بوتين يعرض وقف الغزو على خط المواجهة الحالي وسط جهود أمريكية لتسوية النزاع في أوكرانيا
تاريخ النشر: 23rd, April 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في تطور مفاجئ على صعيد الحرب المستمرة في أوكرانيا منذ أكثر من ثلاث سنوات، عرض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقف العمليات العسكرية على طول خطوط المواجهة الحالية، في إطار مبادرة تهدف إلى التوصل إلى تسوية سلمية مع الولايات المتحدة. وفق تقرير نشرته فايننشال تايمز.
وبحسب مصادر مطلعة على المحادثات نقلت عنها الجريدة ذاتها، فإن بوتين أبلغ المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ستيف ويتكوف، خلال اجتماع جرى في مدينة سانت بطرسبرج هذا الشهر، بأن موسكو قد تتخلى عن مطالبها بالسيطرة الكاملة على أربع مناطق أوكرانية محتلة جزئيًا، لا تزال أجزاء منها تحت سيطرة القوات الأوكرانية.
في المقابل، طرحت واشنطن، وفقًا للمصادر نفسها، أفكارًا أولية لتسوية محتملة، تضمنت اعترافًا أمريكيًا بضم روسيا لشبه جزيرة القرم، بالإضافة إلى قبول سيطرة موسكو الفعلية على أجزاء من دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزابوريجيا، وهي المناطق التي أعلنت روسيا ضمها رسميًا في سبتمبر 2022.
ويمثل هذا العرض الروسي أول إشارة علنية منذ اندلاع الحرب إلى احتمال تراجع موسكو عن مواقفها القصوى، التي لطالما تمسكت بها في جولات التفاوض السابقة.
قلق أوروبي وتحذيرات من "فخ دبلوماسي"رغم الأجواء التفاؤلية الحذرة، أبدى مسؤولون أوروبيون مطلعون على المبادرة الأمريكية قلقهم من أن يكون العرض الروسي بمثابة "فخ دبلوماسي" يهدف إلى كسب ود الإدارة الأمريكية القادمة، وتمرير شروط تمس السيادة الأوكرانية.
وقال أحد هؤلاء المسؤولين: "هناك ضغوط متزايدة على كييف لتقديم تنازلات، بما يتيح لترامب إعلان تحقيق نصر دبلوماسي حال عودته إلى البيت الأبيض".
محادثات مستمرة في لندن وباريسومن المقرر أن تُعقد جولة جديدة من المحادثات في لندن، بمشاركة مسئولين أوكرانيين وأوروبيين وأمريكيين، على الرغم من غياب ويتكوف ووزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو عن الاجتماع. ومن المتوقع أن يحضر المبعوث الأمريكي إلى أوكرانيا، كيث كيلوج.
في السياق ذاته، صرّح المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، بأن "العمل مستمر على قدم وساق مع الأمريكيين"، لكنه أشار إلى أن "المفاوضات معقدة وتتطلب وقتًا ولا يمكن أن تُدار بشكل علني".
زيلينسكي: لا عرض رسميا حتى الآنمن جانبه، أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أنه لم يتلقَّ حتى الآن أي اقتراح رسمي من ترامب أو إدارته بشأن خطة لإنهاء الحرب، إلا أنه أبدى استعدادًا للدخول في مفاوضات مباشرة مع بوتين في حال تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار.
وقال زيلينسكي في تصريح صحفي: "نسمع إشارات ونقاشات، لكنها ليست عروضًا رسمية. إذا وردت، سنرد عليها".
خطة أمريكية لنشر قوات حفظ سلامتشير مصادر مطلعة إلى أن الأفكار الأمريكية تتضمن نشر قوة أوروبية لحفظ السلام في أوكرانيا، بالإضافة إلى قوة عسكرية محايدة غير تابعة للناتو، لتراقب وقف إطلاق النار على امتداد منطقة منزوعة السلاح تمتد لأكثر من ألف كيلومتر، بين القوات الروسية والأوكرانية.
كما تتضمن المبادرة منع أوكرانيا من استعادة الأراضي المحتلة بالقوة، مقابل التزام روسي بوقف التقدم العسكري.
القرم تبقى خطًا أحمرًارغم الطروحات الأمريكية، جدد زيلينسكي موقف بلاده الرافض للاعتراف بضم روسيا لشبه جزيرة القرم، قائلًا: "القرم أرض أوكرانية ولن تكون محل نقاش".
في المقابل، رفضت موسكو بعض المقترحات الأمريكية، بما في ذلك أي وجود عسكري لدول حلف شمال الأطلسي داخل الأراضي الأوكرانية.
تنازلات مشروطة من الكرملينبحسب مصادر مقربة من الكرملين، فإن بوتين قد يكون مستعدًا للتنازل عن مطلب السيطرة الكاملة على المناطق الأربع، في حال حصلت موسكو على ضمانات جيوسياسية كبرى، أبرزها: الاعتراف بسيطرتها على القرم، ومنع أوكرانيا من الانضمام للناتو.
ورغم التعديلات الدستورية التي أقرتها روسيا في عام 2020 وتمنعها من التنازل عن أراضٍ تعتبرها جزءًا من أراضيها، إلا أن محللين يرون أن بوتين يسعى الآن إلى إنهاء الحرب من موقع أقوى.
ترامب يترقب فرصة لإعلان "إنجاز دبلوماسي"وتشير التقديرات إلى أن ترامب، الذي يأمل في إعلان اتفاق سلام قبل مرور 100 يوم على توليه الرئاسة في حال فوزه، يعوّل على المفاوضات الحالية كفرصة لتحقيق إنجاز سياسي سريع.
وفي الوقت الذي تستمر فيه الهجمات الروسية على مواقع أوكرانية في دونباس وزابوريجيا، يبقى المشهد مفتوحًا على كافة السيناريوهات، في ظل غياب اتفاق رسمي حتى الآن.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: فلاديمير بوتين الرئيس الروسي أوكرانيا بوتين
إقرأ أيضاً:
لماذا فشل ترامب في إخضاع بوتين؟
في زمن تتكاثف فيه أزمات النظام الدولي، وتتعثر فيه موازين الردع التقليدي، تغدو الحرب في أوكرانيا أكثر من مجرد صراع مسلح على تخوم أوروبا الشرقية، إنها لحظة انعطاف في الإدراك الإستراتيجي الأميركي، ومرآة كاشفة لتحول معايير الفاعلية السياسية في عالم ما بعد الهيمنة.
فمنذ أن دخل دونالد ترامب البيت الأبيض متسلحا بوعد انتخابي مفرط في بساطته، يعد بإنهاء الحرب خلال 24 ساعة، بدأ التناقض يتسع بين خطاب الصرامة وأداء التردد، وبين منطق الصفقات وواقع النار.
ولم تمضِ سوى مئتي يوم حتى بدأت معالم العجز تظهر، لا كفشل ظرفي في إدارة الأزمة، بل كاختبار وجودي لمقدار ما تبقى من صدقية واشنطن كقوة قادرة على إدارة النظام لا الانكفاء أمامه.
لم يجد ترامب في فلاديمير بوتين الطرف الذي يمكن جذبه إلى طاولة تفاوض بنكهة السوق، بل واجه عقلا جيوسياسيا متمرسا لا يراكم النقاط بل يسعى للحسم، ولا يهادن إلا من موقع القوة.
رفض بوتين كل مساعي التجميد، ورفع من سقف شروطه حد المطالبة بانسحاب أوكرانيا من الأراضي التي ضمتها روسيا، وضمان عدم انضمامها إلى الناتو، ونزع سلاحها بالكامل، واضعا بذلك معادلة جديدة لا ترى في التسوية سوى غطاء للانتصار، ولا تقبل بأقل من إقرار دولي بخطته لإعادة ترسيم البيئة الأمنية لروسيا.
هذه الشروط، وإن بدت مستحيلة في نظر كييف والدول الغربية، جاءت مدعومة بإيقاع عسكري متقدم؛ فالقوات الروسية، خلال الشهرين الماضيين فقط، استولت على أكثر من ألف كيلومتر مربع، بينما فقدت أوكرانيا ما يقرب من سبعة آلاف كيلومتر مربع منذ بداية 2023.
ما يعني أن المبادرة على الأرض تميل بشكل متزايد لصالح موسكو، وأن آلة الحرب الروسية لم تتأثر بعد بما يكفي لاختلال ميزان المعركة.
وفي الوقت الذي كانت واشنطن تلوح بعقوبات جديدة، بدا أن أدوات الضغط القديمة فقدت زخمها. ففرض عقوبات ثانوية على شركاء روسيا التجاريين بدا أقرب إلى إطلاق الرصاص في الفراغ.
إعلانفالهند، مثلا، واصلت شراء النفط الروسي بموجب عقود طويلة الأجل وبأسعار تفضيلية، بل وأعادت تصديره محققة أرباحا ضخمة، في تجاهل تام لتحذيرات واشنطن.
وقد ردت نيودلهي بلهجة صارمة، واصفة استهدافها بأنه غير مبرر وغير معقول، في مؤشر واضح على حدود التأثير الأميركي حتى على حلفائه التقليديين. ولم تكن الصين وتركيا بأقل تمردا، ما جعل فرض العقوبات الشاملة أمرا محفوفا بالمخاطر الاقتصادية والسياسية في آن واحد.
وحتى مع تصعيد اللهجة، وتحديد مهل زمنية لإنهاء الحرب، بدا أن ترامب نفسه يشكك في جدوى ما يهدد به، إذ أقر في تصريح لافت: لا أعرف ما إذا كانت العقوبات تزعج بوتين، ثم استدرك: الروس بارعون جدا في التحايل عليها، في اعتراف مبطن بعجز الأداة الاقتصادية عن كبح جماح الرغبة الروسية في الحسم.
وفي لحظة بحث عن مخرج سياسي يحفظ ماء الوجه، عادت واشنطن للتلويح بمقاربة اللقاء المباشر، حيث أثيرت مجددا فكرة عقد قمة مرتقبة بين ترامب وبوتين، كتجسيد أخير لمحاولة الالتفاف على الميدان عبر مسار شخصي.
فقد وصل المبعوث الخاص للرئيس الأميركي وصديقه الشخصي، ستيف ويتكوف، إلى موسكو بصفة تمهيدية، وهو الذي سبق أن التقى بوتين دون مترجم رسمي، وتبادل معه الهدايا الشخصية، من بينها لوحة زيتية لدونالد ترامب نفسه، في مشهد أقرب إلى الطقس الدبلوماسي منه إلى المفاوضات الفعلية.
وقد سُربت معلومات تفيد بأن احتمال عقد قمة بين الزعيمين لم يُستبعد تماما، رغم غياب أي مؤشرات فعلية على استعداد بوتين للجلوس من موقع غير المنتصر.
وإن كان ترامب قد راهن منذ البداية على العلاقة الشخصية مع بوتين، فإن وقائع الميدان لا تساير ذلك الرهان، بل تقوضه. وظلت موسكو ترفض الانخراط في أي مفاوضات جدية، مواصلة عملياتها البرية، ومكثفة قصفها للمراكز المدنية، فيما كانت الإدارة الأميركية تمارس ضغطا عكسيا على كييف، حاثة إياها على القبول بتنازلات واقعية قد تفضي إلى اتفاق غير مشرف.
أما على الأرض، فتواصل روسيا قصفها المكثف باستخدام الطائرات المسيرة والصواريخ، مستهدفة البنية التحتية المدنية والعسكرية، في تكتيك منهجي يرهق الدفاعات الجوية الأوكرانية التي تعتمد بشكل شبه كلي على المساعدات الغربية.
