظيم للشراء.

ترامب أضاف ثلاثة أحرف باللغة الأنجليزية في نهاية تغريدته المثيرة للجدل وهي DJT  في إشارة إلى مجموعة ترامب للإعلام والتكنولوجيا التي يمتلكها الرئيس الأمريكي.



تغريدة ترامب المثيرة للجدل جاءت في وقت كانت بورصات الولايات المتحدة الأمريكية تعاني من تراجع كبير وانهيار في الأسهم وقيمة الشركات الكبرى بعد قراره قبلها بأيام بفرض تعريفات جمركية على أكثر من 150 دولة في العالم بحد أدنى 10% على صادراتهم إلى أمريكا.

بعدها بساعتين فقط، صدم الرئيس الأمريكي العالم أجمع وفي القلب منه بورصة وول ستريت وعمالقة الاقتصاد الأمريكي بقرار مفاجئ بالتراجع عن التعريفات الجمركية وتعليقها لمدة تسعين يوما ما عدا الصين.

قرار ترامب أنعش بورصات العالم في أمريكا ولندن واليابان وغيرها وارتفعت أسهم الشركات بشكل لافت وهو ما سجله مؤشر ستاندر أند بورز 500 والذي أشار إلى مكاسب تجاوزت أربعة تريليون دولار في ساعات قليلة بنسبة ارتفاع 9% وهو ما عوض خسائر كبرى الشركات في الأيام التي سبقت قرار ترامب.

ما بين تغريدة ترامب وقراره بالتراجع حدثت أمور كثيرة يمكن أن نطلق عليها باختصار: ترامب جيت.

الاحرف الثلاثة التي أرفقها ترامب في تغريدته ترمز إلى مجموعة ترامب للإعلام والتكنولوجيا وهي الجهة المالكة لمنصة تروث سوشيال التي يفضلها ترامب والتي يملك ما يوازي 53% من قيمة الأسهم فيها.

ارتفعت أسهم الشركة بعد قراره بالتراجع عن التعريفات الجمركية بنسبة 22% وهي نسبة ارتفاع كبيرة للغاية ومن بين الأعلى في بورصات أمريكا في يوم واحد ، واللافت أن تلك الشركة قد حققت خسائر كبيرة في العام الماضي بلغت 400 مليون دولار ولكنها في يوم واحد فقط استطاعت أن تتجاوز خسائر عام كامل ونجح ترامب نفسه أن تدخل حساباته ما يقارب نصف مليار دولار.

إنها عملية تلاعب داخلية، هذا ما قالته اليزابيث وارن النائبة الديموقراطية عن ما فعله دونالد ترامب ، وارن اتهمت ترامب بشكل واضح أنه تلاعب بالبورصة والاقتصاد الأمريكي لمصالحه الشخصية ومصالح شركاته الخاصة.

السيناتور الديمقراطي آدم شيف وزميله في الحزب الديمقراطي كريس ميرفي كلاهما اتهما إدارة ترامب بالتلاعب بالاقتصاد وتورطه في شبهات فساد مالي وعملية نصب واحتيال وطالبا بالتحرك الفوري لفتح تحقيق حول أمر واحد ، متى قرر ترامب التراجع عن التعريفات الجمركية يوم التاسع من ابريل وهل كان قراره قبل نشر تغريده أم بعدها.

نحن أمام تاجر ورجل أعمال يمتلك امبراطورية ضخمة من الشركات له ولأفراد عائلته على مستوى الأبناء أو أصهاره أيضا وعلى رأسهم جاريد كوشنر، كم شركة تابعة لترامب استفادت من تغريدته وكانت على علم مسبق بقرار تراجعه عن التعريفات الجمركية.مراسل قناة فوكس نيوز الأمريكية طرح هذا السؤال على الرئيس ترامب فكانت إجابته كعادته غير واضحة ومراوغة حيث قال: يجب التحلي بالمرونة في التعامل مع قضايا كهذه ، عندما ترى حائطا كبيرا وتريد أن تعبر من خلاله ولا تستطيع عندها يجب أن تفكر في طرق أخرى لتجاوزه.

