د. محمد مختار جمعة يكتب: صرخة عربية قبل فوات الأوان
تاريخ النشر: 20th, April 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أمتنا العربية.. إخوتنا في الدم العربي.. إن مصيرنا واحد ومشترك، وعدونا يريد تفريق كلمتنا، وعينه على كل مقدرات أمتنا بلا استثناء، وهو عدو لا عهد له ولا يُوثق به، فمن يظنونه صديقا موثوقا به سيدركون يوما ليس بالبعيد أنه ليس كذلك، وإن غدا لناظره قريب.
صحيح أننا أهل سلام وسنظل، ولكنه سلام وليس استسلاما، فالسلام الحقيقي (سلام الشجعان)، هو ذلكم السلام الذي له قوة تحميه، فالقادر على خوض الحرب هو القادر على صنع السلام العادل، وغير القادر على صد العدوان لا يمكن أن يصنع سلاما عادلا أو دائما.
أشقاءنا في الأمة العربية، نحن في سفينة واحدة وهي في خطر شديد يحتاج إلى تضافر الجهود لإنقاذها، فكل من عمل على نجاتها أو أسهم في ذلك كان له أجر كل من نجا فيها بقدر إسهامه في نجاتها، ومن قصّر في ذلك أو فرط أو كان سببا في عطبها باء بإثم من غرقت به، يقول نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم: "مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا، ولم نؤذ من فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا".
إخوة العروبة، إن أمتنا العربية من المحيط إلى الخليج أمة واحد، وعدونا لا يفرق بين عربي وعربي، فكل العرب أهداف له، يتعامل معهم بنظرية المراحل ونظرية "فرّق تَسُدْ"، واضعا الجميع في خانة الأعداء، عاملا على تفوقه العسكري عليهم مجتمعين في بروتوكولات لا يخفيها.
ومرة أخرى أؤكد أننا لسنا أهل بغي ولا اعتداء ولا نقص للعهود والمواثيق، نحن أهل سلام وسنظل، دعاة سلام وسنظل، ولكن متى فرضت علينا الحرب فنحن رجالها، وإن أمة تحب الشهادة في سبيل الله لن يقهرها عدو ولو ربح جولة، فالعزة لله ولرسوله وللمؤمنين.
إن أمتنا قد تضعف أو تمرض أحيانا أو تخسر جولة، ولكنها تظل أمة حية قادرة على الحياة في أصعب الظروف وأحلكها، قادرة على إعادة بناء نفسها مرات ومرات، واسترداد ما يُحتلُّ ويُغتصب من أرضها ولو بعد مئات السنين، لأن الحفاظ على الأرض كالحفاظ على العرض جزء من عقيدتها، وقديما قال أحد قادة الروم للفتى العربي أبي فراس الحمداني شاعر بني حمدان وفارسها: أنتم معشر العرب أهل كلام ولا علم لكم بالحرب، فأجابه أبو فراس وهو في أسرهم بقوله: أتزعم يا ضخم اللغاديد أننا
ونحن أسود الحرب لا نعرف الحربا
لقد جمعتنا الحرب من قبل هذه
فكنا بها أُسْدًا وكنت بها كلبا
بأقلامنا أُجْرِحْتَ أم بسيوفنا
وأُسْدَ الشرى سُقنا إليك أم الكُتْبَا
بني أبي في العروبة، إن عدونا يريد أن يزرع الخوف واليأس في قلوبنا، فلنحذر من اليأس أن يدب في نفوسنا، ونؤكد أنه لا يأس طالما أن فينا من يحرص على الشهادة في سبيل الله أكثر من حرص أعدائنا على الحياة، حيث يقول الحق سبحانه: "وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَىٰ حَيَاةٍ".
إننا أمة لا تعطي الدنية في دينها، نحن لسنا أحرص الناس على حياة، صبرنا ليس ضعفا.. وساعة الجد ليس فينا ضعيف ولا جبان.. نحن أمة تخرج من تحت الركام لتزلزل كيان عدوها.
نحن أمة ذات نخوة تؤمن أن الموت بعز وشرف خير من حياة الذل والهوان، نحن قوم ليست الدنيا مبلغ علمنا ولا منتهى أملنا، لأن الباقية خير وأبقى.
قديما قالت أمّنا العربية في أولادها السبعة الذين قتلوا دفاعا عن شرفهم وقبيلتهم:
أبوا أن يفروا والقنا في نحورهم
ولم يبتغوا من خشية الموت سُلّما
ولو أنهم فروا لكانوا أعزة
ولكن رأوا صبرا على الموت أكرما
نحن قوم علمنا ديننا ألا نفر من الميدان لأن الفرار منه كبيرة من الكبائر، علمنا ديننا أن من قتل دون نفسه فهو شهيد ومن قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون عرضه فهو شهيد ومن قتل دون وطنه فهو شهيد، والشهداء أحياء عند ربهم يرزقون.
وختاما، لا نتمنى أن يأتي اليوم الذي يقول فيه بعضنا " أُكلتُ يوم أُكل الثور الأبيض"، أو أن يردد قول الشاعر:
ولقد نصحتهم بمنعرج اللوى
فلم يستبينوا النصح إلا ضحى غد
فلنستفق جميعا ونوحد صفنا ونجتمع على كلمة سواء انطلاقا من قوله تعالى: "وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ"، وساعتها يمكن أن نكون رقما صعبا يُحسبُ له ألف حساب، وما ذلك على الله بعزيز.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الأمة العربية محمد مختار جمعة من قتل دون فهو شهید
إقرأ أيضاً:
القضاء يكتب السطر الأخير في فوضى خور عبد الله.. ما هو قانوني وما هو مزايدة
29 يوليو، 2025
بغداد/المسلة: في لحظة سياسية شديدة التعقيد، برز صوت مجلس القضاء الأعلى ليبدد ضباب المشهد القانوني المتشابك حول اتفاقية خور عبد الله، ويعيد ترتيب الأوراق الدستورية على الطاولة السياسية.
وفي غمرة الجدل والتجييش، بدا القضاء وكأنه يعيد تعريف وظيفة القانون في زمن النزاعات السياسية، حين قدّم تفسيراً معمقاً لثنائية قرارات المحكمة الاتحادية الصادرة عامي 2014 و2023، واضعاً الحد الفاصل بين المفهوم القانوني للتصديق على الاتفاقيات الدولية وواقع التوظيف السياسي لها.
وفتح مقال رئيس مجلس القضاء الأعلى، القاضي فائق زيدان، نافذة جديدة على الفقه الدستوري في العراق، حين ربط بين اتفاقية 2012 الخاصة بتنظيم الملاحة، والإطار الأوسع لترسيم الحدود الذي انطلق من قراري مجلس الأمن 687 و833، مروراً بالقانون رقم 200 لسنة 1994، وانتهاءً بالمصادقة البرلمانية لعام 2013.
وكان الزيدان صريحاً في الإشارة إلى أن ما صدر عن المحكمة عام 2014 لم يكن حكماً في جوهر الدعوى، بل رفضاً شكلياً للطعن، بينما جاء قرار 2023 محمّلاً بتفسير جديد يتطلب موافقة ثلثي أعضاء البرلمان، رغم أن ذلك يخالف العرف القضائي والمادة 105 من قانون الإثبات.
وأكد القانونيون أن ما كُتب ليس حكماً واجب التنفيذ، بل مقالة تفسيرية تسعى إلى توحيد الفهم الدستوري وتفكيك التناقضات.
وقال الخبير القانوني علي التميمي، إن “مجلس القضاء قدم توضيحاً معمقاً اشتمل على العديد من النقاط المهمة المتعلقة بالفقه الدستوري، وتناول السياق القانوني للقرارات الصادرة بحق العراق بعد غزو النظام المباد للكويت، لا سيما قراري مجلس الأمن 687 و833 المتعلقين بترسيم الحدود مع الكويت”.
وأضاف أن “القانون رقم 200 لسنة 1994 جاء مصادقاً على هذا الترسيم استناداً إلى قرارات مجلس الأمن، تلاه توقيع اتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبد الله عام 2012، والتي صادق عليها العراق بموجب القانون رقم 42 لسنة 2013”.
وتابع التميمي أن “مقال رئيس مجلس القضاء الأعلى، القاضي فائق زيدان، أشار إلى قراري المحكمة الاتحادية بشأن الاتفاقية، إذ قضى الأول بعدم اختصاص المحكمة بالنظر في الطعن من الناحية الشكلية، فيما عد الثاني، الصادر عام 2023، أن قانون التصديق على الاتفاقية غير دستوري، وقرر العدول عنه، رغم أن العدول يُطبق فقط على المبادئ القضائية لا القرارات، استناداً للمادة 105 من قانون الإثبات”.
وأكد أن “المقال سلط الضوء أيضاً على التزامات العراق الدولية واحترامه للمعاهدات استناداً للمادة 8 من الدستور، والمادة 102 من ميثاق الأمم المتحدة، ما يؤكد أهمية احترام القرارات والمعاهدات الدولية”.
و شدد الخبير القانوني عباس العقابي أن الاتفاقيات تُمرر عادة بالأغلبية البسيطة، وما جرى ليس إلا محاولة لشرح التباين بين القرارين دون إصدار حكم ملزم. بينما أشار حمزة مصطفى إلى خطورة ما وصفه بـ”هندسة الرأي العام” على أسس مغلوطة، محذراً من أن العبث بهذه الاتفاقية يهدد استقرار مئات الاتفاقيات الدولية الأخرى التي تشكل العمود الفقري للسياسة الخارجية العراقية.
وتناسق معه علي الخفاجي الذي رأى في بيان مجلس القضاء الأعلى محاولة لوقف نزيف التضليل الإعلامي.
وتوّجت الرئاسات الثلاث هذا السجال بإعلان التزام واضح بالاتفاقيات الدولية، وسحب طلبات العدول عن الاتفاقية، في إشارة سياسية واضحة إلى أن العراق باقٍ على التزاماته أمام الأمم المتحدة. غير أن ما تبقى من المشهد ليس قانوناً فحسب، بل إدارة دقيقة للرماد المتطاير من نار الجدل، وسط مناخ إقليمي لا يحتمل التنازل ولا حتى التفسير المغلوط.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts