شدد تقرير نشره موقع "هافينغتون بوست" على استخدام الصين ورقة "العناصر الأرضية النادرة" للضغط على الولايات المتحدة في خضم حرب الرسوم الجمركية المحتدمة، موضحا أن بكين فرضت قيودا على تصدير سبعة عناصر بالغة الأهمية للصناعات التكنولوجية والعسكرية الأمريكية.

وقال الموقع في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن أكبر اقتصادين في العالم اندمجا بطريقة شبه تكافلية خلال العشرين عامًا الماضية، والآن يهدد أي انفصال محتمل بانهيار الاقتصاد العالمي.



وأوضح الموقع أن الصين أصبحت منذ انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية قبل 23 عاما ترسا رئيسيا في النظام التجاري الأمريكي. فمن الهواتف الذكية إلى الألعاب، مرورًا بقطع الغيار الصناعية، تطورت شركات أمريكية بأكملها على فرضية أن الوصول إلى المنتجات الصينية أمر سهل ومضمون.

ووفقًا لمؤسسة "غولدمان ساكس"، فإن الصين تعد المورد المهيمن على أكثر من ثلث السلع التي تستوردها الولايات المتحدة.

حظر جزئي للمعادن النادرة
وأضاف الموقع أن الخطر الحقيقي في ظل الأزمة الحالية هو أن الصين تسيطر على العديد من الموارد التي يصعب على أمريكا إيجاد بدائل لها، والأكثر خطورة هي بعض المعادن التي تُستخدم بكميات ضئيلة جدا، لكنها أساسية في عدد من المنتجات عالية التقنية مثل البطاريات، ومصادر الطاقة المتجددة، والأسلحة، والأجهزة الطبية.


ومن بين هذه المعادن، تلك التي تُعرف بـ"العناصر الأرضية النادرة"، وهي الجزء الأصعب الأخطر والأصعب في عملية البحث عن بدائل، ويصفها البعض بـ"المدفعية الثقيلة" للرئيس الصيني شي جين بينغ.

وفرضت بكين قيودا على مبيعات سبعة من هذه العناصر للولايات المتحدة، وهي الساماريوم، والغادولينيوم، والتيربيوم، والديسبروسيوم، واللوتيزيوم، والسكانديوم، والإيتريوم.

وأشار الموقع إلى أن جميع هذه العناصر تتمتع بخصائص مغناطيسية كبيرة، وهي أساسية في صناعة السيارات الكهربائية، والتوربينات الهوائية، والروبوتات، والأسلحة الدقيقة، والرقائق الخاصة بالذكاء الاصطناعي، وغيرها من الصناعات.

ومن بين الشركات الأمريكية التي تستخدم العناصر الأرضية النادرة الصينية، شركات كبرى مثل لوكهيد مارتن، تسلا، آبل، بوينغ، رايثيون، وهانيويل.

وذكر الموقع أن العناصر الأرضية النادرة ليست نادرة إلى الحد الذي يوحي به اسمها، لكن المشكلة الحقيقية هي أن تركيزها منخفض، ومن الصعب فصلها كيميائيا عن الصخور، وهي عملية مكلفة ومُلوِّثة وتتطلب مهارات تقنية متخصصة، ولهذا فضلت الولايات المتحدة على مر السنين إسناد عملية استخراجها إلى دول أخرى.

وتهيمن الصين حاليا على السوق، وتسيطر بشكل خاص على إنتاج العناصر الأرضية النادرة الثقيلة، وهي تحديدًا العناصر السبعة التي قيّدت بيعها جزئيا للولايات المتحدة قبل عدة أيام، حيث ينص القرار الصيني على إلزام المنتجين الصينيين بطلب تراخيص تصدير، لكنه قد يتحول إلى حظر كلي، حسب التقرير.

الأضرار المحتملة
كانت الصين فرضت قيودا على تصدير معدنين حرجين (من غير العناصر الأرضية النادرة)، وهما الغاليوم والجرمانيوم، ويُستخدمان في الأقمار الصناعية، والرقائق الإلكترونية، وأنظمة الرادار، وغيرها من الصناعات. وفي كانون الأول/ ديسمبر الماضي، حظرت الصين تمامًا بيع المعدنين إلى الولايات المتحدة.

وأوضح الموقع أن ذلك الحظر أدى إلى ارتفاع كبير في الأسعار لكنه لم يسبب أزمة حقيقية في الإمدادات، ويعود ذلك إلى وجود مخزون كافٍ أو الاستيراد من دول أخرى.

لكنّ الحظر الأخير، وفقا للموقع، يُحتمل أن يُلحِق أضرارًا أكبر، لأن العناصر الأرضية النادرة الثقيلة هي الأقل قابلية للاستبدال.

وتقوم الصين بتكرير ما يقرب من 98 بالمئة من المعروض العالمي، وتمتلك السيطرة الكافية لفرض الالتزام بالحظر. ووفقا لمجلة "الإيكونوميست"، فإن الحكومة الصينية قادرة على تتبع كل طن من العناصر الأرضية النادرة المستخرجة والمكررة داخل الصين ومراقبة وجهتها النهائية، كما يمكنها منع أي عمليات تصدير غير مباشرة، من خلال معرفة ما إذا كان أحد العملاء يعتزم إعادة التصدير إلى أمريكا.

وتقول ميليسا ساندرسون، الخبيرة في شؤون التعدين والمسؤولة السابقة في وزارة الخارجية الأمريكية: "إذا قررت الصين أن تأخذ المسألة على محمل الجد، فقد تكون الأضرار الجانبية كبيرة جدًا، لأنه في تلك الحالة ستسعى بكين إلى إغلاق كل طرق الالتفاف".

ويتوقع الموقع أن تؤدي الإجراءات الصينية إلى تناقص الكميات في فترة قصيرة، مما سيتسبب بمشكلات خطيرة لعدد كبير من القطاعات، من الدفاع إلى التقنيات الخضراء، مثل التوربينات الهوائية والمحركات الكهربائية.


ويرى الموقع أن هذا الخيار قد لا يكون في مصلحة الصين نفسها، لأنه سيؤدي إلى انخفاض الطلب، ويدفع الولايات المتحدة (وكذلك العديد من الدول الأخرى) إلى البحث عن بدائل.

وحسب الموقع، فإن ذلك قد يجعل ترامب أكثر هوسا بالسيطرة على غرينلاند وأوكرانيا، فكلاهما غني بالموارد المعدنية. وتمتلك غرينلاند 43 معدنا من أصل 50 تعتبرها الحكومة الأمريكية "معادن حرجة"، وتمتلك أوكرانيا عنصرين استراتيجيين، وهما الليثيوم والتيتانيوم.

أما الولايات المتحدة، فلديها منجم واحد فقط للعناصر الأرضية النادرة في ولاية كاليفورنيا، ومع ذلك تحتل المرتبة الثانية عالميًا، وتستخرج حوالي 12 بالمئة من المعروض العالمي، وهي تعمل على تطوير مناجم أخرى وتموّل مشاريع في عدة دول من بينها أستراليا والبرازيل وجنوب أفريقيا.

لكن جزءا كبيرا من الإنتاج الأمريكي ينتهي به الأمر في الصين ليتم تكريره هناك، وتريد الحكومة الأمريكية تقليل الاعتماد على الصين في هذا المجال، وتموّل منشأة ضخمة في ولاية تكساس، وهي الأولى من نوعها خارج الصين لتكرير العناصر الأرضية النادرة الثقيلة، حسب التقرير.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية الصين الولايات المتحدة ترامب الولايات المتحدة الصين ترامب صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العناصر الأرضیة النادرة الولایات المتحدة الموقع أن

إقرأ أيضاً:

استقرار الدولار مع تركيز الأسواق على التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين

استقر الدولار الأمريكي وتعافى من عمليات بيع في التعاملات المبكرة اليوم الاثنين الموافق 13 أكتوبر، مع أمل المستثمرين في أن تخفف واشنطن من تصعيدها الأخير للحرب التجارية مع بكين، في حين أضعفت التطورات السياسية في فرنسا واليابان اليورو والين.. وفقاً لرويترز.
وارتفع مؤشر الدولار، الذي يقيس قوة العملة الأمريكية مقابل سلة من ست عملات، إلى 99.002، مستعيدا بعض الخسائر التي تكبدها بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن فرض رسوم جمركية بنسبة 100% على الصين.

مخاوف من فرض ترامب تعريفات جمركية شاملة في أبريل ويؤكد:نريد مساعدة الصين لا إيذاءها

وأثار ذلك مخاوف من احتمال فرض ترامب تعريفات جمركية شاملة في أبريل بمناسبة يوم التحرير، مما أثار موجة بيع في الأسهم والعملات المشفرة يوم الجمعة.
وفي وقت سابق من اليوم، قال ترامب في منشور على منصة "تروث سوشيال": "لا تقلقوا بشأن الصين، كل شيء سيكون على ما يرام! لقد مرّ الرئيس شي جين بينج، الذي يحظى باحترام كبير، بلحظة عصيبة".
وأضاف ترامب: "هو لا يريد كسادًا لبلاده، وأنا أيضًا لا أريد ذلك.. الولايات المتحدة تريد مساعدة الصين، لا إيذاءها!".
قد تتأثر سيولة السوق بالعطلات، حيث تحتفل الولايات المتحدة بيوم كولومبوس/يوم الشعوب الأصلية اليوم، بينما اليابان مغلقة أيضًا للاحتفال بيوم الصحة والرياضة.

ومقابل الين، سجل الدولار 151.985 ين، بارتفاع 0.5% مع تقييم الأسواق للمسار الذي ستتخذه زعيمة الحزب الديمقراطي الليبرالي الجديدة ساناي تاكايتشي بعد استقالة كوميتو من الائتلاف الحاكم يوم الجمعة، مما وجه ضربة لآمالها في أن تصبح أول رئيسة وزراء انثى لرابع أكبر اقتصاد في العالم.
فيما استقر اليورو عند 1.1609 دولار، منخفضا 0.1%، بعدما أعلنت الرئاسة الفرنسية عن تشكيلة الحكومة الجديدة لرئيس الوزراء سيباستيان ليكورنو يوم أمس الأحد، حيث أعادت تعيين رولان ليسكور، الحليف الوثيق لإيمانويل ماكرون، وزيرا للمالية.

تذبذب أسواق العملات المشفرة

وتذبذبت أسواق العملات المشفرة بين المكاسب والخسائر بعد موجة بيع حادة يوم الجمعة، حيث ارتفع سعر البيتكوين بنسبة 0.4% ليصل إلى 115,486.04 دولارًا أمريكيًا. 
فيما تم تداول اليوان الصيني في الخارج عند 7.137 يوان مقابل الدولار، بزيادة قدرها 0.1% في التعاملات الآسيوية المبكرة.
وسجل الدولار الأسترالي 0.6513 دولار أمريكي، مرتفعا 0.6% في التعاملات المبكرة، بينما جرى تداول الدولار النيوزيلندي عند 0.57345 دولار أمريكي، مرتفعا 0.3%.
وسجل الجنيه الإسترليني 1.33415 دولار، مرتفعا 0.1% حتى الآن خلال اليوم.

مقالات مشابهة

  • استقرار الدولار مع تركيز الأسواق على التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين
  • الصين تطالب الولايات المتحدة بالكف عن التهديد بالرسوم الجمركية
  • الولايات المتحدة: اقترحنا اتصالا مع الصين بعد القيود التجارية الجديدة
  • ترامب: أميركا تريد مساعدة الصين وليس إلحاق الأذى بها تجاريا
  • الصين تحمل أمريكا مسؤولية تصاعد التوتر التجاري
  • ما هي المعادن الأرضية النادرة.. محور تهديدات ترامب ضد الصين؟
  • بكين تلعب ورقتها الرابحة وتقنن تصدير معادنها النادرة.. نخبرك عن تجدد الخلاف بين ترامب وشي
  • منجم “أسكي شهير”.. الكنز الذي يترقبه ترامب والعالم
  • الحرب التجارية العالمية عادت بقوة.. ترامب يعلن فرض رسوم جمركية بنسبة 130% على الصين
  • ترامب يتوعد الصين برد هائل.. ماذا حدث بين واشنطن وبكين؟