للدولة خطابها وللمجتمع سرديته
تاريخ النشر: 18th, April 2025 GMT
قد لا تتبنى الدولة خطاباً معرفاً وواضحاً لطبيعة الحرب، وقد لا تشير إلى قبائل بعينها بتورطها في الحرب، وقد لا تجرم قبائل محددة، وكل هذا مفهوم في إطار منطق الدولة وخطابها ومسؤولياتها المؤسسية.
ولكن ما يجب أن تقوم به الدولة هو السماح للناس، بعامتهم ومثقفيهم، بالحديث عن طبيعة الحرب، وامتلاك سرديتهم الخاصة حولها، والاستعداد لها حشداً وتعبئة وتبصيراً لهم بالمهددات التي يواجهونها من قبل مجموعات وقبائل بعينها.
أن تدرك الدولة أن خطاب المجتمع لنفسه، كما تدرك خطابها لنفسها، وأن تدع المجتمع يصنع مناعته، ويخلق خطابه المقاوم، ويحرك وعيه بمخاطر بقائه، ويؤسس لنفسه عقيدة عداء تجاه من شردوه وقتلوا شبابه ونهبوا ممتلكاته وأذاقوه الألم..
لا يعقل أن يقوم أعداؤك بتهيئة مجتمعهم على عدائك، بينما تطلب من عامة الناس أن يتبطبوا على خطابات القومية والوحدة الوطنية والتسامح. دعوا المجتمع عبر لجانه المجتمعية، يخلق مناعته ويؤسس لشروط بقائه، ويعرف خصومه من خلال ما شاهده وعايشه، فهو أعلم بمن فعل به ذلك، بأشكالهم وقبائلهم..
لا ينبغي التضحية بخطاب المجتمع، بألمه ومعاناته، لصالح خطاب الدولة بتسامحه وغفرانه. فالمجتمع الذي عايش الجرائم هو الأقدر على صياغة خطاب مقاومته، وبناء هويته وتعريفه للآخر، بعيداً عن منطق الدولة الرسمي. فالآن وفي وقت هذه الحرب، على الدولة أن تسعى وراء شرعيتها وقوتها، وعلى المجتمع أن يشكل سرديته ويعرف أعداءه، جماعة وجهة، واسماً ولفظاً،ويؤسس لمناعته وبقائه وانتصاره .
#السودان
حسبو البيلي
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
استمرار حرب السودان بين رفض الهدنة وانتظار الحلول
يشهد السودان استمراراً في الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، وسط رفض الطرفين الالتزام بأي هدنة، وتصاعد الهجمات العسكرية المتبادلة، مع فقدان الثقة بينهما حول أي اتفاق وقف إطلاق النار..
تقرير: التغيير
تتبادل القوات المسلحة وقوات الدعم السريع الاتهامات بشأن رفض التفاوض وخرق الهدنة من طرف واحد، التي أعلنها الأخير مؤخراً، بعد سيطرته على الفرقة (22) في بابنوسة. وصف الجيش مبادرة قائد الدعم السريع بأنها “مناورة سياسية وإعلامية”، فيما أكد الدعم السريع أن الهجوم على بابنوسة جاء رداً على خرق الجيش للهدنة.
ومنذ بدء الحرب، أُعلن عدة مرات عن هدنة إنسانية قصيرة ضمن مفاوضات جدة، إلا أن هذه الهدن غالباً ما انتهكت على الأرض، ما أعاد الجدل حول جدوى التفاوض في ظل استمرار العنف.
قال القيادي في تحالف السودان التأسيسي “تأسيس”، الطاهر حجر، إن إعلان الهدنة من طرف واحد “لم يكن عملاً دعائياً ولا بحثاً عن أضواء، بل موقفاً صريحاً ينبع من إيمان راسخ بأن الحرب جحيم لا يصنع سلاماً ولا يبني وطناً”.
وأضاف حجر: “ما يحدث يوضح من يمد يده لوقف نزيف الدم، ومن يصر على إشعال النيران فوق جراح شعبنا ليجني مكاسب رخيصة على حساب المكلومين والمنكوبين”. وختم حديثه بالقول: “معاناة أهلنا ليست سلعة، ولن نسمح بأن تكون مادة للمتاجرة أو الاستثمار السياسي”.
من جهته قال العقيد معاش النور سعد لـ”التغيير” إن التجارب السابقة مع الهدن “لا تشجع على توقيع أي اتفاقية جديدة مع قوات الدعم السريع، فهي تكذب وتتحرى الكذب، ولا يمكن للقوات المسلحة أن تثق في هؤلاء المرتزقة”. بحسب قوله.
وأشار إلى أن المليشيا في إشارة لقوات الدعم لم تظهر أي حسن نية حتى عند إعلانها هدنة من طرف واحد، بل هاجمت بابنوسة وأسقطت الفرقة، مع خطة لإدخال أسلحة وزيادة أعداد المرتزقة استعداداً لهجوم على مناطق الجيش. وأكد سعد أن القوات المسلحة حسمت أمر التفاوض وحددت شروط الجلوس مع المليشيا بوضوح.
تقاعس المجتمع الدولي
من جانبه، أكد أستاذ العلوم السياسية أيمن محمد عثمان لـ”التغيير” أن الثقة بين الطرفين مفقودة فيما يخص تنفيذ الهدنة، مشيراً إلى أن عدم الاطمئنان أمر طبيعي في ظل الحرب، خصوصاً مع تكرار انتهاك الهدن السابقة.
وأوضح محمد عثمان أن الالتزام بالهدنة يعزز الثقة ويتيح بدء المفاوضات، وهو ما لم يحدث حتى الآن، محملاً المجتمع الدولي والإقليمي جزءاً من المسؤولية. وقال: “المجتمع الدولي يمتلك القدرة على الضغط على الطرفين لوقف القتال، لكنه لم يمارس وسائل كافية حتى الآن”.
وأضاف: “في اعتقادي الشخصي، الطرفان لا يريدان هدنة، وما يجري مجرد كسب إعلامي وسياسي، لكن ضغط المجتمع الدولي يمكن أن يجهض أي نوايا سيئة للطرفين، وهناك تجارب ناجحة نفذها مجلس الأمن والولايات المتحدة تؤكد ذلك”
الوسومالهدنة الإنسانية الوضع الإنساني في السودان حرب الجيش والدعم السريع