فريد زكريا عن رسوم ترامب الجمركية: الاقتصاد الأمريكي معروض للبيع
تاريخ النشر: 12th, April 2025 GMT
(CNN)-- تناول محلل الشؤون السياسية ومقدم برنامج GPS على شبكة CNN، فريد زكريا، في مقال حمل عنوان" الاقتصاد الأمريكي معروض للبيع" نشرته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، الجمعة، الرسوم الجمركية التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على شركاء واشنطن التجاريين ثم أعلن تعليقها لمدة 90 يوما ماعدا الصين التي زاد من نسبتها.
وقال زكريا عن تراجع ترامب المفاجئ إنه "لاقى استحسانا عالميا بعد إصراره على عدم التراجع عن رسومه الجمركية، ووصفه كل من حثه على ذلك بالمذعور".
وأضاف أن ترامب "تراجع عن مساره وأوقف تعريفاته الجمركية المتبادلة الضخمة لمدة 90 يوما (باستثناء الصين) ريثما يتفاوض على صفقات مع دول أخرى".
ولكنه لفت إلى الشعور بالارتياح "قد يكون سابقا لأوانه"، لعدة أسباب: "أولًا، لا تزال التعريفات الجمركية الأمريكية عند أعلى مستوى لها منذ أكثر من 100 عام، وفقًا لمختبر الميزانية في جامعة ييل، وهو ما سيكلف الأمريكيين غاليا".
وتابع أن "الأهم من ذلك، أن مفاوضات التعريفات هذه ستؤدي حتمًا إلى سلسلة من الفساد، حيث يتحول الاقتصاد الأمريكي من السوق الحرة الرائدة في العالم إلى المثال الأبرز للرأسمالية المحسوبية".
وقال إن "اقتصاد السوق يعمل على أفضل وجه عندما تكون القيود المفروضة عليه محدودة، وخاصةً عندما تكون هذه القيود واضحة وعادلة وقابلة للتطبيق على الجميع".
وأضاف أنه "كلما ازدادت الضرائب والقواعد واللوائح تعقيدًا، ازداد انعدام الكفاءة، كما تُظهر الدراسات في دولة تلو الأخرى، من الهند إلى نيجيريا إلى المغرب، ولكن الأهم من ذلك، أنه كلما ازداد التعقيد، ازداد الفساد:.
وذكر أن "مع الرسوم الجمركية، تأتي إعفاءات جمركية، غالبًا ما تُمنح بالمئات لصناعات وشركات وحتى منتجات محددة، وفي عامي 2018 و2019، أعلنت إدارة ترامب عن مجموعة متنوعة من الرسوم الجمركية، بما في ذلك 25٪ على الصلب، بالإضافة إلى برنامج إعفاءات؛ وقد تلقت حوالي 500 ألف طلب، وهذا الأسبوع، عندما سُئل ترامب عن كيفية تحديده لهذه الإعفاءات، أجاب: غريزيا، وتشير الدراسات إلى أن غرائز السياسيين عادةً ما تفضل مساهميهم، مما يُشجّع على الفساد، وكان هذا صحيحا في حالة الرسوم الجمركية على مدى معظم التاريخ الأمريكي، إلى أن غير الرئيس فرانكلين روزفلت النظام، ومع مرور الوقت (تحولت سياسة الرسوم الجمركية من سياسة قذرة إلى سياسة نظيفة بشكل ملحوظ)، على حد تعبير(الاقتصادي الأمريكي) بول كروغمان".
وذكر أن "الوضع يزداد سوءا بسرعة، فقد خلصت دراسة أكاديمية مفصلة عن الرسوم الجمركية في ولاية ترامب الأولى إلى أن "الشركات التي استثمرت بشكل كبير في علاقاتها السياسية مع الجمهوريين قبل وأثناء إدارة ترامب كانت أكثر حظا في الحصول على إعفاءات على المنتجات الخاضعة للرسوم الجمركية، وفي المقابل، انخفضت فرص الشركات التي قدمت تبرعات للسياسيين الديمقراطيين في الحصول على إعفاء من الرسوم الجمركية".
ولفت إلى أن هذه الدراسة "تناولت أكثر من 7000 طلب إعفاء من الرسوم الجمركية على الصين في الفترة الأولى، ووجدت أن تبرعًا بقيمة 4000 دولار فقط لمرشحين ديمقراطيين قلل من فرص حصول الشركات على إعفاء إلى أقل من واحد من كل 10، كما يشير تيموثي كارني من معهد أمريكان إنتربرايز (AEI)، وهو مركز أبحاث محافظ، فإن "انتخابات ترامب الأولى خلقت طفرة في جماعات الضغط التجارية" من 921 عميلًا لجماعات الضغط، يعمل أعضاء جماعات الضغط في مجال التجارة، إلى ذروة بلغت 1419 بحلول 2019، مع أعلى الرسوم الجمركية في العالم الصناعي، أصبح السوق الأمريكي مفتوحًا الآن".
وتابع: "ستتجه الدول والشركات إلى واشنطن لعقد صفقات والحصول على استثناءات وإعفاءات وشروط خاصة، وفي الأسابيع القليلة الماضية، أعلنت فيتنام عن سلسلة من الإجراءات الرامية إلى تهدئة إدارة ترامب والحصول على صفقة تجارية جيدة، من بينها: الموافقة على تشغيل مشروع ستارلينك التابع لإيلون ماسك في البلاد، وخطة لتسريع مشروع منظمة ترامب".
وقال: "في الواقع، هناك ما لا يقل عن 19 مشروعًا عقاريًا يحمل علامة ترامب التجارية حول العالم قيد التطوير أثناء فترة رئاسته، وربما العديد من المشاريع الأخرى قيد التنفيذ، وأطلق ترامب شركته الخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي وعملته الرقمية الخاصة؛ ومن المؤكد أن دولًا أخرى ترى في كل هذا دعوة للاستثمار والتأثير على السياسة الخارجية والاقتصادية الأمريكية".
وذكر أنه "كان من المحزن للغاية مشاهدة بعض الرأسماليين الأمريكيين الأسطوريين - شخصيات مرموقة من وول ستريت - يؤيدون عملية إبرام صفقات ستُثقل السوق الحرة الأمريكية بالرسوم الجمركية والضرائب والقواعد والإعفاءات والاستثناءات".
وقال إنه "يجدر بنا أن نتذكر تحذير(العالم الاقتصادي البارز) ميلتون فريدمان المتكرر: يمكنك أن تطلب من أي رجل أعمال بارز أن يلقي عليك خطابًا بليغًا عن مزايا السوق الحرة ولكن عندما يتعلق الأمر بأعمالهم الخاصة، فإنهم يريدون الذهاب إلى واشنطن للحصول على تعريفة جمركية خاصة لحماية أعمالهم حيث يريدون خصمًا ضريبيًا خاصا، ودعمًا ضريبيا".
وتحدث فريد زكريا عن الهند، التي نشأ فيها حيث قال إنها "كانت بلدا مثقلا بالرسوم الجمركية، والحواجز الجمركية العالية المصممة لحماية الصناعة المحلية وحمايتها مما كان يُعتبر منافسةً أجنبية غير عادلة، وأدى ذلك إلى الركود والفقر والفساد المستشري، مما أدى إلى تسييس الاقتصاد بشكل مُفرط، بحيث لا يمكن لأي شركة، مهما كان حجمها، أن تستمر في العمل في الهند دون علاقة جيدة مع الحكومة".
وأضاف: "عندما وصلت إلى أمريكا، شعرت بسعادة غامرة لرؤية أن معظم الشركات تمارس عملها دون أي اكتراث بمن في البيت الأبيض، لكنني الآن أشاهد رواد التكنولوجيا يُجرون مقابلات يشيدون فيها بعبقرية ترامب، وعمالقة وول ستريت يتسابقون لنشر تهنئة للرئيس، على غرار كوريا الشمالية، على براعته في إنقاذ الاقتصاد من أفعاله"، واختتم مقاله بسؤال: "في أي بلد أعيش؟".
أمريكاالصينالهندكوريا الشماليةالإدارة الأمريكيةالحكومة الصينيةالحكومة الهنديةدونالد ترامبنشر السبت، 12 ابريل / نيسان 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: الإدارة الأمريكية الحكومة الصينية الحكومة الهندية دونالد ترامب الرسوم الجمرکیة إلى أن
إقرأ أيضاً:
كيف تحوّلت سياسة ترامب الجمركية إلى «كابوس اقتصادي» للدول النامية؟
فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسوماً جمركية مرتفعة على واردات الولايات المتحدة من العديد من الدول النامية، في سياسة أحدثت انقلاباً جذرياً على التوازنات التجارية التي كانت تستفيد منها هذه الدول لعقود، وأدت إلى إضعاف اقتصاداتها وزيادة الفجوة بين الشمال والجنوب.
الخلفية وتأثير الرسوم الجمركية
عبر سنوات طويلة، منحت الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغنية امتيازات تجارية خاصة للدول النامية، خفضت بموجبها الرسوم الجمركية لتعزيز صادراتها إلى الأسواق العالمية، مما دعم نموها الاقتصادي.
لكن هذه السياسة تغيّرت مع إدارة ترامب، التي فرضت رسوماً جمركية مرتفعة تجاوزت في بعض الحالات 40% على سلع من دول مثل فيتنام، بنغلاديش، ميانمار، ولاوس، مقابل رسوم أقل على الشركاء التجاريين الأقوياء مثل اليابان وكوريا الجنوبية والاتحاد الأوروبي.
هذا التفاوت بين الدول كشف عن مزيج من الحسابات الاقتصادية والسياسية التي تقف خلف سياسات ترامب، ما أدى إلى زيادة معاناة الدول النامية التي تفتقر إلى القوة التفاوضية والتحالفات الاقتصادية، فأصبحت التجارة أداة لتعزيز مصالح القوى الكبرى على حساب فرص النمو في الدول الفقيرة.
تفاصيل الرسوم وأثرها المباشر
ميانمار ولاوس: فرضت عليهما رسوماً جمركية بنسبة 40%، مهددة صادراتهما من الأثاث والملابس إلى الولايات المتحدة، وهو ما قد يوقف نمو هذه القطاعات الحيوية.
الهند: أعلن ترامب رفع الرسوم الجمركية إلى 50% على خلفية خلافات بشأن واردات النفط الروسي.
دول أخرى: سوريا (41%)، العراق وصربيا (35%)، الجزائر (30%)، والبرازيل (50%) في سياق عقوبات سياسية.
يُذكر أن هذه الرسوم أثارت أزمة لدى الدول الفقيرة، لأنها تفقد بموجبها المزايا التي كانت تكفل لها النفاذ السهل إلى السوق الأميركية، ما ينعكس سلباً على اقتصادياتها، وعلى قدرتها التنافسية في الأسواق العالمية.
وأوضح الدكتور محمد عطيف، أستاذ العلاقات الدولية، أن الدول الغنية ترتبط باتفاقيات تجارة حرة مع الولايات المتحدة تُخفض أو تعفي عنها الرسوم الجمركية، في حين تبقى الدول الفقيرة خارج هذه الاتفاقيات، فتُثقل صادراتها برسوم مرتفعة لحماية الصناعات الأميركية.
وأضاف عطيف في مقابلة مع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” أن ضعف القدرة التفاوضية للدول الفقيرة وعدم وجود تحالفات اقتصادية يجعلها عرضة لهذه السياسات غير المتكافئة، إضافة إلى اعتبار سياسي يتمثل في منح مزايا جمركية للدول الحليفة لواشنطن ورفعها ضد الدول المحايدة أو المتباعدة سياسياً.
بدوره، أكد الخبير التجاري ديفيد هينيج من المركز الأوروبي للاقتصاد السياسي الدولي أن سبب تضرر بعض الدول بشكل كبير هو الفوائض التجارية الكبيرة التي تحققها مع الولايات المتحدة، والتي اعتبرها ترامب “تهديداً غير عادي واستثنائياً للأمن القومي والاقتصاد الأميركي”.
ويرى محمد رجائي بركات، خبير الشؤون الأوروبية، أن فرض الرسوم المرتفعة على منتجات الدول النامية يهدف إلى حماية الصناعات الأميركية والأوروبية من منافسة المنتجات منخفضة التكلفة، خاصة المصنّعة منها، بينما تظل المواد الخام التي تحتاجها الدول الصناعية منخفضة الرسوم لتعزيز استيرادها.
وأشار إلى أن اتفاقيات الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والدول النامية تتضمن ترتيبات موسمية للرسوم الجمركية، تحمي الإنتاج المحلي الأوروبي في أوقات الوفرة، وتسمح بتصدير منتجات زراعية منخفضة الرسوم في الفترات التي يقل فيها الإنتاج.
كما لفت بركات إلى اتفاقيات الصيد البحري التي تتيح لسفن الاتحاد الأوروبي العمل في المياه الإقليمية للدول النامية مقابل مبالغ مالية غير عادلة، في حين تُفرض رسوم جمركية مرتفعة على صادرات هذه الدول البحرية، ما يقيد تطور قطاعها البحري.