وفي الحلقة الخامسة من برنامج "مع تيسير"، قال ولد الوالد إن بيعة أمير تنظيم لا تعني مسايرته في كل ما يريد، لأنه ليس خليفة للمسلمين، مشيرا إلى أن هذه البيعة إنما هي للتعاون على البر والتقوى والجهاد في سبيل الله.

بل إن المسلم -كما يقول ولد الوالد- ليس ملزما بمتابعة الخليفة الذي ارتضى به المسلمون في حرب ليست لها أسس شرعية، والدليل على ذلك أن بعض الصحابة رفضوا الحرب مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه رغم مبايعتهم له.

وكان ولد الوالد مكلفا بتعليم المجاهدين في عدد المراكز التابعة لتنظيم القاعدة، وقد تنبه إلى أهمية وضع برنامج فكري علمي وتربوي لتصحيح المفاهيم المغلوطة التي يقول إنه شاهدها منتشرة بين المجاهدين في مدينة بيشاور الباكستانية.

ولم يخف المفتي السابق للقاعدة طغيان الجانب السياسي على الجانبين الفكري والروحي بين المجاهدين الأفغان قبل الانتصار على السوفيات وبعده، وهو الأمر الذي جعل السياسة هي شاغلهم الرئيسي وليس الدين.

وانضم ولد الوالد للجنة القاعدة الشرعية، وساهم في وضع برامج تربوية وعلمية وشارك في تطبيقها على المجاهدين في عدد من المعسكرات والجبهات والمدن.

تبدل مواقف قادة الجهاد

وقال ولد الوالد إن حكومات باكستان في عهد بينظير بوتو ومن بعدها نواز شريف، كانت تساوم المجاهدين، حتى إن بن لادن دعم نواز شريف بمبلغ مالي كي يساعده على الفوز في الانتخابات أمام بينظير بوتو.

إعلان

وفسَّر المفتي السابق للقاعدة هذا السلوك بأنه كان محاولة من بن لادن للموازنة بين المنافع والمفاسد وليس إيمانا منه بالانتخابات، وقال إن بوتو كانت أشد خطرا على المجاهدين من شريف.

وكان قادة الجهاد كلهم غير مقتنعين بمشاركة أي تيار للمجاهدين في حكم أفغانستان بعد الذي قدموه في مواجهة السوفيات، كما يقول ولد الوالد.

ومن المفارقات، أن زعيم حزب الدعوة الإسلامية عبد رب الرسول سياف، أكد لولد الوالد أن وجود وزير واحد من غير المجاهدين في حكومتهم سيفسدها، رغم أن الرجل نفسه -كما يقول المتحدث- هو الذي تحالف مع حلف شمال الأطلسي (ناتو) لإسقاط حكومة طالبان عام 2001.

ويعتبر ولد الوالد أن هذين الموقفين المتناقضين لسياف لا يعكسان فقط التغيرات في المواقف بين رموز الجهاد الأفغاني وانتقالهم من النقيض إلى النقيض وحسب، ولكنهما برأيه دليل على حالة "الطوباوية" التي كانوا يعيشونها خلال مقارعة السوفيات والتي انهارت أمام السياسة.

وخلال وجوده في بيشاور، التقى ولد الوالد بأهم رجلين في تنظيم القاعدة بعد بن لادن، وهما أبو حفص المصري وأبو عبيدة البنجشيري، الذي طلب منه تقريرا للتعريف بموريتانيا، وذلك لإرسال مجموعة من طلاب العلم إليها.

ولم يقض ولد الوالد في رحلته إلى أفغانستان إلا شهورا انضم خلالها للقاعدة، ثم عاد إلى موريتانيا لمواصلة التعليم الذي توقف عنه بشكل مؤقت للمشاركة في الجهاد.

وكما سافر إلى أفغانستان عن طريق السعودية، عاد منها عبر الطريق نفسه، وحدث أن سقط الحكم الشيوعي في كابل خلال وجوده في مكة لأداء العمرة قبل العودة إلى موريتانيا.

وعندما اندلع القتال على حكم أفغانستان بين الجمعية الإسلامية التي كان يقودها برهان الدين رباني من جهة والحزب الإسلامي بقيادة قلب الدين حكمتيار من جهة أخرى، رفض المجاهدون العرب الانخراط فيه، كما يقول ولد الوالد.

إعلان

وبسبب هذا الاقتتال، ومن قبله التضييق الذي بدأت باكستان ممارسته ضدهم، شد المجاهدون العرب رحالهم إلى السودان، الذي قال ولد الوالد إن بن لادن سافر إليه بعدما تلقى معلومات تفيد بأنه بات هدفا لبعض أجهزة الاستخبارات الأجنبية.

12/4/2025

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات المجاهدین فی ولد الوالد کما یقول بن لادن

إقرأ أيضاً:

طالبان تبحث عن موطئ قدم بين حسابات الصين وباكستان المعقدة

في تطور دبلوماسي لافت يعكس تصاعد الاهتمام الإقليمي بالملف الأفغاني، احتضنت العاصمة الصينية بكين اجتماعًا ثلاثيا جمع وزراء خارجية كل من أفغانستان أمير خان متقي، والصين وانغ يي، وباكستان محمد إسحاق دار.

ناقش اللقاء جملة من القضايا ذات البعد الأمني والاقتصادي، وسط أجواء إقليمية مشحونة بالتوتر، لا سيما في ظل التصعيد الأخير بين الهند وباكستان.

ويؤكد الاجتماع سعي بكين للعب دور محوري في إعادة ضبط التوازنات في جوارها المضطرب، وفتح قنوات تنسيق جديدة بين كابل وإسلام آباد تحت رعاية صينية.

اللقاء الثلاثي ناقش جملة من القضايا ذات البعد الأمني والاقتصادي (وزارة الخارجية الصينية) سياق الاجتماع وتوقيته السياسي

جاء الاجتماع الثلاثي في بكين في توقيت سياسي بالغ الحساسية، إذ سبقته تطورات لافتة في المشهد الإقليمي تشير إلى تحولات في مواقف بعض القوى الإقليمية تجاه حكومة طالبان.

وكانت هيئة الإذاعة البريطانية كشفت عن زيارة سرية قام بها إبراهيم صدر، نائب وزير الداخلية في حكومة طالبان والمقرّب من زعيم الحركة هبة الله آخوند زاده، إلى الهند، مما أثار تساؤلات عن أبعاد هذا التحرك ورسائله السياسية.

ولم يمض وقت طويل حتى أجرى وزير الخارجية الهندي سوبرامانيام جايشانكار اتصالا هاتفيا نادرا بنظيره في حكومة طالبان، أمير خان متقي، في خطوة مفاجئة تعكس تغيرا في سياسة نيودلهي تجاه كابل، رغم عدم اعترافها الرسمي بالحكومة القائمة هناك.

إعلان

وخلال الاتصال، عبّر جايشانكار عن تقدير بلاده لإدانة طالبان الهجوم الذي وقع في منطقة باهالغام، وتم التطرق إلى إمكانية توسيع مجالات التعاون الثنائي، وهو ما اعتُبر محاولة هندية لإعادة التموضع في الساحة الأفغانية بعد فترة من العزوف الحذر.

هذا الانفتاح الهندي أثار قلق كل من بكين وإسلام آباد، اللتين سارعتا -حسب مراقبين- إلى التحرك المشترك عبر عقد هذا الاجتماع الثلاثي، في محاولة لاحتواء المسار الهندي ومنع توسعه على حساب مصالحهما.

ويرى الكاتب الباكستاني نصرت جاويد أن كلا من الصين والهند تحاولان تعميق تواصلهما مع طالبان، لكن من منطلقات مختلفة، فبينما تسعى بكين إلى دمج كابل في رؤيتها الاقتصادية والأمنية عبر مبادرة "الحزام والطريق"، تتجه نيودلهي إلى استثمار علاقتها بطالبان بهدف خلق أدوات ضغط جديدة على باكستان، وربما توظيف ما يسمّيها ـ"تجربة المجاهدين" لتنفيذ أنشطة مزعزعة داخل الأراضي الباكستانية، على حد قوله.

وانطلاقا من هذا التقدير، يمكن قراءة الاجتماع الثلاثي ليس فقط بوصفه منصة حوار حول الأمن الإقليمي، بل بوصفه جزءا من صراع خفي على النفوذ في أفغانستان، تحاول فيه الصين وباكستان تثبيت أقدامهما ومنع خصومهما من ملء الفراغ الجيوسياسي الذي خلّفه انسحاب الولايات المتحدة وحلفائها.

اتصال جايشانكار بأمير خان متقي يعد خطوة مفاجئة تعكس تغيرا في سياسة نيودلهي تجاه كابل (الفرنسية) الصين.. طموح اقتصادي بثقل سياسي

رغم أن الصين لم تمنح بعد اعترافا رسميا لحكومة طالبان، فإنها تتعامل مع الواقع الجديد في كابل بمنهج براغماتي يجمع بين هواجس الأمن القومي ومصالحها الاقتصادية الإستراتيجية.

فمنذ سيطرة الحركة على الحكم في أغسطس/آب 2021، حرصت بكين على إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة، ووصل الأمر إلى حد قبول سفير لحكومة تصريف الأعمال الأفغانية في بكين، وهي في ذلك مدفوعة بقلق متزايد من احتمال تحوّل الأراضي الأفغانية إلى ملاذ لجماعات انفصالية يمكن أن تؤثر على استقرار إقليم شينجيانغ الصيني ذي الأغلبية المسلمة المتاخمة لأفغانستان.

إعلان

لكن الهاجس الأمني ليس المحرك الوحيد لبكين، فالموارد المعدنية الغنية في أفغانستان، خصوصا الليثيوم والنحاس والذهب، تمثل عامل جذب هائلا للاستثمارات الصينية، في وقت تتجه فيه الدولة الآسيوية العملاقة إلى تأمين إمداداتها من المواد الخام لدعم صناعاتها المتقدمة.

وتنظر الصين أيضًا إلى أفغانستان بوصفها حلقة وصل جغرافية مهمّة ضمن مشروع "الحزام والطريق"، إذ يمكن إدماجها في منظومة الربط البري بين الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني (CPEC) ودول آسيا الوسطى.

وفي هذا السياق، تشجع بكين دعم مشاريع البنية التحتية وتعزيز شبكات النقل والطاقة الإقليمية التي تمر عبر الأراضي الأفغانية.

وكما أشار الكاتب الباكستاني نصرت جاويد، فإن الصين "ترغب في ربط أفغانستان بدول آسيا الوسطى عبر ميناء غوادر، بما يجعل هذا الميناء نقطة النهاية لممر تجاري واسع يمتد من تركمانستان إلى أوزبكستان وطاجيكستان".

باكستان.. شريك يواجه تحديات في علاقة معقدة

تُعد باكستان طرفا رئيسيا في المعادلة الأفغانية، لكن علاقتها مع حكومة طالبان تمرّ بمنعطفات متوترة في الآونة الأخيرة.

فعلى الرغم من الروابط القديمة التي جمعت الطرفين، برزت خلافات أمنية متزايدة، لا سيما بسبب تصاعد هجمات حركة "طالبان باكستان" على القوات الباكستانية.

ودفع هذا التوتر إسلام آباد إلى اتخاذ مواقف أكثر صراحة تجاه حكومة طالبان، بما في ذلك توجيه اتهامات علنية بالتقصير في التعاون الأمني. وفي هذا الإطار، جاء الاجتماع الثلاثي كمحاولة لإعادة ضبط العلاقات وتعزيز التنسيق الأمني.

ومن جهته، يرى الخبير السياسي والاقتصادي الأفغاني مزمل شينواري أن الاجتماع كان يحمل أبعادا سياسية وأمنية مزدوجة لكل من باكستان والصين؛ إذ سعت إسلام آباد إلى استعادة بعض من نفوذها التقليدي على طالبان بعد التراجع الحاصل، بينما كانت بكين معنية بالحصول على تطمينات واضحة من الحركة بشأن عدم استخدام الأراضي الأفغانية من قبل جماعات انفصالية معادية لمصالحها.

وبناء على هذه الأهداف -وفق مصادر باكستانية- شدد الوفد الباكستاني خلال المباحثات على ضرورة تفعيل آلية ثلاثية لمراقبة الحدود وتحجيم نشاط الجماعات المسلحة العابرة لها، إلى جانب الدفع باتجاه إدماج أفغانستان في مشروع الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني كوسيلة لضمان أمن باكستان ولإعادة استقرار المنطقة.

إعلان أفغانستان.. بحث عن اعتراف ومصالح

بالنسبة إلى حكومة حركة طالبان، فإن حضور الاجتماع الثلاثي في بكين لا يقتصر على مجرد تنسيق دبلوماسي، بل يُعد جزءا من إستراتيجية أشمل تهدف إلى كسر العزلة الدولية والبحث عن اعتراف إقليمي يمنحها غطاء سياسيا واقتصاديا.

ففي ظل استمرار العقوبات الغربية وتجميد الأصول المالية، تسعى طالبان إلى مد جسور الثقة مع الدول المحورية في محيطها، وعلى رأسها الصين وباكستان.

وحسب التصريحات المعلنة، سعى أمير خان متقي خلال الاجتماع إلى طمأنة الجانبين الصيني والباكستاني بشأن التزامات كابل الأمنية، مؤكدا استعداد حكومته للانخراط في المشاريع الإقليمية الكبرى، لا سيما تلك المرتبطة بالممر الاقتصادي الصيني الباكستان.

احتواء التوتر وكبح التقارب مع الهند

وفي ظل التصعيد المتواصل بين كابل وإسلام آباد، وما يصاحبه من تبادل الاتهامات بشأن دعم جماعات مسلحة تنشط على طرفي الحدود، برزت الصين كوسيط حذر يحاول منع انزلاق العلاقة بين الطرفين نحو مواجهة مفتوحة، قد تُهدد استقرار محيطها الإقليمي.

ومن خلال استضافتها هذا الاجتماع، بعثت بكين برسالة مفادها أنها ليست مجرد داعم اقتصادي لأفغانستان، بل إنها طرف معني بإعادة ضبط الإيقاع السياسي بين الجارتين، وهو ما ينسجم مع رؤيتها لدور أكثر فاعلية في هندسة التوازنات الإقليمية.

كذلك يرى أحد الكتّاب الباكستانيين المقربين من دوائر صنع القرار في إسلام آباد، في حديثة للجزيرة نت، أن "الصين -بوصفها جارا مباشرا لكل من باكستان وأفغانستان- تنظر بقلق متزايد إلى حالة انعدام الثقة بين البلدين، وتسعى لتقريب المسافات بينهما بما يرسخ الاستقرار الإقليمي الضروري لمصالحها الإستراتيجية".

وفي هذا السياق، يُنظر إلى الاجتماع الثلاثي على أنه بداية لمرحلة جديدة من الانفتاح بين كابل وإسلام آباد، قد تُمهد لتفعيل آليات أمنية مشتركة ومشاريع اقتصادية، تصب في مصلحة الأطراف الثلاثة.

(الجزيرة) بين بكين ونيودلهي.. حسابات الصين المعقدة

ورغم أن الصين تتفهم حاجة حكومة طالبان لتوسيع علاقاتها الدولية، فإن تقاربا محتملًا بين كابل ونيودلهي يثير قلقها، خاصة بعد تطور العلاقات بين الهند وأفغانستان التي توجت بالاتصال الهاتفي الأخير بين وزيري الخارجية في البلدين، الذي فُسر على أنه مؤشر على رغبة هندية في إعادة التموضع داخل الملف الأفغاني.

إعلان

وترى بكين في هذا الانفتاح خطرا على توازنات التحالفات الإقليمية، لا سيما أنه قد يفتح الباب أمام نفوذ هندي أوسع في الساحة الأفغانية، ويربك الحسابات الجيوسياسية ويهدد مشروع "الحزام والطريق"، خاصة الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني الذي يمر عبر مناطق في الجزء الباكستاني لمنطقة كشمير المتنازع عليها ومناطق غير مستقرة أمنيًا على الحدود مع أفغانستان.

لذلك، تتحرك الصين بدقة، ساعية إلى إدماج طالبان ضمن معادلة نفوذ محسوبة لا تخرج عن حدود الاصطفاف مع بكين وإسلام آباد. فبالنسبة لها -وفق مراقبين- فإن الانفتاح على كابل لا يعني منحها تفويضا مطلقا، بل تطويع هذا الانفتاح في إطار منظومة تضمن الأمن والتنمية، دون المساس بتوازنات التحالف الإستراتيجي القائم مع باكستان.

الأمن الإقليمي والتحديات المشتركة

يفهم من التصريحات الصادرة عن المسؤولين في الدول الثلاث أن المحور الأمني كان على جدول أعمال الاجتماع الثلاثي، ففي ظل تنامي المخاوف من تحوّل أفغانستان إلى ملاذ آمن للجماعات المسلحة العابرة للحدود، وعلى رأسها "داعش- خراسان" و"تحريك طالبان باكستان".

وتنظر الصين، التي تخشى من تداعيات هذه الجماعات على أمن إقليم شينجيانغ، إلى الاستقرار في أفغانستان على أنه جزء من أمنها القومي الداخلي. أما باكستان، فترى في تصاعد الهجمات المنطلقة من الأراضي الأفغانية تهديدا مباشرا لأمنها واستقرارها الداخلي.

وقد حرص أمير خان متقي وزير خارجية حكومة طالبان على تهدئة مخاوف الجانبين، مؤكدًا أن "الأراضي الأفغانية لن تُستخدم ضد جيرانها"، في محاولة لإثبات جدية التزام حركته بسياسة عدم التدخل.

في هذا السياق، لا يستبعد المراقبون أن يكون المجتمعون قد ناقشوا سبل تعزيز التنسيق الأمني عبر تبادل المعلومات وتفعيل قنوات اتصال دائمة بين بكين وكابل وإسلام آباد، وهو ما عكسته نبرة البيان الختامي الحذرة.

إعلان الاقتصاد.. أفغانستان على حافة الحزام والطريق

كشف الشق الاقتصادي من المحادثات عن تطلع بكين وإسلام آباد إلى دمج أفغانستان تدريجيا في مشروع الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني، أحد أبرز مشروعات مبادرة الحزام والطريق.

هذا الطموح يفتح أمام كابل آفاقًا واعدة للانخراط في شبكات الطرق والطاقة الإقليمية، وتحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة، خاصة في ظل شح الموارد والاستثمارات الغربية.

ووصف متقي الصين بأنها "أحد أهم الشركاء الاقتصاديين لأفغانستان"، مما يعكس رغبة حكومته في تقوية العلاقات مع بكين.

كما أفاد نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية ضياء أحمد تكل بأن وزير الخارجية الصيني السابق وانغ يي تعهد بتسهيل واردات المنتجات الأفغانية، وبتقديم دعم اقتصادي وسياسي مستمر.

من جهته، أوضح الخبير الاقتصادي ووكيل وزارة التجارة الأفغاني السابق مزمل شينواري أن لدى الصين حاليًا مشروعين كبيرين في أفغانستان: استخراج النفط في الشمال، ومشروع النحاس في منطقة عينك، إضافة إلى اهتمام متزايد بالحصول على امتياز استخراج الليثيوم، أحد المعادن الإستراتيجية في المستقبل.

وتطمح بكين، من خلال إدماج كابل في مشروع الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني، إلى توجيه جزء كبير من تجارة أفغانستان السنوية، المقدرة بـ8 إلى 10 مليارات دولار، إلى ميناء غوادر الخاضع لسيطرتها في إقليم بلوشستان الباكستاني.

وأكد الجانب الصيني من جديد، عبر تصريحات نائب المتحدث باسم طالبان، أن بكين "لن تتردد في تقديم أي دعم مطلوب للتنمية الاقتصادية في أفغانستان"، في حال توفرت البيئة السياسية والأمنية الملائمة.

ويتضح من ذلك أن بكين لا تسعى فقط إلى شراكة اقتصادية مع كابل، بل إلى تطويع هذه الشراكة ضمن معادلة شاملة تدمج الأمن والسياسة والمصالح الإستراتيجية، دون التفريط بتوازناتها الحساسة مع إسلام آباد.

مكاسب محتملة وتعقيدات مستمرة

يبدو أن اجتماع بكين الثلاثي وضع حجر الأساس لتحول إقليمي جديد يدمج بين الأبعاد الأمنية والاقتصادية والسياسية.

ففي الجانب الأمني، أظهر اللقاء مؤشرات إيجابية لتحسين التنسيق بين الدول الثلاث، خصوصًا في ضبط الحدود ومكافحة الجماعات المسلحة، مما قد يحد من انتشار الفوضى ويمنح أفغانستان فرصة لإعادة ترتيب أولوياتها.

إعلان

ويُعتبر إدماج طالبان في مشروع الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني نجاحا سياسيا لباكستان، حسب ما ذكر نصير أحمد أنديشه، السفير والممثل الدائم لأفغانستان لدى الأمم المتحدة في جنيف، مشيرا إلى دور الصين بوصفها وسيطا فاعلا للضغط على طالبان من أجل التعاون في مواجهة حركة طالبان باكستان المسلحة.

واقتصاديا، يُنتظر أن يسهم التعاون الصيني الباكستاني مع كابل في تخفيف الضغوط التي تعاني منها أفغانستان، عبر دعم البنية التحتية وتسهيلات استثمارية وتجارية. وتعكس هذه التحركات رغبة الصين في ترسيخ دورها لاعبا رئيسيا وضامنا للاستقرار في المنطقة.

في خلفية المشهد الإقليمي، تبرز خشية من أن يؤدي هذا التحالف إلى تصعيد التنافس بين بكين ونيودلهي، إذ تتابع الهند بحذر أي تقارب بين الصين وطالبان قد يقلل من نفوذها في آسيا الوسطى وجنوب آسيا.

وفي هذا السياق، حذر زعيم الحزب الإسلامي ورئيس الوزراء الأفغاني الأسبق قلب الدين حكمتيار، عبر تغريدة على منصة إكس، من أن انضمام طالبان إلى الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني قد يثير رد فعل مضادا من الولايات المتحدة والهند وإيران، مؤكدا أن هذا التطور يتناقض مع توقعات واشنطن التي كانت تعتقد أن طالبان سترفض التعاون مع منافسيها.

ختامًا، تبقى نتائج اجتماع بكين مرهونة بقدرة الأطراف على ترجمة الاتفاقات إلى خطوات تنفيذية، وباستعداد كابل وإسلام آباد على تجاوز الخلافات السابقة، في ظل وساطة صينية براغماتية تحفل بحسابات النفوذ والمصالح.

مقالات مشابهة

  • ترامب يقول إن روسيا "تلعب بالنار"
  • «الخارجية» تتسلّم البراءة القنصلية من القنصل العام لجمهورية أفغانستان
  • الإعيسر: أمريكا سارعت باتهام السودان في الوقت الذي تم فيه ضبط أسلحة أمريكية بيد المليشيا المتمردة
  • بثينة الرئيسي: مين يقول روج في 2025 .. فيديو
  • طالبان تبحث عن موطئ قدم بين حسابات الصين وباكستان المعقدة
  • دونالد ترامب يقول إنه سيؤجل فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على الاتحاد الأوروبي حتى يوليو
  • هل تُطبَّق أحكام المسجد على المُصلّى المُقام في محلٍّ مُستأجَر؟.. مفتي الجمهورية يوضح
  • سوال : هل نظام الجباية الذي اسسه المستعمر صالح ليكون نظاما للتنمية الوطنية ؟!
  • كيف تُثقل الضرائب الجديدة كاهل العائلات في أفغانستان؟
  • رحالة يروي أصعب مواقفه بالرحلات العالمية