عمّان – أثار مشروع قانون ضريبة الأبنية والأراضي الجديد في الأردن موجة جدل واسعة في الأوساط الشعبية والاقتصادية، وسط تصاعد المخاوف من انعكاساته المحتملة على كلفة المعيشة، واتهامات للحكومة بتحميل المواطنين أعباءً إضافية، رغم تأكيد الأخيرة أن المشروع "إصلاحي وعادل ولا يتضمن أي ضرائب جديدة".

تحفظات نيابية ومخاوف اجتماعية

في مجلس النواب، لا يزال المشروع قيد الدراسة، إلا أن مقرر لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية، النائب سالم أبو دولة، أبدى تحفظات على بعض بنوده، محذرًا من آثارها المباشرة على المواطنين.

وقال أبو دولة لـ"الجزيرة نت": "ناقشنا المشروع في ثلاث جلسات بحضور جهات حكومية، وبلديات، وممثلين عن القطاع الخاص. المشروع مكوّن من 24 مادة، ويُدخل آلية جديدة لتقدير الضريبة، لكن لا تزال هناك أمثلة عملية نختبرها على شقق ومجمعات ومبان".

وأضاف "الأرض ليست سلعة تجارية، بل أحيانًا موروثة، والمواطن غير قادر على تحمّل أعباء إضافية. هناك بنود ملتبسة، مثل إلغاء ضريبة المعارف التي كانت مخصصة لصيانة المدارس، وتحويل 30% من الحصيلة إلى وزارة المالية دون توضيح جهة الصرف".

 

لجنة الاقتصاد والاستثمار في البرلمان تواصل دراستها لمشروع القانون (مواقع التواصل) "لا ضرائب جديدة بل تطوير وعدالة"

في المقابل، دافع أمين عمّان يوسف الشواربة عن القانون مؤكدًا أنه لا يتضمن فرض ضرائب جديدة، بل يهدف إلى تحديث النظام الضريبي وتعزيز العدالة.

إعلان

وقال الشواربة لـ"الجزيرة نت": "ما يُشاع غير دقيق، المشروع لا يفرض ضرائب جديدة، بل يعزز الشفافية ويحيّد العنصر البشري باستخدام التكنولوجيا، ويشمل للمرة الأولى إعفاءات وحوافز للمواطنين".

غياب الشفافية يعمق فجوة الثقة

ويعزو المحلل الاقتصادي منير دية هذا الجدل إلى غياب الوضوح في النصوص، معتبرًا أن غموض المشروع فاقم الفجوة بين الحكومة والمواطن.

وقال دية "المواطن الأردني تعوّد أن كل تعديل ضريبي يُترجم إلى عبء جديد، ورغم نفي الحكومة وجود ضرائب إضافية، إلا أن غياب التوضيح الكامل يثير الريبة، ونحتاج إلى تعهدات تشريعية واضحة قبل الإقرار".

آراء أعضاء مجلس النواب تباينت في تصوراتها المبدئية لمشروع القانون (مواقع التواصل) تحوّل جوهري في آلية التقدير

ويرى الخبير الاقتصادي محمد البشير أن التحول من التقدير على أساس القيمة الإيجارية إلى القيمة السوقية للعقار قد يؤدي إلى زيادة ملموسة في الضريبة.

وقال البشير "ربط الضريبة بالقيمة السوقية وليس بالعائد أو الاستخدام سيؤدي إلى رفع الكلفة على المواطن، خصوصًا في ظل تذبذب أسعار العقارات، وهذا سيؤثر لاحقًا على أسعار السلع والخدمات، خاصة في المنشآت الكبرى".

وأضاف أن "هذا التعديل يأتي ضمن سياسة حكومية تهدف إلى رفع الإيرادات تلبيةً لمتطلبات صندوق النقد الدولي وسداد القروض، وليس لتحفيز الاقتصاد".

الضرائب التي يقترحها المشروع تشمل الأبنية السكنية والتجارية (الجزيرة) "الجباية" بدل الإصلاح؟

من جانبه، اعتبر الخبير الاقتصادي حسام عايش أن القانون يُعبّر عن استمرار نهج حكومي يعتمد على الجباية بدل الإصلاح.

وأوضح عايش "تَرك التقدير مفتوحًا للتخمين يفتح الباب أمام فرض ضرائب تتجاوز القيمة الحقيقية للعقارات، وكان الأجدر فرض ضريبة ثروة على كبار المستثمرين الذين يملكون عقارات ضخمة تدر أرباحًا وتُحول للخارج، لا تحميل المواطن الذي بالكاد يملك شقة يدفع عنها ألف دينار سنويًا، ما يقارب 9% من دخل الأسرة الأردنية".

إعلان الجدل الشعبي والمادة 12

في مواقع التواصل الاجتماعي، ركزت التساؤلات على المادة رقم 12 من مشروع القانون، التي تحدد فئات الضريبة كالتالي:

%1 من القيمة التقديرية السنوية للأبنية السكنية. %3 للأبنية غير السكنية. %0.02 من قيمة الأرض التي تتجاوز مساحتها 1000 م². %0.04 من قيمة الأرض التي تقل عن 1000 م².

