كريم وزيري يكتب: الباشا في زمن البوغاشة
تاريخ النشر: 18th, April 2025 GMT
يبدو أن مصر على موعد مع نسخة محدثة من الزمن الجمل أو بمعنى أدق زمن الألقاب المدفوعة مسبقًا، فقد فاجئنا الدكتور أسامة الغزالي حرب، المفكر السياسي، بمقالٍ يدعو فيه لإعادة إحياء لقب الباشا، لكن بمفهوم جديد يتماشى مع "الفوربس المصري" ومعطيات صالات المزادات العلنية !
فبعدما ظل المصري العادي يسير في الشوارع مطمئنًا لأنه لم يعد هناك من يناديه "وسع الباشا جاي"، أو "افتح الطريق.
لكن ليس باشوات زمان، بل باشوات كارت ائتمان، حيث لا يُمنح اللقب إلا مقابل مساهمات مالية ضخمة لصالح الدولة وفي رواية أخرى "اللي يدفع أكتر ياخد باشوية أشيك".
كان لقب الباشا في السابق يُمنح من الباب العالي العثماني، ثم السلطان، ثم المللك، أما اليوم فبحسب الاقتراح، سيمنحه البنك المركزي بالتعاون مع هيئة الاستثمار ومصلحة الدمغات، وفي السابق كان «الباشا» يُعين بسبب خدمة للوطن، معارك ضارية، أو جهد في السياسة، والآن حسب الدكتور حرب هي معركة مع رصيد البنك، ومن يخرج منها بمليونين أو أكثر يفوز بلقب باشا، مع خصم الضرائب.
تخيل عزيزي القارئ، لو فعلًا طبق الاقتراح، وقرأنا في الصحف العناوين التالية، "نجيب باشا ساويرس يفتتح مستشفى لعلاج أمراض الجولف في الشيخ زايد" و"طلعت باشا مصطفى يتبرع بقصر جديد لمستشفى الكلاب المدللة"، وتصريح من "محمد باشا أبو العينين: سأنشئ أطول ممشى رُخامي في الشرق الأوسط"، وعنوان أخر يقول "ناصف باشا ساويرس يدشن مدرسة لتعليم قيادة اليخوت.. مجانًا لأبناء باشوات المستقبل"
وتبقى أهم فقرة في تلك الأخبار، "وقد أقيم الحفل بحضور لفيف من أصحاب المعالي والبكوات والباشوات الجدد الذين أُعلن عنهم وسط موسيقى المارش العثماني، مع توزيع كاب" باشا 2025 الفاخر".
الطريف أن الدكتور حرب يطمئننا أن العودة للألقاب "مش طبقية" ولا "إقطاعية"، بل مجرد "وسام شرف " يعني سيصبح لدينا مواطن بدرجة "باشا شرفي"، وآخر "باشا من الباطن"، وثالث "باشا بالتقسيط"، ومن الممكن أن تظهر مستقبلا عروض "باشوية بونص" أو" اشتري لقب وادفع نص الثمن والباقي على خمس سنوات مع ضمان استرداد".
في السابق كان المواطن العادي يتباهى إنه "ابن ناس"، والأن سيتباهى إنه "باشا بالقرار الجمهوري"،. بل من الممكن أن تظهر جروبات على فيسبوك تحت عنوان "باشوات مصر الجدد"، "أنا باشا إذن أنا مهم"، و"كافيه الباشوات"، وكل باشا حسب فئته!
وفي النهاية، قد يتحقق الاقتراح وقد يصبح في كل شارع باشا، لكن المهم عزيزي القارئ ألا يأتي يوم ونحتاج فيه "تصريح مرور" مختوم من حضرة صاحب الدولة نجيب باشا ساويرس، أو نتعلم في المناهج أن من كان يملك 5 ملايين… فهو باشا،. ومن يملك 500 ألف… فهو بك، أما من يملك 50 جنيهًا فهو مواطن صالح ندعو له بالستر، وتعيش مصر… بلد المليون باشا.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: أسامة الغزالي حرب كريم وزيري منحة البنك المركزي الدكتور أسامة الغزالي حرب
إقرأ أيضاً:
د.حماد عبدالله يكتب: سوء الظن من سوء السبيل !!
إن بعض الظن إثم !! صدق الله العظيم – لماذا لا نقتدى بآياتنا القرآنية الكريمة أو الأحاديث النبوية الشريفة فيما يسىء للناس بسوء الظَِّن – وربما من إساءه الظن فيما يحدث بيننا فى الحياة اليومية فى مصر – شىء من الخيال – فنحن نسىء الظُن لقرار صادر – ونتمعَّنْ فى رسم السيناريوهات الغير حقيقية – والتى تتوافق على سوء الظن حول قرار أو خبر وارد فى نشرة أخبار القهوة أو "الكافيه" أو فى جلسة "نم" أخر ليل كل يوم على إحدى أو كل الفضائيات ذات النجومية من المشاهدة.
ولعل تأكيد سوء الظن وتهيئه العقل المستقبِلْ للخبر أو للنميمة تأتى مع توافق الأفكار وأيضاَ المصالح – فهذا "فعل ذلك لأنه يريد أيزاء ذاك "– مع الإحتفاظ "بتلك"، والبعد عن "هؤلاء"، كلها – إيحاءات – تصلُحْ لفيلم أبيض وأسود من أفلام زمان – التى يفعل فيها المخرج ما يشاء ويرى – وفى الأخر سوف يعقب المشاهدون بأن المخرج عايز كده !!
ولكن بفحص تلك الظاهرة وذلك السلوك المصرى الأصيل والهوية – نجد أن عدم وجود شفافية كاملة لما يقدم من أخبار أومن قرارات أو من سياسات –
تَبعثْ جميعها على خيال المشاهد والمتلقى المصرى – مما يجعلنا ننسج الوقائع والأحداث وترتيب الأمور – ولعلنا نصل إلى تأكيد الإشاعة – بالرؤية والمشاهدة بل ربما بالشهادة الزور – أننا كنا فى حضور الواقعة ( الكذبة ) !!
ولا يوجد مجتمع فى العالم – أو هكذا يخيل إلى – يعيش أحلام اليقظة كما نعيشها نحن المصريون، ولعلى أؤكد بأننى عايشت بعض الظرفاء ممن أطلقوا الشائعة أو القصة الوهمية فى القاهرة – لكى يستردوها بأكثر من حجمها عدة مرات بعد ساعة واحدة من أسوان، نعم – بطول مصر وعرضها يمكنكم أن تختبروا هذه الظاهرة، مصر الأرض الخصبة للأخبار – خاصة لو كانت تحمل سوء الظن بشخص أو بجماعة أو بسياسة أو غيرها، ولعل ما شاهدناه وسمعنا عنه فى حوادث شهيرة فى مصر – مثل سفاح المعادى أو قتل سوزان تميم أو تبادل الزوجات أو قتل ندي وصديقتها فى أكتوبر، أو التوربينى ( أطفال الشوارع ) – كلها عناوين لأحداث تصلح من سوء الظن فيها وفى شخوصها – وما تعين على القضاء الفصل فيها – والمنع عن بعضها النشر حتى لا يفسد سوء الظن – وتسوقنا لسوء السبيل كلها أحداث جاهزة لعمنا وحيد حامد لكى ينتج دراما إنسانية – واقعية أكبر بكثير مما يحلم به أى سيناريت فى أى مكان فى العالم من حظنا الجميل !!