مسقط "عمان": اهتمت الصحف العربية والعالمية الصادرة الأحد بجولة المحادثات الأولى التي جرت السبت في سلطنة عمان، وأفردت لها مساحات إخبارية وتحليلية بالنظر إلى ما تحمله الجولة من دلالات سياسية عميقة تتجاوز حدود الملف النووي، لتطال مستقبل الاستقرار في الشرق الأوسط. وانقسمت تغطية الصحف العالمية والإقليمية بين من يرى في هذه المحادثات بارقة أمل، وبين من يتعامل معها بتشكك في النوايا والنتائج.

في هذا التقرير، نستعرض أبرز ما نشرته الصحف الأمريكية والبريطانية والإيرانية والعربية حول جولة مسقط، من العناوين إلى التفاصيل، وصولاً إلى قراءة السياقات والاحتمالات.

نيويورك تايمز: انفراج حذر في مسقط

افتتحت صحيفة "نيويورك تايمز" تغطيتها بالإشارة إلى أن المحادثات بين المسؤولين الأمريكيين والإيرانيين، والتي عُقدت بوساطة عُمانية في مسقط، انتهت بمصافحة بين الطرفين ووصف مشترك بأنها كانت "بناءة". ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين أن هذه الجولة قد تفتح الطريق أمام أول مفاوضات رسمية مباشرة بين البلدين في عهد الرئيس دونالد ترامب، منذ انسحابه من الاتفاق النووي التاريخي في 2018.

وأوضحت الصحيفة أن النقاشات تمحورت بشكل أساسي حول منع إيران من تطوير سلاح نووي، دون الإصرار على تفكيك منشآتها النووية، أو مطالبتها بوقف دعمها لجماعات إقليمية مثل حزب الله وحماس والحوثيين. وذكرت أن ستيف ويتكوف، مبعوث ترامب الخاص، لم يطلب من إيران وقف تخصيب اليورانيوم بالكامل، بل ركز على عدم تحويل المواد المخصبة إلى سلاح.

وأشارت الصحيفة إلى أن اللقاء تم على شكل محادثات غير مباشرة، استمرت ساعتين ونصف، حيث جلس الطرفان في غرفتين منفصلتين ونقل وزير الخارجية العماني معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي الرسائل بينهما، قبل أن يلتقي ويتكوف وعراقجي في ختام الجولة لفترة قصيرة.

وتوقفت "نيويورك تايمز" عند تعقيد الخلفيات السياسية، مشيرة إلى استهداف مسؤولين أمريكيين من قبل قراصنة إيرانيين، والتوتر الذي ساد العلاقات بين البلدين خلال حملة الانتخابات الأمريكية 2024. واعتبرت أن رغبة ترامب في التوصل إلى اتفاق تُعد من بين دوافعه لاستئناف هذا المسار، خاصة في ظل رغبته في إبراز إنجاز دبلوماسي وسط فشل مبادراته في غزة وأوكرانيا.

الجارديان البريطانية: نجاح أولي... وإشارات تفاؤل حذر

من جانبها وصفت صحيفة "الجارديان" البريطانية الجولة الأولى من المباحثات بأنها "ناجحة"، موضحة أن المفاوضات غير المباشرة بين طهران وواشنطن ركزت على منع إيران من تحويل برنامجها النووي إلى برنامج تسليحي. وأضافت أن الجانبين اتفقا على عقد جولة جديدة يوم 19 أبريل.

وأشارت الصحيفة إلى أن انهيار المحادثات كان محتملاً لو أصر ترامب على تفكيك البرنامج النووي الإيراني، لكنها رأت في تفادي ذلك مؤشراً على مرونة أمريكية جديدة. كما أبرزت الجارديان دور سلطنة عمان المركزي، حيث وصفته بـ"الوسيط الصامت والموثوق"، واعتبرت أن هذه الجولة أعادت فتح نافذة الحوار التي كانت مغلقة منذ سنوات.

وذكرت الصحيفة أن من أبرز التحديات المطروحة هي كيفية التخلص من مخزون إيران الكبير من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، وسبل إعادة تفعيل نظام الرقابة الدولية على منشآتها.

وول ستريت جورنال: مطالب اقتصادية إيرانية مقابل تقليص التخصيب

ركزت صحيفة "وول ستريت جورنال" في تغطيتها على الشروط الإيرانية، حيث كشفت أن طهران طالبت بالسماح لها بالوصول إلى مليارات الدولارات المجمدة في الخارج، ووقف الضغوط الأمريكية على المشترين الصينيين للنفط الإيراني.

وأشارت إلى أن إيران عرضت في المقابل العودة إلى مستويات التخصيب التي نص عليها اتفاق 2015، لكنها شددت على أنها لن تقبل بتفكيك البرنامج النووي، ولن تتخلى عن طبيعته "السلمية" كما تدّعي.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين أن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قدّم ما وصفه بـ"الخطوط الحمراء" الإيرانية، معرباً عن الاستعداد لمواصلة الحوار، لكن دون تجاوز تلك الحدود.

صحيفة اعتماد الإيرانية: المفاوضات اختبار حقيقي للنوايا

وفي تغطية موسعة، نشرت صحيفة "اعتماد" الإيرانية سلسلة مقالات ومقابلات سلطت فيها الضوء على الزوايا الإيرانية المختلفة. اعتبرت الصحيفة أن المفاوضات في مسقط تُعد بمثابة اختبار مبكر لنيات الطرفين، مشيرة إلى أن الحديث عن اتفاق شامل يبدو بعيدًا، لكن التفاهم على خطوات مرحلية يظل ممكنا.

وقال الدبلوماسي السابق كوروش أحمدي للصحيفة إن المحادثات التي جرت في مسقط ليست سوى بداية لمسار تفاوضي طويل، موضحا أن الاجتماع الأول كان أقرب إلى تحديد الإطار العام والآليات، وليس للخوض في القضايا الجوهرية بعد. وأضاف أن احتمال التوصل إلى اتفاق مؤقت على غرار ما حدث في 2014 يظل قائما.

أما الباحث السياسي حسن بهشتي بور، فقد رأى أن الاتفاق المؤقت بمعناه الزمني (3 إلى 6 أشهر) يعزز مناخ عدم الثقة، ودعا إلى نهج "الإجراء مقابل الإجراء" الذي يضمن خطوات متزامنة لبناء الثقة.

إطلاعات: إشادة إيرانية بالدور العُماني

في المقابل، سلطت صحيفة "إطلاعات" الإيرانية الرسمية الضوء على البيان الصادر عن البيت الأبيض، مشيرة إلى أنه وصف المحادثات بأنها إيجابية وبنّاءة، وأن اللقاء المباشر القصير بين ويتكوف وعراقجي كان بمثابة خطوة إلى الأمام.

كما أبرزت الصحيفة إشادة عراقجي بوساطة وزير الخارجية العماني السيد بدر البوسعيدي، مؤكدا أن اللقاء جرى في أجواء من الاحترام المتبادل، وأن الجانبين اتفقا على الاستمرار في التفاوض خلال الأيام المقبلة.

الجزيرة نت: تأكيد على استمرار المحادثات

أشارت "الجزيرة نت" إلى تصريحات ترامب بأن المحادثات تمضي بشكل جيد، رغم أنه لا يريد الحديث عن تفاصيلها حاليا. كما نقلت عن ستيف ويتكوف تأكيده على أن الجولة القادمة ستُعقد يوم 19 أبريل، في ظل أجواء إيجابية.

وأبرزت الشبكة تصريح البيت الأبيض بأن ويتكوف تلقى تعليمات مباشرة من الرئيس الأمريكي للعمل على حل الخلافات مع إيران بالطرق الدبلوماسية.

موقف إسرائيل: الرفض المطلق

ونقلت معظم الصحف، ومن بينها "نيويورك تايمز" و"الجارديان"، تصريحات لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي قال إن أي اتفاق مع إيران يجب أن يتضمن تدمير المواقع النووية الإيرانية تحت إشراف أمريكي مباشر، وإلا فإن الخيار العسكري سيكون هو الحل الوحيد.

ويرى محللون في توقيت المحادثات دلالة على حاجة كل من واشنطن وطهران إلى تقليل التصعيد. فإيران تعاني من أزمة اقتصادية خانقة بفعل العقوبات، والانقطاعات المتكررة للكهرباء، وتراجع نفوذها الإقليمي، بينما يريد ترامب تحقيق اختراق دبلوماسي في سياق إعادة انتخابه وإخفاقاته الخارجية الأخرى.

وفي المقابل، تبقى إسرائيل متحفزة عسكريا، فيما تراقب العواصم الخليجية المسار بحذر، في ظل إدراك أن أي انفجار في العلاقات الأمريكية الإيرانية قد يؤثر مباشرة على أمنها الداخلي والاقتصادي.

وتشير جولة مسقط إلى بداية انفراج دبلوماسي محتمل، وإن كان هشًا. غياب الشروط المسبقة، والإقرار المتبادل بالحاجة إلى الحوار، وتأكيد جميع الأطراف على أجواء إيجابية، هي مؤشرات مشجعة. غير أن عقبات كثيرة لا تزال قائمة: من بينها مخزون اليورانيوم المخصب، ومطالب إيران الاقتصادية، وتحفظات إسرائيل.

وركزت الصحف في تغطيتها على أن سلطنة عُمان، تبقى كعادتها، الدولة التي تنجح في الحفاظ على مكانتها كوسيط موثوق في واحدة من أعقد ملفات المنطقة، ما يعزز دورها الإقليمي المتزن. الجولة الثانية من المفاوضات، المقررة يوم 19 أبريل، ستكون اختبارا عمليا للنيات، وقد تحدد إن كانت هذه العودة إلى طاولة المفاوضات ستؤسس لمسار تفاوضي جديد، أم أنها لحظة دبلوماسية عابرة في مشهد معقّد.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: نیویورک تایمز فی مسقط إلى أن

إقرأ أيضاً:

ماذا سيحدث فى العام الجديد

مع اقتراب العام الجديد، تقف مصر والعالم أمام لوحة متحركة من التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بعضها بات واضح الملامح، وبعضها لا يزال ينتظر لحظة التشكل. 
عام يفتح أبوابه على احتمالات واسعة، من موجات اقتصادية جديدة إلى تغيرات فى خرائط النفوذ الإقليمى، وصولا إلى تحولات مجتمعية وتقنية ستطال حياة المواطنين اليومية. السؤال: ماذا سيتغير فعلًا فى العام الجديد؟
فى مصر يدخل العام الجديد والبرلمان المصرى مقبل على تغييرات مهمة بعد إعادة الانتخابات فى عدد من الدوائر وحديث الرئيس السيسى الصريح عن «الخروقات» وضرورة ضبط الإيقاع الانتخابى.
من المتوقع صعود وجوه برلمانية جديدة من خارج الأحزاب التقليدية.
مع إعادة تقييم قوانين مثل مباشرة الحقوق السياسية وتقسيم الدوائر.
ومن المرجح بدء حوار داخلى حول مستقبل الإشراف القضائى الكامل على الانتخابات.
كل ذلك يضع السياسة المصرية أمام مرحلة «تصحيح مسار هادئ» بهدف استعادة الثقة وضخ دم جديد فى الحياة النيابية.
وفى الاقتصاد رغم التوقعات المتفائلة حول تراجع التضخم عالميا، إلا أن الاقتصاد المصرى سيظل يواجه اختبارات حقيقية، أبرزها:
ملفات أسعار الوقود التى قد تعود للارتفاع رغم تصريحات رسمية سابقة.بجانب ضغوط خدمة الدين والاحتياج لمزيد من الاستثمارات الخارجية.
لكن فى المقابل، ينتظر مصر تدفق استثمارات فى الطاقة الجديدة، خصوصا الهيدروجين الأخضر، وتعافى تدريجى لقطاع السياحة بعد افتتاح المتحف المصرى الكبير، وقيام الحكومة فى التوسع فى سياستى «الرخصة الذهبية» و«توطين الصناعة».
السوشيال ميديا ستلعب الدور الأبرز فى تشكيل الرأى العام، وفى بعض الأحيان الضغط على مؤسسات الدولة نفسها بشكل أكبر من العام المنصرم على مستوى العالم فإن العام الجديد سيكون امتدادا لصراعات معلقة فى لبنان وغزة سيكون هناك استمرار لحالة اللاسلم واللاحرب بين إسرائيل وحزب الله، واحتمالات انفجار مفاجئ قائم دائما.
فى الخليج سوف تستمر التهدئة الإقليمية لكن مع تنافس اقتصادى شرس بين السعودية والإمارات وقطر لجذب الاستثمارات العالمية.
مصر لها مكاسب محتملة مع تصدر دور الوساطة وعودة ثقلها الإقليمى كضامن للاستقرار، أما أوروبا فسوف تواصل القلق من الحرب فى أوكرانيا والركود.
فى مجال التكنولوجيا من المرجح أن يشهد العالم ذكاء اصطناعى أكثر جرأة مع دخول العالم مرحلة جديدة من الذكاء الاصطناعى ستغير فى الإعلام والصحافة وأشكال الدعاية السياسية. وأنماط العمل والوظائف التقليدية.. وسيصبح السلاح المعلوماتى أقوى أدوات النفوذ الدولى.
أنه بحق عام تتشابك فيه المخاطر والفرص..العام الجديد كما هو واضح من مقدمات دخوله لا يعد المصريين ولا العالم بالهدوء، لكنه يعد – كعادته – بالتغيير. السؤال الحقيقى ليس: ماذا سيتغير؟
بل: كيف ستتفاعل مصر مع هذه التغييرات؟
هل ستستثمر موجة الإصلاح السياسى المقبلة؟ هل ستوازن بين الضغوط الاقتصادية وفرص الاستثمار؟ وهل ستنجح فى تعزيز موقعها إقليميا وسط عالم يتشكل من جديد؟
عام جديد... والدولة المصرية أمام لحظة تستحق أن تكتب بعناية، وأن تدار بجرأة، وأن تقرأ بوعى.

[email protected]

مقالات مشابهة

  • صحيفة: حكومة نتنياهو تُوزع الاتهامات عن هجوم سيدني وتستثني نفسها
  • "حماس" بذكرى انطلاقتها: "طوفان الأقصى" بداية حقيقية لدحر الاحتلال وندعو العالم للجم جرائمه
  • راديو جامعة قناة السويس ينظم جولة تدريبية لطلاب كورس المذيع المحترف بالإنجليزية
  • انطلاق جولة الإعادة من انتخابات مجلس النواب 2025 للمصريين بالخارج يومي 15 و16 ديسمبر
  • فوضى في جولة ميسي الهندية بعد إلقاء مشجعين الزجاجات بسبب سوء التنظيم
  • عاجل- رئيس الوزراء يتدخل خلال جولة «حياة كريمة» ويعيد مواطنًا إلى عمله بالقليوبية
  • جولة انتخابية حاشدة للمهندس باسم حجازي في قرية "الشمارقة" بكفرالشيخ
  • ماذا سيحدث فى العام الجديد
  • علامة استفهام كبيرة.. إعلامي يثير الجدل بشأن نجم الزمالك..ماذا حدث؟
  • تأجيل مفاجئ لجولة مفاوضات الأسرى اليمنيين في مسقط رغم اكتمال وصول الوفود