ورغم أن الحكومة وصفت هذه النسب بأنها عادلة وتؤسس لمعادلة أكثر دقة، فإن هناك مطالبات متزايدة بإصدار توضيحات رسمية شفافة وتقديم نماذج واقعية لتأثير القانون على مختلف الفئات، قبل التصويت عليه في البرلمان.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ضرائب جدیدة

إقرأ أيضاً:

ثأر مشروع.. أستاذ قانون دولي: الهجوم الإيراني دفاع عن النفس وليس انتقاما

أثار الهجوم الإيراني الأخير ضد إسرائيل، تساؤلات قانونية عميقة: حول هل يندرج تحت مظلة الحق الأصيل في الدفاع عن النفس، أم أنه يمثل عملاً انتقاميًا يعيد المنطقة إلى مربع التصعيد اللامتناهي؟

وتعليقا على ذلك أكد الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي، إنه في دهاليز القانون الدولي، تتشابك خيوط الدفاع عن النفس المشروع (Legitimate Self-Defense) مع خيوط الأعمال الانتقامية (Reprisals)؛ والتمييز بينهما ليس مجرد خلاف أكاديمي، بل هو جوهري لتحديد مشروعية الأفعال بين الدول. 

الدفاع عن النفس: شروط صارمة

وأوضح أستاذ القانون الدولي - في تصريحات خاصة - أن حق الدفاع عن النفس يعد مبدأً راسخًا في القانون الدولي، وتحديدًا في المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة. وهذا الحق ليس مطلقًا، بل محاطا بشروط صارمة، هي:

 * الهجوم المسلح: يجب أن يكون هناك هجوم مسلح فعلي أو وشيك الوقوع ضد الدولة التي تمارس حق الدفاع عن النفس. مجرد التهديد أو الأعمال العدائية غير المسلحة لا تبرر دائمًا استخدام القوة.

* الضرورة: يجب أن يكون استخدام القوة ضروريًا لوقف الهجوم أو منعه. بمعنى آخر، لا توجد وسيلة أخرى أقل قوة لتحقيق نفس الهدف.

* التناسب: يجب أن يكون الرد العسكري متناسبًا مع طبيعة وحجم الهجوم الأصلي. فلا يجوز لدولة أن ترد بهجوم شامل على عمل محدود، حتى لو كان غير مشروع.

إسرائيل توجه ضربة غير مسبوقة لإيران وتفكك منظومتها| تفاصيلهل اقتربت المواجهة بين طهران وتل أبيب؟ خبير يحذر: الضربات لم تكن مفاجِئةعودة التهديدات.. ماذا يريد نتنياهو من إيران؟| تفاصيل

* الفورية: غالبًا ما يُشترط أن يكون الرد فوريًا أو في أقرب وقت ممكن بعد الهجوم الأولي، لكي يُنظر إليه على أنه دفاع عن النفس وليس عملاً عقابيًا.

* الإبلاغ: يجب على الدولة التي تمارس حق الدفاع عن النفس أن تبلغ مجلس الأمن الدولي فورًا.

وبالتالي فإذا استوفت إيران هذه الشروط، وخاصة أن هجومها كان ردًا مباشرًا ومتناسبًا على هجوم مسلح إسرائيلي سابق، فقد يُنظر إليه على أنه ممارسة مشروعة لحق الدفاع عن النفس.

 الانتقام: طريق محفوف بالمخاطر

وأضاف الدكتور أيمن سلامة إنه على النقيض تمامًا، تقع الأعمال الانتقامية المسلحة خارج إطار الشرعية في القانون الدولي، خاصة تلك التي تستهدف المدنيين أو لا تلتزم بمبدأ التناسب.

فبينما تسمح بعض التفسيرات بأشكال محدودة من "الأعمال المضادة" غير المسلحة، فإن استخدام القوة العسكرية كعمل انتقامي لانتهاك سابق (غير هجوم مسلح) محظور بشكل عام بموجب القانون الدولي المعاصر، لأنه يفتح الباب أمام دورة لا نهاية لها من العنف والتصعيد.

واختتم إنه لتحديد ما إذا كان الهجوم الإيراني "دفاعًا مشروعًا" أو "انتقامًا غير مشروع"، يتطلب الأمر تحليلًا دقيقًا لكل الحقائق والظروف: طبيعة الهجوم الإسرائيلي الذي سبق الرد الإيراني، الأهداف التي استهدفتها إيران، ومستوى التناسب في ردها.

وردا على سؤال هل كان الرد الإيراني فعلاً ضروريًا ومتناسبًا لوقف هجوم مسلح إسرائيلي، أم أنه كان بمثابة عقاب على انتهاكات سابقة، متجاوزًا بذلك حدود الدفاع عن النفس؟، فأكد إنه وفقا للمعطيات المتاحة يخرج الفعل الإيراني عن فعل الانتقام ويدخل في إطار ومفهوم “أعمال الثأر المشروعة”.

طباعة شارك دفاع عن النفس الهجوم الإيراني إسرائيل انتقام القانون الدولي

مقالات مشابهة

  • الضرائب تعلن شروط قبول طلبات رد ضريبة القيمة المضافة
  • مجلس النواب يوافق من حيث المبدأ على مشروع قانون ملكية الدولة
  • بدء جلسة "النواب" لمناقشة مشروع قانون ملكية الدولة في الشركات
  • رئيس اقتصادية النواب يستعرض مشروع قانون ملكية الدولة في الشركات
  • «استشاري الشارقة» يجيز مشروع قانون تنظيم الرسوم القضائية
  • ثأر مشروع.. أستاذ قانون دولي: الهجوم الإيراني دفاع عن النفس وليس انتقاما
  • قانون التأمينات الجديد 2025.. ما مصير استحقاق الابن لمعاش والده المتوفى؟
  • مشروع قانون يحدد آليات جديدة للتعامل مع الشركات المملوكة للدولة
  • مجلس النواب يُقر تعديلات قانون الثروة المعدنية (تفاصيل)
  • توجيهات رئاسية بشأن القيمة الإيجارية.. هل اقترب قانون الإيجار القديم من الحسم؟