بيد أن هذه المساعدات، ورغم رمزيتها، بدأت تظهر محدودية فعلية، لا بفعل تراجع الإرادة السياسية فقط، بل نتيجة العجز الصناعي البنيوي في كل من أوروبا والولايات المتحدة.
فالمصانع الغربية، المصممة لحروب محدودة أو حملات جوية خاطفة، ليست قادرة على مجاراة الطلب المتسارع في حرب استنزاف طويلة الأمد، خصوصا في مجال الدفاع الجوي، الذي بات يمثل نقطة الضعف المركزية في الأداء الأوكراني.
في هذا السياق، تتعمق أزمة واشنطن، لا لأنها عاجزة عن الدعم، بل لأنها لا تملك تصورا إستراتيجيا قادرا على ترجمة الدعم إلى نصر أو تسوية.
لقد تحول الصراع في أوكرانيا إلى مرآة لبنية القرار الأميركي: مترددة في التصعيد، عاجزة عن الانسحاب، محاصرة بوعود انتخابية، ومقيدة بتحالفات لا تتحمل صدمات مفاجئة.
وزاد من قتامة الصورة، رهان ترامب منذ البداية على علاقته الشخصية ببوتين، معتقدا أن الرجل الذي خاطبه مباشرة، وأبدى له الاحترام، يمكن استمالته، أو على الأقل، احتواؤه. غير أن الميدان كان أقسى من المجاملات، والسياسة الدولية أكثر عنادا من الكلمات.
إعلانوقد بلغ التوتر ذروته حين صعّد ترامب لهجته بعد تبادل حاد مع ديمتري ميدفيديف، معلنا تحريك غواصتين نوويتين كرد رمزي على التصعيد الروسي، ثم سرعان ما عاد إلى التهدئة، مكتفيا بالقول إن الغواصات في مواقعها.
لكنه، رغم هذه التصعيدات العرضية، بدا عاجزا عن فهم دوافع الكرملين، معترفا صراحة بأنه لا يعرف لماذا تصر روسيا على مواصلة الحرب، قائلا: هذا لا معنى له بالنسبة لي، في اعتراف نادر من رئيس أميركي بأن خصمه يفكر خارج الأطر المفهومة في واشنطن.
ووسط هذا التعقيد، تبدو أوكرانيا كمن يقاتل على جبهتين: ضد عدو يتقدم، وضد حليف يتردد. إنها تدفع الثمن ليس فقط في الجغرافيا والدماء، بل في الإخفاقات المتتالية للنظام الدولي الذي وعدها بالدعم، ثم تركها تنهار على مراحل، تماما كما تُطفأ الشموع واحدة تلو الأخرى في غرفة لا أبواب لها.
لم تعد الحرب مجرد اختبار إرادات، بل اختبار سرديات. فالرئيس الأميركي الذي بنى صورته على أنه صانع قرارات حاسمة، بات محاطا بشكوك تتنامى، داخل بلاده وخارجها، حول قدرته على التأثير في صراع يتجاوز حدود أوراق الضغط التقليدية.
لقد تبين أن الحرب في أوكرانيا ليست نزاعا قابلا للحل عبر تغريدة أو صفقة، بل هي اشتباك إستراتيجي طويل النفس، يُعاد فيه تشكيل التوازنات، وتتبدل خلاله مواقع القوى.
ترامب لم يفشل في تحقيق وعده فقط، بل كشف أن الرهانات المبنية على شخصنة السياسة الخارجية، وتبسيط صراعات معقدة في قوالب إعلامية، لن تصمد أمام وقائع الميدان.
أما بوتين، فبدا كمن يكتب نص الانتصار على مهل، مؤمنا بأن الهيمنة لا تُستعاد بالخطابة، بل بالزحف البطيء والمدروس، وأن الجغرافيا حين تمسك بخناق الوقت، تنقلب من ساحة صراع إلى أداة كتابة للتاريخ.
وبين هذا وذاك، يبقى النظام الدولي معلقا على أسلاك النار، عاجزا عن فرض النهاية، أو منع اتساع البداية.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطبيان إمكانية الوصولخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline