ما جدوى مقترح إلغاء أوراق نقدية إسرائيلية من أجل محاصرة حماس؟
تاريخ النشر: 26th, April 2025 GMT
أثار وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي جدعون ساعر جدلا واسعا، عقب الإعلان عن مقترح يتضمن إلغاء أوراق نقدية من فئة 200 شيكل، لتشديد الحصار على حركة حماس في قطاع غزة، بزعم أن هذه الفئة تُعد المصدر الرئيسي للسيولة النقدية التي تعتمد عليها الحركة.
وبعث ساعر رسالة إلى محافظ "بنك إسرائيل" أمير يارون، وقال إن الخطوة المقترحة ستشكل ضربة اقتصادية لحركة حماس، وستساهم في تقويض القدرات المالية للحركة دون الحاجة إلى شركاء خارجيين، مدعيا أن ما نسبته 80 بالمئة من السيولة المالية المتوفرة لدى حماس موجودة بهذه الفئة من العملة.
واقترح الوزير الإسرائيلي أن تبدأ الإجراءات بإلغاء التداول القانوني لسلاسل معينة سبق ضخها إلى قطاع غزة في السنوات الماضية، لتجفيف مصادر تمويل حركة حماس.
لكن "بنك إسرائيل" رفض المقترح، مشيرا إلى أن صلاحية إلغاء أي ورقة نقدية تعود حصرياً إلى محافظ البنك، وبموجب ما ينص عليه القانون.
وذكر أن "المقترحات التي تقدمت بها جهات مختلفة لا تفي بالمعايير المهنية المطلوبة، ولا توجد إمكانية واقعية لتنفيذها، كما أنها لم تُعرض على البنك بشكل منظم أو بالتنسيق معه".
من جانبه، عبّر الخبير الاقتصادي الإسرائيلي يارون زيليخا عن تأييده لمقترح ساعر بشأن تغيير لون أوراق فئة 200 شيكل، قائلا: "هذه المرة الوزير جدعون ساعر مُحق".
הפעם גדעון סער צודק. בנק ישראל צריך להחליף במהלך בזק את שטר ה-200 ש״ח בשטר חדש בצבע חדש כאשר ההחלפה לשטר החדש תעשה בסניפי הבנקים בלבד ותחת פיקוח. את השטר הישן שלא הוחלף באמצעות הבנקים להוציא מהמחזור. מהלך מהיר לא יאפשר לחמא״ס וכן לארגוני פשיעה מקומיים ולמלביני הון להיערך. מוטב…
— Prof. Yaron Zelekha פרופ' ירון זליכה (@PZelekha) April 24, 2025وأضاف زيليخا في تغريدة ترجمتها "عربي21" ونشرتها صحيفة "معاريف": "على بنك إسرائيل الإسراع في استبدال ورقة الـ200 شيكل بورقة جديدة وبلون جديد، على أن يتم استبدال الورقة الجديدة في فروع البنوك فقط وتحت إشرافها".
وتابع قائلا: "يجب سحب الورقة القديمة التي لم يتم استبدالها عبر البنوك من التداول"، معتقدا أن "هذه الخطوة السريعة ستؤدي إلى إضعاف حركة حماس".
وذكر أنه "من الأفضل لبنك إسرائيل الذي ألحق ضررا كبيرا بالاقتصاد الإسرائيلي على مدى العقد والنصف الماضيين، أن يستيقظ".
وأشارت "معاريف" إلى أن فكرة ساعر تم طرحها خلال اجتماع مجلس الوزراء الإسرائيلي، ووصف نتنياهو الفكرة بأنها "ممتازة"، وأمر بدراسة إمكانية تنفيذها، إلى جانب دعم الفكرة من قبل وزير المالية سموتيرتيش ووزراء آخرين.
ونوهت الصحيفة إلى أن الاعتقاد متزايد لدى الجيش الإسرائيلي بأن حركة حماس نجحت في تهريب شحنات نقدية، وذلك في ظل الضائقة الاقتصادية التي تعاني منها في قطاع غزة.
فكرة قديمة وغير مجدية
وأمام حالة الجدل الإسرائيلية، ذكر الباحث الاقتصادي الفلسطيني أحمد أبو قمر، أن فكرة تلوين الأوراق النقدية، هي قديمة وقد طُرحت في أيلول/ سبتمبر الماضي، بهدف مكافحة الأموال السوداء وزيادة الإيرادات الضريبية.
ولفت أبو قمر في قراءة تحليلية اطلعت عليها "عربي21" أن "قيمة الأوراق النقدية من فئة 200 شيكل تبلغ 101 مليار شيكل، وهو ما يمثل 75 بالمئة من إجمالي الأموال النقدية التي يملكها الإسرائيليون".
ورأى أن مقترح ساعر غير مجدي، ولو جرى تطبيقه فهو يهدف إلى ابتلاع المزيد من السيولة من أسواق قطاع غزة، وفقدان الثقة بالورقة النقدية الأهم والأكبر، كما حدث مع فئة العشرة شواكل والعملات القديمة.
وأكد أن التقديرات الإسرائيلية بأن حوالي 80 بالمئة من أموال "حماس" تندرج ضمن فئة الـ200 شيكل، ليست نابعة عن معلومة، ولكن من منطلق أن هذه الفئة تمثل 75 بالمئة من قيمة النقد المتواجد في السوق.
وشدد على عدم جدوى المقترح الإسرائيلي، بمجموعة من التساؤلات، قائلا: "هناك أسئلة لم يجب عليها ساعر، هل فعلا هذه الخطوة ستوجه ضربة لحماس التي تعتمد على إدخال الدولار من الخارج، أم هي ضربة للمواطن البسيط واستكمال رحلة القضاء على ما تبقى من قطاع مصرفي في غزة؟".
وتابع متسائلا: "لو كان لدى حماس هذه المبالغ الطائلة من فئة الـ200 شيكل، فلماذا لا يتلقى موظفوها رواتب منذ أكثر من شهرين؟ وماذا بخصوص المدة القانونية لاستبدال العملة في البنوك والمهلة التي يتم منحها لمن يمتلكها في إسرائيل وأسواق الضفة والقدس؟".
واستكمل قائلا: "ماذا بخصوص الثقة بعملة الشيكل، فهذه الخطوة من شأنها أن تصيب الشيكل بهزة كبيرة قد يكون لها تداعيات مستقبلية كبيرة، وهل فعلا يمكن لبنك إسرائيل أن يتخلى عن عملته؟".
وأردف: "كيف سيتم تحديد الرقم التسلسلي للعملة الموجودة بغزة، وخصوصا أن ساعر تحدث عن تهريب كمية من الأموال مع المساعدات خلال شهور الحرب؟".
وختم قائلا: "بعد توقف الحرب، ماذا لو خرجت هذه الأموال من غزة لإسرائيل بطريقة ما، وذهب بها الإسرائيليون أنفسهم إلى بنك إسرائيل، كيف سيتعامل معهم؟".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية الحصار حماس غزة جدوى الشيكل حماس غزة حصار جدوى الشيكل المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة بنک إسرائیل بالمئة من حرکة حماس قطاع غزة من فئة
إقرأ أيضاً:
مادلين: جدوى السفينة الصغيرة في مواجهة الاحتلال
اقتحمت قوات كوماندوز إسرائيلية فجر الاثنين (9 يونيو/ حزيران 2025) السفينة "مادلين" التابعة لأسطول الحرية (FFC) التي تحمل 12 ناشطًا دوليًا وشحنة رمزية من المساعدات بهدف كسر الحصار البحري على غزة، وذلك أثناء وجودها في المياه الدولية، بالقرب من شواطئ غزة.
وأفادت تقارير بأنّ السفينة تعرضت لتشويش في الاتصالات ورش بمادة بيضاء مهيجة من طائرات مسيرة قبل عملية الاقتحام. ووثّق النشطاء على متن السفينة اللحظات الأخيرة قبل انقطاع الاتصال، حيث ظهروا وهم يرتدون سترات النجاة ويستعدون للاعتقال، مع دعوات لإلقاء الهواتف المحمولة في البحر.
أكدت وزارة الخارجية الإسرائيلية أن السفينة "مادلين" في طريقها إلى إسرائيل، ووصفت المبادرة بأنها "استعراض إعلامي"، مشيرة إلى أن المساعدات على متنها سيتم تحويلها إلى غزة عبر القنوات الإنسانية الرسمية، وأن الركاب سيُعادون إلى بلدانهم الأصلية.
وجاءت خطوة انطلاق هذه السفينة بعد حرب إبادة تشنها إسرائيل على سكان قطاع غزة، حيث شددت إغلاقها البري والبحري والجوي على القطاع بشكل غير مسبوق، مما أدّى إلى نقص حادّ في الغذاء والمواد الأساسية لأكثر من 90 يومًا.