لكن هل اتخذ ترامب قراره بالتراجع عن التعريفات الجمركية بالفعل قبل كتابة تلك التغريدة؟

الرئيس الأمريكي قال إنه كان يفكر في التراجع عن الترعيفات الجمركية منذ أيام ولكنه اتخذ قراره في وقت مبكر من صباح الأربعا الماضي التاسع من إبريل ولكنه لم يحدد أبدا هل كان هذا الأمر قبل نشر التغريدة أم بعدها.

في مقطع فيديو انتر انتشار النار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي في أمريكا ، وقف ترامب داخل المكتب البيضاوي في البيت الأبيض محدثا أحد أصدقائه من مليارديرات وول ستريت ممازحا إياه: لقد حققت مليارين ونصف المليار دولار في يوم واحد.

هذا هو بيت القصيد، نحن أمام تاجر ورجل أعمال يمتلك امبراطورية ضخمة من الشركات له ولأفراد عائلته على مستوى الأبناء أو أصهاره أيضا وعلى رأسهم جاريد كوشنر، كم شركة تابعة لترامب استفادت من تغريدته وكانت على علم مسبق بقرار تراجعه عن التعريفات الجمركية.

كم شركة مقربة من ترامب استجابت لنصيحته بشراء الأسهم وقت أن كان الانهيار والانخفاض الكبير هو العنوان العريض ثم اذا ما قرر ترامب التراجع ارتفعت الأسهم بشده فحصل هؤلاء الترامبيين على ثروة هائلة.

قانون تداول الأوراق المالية في أمريكا يحظر على أي شخص داخل الإدارة أن يسرب معلومات لشركات أو أفراد يتعاملون داخل سوق التداول وإن ثبت هذا الأمر فهي جريمة قانونية في الولايات المتحدة الأمريكية.

رجال ترامب الأوفياء مثل كارولين ليفيت المتحدثة باسم البيت الأبيض وسكوت بيسينت وزير الخزانة الأمريكية خففوا من أهمية تلك الاتهامات وادعوا أن ترامب استخدم فن الصفقة في إشارة إلى كتابه الشهير عام 1987.

ولكن يبدو أن الكونغرس الأمريكي ووسائل الإعلام الأمريكية قد وجدت ما تبحث عنه منذ وصول ترامب إلى البيت الأبيض مرة أخرى فقررت إعلان الحرب والضغط لفتح تحقيق حقيقي حول أكبر قضية نصب واحتيال وفساد مالي تورط فيها الرئيس الأمريكي فيما سيعرف إعلاميا باسم ترامب جيت.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه ترامب امريكا رأي سياسات ترامب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة صحافة اقتصاد سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة عن التعریفات الجمرکیة الرئیس الأمریکی

إقرأ أيضاً:

في العصر الرقمي تتغير التعريفات

آخر تحديث: 11 دجنبر 2025 - 11:38 ص د. عبد الجبار الرفاعي مع كل ثورة تكنولوجية كبرى يولد الإنسان من جديد، ويعيد تعريف ذاته ومعنى وجوده. حتى لو قاوم هذه الثورة أو أوهم نفسه بالانفصال عنها، فإنها تفرض حضورها على الإنسان حيثما وأنى كان.وإن كانت آثارها تتفاوت من مجتمع لآخر، إلا أنها بوصفها قدرًا لا مهرب منه، تعيد إنتاج الواقع بكل ما فيه، وتعيد تشكيل وعي الإنسان ورؤيته للعالم ونمط عيشه، وتفرض عليه أن يصير تابعًا لها، ما لم يمتلك أدوات الفهم والتمثل والتكيف، كي يواكبها ويقطف ثمراتها. بقدر ما يمتلك الإنسان التكنولوجيا يمتلك إمكانية التحرر منها، وإن عجز عن ذلك استعبدته، وتحولت إلى سجن يصادر حريته ويبتلع وجوده. التكنولوجيا لا تهمش الإنسان، بل تتيح له فرصًا للارتقاء بذاته وتوسيع آفاق حياته، متى ما كان قادرًا على الإصغاء لتحولاتها، واستثمار هذه الفرص بما ينسجم مع ولادته الجديدة.  الذكاء الاصطناعي التوليدي يمثل أشد هذه الثورات عمقًا وتأثيرًا في إعادة تشكيل الحياة البشرية، وخلخلة مفاهيم الإنسان وتعريفه لذاته والعالم من حوله. مَن يستوعب هذا التحول ويدرك أبعاده الوجودية والنفسية والعاطفية والروحية والقيمية والاجتماعية والثقافية، ويتمكن من بناء مهارات تتناغم مع ايقاعه المتعجل، وقدرة على توجيهه توجيهًا خلّاقًا، يستطيع أن يحول هذا التحدي إلى إمكان للتحرر والإبداع والابتكار والتطور. أما مَن يعجز عن ذلك، فإن الذكاء الاصطناعي لن يكون بالنسبة له ولمجتمعه سوى قوة منفلتة، تتغذى على ضعفه، وتتحول إلى تهديد دائم لسلامه الشخصي والمجتمعي وأمنه، وتزلزل كيفية عيشه وعلاقاته ونمط حياته. في العصر الرقمي تتغير التعريفات وتتبدل، فمثلًا يتغير تعريف الزمن ويجري اختزله، تبعًا لما ينجزه هذا الذكاء من إنتاج اقتصادي وابتكار علمي وابداع معرفي وتطور تكنولوجي واثراء ثقافي وبناء قيمي، فلم يعد القرن يعني مائة سنة، ولا العقد يعني عشر سنوات، ولا السنة تعني اثني عشر شهرًا، ولا الشهر يعني ثلاثين يومًا، ولا اليوم يعني أربعًا وعشرين ساعة، إذ غدا الزمن مضغوطًا تتراكم فيه الأحداث والاختراعات والمعارف وتتلاحق بسرعة فائقة، كما لو أنها تتزاحم في لحظة واحدة. وصار الإنسان يعيش في تيار متعجل من التحولات لا يمنحه فسحة للتأمل أو المراجعة، بعدما انتقل الزمن من كونه وعاءً للأحداث إلى كونه طاقة خلّاقة تبتكر الإيقاع والمعنى في آن واحد، فصار الحاضر يتسع للماضي والمستقبل معًا، وصار الوجود الإنساني يقاس بما ينجزه المرء في لحظته لا بما تمضي عليه من سنوات، حتى أصبح التحدي الأكبر في هذا العصر هو استعادة المعنى الإنساني للزمن، قبل أن يتحول الإنسان إلى ظل يركض خلف سرعة الذكاء الاصطناعي وما تحققه الروبوتات. شركات الذكاء الاصطناعي اليوم هي الأغنى رأسمالًا من كل الشركات عبر التاريخ، رأسمالها ينمو باستمرار. لم يشهد الاقتصاد تراكمًا لرأسمال بهذه الوتيرة من السرعة الفائقة وبهذه الأحجام، بنحو صار يتضاعف بمرور الزمن سريعًا، فمثلًا بلغت القيمة السوقية على وفق تقارير متعددة، لشركة إنفيديا (NVIDIA) 4.54 تريليون دولار أمريكي، في 5 ديسمبر 2025، ما جعلها الشركة الأعلى قيمة في العالم. وذلك يتماشى مع تقارير حديثة تشير إلى أن إنفيديا أصبحت أول شركة مدرجة علنًا تصل إلى هذا الإنجاز التاريخي، مدفوعة بالطلب القوي على رقائق الذكاء الاصطناعي. والقيمة السوقية لشركة أبل (Apple) تقدر بحوالي 4.20 تريليون دولار أمريكي، في 5 ديسمبر 2025، مدفوعة بالتقدم في الذكاء الاصطناعي، وزيادة الطلب على أجهزة آيفون. وبلغت القيمة السوقية لشركة مايكروسوفت (Microsoft) حوالي 3.574 تريليون دولار أمريكي، في 5 ديسمبر 2025. وفي التاريخ ذاته بلغت القيمة السوقية لشركة Amazon نحو 2.454 تريليون دولار أمريكي، بينما وصلت القيمة السوقية لشركة Alphabet (Google) إلى ما يقارب 3.84 تريليون دولار أمريكي، أما شركة Meta فكانت قيمتها السوقية في ذلك الوقت بحدود 1.54 تريليون دولار أمريكي. وهذه الأرقام تعكس موقع هذه الشركات في قمة الاقتصاد الرقمي العالمي خلال تلك الفترة.  يتضخم عاجلًا رأسمال الشركات الكبرى المنتجة للرقائق والفاعلة في الذكاء الاصطناعي حتى تخلق سلطة تخضع لها الحكومات والسلطات السياسية، إذ تتدخل في رسم صورة الدولة وتوجيه اقتصادها وسياساتها من الداخل، وتمتلك قدرة واسعة على التأثير في هندسة إدارة الحكم ومرافقه وبناء الدولة وفقًا لما يحقق أهدافها، وفي تشكيل وعي المؤسسات التي ينهض عليها تدبير الشأن العام. ويغدو رأسمالي مثل ايلان ماسك قادرًا على التأثير في سياسة بلده وسياسات بلدان أخرى بمقدار ما يتيحه رأسماله من نفوذ، وما تمنحه شركاته من فاعلية في الاقتصاد، فيتسع أثره على صناعة القرار، ويتغلغل في مسارات الاقتصاد والثقافة والتربية والاعلام، ويتحول حضوره الى قوة تتجاوز حدود السوق لتلامس حدود الدولة والمجتمع، حيث يتخذ رأس المال موقعًا مرجعيًا في توجيه الحياة العامة، وفي إعادة تشكيل شخصية الفرد وبناء الجماعة وفق ما يحقق أقصى عائد ممكن.  تتمدد هذه الشركات من الاقتصاد والتقنية إلى بناء التربية والتعليم، والثقافة والاعلام، والقيم والسلوك، فتتدخل في صياغة العلاقات الدولية والاقليمية، وتعيد ترتيب مواقع الدول وفق مصالحها، وتشكيل المجتمع والفرد معًا، من خلال منظومات رقمية تعيد تعريف حاجات الإنسان وطريقة عيشه، وتتحكم بميول الإنسان وخياراته، وتفتعل احتياجات فائضة عن اللزوم. تقترب هذه الشركات من موقع السلطة المتسيدة بسبب حجم رأسمالها الهائل، وقوة حضورها في البنية التحتية للدول، فتعمل ببراعة على توجيه العالم نحو ما يحقق لها أعلى قيمة من الأرباح، عبر كل وسيلة تراها مناسبة، مشروعة أو غير مشروعة، من دون أن تنشغل بالأثر الروحي والاخلاقي والجمالي والقيم التي تتطلبها حياة الإنسان، كأن الإنسان يتحول بواسطتها الى مجرد رقم في سوق مفتوح تعاد صياغته باستمرار بما يخدم مصالحها الخاصة.   وسائل التواصل وتطبيقات الذكاء الاصطناعي لم تعد أدوات محايدة، بل غدت بيئات قيمية تصوغ معاييرها الخاصة، وتنتج نمطًا جديدًا من العلاقات الاجتماعية لا يشبه ما ألفته أجيال الأمس. لم تعد هذه الوسائل مجرد أدوات للتواصل، بل تحولت إلى منظومات تصوغ السلوك، وتعيد تشكيل إدراك الإنسان لذاته وللآخرين، وتؤسس لعالم مختلف في الإحساس بالعلاقة بالآخر، وتكييف منابع المعنى. وعي الآباء بهذه التحولات، وتفهمهم لما تفرضه هذه الوسائل من أنماط مختلفة في التفكير والسلوك لم يعد ترفًا أو خيارًا، بل ضرورة تمليها التحولات العميقة في العلاقة بين جيل الآباء وجيل الأبناء. المسافة بين الجيلين لا تتسع فقط بسبب العمر، بل تتعمق بفعل الفجوة الرقمية، وتباين مصادر المعرفة، وتغاير المرجعيات التي يتشكل منها الوعي. وسائل التواصل اليوم وتطبيقات الذكاء الاصطناعي تملك تأثيرًا سحريًا فائقًا، لا لأنها تحجب الواقع أو تغلفه فقط، بل لأنها تصنع واقعا موازيًا يزاحم الواقع ويتغلب عليه، ويتقدمه أحيانًا، ويغدو المصدر الأول لتشكيل رؤيتنا للعالم. في هذا الواقع المصطنع تصاغ معتقداتنا، وتعاد تعريفات مفاهيمنا، وتتشكل آراؤنا، وترسم خرائط سياساتنا، وتنتج رموزنا، وتبنى مواقفنا، وتحاك أحلامنا. نحن نعيش في عالم هجين يمتزج فيه الواقعي بالافتراضي، وتتفشى فيها المحاكاة، ويتداخل فيه الحضور الفيزيائي بالوجود الرمزي. هذا الواقع الهجين يفرض على التربية أن تعيد بناء رؤيتها، وأن تؤسس لقيم جديدة في فهم العلاقة بين الأجيال، تتلاءم مع بنية الوعي المتحولة، وتستجيب لتحولات التأثير، ومصادر تشكيل الوعي والوجدان والهوية.  يتغير معنى القيم والدين والأخلاق والعلم والمعرفة في العصر الرقمي، لأن البيئة التي تولد فيها المفاهيم تبدلت جذريًا؛ فالقيم تنتقل من منظومات ثابتة إلى قيم تشكّلها الخوارزميات والبيانات وثقافة المنصات، فتتحول الخصوصية إلى سلعة، والوقت إلى عملة، والاعتراف الاجتماعي إلى ظهور رقمي. ويتراجع الدين المؤسسي لصالح التجارب الدينية الفردية المفتوحة على تفسيرات لا نهائية للنصوص الدينية، وتنتشر الروحانيات التي تمنح الإنسان علاقة شخصية مع الغيب تتجاوز احتكار المفسرين في المؤسسات الدينية. وتتشكل الأخلاق بوصفها مسؤولية تصميم تكنولوجي لا مجرد حكم عقل عملي بالحسن والقبح، وتتزحزح المعاني المتعارفة للحقوق والجرائم والجنايات والعقوبات، إذ تظهر أسئلة لم يعرفها التاريخ، مثل: مسؤولية السيارة الذاتية القيادة عن القتل، أو تأثير الخوارزميات الموجهة في إنتاج خطاب الكراهية، وأمثال ذلك. ويتحول العلم من التجريب المختبري إلى التجريب الحسابي عبر المحاكاة والذكاء الاصطناعي الذي يفك ألغاز البروتينات، ويكتشف ويطور أدوية أمراض السرطان وأمراض عجز الطب من قبل عن اكتشاف لقاحات وعلاجات فاعلة لها.  في هذا الواقع يغدو الإنسان محتاجًا الى فلسفة جديدة توقظ وعيه، وتمنحه قدرة على التمييز بين الحقيقة والوهم، وتعينه على اكتشاف كيفية تشكل الحقيقة في العصر الرقمي، حيث تتدفق البيانات بلا انقطاع، وتتحول عبر الخوارزميات إلى صور ومعانٍ تعيد ترتيب وعيه ومفاهيمه الأساسية على نحو مستمر. في هذا الفضاء يتبدل إدراك الإنسان للعالم مع كل مرحلة من مراحل المعالجة الرقمية، فيحتاج ذهنه الى دربة فكرية، وشعوره إلى استعداد لإعادة بناء صلته بالمعنى، يقيه من الانجراف مع ما تصنعه الآليات الذكية من أوهام، حتى يستعيد الإنسان موقعه الفاعل، ويغدو قادرًا على أن يميز ما ينير ذهنه مما يشتته، ويميز ما يوسع أفقه الوجودي مما يصادر حريته ويطمس وعيه.

مقالات مشابهة

  • عضو بمجلس الشيوخ الأمريكي: الإمارات أكبر ممول لحملة الإبادة الجماعية في السودان
  • الرئيس الفنزويلي يرد على احتجاز أمريكا لناقلة النفط
  • نيودلهي تواجه الضربة الأمريكية .. محادثات بين مودي وترامب بشأن الرسوم الجمركية
  • الرئيس عون لمجلس كنائس الشرق الأوسط: رسالتكم هي توطيد الحضور المسيحي في الشرق ليكون ثابتا في خدمة قضية الإنسان
  • «الفرنواني يعود بقائمة قوية… ويطرح أكبر خطة تطوير في تاريخ نادي الجزيرة »
  • الرئيس الكوبي: احتجاز أمريكا لناقلة نفط قبالة فنزويلا قرصنة وتصعيد للعدوان
  • في العصر الرقمي تتغير التعريفات
  • الأضخم في تاريخ أمريكا .. إقرار مشروع قانون دفاعي بقيمة 900 مليار دولار
  • اعتقال الرئيس البوليفي السابق في قضية فساد
  • الرئيس الأمريكي: الفساد في أوكرانيا متفش