ولهذا، مثلت رحلة السفينة مادلين محاولة جديدة وشجاعة لمقاومة الحصار، وإعادة طرح ملفه على الساحة الدولية، ما يطرح تساؤلات حول خلفيات هذه المحاولة، وسوابق محاولات كسر الحصار بحريًا، وما يقوله القانون الدولي وقانون البحار في شأن حصار غزة، واعتراض السفن المدنية، وأخيرًا حول فرص نجاح مثل هذه الجهود فعليًا في إنهاء الحصار.
إعلان لماذا سفينة "مادلين"؟جاء إطلاق سفينة "مادلين" في ربيع 2025 كاستجابة مباشرة للتدهور الإنساني غير المسبوق في قطاع غزة بعد الحرب الأخيرة، وكثمرة لتنسيق دولي ضمن ائتلاف أسطول الحرية. اختير اسم "مادلين" تيمّنًا بأول سيدة تعمل بصيد الأسماك في غزة، في إشارة إلى الصمود الفلسطيني، وقدرة النساء على خوض غمار التحدي.
وشارك في الرحلة ناشطون بارزون، منهم السويدية غريتا تونبرغ، والممثل الأيرلندي ليام كاننغهام، بهدف جذب الأنظار عالميًا لمعاناة نحو مليونَي فلسطيني محاصرين. وأكد المنظمون على الطبيعة الإنسانية والاحتجاجية للمهمة: فالسفينة تحمل كميات محدودة لكن رمزية من الإمدادات الطبية والغذائية، وتهدف إلى التحدي المباشر للحصار الإسرائيلي المفروض بحرًا على غزة.
هذه المحاولة جاءت أيضًا بعد أحداث مقلقة تعرضت لها مؤخرًا سفينة أخرى تابعة لأسطول الحرية تحمل اسم "الضمير" في مطلع مايو/ أيار 2025 إذ تم مهاجمتها بواسطة طائرتي درون مجهولتين في عرض البحر الأبيض المتوسط قرب مالطا، مما أعاق إبحارها.
وقد وجّه الائتلاف أصابع الاتهام إلى إسرائيل بتنفيذ ذلك الهجوم غير المسبوق لمنع وصول أي سفينة إلى غزة. ورغم عدم اعتراف إسرائيل أو تعليقها على الحادثة، اعتُبر استهداف سفينة مدنية في المياه الدولية تصعيدًا خطيرًا، وانتهاكًا صارخًا للقانون الدولي.
وأشارت تونبرغ، التي كان من المقرر أن تبحر على متن "الضمير" قبل الهجوم، إلى أنهم "مستمرون في المحاولة مهما كانت الصعاب"، مضيفة أن خطر هذه المهمة لا يُقارن بخطورة صمت العالم على ما يُرتكب من إبادة بحق حياة المدنيين في غزة.
وتعكس هذه التصريحات دافعًا أخلاقيًا قويًا لدى النشطاء، فهم يعتبرون أن التقاعس الدولي عن إنهاء الحصار يفقد المجتمع الدولي إنسانيته، لذا يجب التحرك ولو بسفينة مدنية صغيرة. وقد شدّد الناشطون قبل انطلاق رحلتهم على أنهم على تواصل مع هيئات قانونية وحقوقية دولية؛ لضمان سلامة المتطوعين، وحذروا من أن أي اعتراض بالقوة لسفينة مادلين سيُعدّ "انتهاكًا سافرًا للقانون الدولي الإنساني" (وهو ما حدث).
إعلانكما تجدر الإشارة إلى أن بريطانيا رفضت طلبًا إسرائيليًا لمنع انطلاق السفينة، رغم أنها ترفع العلم البريطاني، ما اعتُبر مؤشرًا سياسيًا على عدم شرعية منع الرحلة قانونيًا.
باختصار، تمثل "مادلين" جهدًا دوليًا منسقًا يجمع بين الرمزية الإنسانية: (إيصال مساعدات رمزية، وإحياء الأمل لدى سكان غزة)، وبين الاحتجاج المدني السلمي الذي يكشف طبيعة الحصار. إنها صرخة في وجه استمرار حصار عمره الآن قرابة 17 عامًا، تُطلقها مجموعة من نشطاء المجتمع المدني نتيحة تخلي الحكومات عن أداء واجباتها القانونية والأخلاقية.
وكما قال الممثل ليام كاننغهام أثناء توديع السفينة في ميناء قطانية: "عندما لا تقوم الحكومات بالوقوف عند التزاماتها القانونية بموجب القانون الدولي، يتعين على مجموعة متنوعة مثل هذه أن تحاول تحقيق ذلك".
تجارب تاريخية لكسر الحصار البحريليست سفينة "مادلين" سوى الفصل الأحدث في سلسلة من المحاولات البحرية لكسر الحصار المفروض على غزة. أول اختراق ناجح سُجّل في أغسطس/ آب 2008 عبر حركة "غزة الحرة"، حيث وصلت سفينتا "الحرية" و"غزة الحرة" إلى ميناء غزة، حاملتين متضامنين دوليين ومساعدات رمزية. تكررت الرحلات في خريف العام نفسه، أبرزها سفينة "الكرامة"، لكن إسرائيل سرعان ما شدّدت الحصار وبدأت باعتراض السفن.
بلغت المواجهة ذروتها في مايو/ أيار 2010 مع "أسطول الحرية" المؤلف من ستّ سفن، أبرزها "مافي مرمرة" التركية. اعترضت البحرية الإسرائيلية الأسطول في المياه الدولية، وأنزلت قوات كوماندوز إلى السفينة، ما أدى إلى مقتل تسعة متضامنين وإصابة العشرات (وتوفي عاشر لاحقًا).
وقد دان تقرير أممي الحادثة، مشيرًا إلى أن بعض القتلى أُعدموا من مسافة قريبة. أدّت المجزرة إلى أزمة بين تركيا وإسرائيل، وأرغمت الأخيرة على تخفيف جزئي للحصار البري في يونيو/ حزيران 2010، عبر السماح بدخول بعض السلع المدنية. أما الحصار البحري، فاستمر بأشكال مختلفة حتى اليوم.
إعلانوبعد مجزرة مرمرة عام 2010، واصل "أسطول الحرية" محاولاته لكسر الحصار على غزة بأساليب سلمية لتفادي إراقة الدماء. بين 2011 و2018، أبحرت عدة سفن وقوارب، منها "قارب النساء"، لكنها جميعًا اعترضت دون عنف من البحرية الإسرائيلية التي احتجزت النشطاء مؤقتًا ثم رحّلتهم. ورغم تنوّع المبادرات، بقي نمط التعامل الإسرائيلي ثابتًا: اعتراض السفن قبل وصولها، ومصادرتها أو تفتيشها، دون السماح بالوصول لغزة. بيدَ أن هذه الجهود، رغم منعها ميدانيًا، ساهمت في فضح الحصار، إحراج إسرائيل، وإبقاء القضية حيّة دوليًا، وصولًا إلى تنازلات جزئية، منها تخفيف بعض القيود، والاعتذار لتركيا عام 2016.
الحصار البحري على غزة: قرصنة مشرعنةأثار اعتراض السفن المدنية المتجهة إلى غزة أسئلة حاسمة حول مشروعية الحصار الإسرائيلي وتصرفاته في عرض البحر. فالقانون الدولي الإنساني لا يجيز فرض الحصار إلا بشروط صارمة، وعلى رأسها ألا يُستخدم لمعاقبة السكان المدنيين أو حرمانهم من احتياجاتهم الأساسية.
المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة تحظره صراحة باعتباره عقابًا جماعيًا. وبحسب بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة عام 2010، فإن حصار غزة يشكل انتهاكًا صريحًا للقانون الدولي، إذ فُرض لمعاقبة سكان القطاع سياسيًا، وكانت آثاره المدمرة دليلًا على طبيعته غير القانونية.
أما من منظور القانون البحري، فلا يحق لأي دولة – خارج تفويض من مجلس الأمن – فرض حصار على إقليم آخر، لا سيما إذا كان يستهدف مناطق مدنية. اعتراض إسرائيل للسفن في أعالي البحار، كما حدث في "أسطول الحرية" و"الضمير" ثم في "مادلين"، يتجاوز القواعد المعمول بها دوليًا. فوفق "دليل سان ريمو" و"دليل نيوبورت"، لا يجوز استخدام القوة ضد سفن مدنية إلا بعد إنذارها ورفضها الواضح التفتيشَ. الهجمات الإسرائيلية، التي غالبًا ما تتم دون سابق إنذار، تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون البحري الدولي.
إعلانوتذهب بعض الآراء الحقوقية إلى وصف هذه الممارسات بأنها قرصنة بحرية برعاية دولة، خصوصًا حين تُرتكب في المياه الدولية ضد سفن إغاثة. وقد خلص تقرير لجنة الأمم المتحدة عام 2011 إلى أن استخدام القوة ضد "مرمرة" كان مفرطًا وغير مبرر، فيما رفض مجلس حقوق الإنسان لاحقًا أي تبرير قانوني للحصار، معتبرًا أنه يُخضع مليونَي فلسطيني لعقوبة جماعية.
وعلى ضوء التزامات إسرائيل كقوة قائمة بالاحتلال، فإن القانون الدولي يلزمها بضمان وصول المساعدات وحماية المدنيين. وقد وصفت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الحصار بأنه "خنق غير مشروع"، كما اعتبره الاتحاد الأوروبي "غير مقبول.
جدوى السفن الصغيرةبعد استعراض السياق التاريخي والقانوني، يبرز السؤال المحوري: هل يمكن لمبادرات مدنية بحرية كهذه أن تُحدث تغييرًا ملموسًا وتنهي حصار غزة فعليًا؟ من الناحية العملية البحتة، تمتلك إسرائيل تفوقًا عسكريًا مطلقًا في البحر المتوسط جعل من المستحيل لسفينة صغيرة كسفينة "مادلين" اختراق الدفاعات البحرية والوصول إلى شاطئ غزة عنوةً.
لقد أثبتت التجارب منذ 2008 أن إسرائيل ستستخدم كل ما لديها – من وسائل دبلوماسية وضغوط على الدول وحتى القوة العسكرية المباشرة – للحيلولة دون رسوّ أي مركب دولي في غزة دون إذنها. وبالتالي، فإن احتمال نجاح مادي مباشر لمثل هذه الرحلات في تفريغ حمولتها بميناء غزة يظل ضئيلًا جدًا ما لم يحصل متغير غير عادي (كأن ترافقها مثلًا قطع بحرية لدول متعاطفة أو حماية أممية، وهو أمر غير متاح حاليًا).
بيد أن النظر إلى الجدوى فقط بمنظار مادي آنيّ قد لا يكون منصفًا لتقييم هذه التحركات. فنجاح هذه المحاولات يُقاس أيضًا بأثرها السياسي والإعلامي وبما تحدثه من حراك دبلوماسي وضغط شعبي على الحكومات.
لقد رأينا كيف أدى سقوط ضحايا في 2010 إلى تخفيف قبضة الحصار ولو جزئيًا، وكيف أن وجود شخصيات مرموقة اليوم مثل غريتا تونبرغ يعطي القضية زخمًا إعلاميًا عالميًا. كما أن الإصرار المتكرر عامًا بعد عام على تسيير القوارب، حتى لو كانت تُعاد على أعقابها، قد ساهم في إبقاء مأساة غزة حيّة في الضمير العالمي، وعدم تطبيع الحصار كأمر واقع.
إعلانلقد نجح النشطاء في فضح السياسات الإسرائيلية ووصفها بصوت عالٍ بأنها غير شرعية بل وإبادة بطيئة كما لمحت تونبرغ وآخرون، وساعدوا في تعبئة الرأي العام الدولي عبر حملات التضامن والإعلام البديل. وهذه العوامل تشكل بدورها ضغطًا على صنّاع القرار في العواصم الغربية وفي الأمم المتحدة للتحرك – ولو تدريجيًا- نحو معالجة الأزمة الإنسانية في غزة.
ومن المنظور القانوني، تُمثّل هذه المحاولات المدنية السلمية رسالة واضحة بأن الحصار الإسرائيلي يفتقر إلى أي غطاء دولي أو قبول قانوني، وأن هناك من يجرؤ على تحدّيه باسم القانون وحقوق الإنسان. فحين يواجه متطوّعون عزّل قوة بحرية كبرى، فإنهم يعرّون تقاعس المجتمع الدولي، ويجسدون واجبًا إنسانيًا أهملته الحكومات.
وكما قال ليام كاننغهام، فإن عجز الدول عن الوفاء بالتزاماتها القانونية دفع النشطاء المدنيين للتحرك. وبذلك، تُضاعف هذه الجهود من الكلفة السياسية والمعنوية لاستمرار الحصار، وتُبقي على مسؤولية الدول الكبرى في دائرة الضوء.
ومع ذلك، من الواضح أن رفع الحصار عن غزة لن يتحقق دفعة واحدة عبر قارب أو مبادرة رمزية، لأن المشكلة أعمق من الحصار نفسه؛ فهي متجذّرة في وجود منظومة احتلال لا تُساوَم، بل يجب أن تزول.
غير أن هذا الاحتلال لا يستمد استمراره من قوته الذاتية فحسب، بل من رعاية دولية منظّمة، تقدمها قوى كبرى توفر له الحماية السياسية والعسكرية على امتداد الساحة الدولية. وهذا ما يجعل مهمة تفكيكه أكثر تعقيدًا، ويجعل من كل محاولة مدنية – مهما بدت بسيطة – فعلًا مقاومًا يواجه هذه المنظومة.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline